كلمات تصنع الوعي… ومسؤولية تصنع التاريخ
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
هاشم عبدالرحمن الوادعي
في زمن الحروب الناعمة والخداع الممنهج، حين تتساقط الأقنعة وتتكشف الولاءات، تظهر بعض الكلمات كأنها قدرٌ، وتأتي بعض الأصوات كأنها امتدادٌ لصوت التاريخ، لتعيد للأمة بوصلتها، وتنتشلها من التيه إلى الوضوح…
في قلب هذا الظلام، يطل السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، بخطاباته التي ليست مجرد كلمات تُلقى، بل مشاعل وعي، ومفاتيح إدراك، وأسلحة فكر وموقف في وجه أخطر مشروع استعماري يستهدف الأمة في دينها وعزتها وكرامتها.
خطاباته في هذه اللحظة المفصلية ليست ترفًا سياسيًا ولا تكرارًا مملًا، بل هي خلاصات رجلٍ يحمل أوجاع أمّته، ويخاطب ضمير الشعوب الحرّة، ويُحرك مكامن الإيمان والكرامة والعزة فيها.
في زمن تطبّع فيه الخونة، وتواطأ فيه البعض على دماء الفلسطينيين، وارتبك فيه حتى الصادقون، تأتي كلماته لتعيد ترتيب أولويات المرحلة: فلسطين أولًا، المقاومة حق، والعدو الأمريكي-الصهيوني هو أصل البلاء.
إنها خطابات تصنع الوعي، وتمنح الثبات، وتُسقط الزيف، وتبني جبهة المواجهة… خطابات تنقلنا من الاستنكار البارد إلى الفعل الحي، ومن الوجع الصامت إلى الصرخة المدويّة… من الموقف المتردد إلى الموقف المسؤول.
من هنا، تنبع أهمية نقل مضامين هذه الخطابات إلى كل ساحة، وكل بيت، وكل منصة. لأن كل منبر لا يوصل صوت الحق في هذا الزمن، هو شريك في جريمة الصمت.
وغدًا، في مسيرات يوم الجمعة، يرتفع النداء:
“انفروا خفافًا وثقالًا”
نداء استجابة لله، ونصرة للمظلوم، وكسرًا لصمتٍ أرادوه خنوعًا، وهو في الحقيقة غصة لا تسكن إلا بالتحرك. إن المشاركة الواسعة في المسيرات ليست مجرد فعل رمزي، بل إعلان صريح بأن الأمة لا تزال حيّة، وبأن فلسطين ليست وحيدة، وأن الصرخة في وجه المستكبرين هي أول الطريق إلى الحرية.
العدو الأمريكي والإسرائيلي تجاوز كل حدود الوحشية، متجردًا من كل القيم، ممعنًا في الإبادة الجماعية، وماضٍ في الحصار الخانق دون وجه حق. لم يكتفِ بقتل الأطفال والنساء، بل أجهز حتى على اتفاق الأسرى، فنقضه بصفاقة، وكشف زيف مبرراته التي لم تكن سوى ذريعة قذرة لتبرير المزيد من الدماء والدمار.
وفي لبنان، لا يختلف المشهد كثيرًا، حيث ينتهك العدو الصهيوني السيادة اللبنانية برعاية أمريكية فاضحة، ويسعى لتحقيق أطماع استعمارية تحت عناوين مفضوحة، غير عابئ بالقانون الدولي أو الكرامة الوطنية. أما العار الحقيقي، فهو أن بعض الأنظمة العربية باتت تشارك في هذه المؤامرة، لا عبر الصمت فقط، بل عبر الدعوة لتجريد المقاومة من سلاحها، وهو سلاح الشرف والكرامة، بينما يُسلّح العدو ليقتل ويحتل.
إن فرض العزلة على الكيان الصهيوني لم يعد خيارًا، بل واجبًا. واجبٌ تتحمله الشعوب والأنظمة الحرة، عبر التحرك السياسي، والمقاطعة الاقتصادية، والتحركات القانونية، والتظاهرات الشعبية. وكل خطوة في هذا الطريق، مهما بدت صغيرة، هي مسمار جديد في نعش الكيان الغاصب.
