الحديقة العجيبة بسلا …حيث تعيش نباتات العالم في قلب الطبيعة
تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT
تأطير: الأستاذ أحمد أيت عدي
إنجاز:
فرح أيت دادا لمياء كواضيل وئام المقسط محمد ليموريالحديقة العجيبة بسلا: رحلة عبر نباتات العالم وجهود الاستدامة
على بُعد دقائق من صخب المدينة، تحتضن منطقة بوقنادل بسلا الحديقة العجيبة، واحة من الصمت الأخضر والجمال الطبيعي الخلاب. هنا تتفتح أبواب عالم نباتي زاهٍ يأسِر قلوب محبي الهدوء والجمال.
إلا أن استدامة هذا الصرح الإيكولوجي الفريد تواجه تحديات جمة تتطلب تضافر الجهود.
مارسيل فرانسوا… الرجل الذي زرع حلماً أخضر
في عام 1951، وضع الفرنسي مارسيل فرانسوا حجر الأساس لحديقة طموحة تهدف إلى جمع نوادر النباتات من مختلف قارات العالم (أفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية). وبفضل جهوده الدؤوبة وتخطيطه المستنير وشغفه بجمع النباتات النادرة والاستوائية، نجح في تحويل مزرعة عادية إلى متحف بيئي حي، ليُعلي بذلك قيمة الحياة البرية.
وذكر مسؤول في إدارة وتسيير الحديقة أن مارسيل فرانسوا عاد إلى فرنسا لإكمال دراسته، حيث تخرج كمهندسا متخصصًا في النباتات المائية، وقد أسس بيتين زجاجيين في محيط باريس، بالإضافة إلى تصميمه لمجموعة من الحدائق الطبيعية التي تعتمد على أساليب مستدامة وخالية من المبيدات.
مدخل الحديقة العجيبة… حيث تبدأ الرحلة عبر القارات الخمس
لقطة عريضة لمدخل الحديقة العجيبة
المصدر: التقطها فريق الصحفيون الشباب
تأسر اللحظة الأولى لدخول الحديقة العجيبة بسلا ،كبوابة تفتح آفاقًا واسعة نحو عالم أخضر ساحر ينتظر الاستكشاف. بتصميمه المميز وعناصره الجذابة، يستقبل المدخل الزوار ويدعوهم للانغماس في تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة وتنوعها.
الحديقة العجيبة التي حققت حلم عاشقي الطبيعة ومحبيها في جميع أنحاء العالم، وذلك بضمها لأكثر من 600 نوع نباتي مهدد بالانقراض، مما يجعلها كنزًا بيولوجيًا فريدًا.
فهي تجمع بين تنوع فريد يشمل أدغالًا استوائية من قلب أفريقيا، ونوادر نباتية من أمريكا اللاتينية، وحدائق ذات أصول آسيوية (يابانية وصينية وغيرها)، بالإضافة إلى مناظر آسرة لطيور مائية بألوان بديعة. وما يميز هذه الحديقة عن غيرها هو احتضانها لأربع عشرة حديقة فرعية تمثل مختلف بقاع العالم.
صرح إيكولوجي……. ورسائل تربوية مهمة
صورة لأحد الممرات التربوية
المصدر: إلتقطها فريق الصحفيون الشباب
تأخذنا الصورة في جولة بصرية على أحد الممرات التربوية الحيوية في الحديقة العجيبة بسلا. هذه الممرات ليست مجرد مسالك للتنزه، بل هي فصول دراسية مفتوحة تدمج بين الاستكشاف ومتعة التعلم.
بفضل رؤية مارسيل فرانسوا، لم تعد الحديقة العجيبة مجرد مساحة خضراء، بل تحولت إلى وجهة تعليمية وسياحية مرموقة تستقطب الباحثين والزوار من شتى أنحاء العالم. هنا، يكتشف الزوار جمالًا فريدًا وينعمون بالهواء الطلق، بينما تساهم الحديقة في نشر الوعي البيئي وتعزيز مفاهيم الاستدامة، وهو ما يجسد الدور التعليمي الهام الذي تضطلع به.
وفي هذا السياق، أكد السيد الشرقي مرزاق، المسؤول بالحدائق العجيبة، على الأدوار المحورية التي تضطلع بها الحديقة في المجتمع المغربي.
وأشار إلى أن الدور التربوي يأتي في مقدمة هذه الأدوار، وذلك من خلال تنظيم ورشات عمل ودورات توعوية تستهدف الأطفال والتلاميذ والزوار، بهدف تعريفهم بأهمية البيئة ومكوناتها من نباتات وأشجار وأنظمة بيئية متنوعة.
كما تساهم الحديقة في تعزيز حس المسؤولية البيئية لدى الأطفال من خلال تفاعلهم المباشر مع الطبيعة، مما يجعلها بمثابة مدرسة بيئية مفتوحة. فهي تعمل على تقوية الرابط الإيجابي بين الإنسان والطبيعة وترسيخ قيم بيئية نبيلة لدى الأجيال الصاعدة.
جهود مستمرة….. وشركات ملهمة
تبذل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية جهودًا متواصلة لوضع السياسات واللوائح الكفيلة بحماية الحديقة وضمان استدامتها. كما تعمل هذه المؤسسات على توفير التمويل الضروري لصيانة الحديقة وتطويرها، وتتولى مسؤولية إدارتها وتنظيمها، بالإضافة إلى سعيها لتعزيز المشاركة المجتمعية في جهود الحفاظ عليها.
من أبرز هذه المؤسسات نجد مؤسسة محمد السادس للحفاظ على البيئة التي تعمل على الحفاظ على التنوع البيولوجي في الحديقة، وتطوير البنية التحتية، وتوعية وتثقيف الجمهور حول أهمية الحفاظ على الحديقة.
وأكدت السيدة مريم، المسؤولة عن برامج التربية البيئية والشركات بمؤسسة محمد السادس للحفاظ على البيئة، على الدور المحوري الذي تضطلع به المؤسسة في دعم استدامة الحديقة. وأشارت إلى العديد من المبادرات الهامة، من بينها الممرات التربوية التي تهدف إلى نقل المعارف البيئية للأطفال والشباب بأسلوب تفاعلي وممتع. وتنتشر هذه الممرات في الفضاءات المفتوحة للعموم، وتتناول مواضيع بيئية متنوعة تتناسب مع البيئة المحيطة بكل ممر. وقد بادرت المؤسسة بإنشاء أول ممر تربوي لها في حدائق بوقنادل العجيبة عام 2011.
ويتألف الممر التربوي، الذي أُنجز بالتعاون مع سفارة هولندا، من سبع عشرة وحدة موزعة على خمس مسارات، تتناول مواضيع حيوية مثل التنوع البيولوجي، وإعادة تدوير النفايات، والتسميد، والغابات في المغرب، وأهمية الماء كمصدر للحياة، والبستنة الإيكولوجية. ونظرًا للنجاح اللافت الذي حققه هذا المفهوم المبتكر، قررت المؤسسة تكييفه وتطبيقه في مواقع أخرى.
وقد ساهم بشكل كبير عامل عقد الشراكات بين مختلف المؤسسات في تحقيق مجموعة من الأهداف البيئية والتربوية. ويُعد التعاون المثمر بين مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة والمؤسسات التعليمية والجمعيات المحلية نموذجًا يُحتذى به في سبيل حماية واستدامة الحديقة العجيبة، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على أرض الواقع ويجعل من الحديقة نموذجًا بيئيًا وتربويًا رائدًا.
