الدوحة– اتفق مشاركون بمؤتمر الدوحة الـ11 للمال الإسلامي على ضرورة مسايرة صناعة التمويل أو الصيرفة الإسلامية للتطور العالمي، في ظل ظهور تقنيات عالمية جديدة يوما تلو الآخر، حتى لا يتخلف عن ركب التطور من أجل مستقبل أكثر حداثة لهذه الصناعة الإسلامية.

وقالوا -في تصريحات للجزيرة نت- إن المال الإسلامي يحتاج إلى أن يواكب ويستفيد من التقنيات الحديثة، لأنها تتضمن رؤى وقدرات تمكنه من مواجهة التحديات في ما يتعلق بمنع التحايل أو التلاعب بالمعلومات والتأكد من مدى التزام المالية الإسلامية بالقرارات المجمعية والمعايير الشرعية.

وانطلق مؤتمر الدوحة الـ11 للمال الإسلامي، تحت عنوان "تكامل البلوكتشين والذكاء الاصطناعي ومستقبل التمويل الإسلامي"، برعاية رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني.

يهدف المؤتمر إلى تحديد الأطر الشرعية والقانونية لتكامل الذكاء الاصطناعي والبلوكتشين في التمويل الإسلامي، وتعزيز إدارة الأوقاف وحمايتها باستخدام الذكاء الاصطناعي اللامركزي، واستكشاف فرص الاستثمار والابتكار في مجال صناعة الألعاب الرقمية اللامركزية المتوافقة مع الشريعة، وتطوير منصّات تمويل إسلامي لا مركزي تحقق الأمان والخصوصية وتدعم سلاسل القيم.

إعلان

وتعرف تقنية البلوكتشين -أو سلسلة الكتل- بأنها آلية متقدمة لقواعد البيانات تسمح بمشاركة المعلومات بشكل شفاف داخل شبكة أعمال، وتخزن البيانات في كتل مرتبطة ببعضها في سلسلة، وهذه البيانات تكون متسقة زمنيا، ومن ثم لا يمكن حذف السلسلة أو تعديلها من دون توافق من الشبكة، ونتيجة لذلك، يمكن استخدام تقنية سلسلة الكتل لإنشاء سجل حسابات غير قابل للتغيير أو ثابت لتتبع الطلبات والمدفوعات والحسابات والمعاملات الأخرى كما يحتوي النظام على آليات مدمجة تمنع إدخالات المعاملات غير المصرح بها.

ويعد مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي أكثر من مجرد تجمع سنوي، إذ يعد منصة مؤثرة تسهم في تشكيل مسار التمويل الإسلامي على المستوى العالمي منذ انطلاقه عام 2010، ويجذب نخبة من الخبراء العالميين والعلماء والممارسين وقادة الصناعة المالية الإسلامية.

بناء الأنظمة

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة المنظمة للفعالية أسامة الدريعي -في تصريح للجزيرة نت- أهمية أن تعمل المؤسسات المالية الإسلامية على مجاراة التقنيات العالمية الجديدة وتطبيقها في مجالات التمويل الإسلامي، خاصة أنها أصبحت تلعب دورا مهما جدا في القطاعات المالية على وجه العموم.

ودعا المؤسسات المالية الإسلامية إلى أهمية وضع السياسات والإجراءات والتدريب وبناء الأنظمة التي تواكب هذا التطور الذي قد يعمل على طفرة البنوك إلى الريادة.

الدريعي يرى أن التقنيات العالمية الجديدة تلعب دورا مهما في القطاعات المالية عالميا (الجزيرة)

وأشار إلى أن هذه النسخة من المؤتمر تركز على اندماج البلوكتشين مع الذكاء الاصطناعي لخدمة العالم ككل والقطاع المالي الإسلامي على وجه الخصوص.

4 محاور

وأضاف أن ثمة 4 محاور تم وضعها في هذا الإطار وهي:

الأحكام والضوابط لهذا الاندماج والتعامل مع الصيرف الإسلامية. الوقف وتأثير هذا الاندماج على الوقف وآثاره. الألعاب الإلكترونية المعتمدة على هذه التقنية وكيفية الاستثمار بها وأحكامها. القيم والأخلاق التي ستنتج عن هذا الاندماج السريع الذي يؤثر سلبا أو إيجابا على التمويل الإسلامي. إعلان

وأشار إلى أن أبرز التحديات التي تواجه التمويل الإسلامي السرعة المحمومة لهذه التقنية التي يصعب مجاراتها كون هذه التقنية تحتاج إلى أنظمة ومعايير وسياسات وإجراءات تصعب على المؤسسات أو التمويل الإسلامي على وجه الخصوص مجاراتها.

