خدعة الغازلايتنج.. حين يتحول الحب إلى ساحة تشكيك وتدمير نفسي
تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT
كشف الدكتور أحمد أمين، المتخصص في العلاقات الإنسانية، عن خطورة ظاهرة "الغازلايتنج" أو التلاعب النفسي، التي قد تتحول فيها العلاقة العاطفية من مصدر للأمان والدعم إلى ساحة مليئة بالارتباك والتشكيك بالذات.
معلومات لا تعرفها عن خدعة الغازلايتنجوقال الدكتور أحمد في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد الإخباري، إن "الغازلايتنج هو أحد أكثر أشكال التلاعب النفسي خطورة، حيث يتم فيه زرع الشك داخل عقل الطرف الآخر بشكل ممنهج، لدرجة تجعله يشكك في مشاعره، وفي إدراكه للواقع وحتى في سلامة عقله".
وأضاف أمين، إلى انه غالبًا ما يُمارس هذا النوع من التلاعب من قبل شخصية نرجسية، تسعى للسيطرة التامة على العلاقة، حتى لو كان الثمن هو تحطيم ثقة الطرف الآخر بنفسه.
وتابع أمين، أن ما يزيد الأمر خطورة أن الغازلايتنج لا يظهر في شكل عنف مباشر أو إهانة صريحة، بل يتسلل في كلمات وجمل ظاهرها الحب والاهتمام، لكن باطنها تشكيك دائم وإلقاء للّوم على الطرف الآخر.
وذكر أمين بعض الأمثلة على التلاعب النفسي، والتي تعكس هذا النمط، ومن أبرزها : أن يرد الشريك على شكوى شريكته من جملة جارحة قالها بالأمس بقوله: "أنتِ درامية جدًا.. أنا لم أقل ذلك أصلًا.. أنتِ تتوهمين"، في محاولة لإقناعها بأن مشاعرها غير واقعية.
وكشف امين عن بعض علامات التعرض للغازلايتنج، ومن أبرزها ما يلي :
- الشعور المستمر بالذنب والاعتذار رغم عدم وجود خطأ واضح.
- الشك المتواصل في الذات وعدم الثقة بالمشاعر.
- الاعتماد الكامل على تقييم الآخرين لإدراك الحقيقة.
- فقدان القدرة على اتخاذ القرار أو التعبير عن الذات.
- تحويل الطرف المسيء لنفسه إلى "الضحية" دومًا.
وأوضح متخصص العلاقات الانسانية، أن أبرز الآثار النفسية لهذه الخدعة أن هذا النوع من العلاقات قد يؤدي إلى تدمير نفسي كامل، حيث تفقد الضحية ثقتها بنفسها، وتدخل في حالة من القلق والاكتئاب والعزلة، وقد تصل إلى مرحلة تشوه صورة الذات.
ونصح د. أحمد بضرورة الاعتراف بالمشكلة أولًا، ثم توثيق الأحداث والمشاعر لتقييم الأمور بموضوعية، إلى جانب اللجوء لدعم موثوق من الأصدقاء أو مختصين.
وشدد أمين، على أهمية إنهاء العلاقة في حال استمرار التلاعب، مؤكدًا أن: "العلاقة الصحية ليست علاقة مثالية، لكنها علاقة يشعر فيها الإنسان بالأمان والتقدير لا بالاتهام والشك".
وأختتم أمين بقوله: "إذا شعرتِ بأنك تفقدين نفسك في علاقة ما، توقفي واسألي: هل هذا حب حقيقي أم غطاء للتلاعب باسم الحب؟".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التلاعب النفسي العلاقة العاطفية نرجسية
إقرأ أيضاً:
حين يتحول الاحتجاز إلى حكم بالإعدام في مصر
لم تعد حوادث الوفاة داخل أماكن الاحتجاز في مصر مجرد وقائع فردية أو أخطاء استثنائية. فخلال السنوات الأخيرة، تحوّلت هذه الحالات إلى نمط متكرر يكشف خللا بنيويا خطيرا داخل الأجهزة الأمنية، وانهيارا في منظومة العدالة بأكملها. آخر هذه الوقائع كانت وفاة "خليل محمد أبو هبة" داخل قسم شرطة ثالث المحلة الكبرى في ظروف غامضة، والتي أثارت غضبا واسعا، وأعادت إلى الأذهان سلسلة مِن الحوادث المشابهة، وعلى رأسها قضيتا خالد سعيد وأيمن صبري، اللذين أصبحا رمزين لانتهاكات الشرطة والإفلات من العقاب.
خليل أبو هبة.. قصة قصيرة يكشفها الألم
بحسب شهادة أسرته، فإن خليل، البالغ من العمر 35 عاما وأب لأربعة أطفال، تم اقتياده إلى قسم الشرطة على خلفية خلاف بسيط يتعلق بمفتاح سيارة. داخل القسم، تقول الأسرة وشهود من الداخل، إنه تعرض للتعذيب والصعق بالكهرباء، ومُنِعَ عنه الماء حتى فقد وعيه ولم يخرج إلا جثة. وفي الوقت الذي يؤكد فيه أقاربه أن الوفاة كانت نتيجة مباشرة للتعذيب، صدر التقرير الطبي بصياغة تشير إلى "هبوط حاد في الدورة الدموية" دون تحديد السبب أو ذكر أي آثار للتعذيب.
هذه الصياغة تكاد تكون نسخة مكررة من تقارير مماثلة في قضايا سابقة، ما يجعل كثيرين يشككون في شفافية التحقيقات، بل وفي نية مؤسسات الدولة التعامل بجدية مع تلك الحوادث.
أيمن صبري.. الصرخة التي سبقت خليل
قبل عدة أشهر، اجتاحت مواقع التواصل قصة الشاب "أيمن صبري" الذي تُـوُفِّيَ داخل الحجز بعد تعرضه -وفق شهادة أهله- لتعذيب ممنهج. انتشرت صور أيمن ونداءات أسرته في كل مكان، وأثارت تساؤلات واسعة حول ظروف احتجازه وما جرى له داخل القسم. ورغم المطالب الشعبية والحقوقية بالتحقيق، ظل الملف غارقا في الضبابية ذاتها التي تحيط بقضية خليل أبو هبة الآن.
أيمن وخليل لا يعرف أحدهما الآخر، لكن كلاهما وجد نفسه في اللحظة ذاتها داخل منظومة واحدة، ليواجه المصير ذاته تقريبا، وبالطريقة ذاتها تقريبا.
خالد سعيد.. الشرارة التي لم تُطفأ
لا يمكن قراءة ما يحدث اليوم دون العودة إلى قصة خالد سعيد في 2010، التي كانت أحد أهم أسباب انفجار الغضب الشعبي قبل ثورة يناير. خالد لم يكن مجرد ضحية؛ بل تحوّل إلى رمز لرفض قمع الأجهزة الأمنية، وإلى شاهد مبكر على بنية أمنية لا تزال -رغم تغير الزمن والظروف- تعمل بالآليات نفسها.
اللافت أن الخطاب الرسمي في ذلك الوقت اتخذ المسار ذاته: إنكار، تشكيك، تقارير طبية غامضة، وغياب للمساءلة الحقيقية. بعد أكثر من 14 عاما على رحيل خالد سعيد، يبدو أن السياق لم يتغير إلا في مستوى الغموض.. لا في حجم الألم.
نمط لا يتوقف
عند مقارنة الحالات الثلاث، تظهر ملامح نمط واضح:
1. احتجاز مفاجئ أو على خلفية خلاف بسيط.
2. وفاة داخل الحجز في ظروف غير مبررة.
3. شهادات أسرية تؤكد التعذيب، مقابل رواية رسمية تلتزم الصمت أو تقدم تقريرا طبيا عاما.
4. عدم محاسبة المسؤولين، أو حفظ القضايا دون تحقيق جدي.
5. تكرار السيناريو نفسه مع ضحايا جدد.
هذا النمط لا يحدث بالصدفة، ولا يمكن اعتباره حالات متفرقة، إنه يعكس خللا هيكليا في طريقة إدارة أماكن الاحتجاز، وفي غياب الرقابة، وفي تداخل السلطة الأمنية مع منظومة العدالة.
لماذا يستمر هذا المسار؟
هناك عدة أسباب تجعل هذه الحوادث تتكرر دون توقف:
- الحصانة الفعلية التي يتمتع بها الضباط في بعض المواقع الحساسة.
- غياب الشفافية في التقارير الطبية والتحقيقات.
- تحوّل الانتهاكات إلى سلوك اعتيادي داخل بعض الأقسام دون رادع قوي.
والنتيجة: دائرة لا تتوقف من الألم، تتكرر فيها المأساة للاسم ذاته.. ولكن بوجوه مختلفة.
خاتمة: خليل ليس "حادثا عابرا"
ما حدث مع خليل أبو هبة ليس نهاية قصة فردية، بل هو استمرار لملف كبير من الانتهاكات التي ما زالت مفتوحة منذ أكثر من عقد. وإذا لم يتم فتح تحقيق حقيقي، ومحاسبة المسؤولين، وتوفير رقابة مستقلة على أماكن الاحتجاز، فإن قائمة الضحايا ستطول، وسيظل السؤال معلّقا: كم خليل وأيمن وخالد آخر يجب أن يرحلوا قبل أن يتوقف هذا النمط؟