وأوضح السيد أبو العباس إبراهيم، رئيس الجمعية المغربية للسياحة البيئية وحماية الطبيعة، الدور الفعال الذي تضطلع به الجمعية في الحفاظ على الغابات والحدائق، ولا سيما الحديقة العجيبة، وذلك من خلال تنظيم زيارات ميدانية للحديقة بهدف توعية الأطفال بأهمية الحفاظ على البيئة وتبني سلوكيات سليمة في التعامل مع عناصر الطبيعة.
وبدوره، أكد الأستاذ مهدي السبكي، مدرس علوم الحياة والأرض بمؤسسة الخوارزمي الإعدادية، على الأهمية القصوى للحفاظ على الحدائق، نظرًا لدورها الحيوي في تحقيق التوازن البيئي من خلال صونها لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض على مستوى العالم.
صورة مقرّبة لنبتة نادرة
المصدر: التقطها فريق الصحفيون الشباب
لقطة مقرّبة تُبرز جمال وتفرد نبتة نادرة تحتضنها الحديقة العجيبة بسلا، وتسلط الضوء على الثراء البيولوجي الذي تزخر به الحديقة وأهمية الحفاظ على هذه الأنواع المهددة. تفاصيل أوراقها وألوانها الدقيقة تحكي قصة تكيفها الفريد مع بيئتها، وتدعونا للتأمل في عجائب الطبيعة وضرورة صونها للأجيال القادمة.
تظل الحديقة العجيبة بسلا، بما تكتنزه من ثروات بيئية فريدة.جوهرة خضراء تستحق منا كل العناية والحماية. إن دعم السياحة الإيكولوجية والمساهمة الفعالة في الحفاظ على هذا الكنز الطبيعي هو واجبنا جميعًا، لتبقى هذه الحديقة رمزًا شامخًا لالتقاء سحر الطبيعة وعراقة الثقافة في قلب المملكة المغربية.
المصدر: مملكة بريس
إقرأ أيضاً:
بين الجوع والموت | الاحتلال يُنفذ خطة إبادة جماعية علنية .. وخبير: غزة تعيش أزمة خانقة
وصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الأحد، المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح، بأنها دليل إضافي على مضي الاحتلال في تنفيذ خطة إبادة جماعية ممنهجة، تقوم على التجويع المسبق ثم القتل الجماعي، مؤكدًا أن هذه الجريمة تأتي في ظل صمت دولي مخزٍ، وتحت غطاء "إنساني" زائف.
تطورات الوضع في غزة اليوموفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل ارتكاب جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، في ظل صمت المجتمع الدولي وعجزه عن محاسبته، مؤكدًا أن كافة المواد الغذائية، بما فيها الدقيق، التي كانت تدخل إلى قطاع غزة تُستهلك فورًا بسبب انعدام المخزون الاستراتيجي داخل القطاع.
وأضاف الرقب، خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن مصر وعددًا من الدول تبذل جهودًا كبيرة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، في محاولة لدعم الشعب الفلسطيني ومساندته بكل السبل الممكنة. وبالرغم من ذلك، يواجه قطاع غزة أزمة إنسانية خانقة، تتجلى في نقص حاد في كل مقومات الحياة الأساسية.
وأشار إلى أن الشهداء في غزة ليسوا فقط ضحايا القصف ورصاص الاحتلال، بل يُقتلون أيضًا نتيجة النقص الحاد في الغذاء والدواء، لا سيما من بين الأطفال والنساء وكبار السن.
كما قال المكتب الإعلامي، في بيان رسمي: “في جريمة متكررة تفضح الادعاءات الإنسانية الزائفة، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة بحق مدنيين جوعى احتشدوا في مواقع توزيع ما يُسمى بالمساعدات الإنسانية، والتي تشرف عليها شركة أمريكية - إسرائيلية، وتؤمنها قوات الاحتلال في ما يعرف بالمناطق العازلة في مدينة رفح”.
ارتفاع عدد الشهداءوأوضح البيان أن هذه الجريمة، التي وقعت خلال الساعات القليلة الماضية، أسفرت عن استشهاد 22 مدنيًا وإصابة أكثر من 115 آخرين بجراح متفاوتة، في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع، وبذلك يرتفع عدد الشهداء في مواقع توزيع المساعدات خلال أقل من أسبوع إلى 39 شهيدًا، وأكثر من 220 جريحًا.
واعتبر المكتب أن هذا المشهد الدموي يُظهر طبيعة هذه "المناطق العازلة"، التي باتت تُعد مصائد موت جماعي لا نقاط إغاثة إنسانية.
وأضاف المكتب: "نؤكد للعالم أجمع أن ما يجري هو استخدام ممنهج وخبيث للمساعدات كأداة حرب تُوظف لابتزاز المدنيين وتجميعهم قسرًا في نقاط قتل مكشوفة، تُدار وتُراقب من قبل جيش الاحتلال، وتُموَّل وتُغطى سياسيًا من قبل الاحتلال والإدارة الأميركية، التي تتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية الكاملة عن هذه الجرائم."
وأشار المكتب إلى أن مشروع "المساعدات عبر المناطق العازلة" ثبت فشله وخطورته، وفقًا لما تؤكده شهادات العيان والتقارير الميدانية والدولية.
وبيّن أن هذا المشروع لا يعدو كونه غطاءً لسياسات الاحتلال الأمنية والعسكرية، يُستخدم للترويج الكاذب لفكرة الاستجابة الإنسانية، بينما يغلق الاحتلال المعابر الرسمية ويمنع دخول الإغاثة الحقيقية من الجهات الدولية المحايدة.
وأكد البيان أن المجازر اليومية، والعدد الكبير من الضحايا الذين يسقطون في مواقع توزيع المساعدات، تمثل دليلًا صارخًا على استمرار الاحتلال في تنفيذ خطة إبادة جماعية مكتملة الأركان.
وأشار إلى أن هذه الجرائم تندرج تحت أحكام جريمة الإبادة الجماعية، وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948.
وحمل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن المجازر المستمرة، كما حمّل الولايات المتحدة الأميركية المسؤولية المباشرة عن استخدام الغذاء كسلاح في الحرب على غزة، من خلال دعمها المادي والسياسي لهذا النموذج القاتل.
وطالب المكتب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، من خلال فتح المعابر الرسمية فورًا ودون شروط، وتمكين المنظمات الأممية والدولية من إيصال المساعدات، بعيدًا عن أي تدخل أو إشراف من جانب الاحتلال.
كما دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة بشكل عاجل، لتوثيق المجازر التي تقع في مواقع توزيع المساعدات وغيرها من الجرائم، ومحاسبة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية المختصة.
وفي ختام بيانه، شدد المكتب على رفضه القاطع لكل أشكال "المناطق العازلة" أو "الممرات الإنسانية" التي تُقام بإشراف الاحتلال أو بتمويل أميركي، محذرًا من استمرار هذا النموذج القاتل، الذي أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنه فخ مميت للمدنيين، وليس وسيلة نجاة.
ووجّه المكتب نداءً عاجلًا إلى الدول العربية والإسلامية والدول الحرة في العالم، للتحرك الفوري والفعال من أجل تأمين ممرات إنسانية مستقلة وآمنة، بعيدًا عن الاحتلال، لإنقاذ ما تبقى من سكان غزة المحاصرين، الذين يواجهون خطر المجاعة والمجازر المتكررة يوميًا.
واختتم المكتب الإعلامي بيانه بالتأكيد على أن المجازر التي تُرتكب في وضح النهار وتُنقل على الهواء مباشرة، تمثل فضيحة قانونية وأخلاقية وإنسانية أمام العالم كله، مشيرًا إلى أن الصمت عليها يُعد تواطؤًا مشينًا يُدين كل من يقف عاجزًا أو صامتًا أو يُبرر هذه الجرائم.