وأضاف أن قطر استطاعت مواجهة مثل هذه التحديات من خلال المؤسسات الإشرافية ووضع سياسات وإجراءات وأعطت مجالا وفسحة كبيرة جدا لهذه التقنية أن تلعب دورا كبيرا جدا في السوق المالي، وهو ما سهل عملية دخول واندماج هذه القطاعات في المجتمع.

مواجهة التحديات

من جهته، أكد الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي قطب سانو أهمية الاستفادة من تقنيتي البلوكتشين والذكاء الاصطناعي، لأنهما أصبحتا مهمتين للغاية بالنسبة للمالية الإسلامية عموما، وللتمويل الإسلامي خصوصا.

وأشار -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن المال الإسلامي اليوم يحتاج إلى أن يواكب ويستفيد من هذه التقنيات، لأنها تتضمن رؤى وقدرات تمكنه من مواجهة التحديات فيما يتعلق بمنع التحايل أو التلاعب بالمعلومات والتأكد من مدى التزام المالية الإسلامية بالقرارات المجمعية والمعايير الشرعية.

وتابع أنه من خلال الذكاء الاصطناعي والبلوكتشين يمكن تخزين قرارات ومعايير معينة، ومن ثم نستطيع من خلالهما عرض جميع العقود والمعاملات المالية عليهما، ليقررا إذا ما كانت هذه المعاملات أو العقود ملتزمة أو غير ملتزمة بالمعايير.

قطب سانو رأى أن التقنيات الجديدة تتضمن رؤى وقدرات تسهم في مواجهة التحايل أو التلاعب بالمعلومات (الجزيرة)

وأضاف أنه يمكن لهذه التقنيات أن توفر تحليلات ورؤى استثمارية واستشارات من شأن الالتزام بها أن نحقق استثمارا ناجعا موضحا أن البلوك تشين يمكننا من التعرف على الامتثال والالتزام بينما يقدم لنا الذكاء الاصطناعي تحليلات موضعية علمية دقيقة للتنبؤ بمستقبل الاستثمار وفرص النجاح.

إعلان تطوير الدراسات والأبحاث

وفى الإطار ذاته، أكد أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة جامعة قطر عبد القادر جدي أهمية العمل على مسايرة التطور التكنولوجي من أجل مستقبل التمويل الإسلامي والتركيز على تطوير الدراسات والأبحاث.

وشدد -في حديث للجزيرة نت- على أن مسألة تطبيقات الذكاء الاصطناعي لم تعد خيارا، بل أصبحت لزاما على الجميع، وفرضت نفسها، ومن لم يساير هذا الأمر سوف يتخلف عن الركب.

تعزيز الشفافية

وقال أستاذ المالية بجامعة قطر الدكتور رامي زيتون -في تعليق للجزيرة نت- إن تقنيتي البلوكتشين والذكاء الاصطناعي تلعبان دورا مهما جدا في تطور القطاع المصرفي وكذلك التمويل الإسلامي، مما يساهم بشكل كبير في تعزيز الأمان والشفافية وكذلك تخفض التكاليف التشغيلية للبنوك.

وأضاف أن تقنية البلوكتشين تساعد في تحسين مصداقية الخدمات المصرفية وتسريع تنفيذها بما في ذلك الخدمات المصرفية الإسلامية، وكذلك خفض التكاليف وتعزز من الميزة التنافسية للبنوك وقدرتها على استغلال الفرص ومواكبة التطور، موضحا أهمية الحرص على مواكبة التطور في مجال التمويل الإسلامي.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يساهم بشكل كبير في تحسين أداء البنوك بما في ذلك الإسلامية من خلال تحليل بيانات ضخمة جدا، مما يقلل من الأخطاء، ومن ثم يحد من الخسائر كما أنه يساعد في تعزيز الشمول المالي.

