العراق خارج خرائط النقل البري الإقليمي
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
حفل العراق في السنوات القليلة الماضية بأفواج من العباقرة المزيفين، وحفل بمجاميع من ادعياء الخبرة والمفهومية في محاور النقل البري والبحري والجوي، وكانت منصات التواصل ساحة مفتوحة لنشر أفكارهم التعطيلية المضللة، ومعظمهم تنطبق عليه مقولة: (لا يندل ولا يخليني أدليه). الأمر الذي اضطر وزير النقل الأسبق إلى اصدار كتابه الموسوم: (ما وراء الأفق) قبيل مغادرته الوزارة.
اما عوامل التعطيل فكانت بسبب التخلف الموروث، وبسبب صيحات المعطلين، الذين كانوا يهتفون: (كلا للربط البري)، (كلا للربط السككي)، (كلا للنقل العابر)، (اغلقوا المنافذ والمعابر)، (كلا لدول الجوار). واللافت للنظر ان بعض المعطلين صاروا فلاسفة في هندسة الانغلاق والتقوقع الداخلي، حتى جاء اليوم الذي اعلنت فيه المملكة العربية السعودية عن مشروعها الإقليمي الذي جمعت فيه بلدان مجلس التعاون الخليجي في شبكة واحدة متصلة ببعضها البعض، بينما ظل العراق معزولا منكفئاً مقيداً داخل أسواره المحكمة، فتحولنا بمحض ارادتنا إلى دولة حبيسة لا تمتلك اذرع التواصل مع دول الجوار. .
لقد كشفت مجلة (Meed) البريطانية تفاصيل المناقصة التي اطلقتها السعودية لتصميم شبكة برية تتضمن مسارات جديدة، في مشروع تُقدر تكلفته الإجمالية بنحو 7 مليارات دولار فقط (وليس 22 مليار دولار). .
ترتبط الشبكة الجديدة بموانئ مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى سوريا والأردن. وهذا يعني ان المسارات البرية الخليجية سوف تتصل مباشرة بموانئ الخليج العربي وموانئ خليج عمان وموانئ البحر العربي وموانئ البحر الأحمر وموانئ خليج العقبة وموانئ البحر الأبيض المتوسط. وهذا يعني اننا في العراق سوف نقف متفرجين على خارطة جديدة تضم تسع دول، هي: (السعودية – الكويت – البحرين – قطر- الإمارات – سلطنة عمان – الأردن – اليمن – سوريا). .
وهنالك شبكة إقليمية اخرى هي شبكة (ITI) تقع برمتها شرق العراق، وتضم: (تركيا – ايران – باكستان)، وهكذا وقع العراق بين شبكتين منفصلتين للنقل البري، ولكل شبكة مساراتها المتشعبة والمتفرعة بالطول والعرض، لكنها لا ترتبط بالعراق، ولا تمر به. .
ترى ما الذي سوف تقوله وزارة النقل الآن ازاء هذه العزلة التي فرضناها على انفسنا ؟، وما الذي سوف تقوله وزارات التجارة والتخطيط ؟. اما لجنة النقل النيابية فهي لن تكترث بما آلت اليه أحوالنا المزرية. .
ربنا مسنا الضر وانت ارحم الراحمين د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
سكة الحديد بين العراق وإيران.. حلم جيوسياسي يصطدم بعقبة الشركات
11 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: يسير مشروع الربط السككي بين شلامجة والبصرة في مسار ملتبس، حيث تكشف الأرقام المعلنة عن فجوة واسعة بين الطموح السياسي والواقع التنفيذي، إذ لم يتجاوز الإنجاز الفعلي للجسر المتحرك على شط العرب 18%، فيما اقتصر التقدم الميداني على تطهير 60 متراً فقط من الألغام في مسار يبلغ طوله 36 كيلومتراً، بينما ما زال الخط الرئيسي ينتظر لحظة البدء.
وتتبدى خلفيات هذا التعثر في مشهد سياسي معقد، فالمشروع الذي صيغت ملامحه ضمن اتفاق 2021، وحصل على دفعة رمزية في سبتمبر 2023 بحضور كبار المسؤولين من البلدين، كان يفترض أن ينجز خلال 18 شهراً ليكون جاهزاً في مارس 2024، لكن مرور ما يقارب عامين منذ وضع حجر الأساس لم يفرز سوى تقدم جزئي، في ظل غياب جدول زمني ملزم، وتضارب التصريحات بين تأكيدات بإكماله نهاية 2025 وتقديرات أخرى ترجئ الجسر المتحرك نفسه إلى أربعين عام 2026.
ويتضح أن العقبة الجوهرية لا تكمن في البنية الفنية فقط، بل في إجراءات التنسيق المؤسسي، إذ يعزو الجانب العراقي التعطيل إلى تأخر تسمية الشركات الإيرانية المنفذة للجزء الواقع داخل أراضيه، وهو ما يعكس خللاً في آليات اتخاذ القرار على المستوى الحكومي الإيراني، خاصة أن بنود العقد واضحة في تقسيم المسؤوليات: بناء 33 كيلومتراً في العراق، وبناء جسر متحرك بطول 800 متر في إيران، وتطهير 16 كيلومتراً من الألغام التي تعود إلى حقبة الحرب العراقية – الإيرانية.
ويكتسب هذا المشروع بعداً استراتيجياً يتجاوز كونه رابطاً لوجستياً، إذ يعد بمثابة ممر حيوي قادر على نقل ثلاثة ملايين مسافر سنوياً، وتعزيز الطاقة الاستيعابية لموسم الأربعين، وربط الخليج بممرات النقل الإيرانية وصولاً إلى آسيا الوسطى. ومن ثم، فإن استمرار التعثر لا يعني مجرد تأخير فني، بل إهدار فرصة جيوسياسية نادرة، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية على مسارات النقل العابرة للحدود.
وعليه، فإن حسم تسمية الشركات، وتحديد جدول زمني صارم، وضمان تنسيق أمني وفني متكامل بين بغداد وطهران، يمثل الخطوة الحاسمة لتحويل هذا المشروع من شعار سياسي إلى واقع تنموي يغير خريطة النقل في المنطقة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts