مُؤْتَمَرُ لَنْدَن وَتَرسِيْخُ المَسَارِ الثَالِث
London Conference and Track III Primacy
بروفيسور/ مكي مدني الشبلي
المدير التنفيذي – مركز مأمون بحيري، الخرطوم

????يُعد مؤتمر لندن حول السودان، المزمع عقده في 15 أبريل 2025، منعطفاً فارقاً في مآلات الحرب السودانية التي أكملت عامها الثاني، لا سيما في ظل انسداد الأفق أمام مسار بورتسودان (الجيش وحلفاؤه) ومسار نيروبي (الدعم السريع وحلفاؤه)، وتفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية، وغياب أي أفق سياسي موثوق، مما أدى لبروز "المسار الثالث" كبديل براغماتي مدني مستقل.

ويطرح ذلك السؤال الجوهري حول مآب هذا الحدث الفيصل: كيف يمكن لمؤتمر لندن لعب دور فاعل في تعزيز "المسار الثالث"؟
????يشارك في المؤتمر الذي تستضيفه المملكة المتحدة بالتعاون مع ألمانيا وفرنسا وزراء خارجية 20 دولة، وكبار مسؤولي المنظمات الدولية والإقليمية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي للمرة الأولى. ويضاعف زخم المؤتمر تزعمه ببريطانيا، حاملة القلم في الشأن السوداني في مجلس الأمن، والمتولية لزمام المبادرة في الأمور المتعلقة بالحرب المستعرة في السودان.
????يشير إهمال بريطانيا دعوة مسار بورتسودان ومسار نيروبي إلى إقرار كل من يشارك في مؤتمر لندن بعدم الاعتراف بحكومتي بورتسودان ونيروبي المزمع تكوينهما بواسطة التحالفين، مما يوحي بأن ممثلي المجتمع الدولي المشاركين في المؤتمر منفتحون لمسار ثالث يحقق تطلعات الشعب السوداني في تحقيق الحرية والسلام والعدالة التي تبنتها ثورة ديسمبر الشعبية.
????"المسار الثالث" يمثله تحالف الخيار المدني الديمقراطي المستقل عن طرفي الصراع العسكري والذي يسعى إلى تشكيل حكومة مدنية انتقالية غير خاضعة للجيش أو الدعم السريع، تلتزم بوحدة البلاد، واستعادة مؤسسات الدولة المنهارة، وإعادة هيكلة القوات المسلحة على أسس وطنية بالنأي عن الانتماء الآيدلوجي، والتمهيد لتحول ديمقراطي حقيقي. ويستمد هذا التحالف سنده الشعبي من لجان المقاومة، والقوى المدنية المستقلة شاملة تجمع المهنيين، والحركات النسوية والمبادرات الشبابية، والشخصيات المستقلة من التكنوقراط والمجتمع المدني، والقاعدة التي ارتكز عليها تحالف تقدم ومن بعده تحالف صمود.
????تواجه مؤتمر لندن جملة من التحديات المتمثلة في ضعف تمثيل قوى "المسار الثالث" بشكل رسمي ومؤثر، وعلى رأسها لجان المقاومة، وتحالفات القوى المدنية المستقلة، مما يؤثر سلباً على موثوقية المؤتمر لدى الشارع. كما سيواجه المؤتمر تورط بعض القوى الإقليمية (مصر، والإمارات، والسعودية، وتشاد) في دعم طرفي الصراع مما يدفعها للانحياز لأحد الطرفين لضمان نفوذها وتحقيق مصالحها. وتشمل تحديات المؤتمر أيضاً ضعف القيادة المدنية الموحدة التي تمثل "المسار الثالث"، مما ينذر بضياع سانحة المؤتمر في تحقيق التحول المدني الديمقراطي المنشود.
????يأتي في مقدمة معايير نجاح مؤتمر لندن ضرورة استنباطه لآلية ناجعة لمراقبة وقف إطلاق النار لحماية المدنيين وتقديم العون الإنساني العاجل، خاصة بعد فشل منبر جدة وغيره من المبادرات في تحقيق وقف إطلاق نار مستدام، وكبح الجرائم ضد الإنسانية. ويستدعي ذلك من مؤتمر لندن تبني آلية هجينة (Hybrid) تنطوي على مزيج من التقنيات الحديثة والأقمار الصناعية لتعزيز قدرات رصد الخروقات، وعدد محدود من المراقبين العسكريين لبناء الثقة وتفسير البيانات ورفع التقارير، بحيث تُكمّل التكنولوجيا الرصد البشري ولا تحل محله.
????كما تشمل فرص نجاح مؤتمر لندن في دعم "المسار الثالث" تأكيده عدم الاعتراف الدولي بحكومتي بورتسودان ونيروبي الأمر الذي يشكل التزاماً دبلوماسياً دولياً نحو خيار الشعب السوداني الرافض لتحالفي أطراف الحرب. ويتضمن نجاح المؤتمر أيضاً تقديمه الدعم المالي واللوجستي للمبادرات المدنية المستقلة عبر إنشاء صندوق دولي لدعم مبادرات التعافي المدني التي تُدار بواسطة المدنيين. ويشمل ذلك دعم برامج بناء المؤسسات، وتعزيز فرص الإعاشة والصحة والتعليم، ودعم لجان المقاومة، وتقديم خدمات إنسانية موثوقة في مناطق الحرب وأماكن النزوح.
????ويمكن نجاح المؤتمر أيضاً في تهيئة البيئة الصالحة لإطلاق مسار سياسي جديد بقيادة مدنية مستقلة، تعيد ترتيب التفاوض المسؤول بمنأىً عن المسارات السابقة، وتمهد لعقد مؤتمر جامع داخل السودان لترسيخ تحالف رحيب يتمتع بسند شعبي واسع ودعم إقليمي ودولي يمكنه من قيادة جهود تحقيق السلام وإعادة الإعمار في السودان.
????ومن ناحية أخرى، هناك مهام حاسمة يجب أن تعيها قوى "المسار الثالث" قبل مؤتمر لندن، يتعلق أولها بلجان المقاومة التي تمثل رأس الرمح في هذا المسار، حيث ينبغي عليها تطوير انتشارها الجغرافي لينبثق عنه كيان هرمي فاعل سياسياً ومسيطر ميدانياً ليعبِّر حصريَّاً عن تطلعات السودانيين في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر الشعبية. أما بالنسبة لتحالفات تقدم (صمود)، وتجمع المهنيين، والأحزاب، فيَحْسُن لها العودة للتوحد في كيان الحرية والتغيير عبر إطلاق حوار مسؤول يرمي للم الشمل مجدداً حول أهداف ثورة ديسمبر بعد التشظي الذي أفرزته صراعات الاستئثار بالسلطة. كما ينبغي لهذه الكيانات، رغم تشظيها، إطلاق حملة ضغط شعبي قبل المؤتمر تتضمن خطابات مفتوحة للمشاركين فيه، وبيانات مشتركة من لجان المقاومة والمجتمع المدني، والتواصل مع الصحافة العالمية ومراكز التميُّز ومؤسسات الفكر المؤثرة على المؤتمرين لعرض تصور متكامل لحكومة انتقالية مدنية مستقلة، وخارطة طريق سياسية ومؤسسية للانتقال، وطرح مبادئ راسخة لإعادة هيكلة القوات النظامية على أسس قومية ومهنية.
????وهناك ضرورة لقوى "المسار الثالث" لتعظيم الفائدة من المؤثر، حتى بعد انتهائه، بالتواصل والتفاعل مع المشاركين فيه مطالبين بمواصلة المؤازرة للمبادئ الأساسية "للمسار الثالث" المتمثلة في المدنية الكاملة بخروج العسكريين من السياسة، والتنسيق معهم لنقل السلطة بسلاسة للمدنيين. كما ينبغي لقوى "المسار الثالث" التأكيد على مراعاة شمولية التمثيل بإشراك لجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني والكفاءات الوطنية المستقلة. وفوق كل ذلك تؤكد هذه القوى الحرص على وحدة السودان ورفض مشاريع التقسيم، والعمل على إعادة بناء الدولة على أسس المساءلة والعدالة والمواطنة.
????كما تشمل مهام قوى "المسار الثالث" بعد المؤتمر الطلب من المشاركين فيه التعهد بدعم السلطة الانتقالية القادمة المكونة من كفاءات وطنية مشهود لها بالنزاهة تمثل القوى الثورية والمجتمع المدني، بحيث لا تقل مدة الانتقال عن خمس سنوات تشهد تنفيذ العقد الاجتماعي بين الشعب والحكومة، وتهيئة البيئة الملائمة لعقد انتخابات حرة نزيهة. وتتضمن الفترة الانتقالية تكوين مجلس سيادة مدني رمزي، ومجلس وزراء تكنوقراط يتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة، وتشرف عليها آلية رقابة شعبية من لجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني.
????وتشمل المتابعات بعد المؤتمر أيضاً طلب الدعم المعنوي والمادي لخارطة الطريق لإعادة بناء الدولة السودانية التي تشمل إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية بإشراف مدني، ودمج الحركات المسلحة وفق معايير مهنية، وحل كافة القوات الموازية. كما تشمل الخارطة إعادة هيكلة القضاء والنظام القانوني بما يضمن الاستقلال والمحاسبة، وتنفيذ إصلاح اقتصادي عاجل يشمل مكافحة اقتصاد الظل ومحاربة الفساد، وتحرير الموارد من قبضة الفصائل المسلحة، وعودة النازحين واللاجئين، وضمان حقوقهم في المشاركة السياسية والاقتصادية، وعقد مؤتمر دستوري شامل بنهاية المرحلة الانتقالية.
????ويتضمن التواصل مع المشاركين في المؤتمر حث المجتمع الدولي للقيام بدور فاعل في السودان يشمل الاعتراف الإيجابي بقوى "المسار الثالث" كممثل شرعي للشارع السوداني، وعدم التعامل مع أي حكومة عسكرية أحادية من بورتسودان أو نيروبي، وتقديم الدعم السياسي واللوجستي والفني لبناء مؤسسات مدنية انتقالية عالية الكفاءة، وفرض عقوبات رادعة على معرقلي السلام والمتورطين في جرائم الحرب.
????وأخياً وليس آخراً، التأكيد على أن هدف "المسار الثالث" ليس الاستئثار بالسلطة، بل انتزاع السودان من براثن دعاة الحرب والتشظي تحقيقاً للسلام المستدام والعدالة الشاملة، بحيث لا يقتصر مؤتمر لندن على مناسبة واحدة، بل يمثل منصة مستديمة لعملية وطنية وإقليمية ودولية مستمرة لتحويل حلم السودان المدني الديمقراطي إلى واقع ملموس.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المجتمع المدنی المسار الثالث لجان المقاومة المشارکین فی المؤتمر أیضا مؤتمر لندن فی تحقیق التی ت