وأضاف أن المؤتمر يقدم حلولا للتحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية في ظل التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي متمثلة في تطوير منصات تمويل إسلامية تتمتع بدرجة عالية من الأمان ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وكذلك تطوير التشريعات والقوانين المتعلقة بتقنية البلوكتشين والذكاء الاصطناعي، والقوانين المتعلقة بتقنية البلوكتشين والذكاء الاصطناعي.

وتابع أن المؤتمر فرصة لمناقشة واستعراض الفرص الاستثمارية لمؤسسات المال الإسلامية الناجمة عن هذه التقنيات ومناقشة مدى قدرة التمويل الإسلامي على التكيف مع التغيرات السريعة في هذا المجال والقدرة على ابتكار الحلول المبتكرة الناجعة التي تمكن الصيرفة الإسلامية من مواكبة التطور والاستمرارية.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المالیة الإسلامیة التمویل الإسلامی الذکاء الاصطناعی الإسلامی على هذه التقنیة للجزیرة نت وأضاف أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

ما هو Perplexity؟.. محرك بحث يقتحم ساحة الكبار ويشعل سباق الذكاء الاصطناعي

- ما هو Perplexity وما الذي يميزها؟- اهتمام متزايد بـ Perplexity رغم التحديات القانونية- لماذا قد ترغب آبل أو ميتا في الاستحواذ على Perplexity؟- مستقبل الذكاء الاصطناعي في قبضة الكبار

كشفت تقارير إعلامية أن Perplexity، هي شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي لا يتجاوز عمرها 3 سنوات، باتت محط أنظار كل من ميتا وآبل، في خطوة تعكس اشتداد المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا على الهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي.

وبحسب مصادر مطلعة على المحادثات، أجرت شركة ميتا– المالكة لـ فيسبوك وإنستجرام– محادثات مع Perplexity في أبريل أو مايو الماضيين بشأن إمكانية الاستحواذ عليها، لكنها لم تفض إلى صفقة نهائية. 

سامسونج قد تدمج تقنيات Perplexity للذكاء الاصطناعي في هواتفها المقبلةPerplexity تطلق "Labs".. أداة ذكاء اصطناعي لإنشاء تقارير وتطبيقات احترافية

وفي المقابل، ذكرت وكالة “بلومبرج”، أن آبل ناقشت داخليا فكرة الاستحواذ، إلا أن المفاوضات لا تزال في مراحلها الأولى ولم تتطور بعد إلى خطوات ملموسة.

وتأتي هذه التحركات في وقت ينظر فيه إلى كل من “آبل” و"ميتا" على أنهما متأخرتان في سباق تطوير خدمات ومنتجات الذكاء الاصطناعي، مقارنة بمنافسين مثل “جوجل” و"OpenAI". 

ويؤكد الاهتمام المتزايد بـ Perplexity مدى احتدام الصراع على استقطاب المواهب وتطوير المنتجات في هذا القطاع الحيوي، الذي يتوقع أن يكون المرحلة التالية من تطور الإنترنت.
 

ما هي Perplexity وما الذي يميزها؟

تعد Perplexity محرك بحث قائم على الذكاء الاصطناعي، يستخدم نماذج متقدمة لتحليل محتوى الإنترنت وتقديم إجابات مختصرة مدعومة بمصادر موثوقة، تأسست الشركة في أغسطس 2022، وطرحت أول نسخة من محركها البحثي في ديسمبر من نفس العام.

توفر المنصة وضعين للبحث الأول “بحث سريع” للعمليات البسيطة، والثاني “بحث احترافي” يقدم نتائج أكثر تفصيلا ومعالجة معمقة، وهو ما يقتصر في النسخة المجانية على 3 عمليات بحث فقط يوميا. 

كما تتيح المنصة خدمات أخرى تشمل الإجابة على أسئلة تتعلق بملفات المستخدم، تخطيط الرحلات، إعداد قوائم تشغيل، وإنشاء الصور، إلى جانب صفحات محتوى منسقة حسب اهتمامات المستخدم، على غرار ما تقدمه ChatGPT.

وتتوافر معظم هذه الميزات ضمن اشتراك شهري بقيمة 20 دولارا، يمنح المستخدمين وصولا غير محدود إلى نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وتحميل الملفات، وإنشاء الصور، وتعمل Perplexity أيضا على تطوير متصفح ويب جديد يحمل اسم Comet.
 

اهتمام متزايد رغم التحديات القانونية

رغم النجاح النسبي الذي حققته المنصة، إلا أنها لا تزال تواجه منافسة شرسة، خاصة من تطبيق ChatGPT الذي استحوذ على 45% من تحميلات تطبيقات الدردشة الذكية في الربع الثالث من عام 2024، بحسب شركة “Sensor Tower”، فيما أدرجت Perplexity ضمن فئة أخرى.

كما واجهت الشركة اتهامات بانتهاك حقوق المحتوى، إذ هددت هيئة الإذاعة البريطانية BBC، باتخاذ إجراءات قانونية ضدها بزعم استخدام محتواها دون إذن. وفي العام الماضي، رفعت “داو جونز” – الشركة المالكة لصحيفة “وول ستريت جورنال” – و"نيويورك بوست" دعاوى قضائية ضد المنصة لذات السبب.

لماذا قد ترغب آبل أو ميتا في الاستحواذ على Perplexity؟

يعتقد أن استحواذا محتملا على Perplexity قد يخدم خطط كل من آبل وميتا في توسيع حضورهم في مجال الذكاء الاصطناعي.

فبالنسبة لـ آبل، سيكون ذلك دعما إضافيا لدمج ميزات البحث الذكي ضمن متصفح “سفاري”، خاصة في ظل الشكوك القانونية التي تحيط باتفاقها مع جوجل لجعل الأخير محرك البحث الافتراضي، وهو اتفاق تُقدر قيمته بالمليارات.

وقد أعلنت آبل مؤخرا عن تحديثات لأدوات الذكاء الاصطناعي في أجهزتها، لكنها لا تزال متأخرة في إطلاق نسخة معززة من مساعدها سيري، رغم الإعلان عنها منذ أكثر من عام.

أما ميتا، فتسعى بشكل محموم إلى تعزيز قدراتها في هذا المجال، وعرضت حزم توظيف تصل إلى 100 مليون دولار لبعض الكفاءات، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال". 

كما استثمرت مؤخرا في شركة “Scale AI” الناشئة، التي تساعد في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وعينت مؤسسها ألكسندر وانج ضمن صفوفها.

ورغم النجاحات التي حققتها ميتا في بعض المشاريع مثل نظارات Ray-Ban المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ونماذج Llama المستخدمة على نطاق واسع، إلا أنها تواجه تحديات أخرى، منها تأجيل إطلاق نموذجها المتقدم الجديد، إضافة إلى مخاوف الخصوصية في تطبيقها الجديد للدردشة الذكية.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في قبضة الكبار

يرى مراقبون أن الذكاء الاصطناعي يمثل القفزة الكبرى التالية بعد الإنترنت والهواتف الذكية – وهما مجالان لعبت فيهما آبل وميتا دورا رياديا. 

ومع التطورات المتسارعة، يبدو أن مستقبل الشركتين بات مرهونا بمدى قدرتهما على الابتكار والمنافسة في هذا المضمار الجديد، الذي سيعيد تشكيل طريقة عمل الناس وتواصلهم وبحثهم عن المعلومات.

طباعة شارك Perplexity الذكاء الاصطناعي ما هي Perplexity ميتا آبل

مقالات مشابهة

  • مؤتمر التخطيط السنوي يوصي بوضع آليات تنفيذية لدعم الابتكار
  • حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
  • ما هو Perplexity؟.. محرك بحث يقتحم ساحة الكبار ويشعل سباق الذكاء الاصطناعي
  • متى يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي سرقة أدبية؟
  • عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي
  • العمري: حتى الذكاء الاصطناعي لا يستطيع حل مشاكل النصر
  • حكم استفتاء شات جي بي تي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي .. أمين الفتوى يجيب
  • مساعد العمري: مشاكل النصر لا يحلها إلا الذكاء الاصطناعي.. فيديو
  • أكاديمي: دقة اتخاذ القرار في الذكاء الاصطناعي تتجاوز 90%  
  • خارطة طريق تمويل المناخ تواجه تعثرا وسط غموض في مصادر التمويل