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة دمنهور يشهد فعاليات مؤتمر اختر كليتك بحضور محافظ البحيرة

انطلقت اليوم، فعاليات مؤتمر "اختر كليتك"، المقام تحت رعاية الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، والدكتور إلهامي ترابيس، رئيس جامعة دمنهور، بمشاركة جامعات دمنهور والإسكندرية وكفر الشيخ، وبالتنسيق مع مكتبة الإسكندرية، وذلك بمجمع دمنهور الثقافي، بحضور نواب رئيس جامعة دمنهور، وعمداء الكليات، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة من مختلف الكليات، وسط حضور كثيف من طلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم.


استهل "ترابيس" كلمته بالترحيب بالطلاب المشاركين بالمؤتمر، مقدما لهم التهنئة لنجاحهم في مرحلة الثانوية العامة، متمنيا لهم التوفيق في مرحلتهم الدراسية الجديدة، معربا عن سعادته بمشاركة جامعة دمنهور في تنظيم المؤتمر إيمانا بدور الشباب الرائد والفعال في البناء والتنمية، مؤكدا أهمية المؤتمر كمنصة توجيهية تهدف إلى إرشاد ومساعدة طلاب الثانوية العامة في اختيار الكلية التي تتناسب مع ميولهم وقدراتهم، و تعريف الطلاب وأولياء أمورهم بأنظمة الدراسة الجامعية والتخصصات المختلفة وتقديم الدعم والتوجيه للطلاب من خلال مصادر موثوقة، و لقاءات مباشرة مع نخبة من أساتذة الجامعات والمتخصصين وممثلي الكليات، إلى جانب تسليط الضوء على طبيعة سوق العمل في مختلف المجالات لمساعدة الطلاب على اتخاذ قرارات صائبة تتماشى مع ميولهم وقدراتهم وتفتح أمامهم آفاقًا واسعة لمستقبل واعد، لافتا إلى أن المؤتمر يضع نصب عينيه قدرات ومهارات الطلاب كمعيار أساسي للاختيار.

أشاد "ترابيس" بوعي و حرص الطلاب على المشاركة في المؤتمر،  ورغبتهم الجادة في معرفة كيفية اتخاذ القرار السليم بشأن الكلية الأنسب لكل منهم، مؤكدا أن أولى خطوات النجاح هي أن تختار الكلية التي ترغب فيها لكي تستمر وتصل الى مرحلة النجاح، وأن الاختيار الأكاديمي الناجح يجب أن ينبع من داخل الطالب نفسه، ناصحا الطلاب بضرورة التعلُم المستمر و تنمية مهاراتهم الذاتية، واكتشاف قدراتهم الكامنة، ووضع خطط واضحة لمستقبلهم، وعدم التوقف عن تطوير ذاتهم، جنبًا الى جنب مع الاهتمام بالمناهج الدراسية، وذلك من أجل مواكبة التطور التكنولوجي المتسارع، مشيرًا الى أنه يجب على الشباب أن يمتلكوا كل الأدوات التي تساعدهم على تحقيق ما يرغبون فيه، لافتا إلى أن شباب اليوم لديهم كل الفرص لمتابعة الجديد أولًا بأول،  مشيرا إلى أن المؤتمر سيتضمن استعراض البرامج الأكاديمية الجديدة في "جامعة دمنهور الأهلية" التي تم إطلاقها رسميًا هذا العام، بما يعكس توجه الدولة نحو تطوير التعليم الجامعي وربطه باحتياجات سوق العمل.


خلال كلمتها أكدت الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، أن محافظة البحيرة تسخر كافة إمكاناتها لدعم وبناء قدرات الشباب، مؤكدة أن المؤتمر يستهدف طلاب الثانوية العامة ليوضح لهم نظم الدراسة المختلفة بكل كلية، وما تؤهل إليه من فرص عمل بعد التخرج، وكذلك التعريف بالكليات والأقسام والتخصصات والبرامج المختلفة، بالإضافة إلى توضيح الاختيارات التي تتماشى مع ميولهم وإمكاناتهم وقدراتهم، حتى يتمكنوا من تحقيق آمالهم في بناء مستقبل مشرق وخلق جيل من الشباب مبدع ومتميز كلا في تخصصه و مجاله، ناصحة الطلاب بالاستفادة من الخبرات الأكاديمية المطروحة.

خلال المؤتمر تم تقديم عروض تعريفية متميزة من مختلف الكليات، بالإضافة إلى جلسات حوارية حول وظائف ومهارات المستقبل، وشهدت جلسات المؤتمر عروض كليات الآداب والتمريض والصيدلة جامعة دمنهور، الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية جامعة الإسكندرية، و عروض كليات التجارة والعلوم والحاسبات والمعلومات جامعة دمنهور، السياحة والفنادق جامعة الإسكندرية، كما استعرض المهندس فارس المقرحي، أخصائي دراسات التنمية المستدامة بمكتبة الإسكندرية،
وظائف ومهارات المستقبل، بينما  شهدت جلسة "جامعة دمنهور الأهلية" للدكتورة نعمات إسماعيل، والدكتور أحمد صالح، استعراض برامج التمريض والحاسبات والمعلومات بجامعة دمنهور الأهلية، فضلا عن عروض كليات التربية النوعية والطب البيطري والتربية والزراعة بجامعة دمنهور، و عروض كليات العلاج الطبيعي و الألسن بجامعة كفر الشيخ،  و الهندسة والتربية للطفولة المبكرة بجامعة دمنهور، و طب الأسنان جامعة الإسكندرية.


 أعرب الطلاب عن سعادتهم بالمشاركة في المؤتمر، مثمنين دور المؤتمر في توضيح نظم الدراسة المختلفة، و الاختيارات التي تناسبهم.

طباعة شارك اختر كليتك جاكلين عازر محافظ البحيرة جامعة دمنهور

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة دمنهور يشهد فعاليات مؤتمر اختر كليتك بحضور محافظ البحيرة
  • الاشتراكي الموحد يعقد مؤتمره الجهوي الثالث بقصبة تادلة بحضور منيب والعسري
  • «اثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ».. مؤتمر للخدام بدشنا بحضور الأنبا تكلا
  • انطلاق المؤتمر التأسيسي للتحالف العالمي من أجل فلسطين في لندن
  • من لندن.. تأسيس جبهة دولية لمواجهة الاحتلال والفصل العنصري
  • لندن تحتضن أول مؤتمر عالمي لدعم فلسطين برئاسة كوربين والبرغوثي (صور)
  • خالد سلك: تصريحات أحمد هارون تكشف طبيعة الحرب في السودان
  • وزيرا الخارجية والاقتصاد يطلقان مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الرابع
  • أحدث مستجدات علاج وتجميل الأسنان ضمن مؤتمر طب الفم والأسنان بدمشق
  • اختتام أعمال مؤتمر سبأ العلمي السابع لطب الأسنان في صنعاء