وكم هو بشع وجه أمريكا حين تجرّم حتى الوقفات الطلابية السلمية التي تطالب بإنهاء الحصار وإيقاف المجازر، لتثبت أنها ليست فقط شريكًا في القتل، بل عدوًا صريحًا لكل صوت حر ولكل تعبير شريف.
أما اليمن، فإنه يثبت في كل موقف ومرحلة، أنه خارج حسابات الانبطاح والخضوع، بموقفه المتكامل: قيادةً ،وشعبًا، ودولةً، وجيشًا. لقد ضربت عملياته النوعية العدو في مقتل، وأسقطت طائراته، وأربكت أساطيله، وأجبرته على الاعتراف بالفشل، من رأس هرمهم ترامب إلى تقاريرهم العسكرية. توقفت الملاحة، وتلقى العدو القصف في عمقه، ليعلم أن اليمن حاضرٌ بقوة، وماضٍ بثبات، لا يعرف الانكسار ولا المساومة.
ورغم الضربات، فإن قدرات اليمن العسكرية في تصاعد مذهل، بفضل الله، ما يدل على عبثية العدوان، ويكشف عن يأس العدو وإحباطه، وهو ما بات واضحًا في اعترافاته وخطابه المهزوز.
خاتماً صوت الحق لا يُقمع ولأن الكلمة موقف، فإننا اليوم أمام مفترق طرق: إما أن نكون مع الحق بصدق وثبات، أو نصبح مجرد صدى خافت في زمن الضجيج الزائف.
خطابات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، ليست مجرد رد فعل على جريمة أو حدث، بل هي نبض أمة، وصوت مسؤولية، ونداء تعبئة لا يعرف المساومة، ولا يقبل أنصاف المواقف.
إنها لحظة يختبر فيها كل إنسان إنسانيته، وكل حرّ حريته، وكل مؤمن صدقه مع الله وقضايا الأمة…
فمن خذل فلسطين اليوم، خذل الله، ومن صمت عن الإجرام، نطق بالعار، ومن لم يتحرك، مات وهو يحسب نفسه حيًّا.
فلنكن في الموقف الذي يليق بنا، حيث لا نخجل غدًا من صمتنا، ولا نندم على تقصيرنا…
ولنرفع صوت الحق عاليًا، ونعلي من راية الوعي، ونمضي في هذا الطريق بعزمٍ لا يلين، حتى يأتي النصر، أو نموت دونه، وقد عرفنا الطريق وصدقنا الوعد….
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
المتحدثون: مستقبل الأردن نهج ملكي ومسؤولية وطنية
صراحة نيوز- قال رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي إن قوة الأردن الحقيقية تتجلى في وعي أبنائه وبقيادة هاشمية حكيمة ترفض المساومة على الثوابت الوطنية، وتحوّل التحديات إلى فرص وتسير بثبات على طريق التحديث والإصلاح دون أن تغفل عن عمقها العربي والإنساني.
جاء ذلك خلال لقائه، اليوم الأربعاء، وفدًا من اتحاد طلبة الجامعة الأردنية، ووفدًا من ابناء مدينة ماحص، خلال لقاءين منفصلين، في الديوان الملكي الهاشمي، حيث أكد العيسوي أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني يمضي في بناء المستقبل برؤية استراتيجية متزنة، تنبع من الواقع، وتستند إلى الإرادة الوطنية الصلبة.
وأكد العيسوي أن الإنسان الأردني هو محور التنمية وأغلى استثمار، مشيرًا إلى أن النهج الذي يقوده جلالة الملك، هو امتداد لتاريخ هاشمي راسخ، يؤمن بالإصلاح والانفتاح، ويُعلي من شأن سيادة القانون، ويصون الكرامة الإنسانية في دولة قوية بمؤسساتها، وراسخة برسالتها.
وقال العيسوي إن مواقف جلالة الملك في مختلف المحافل الإقليمية والدولية تؤكد أن الأردن، بل هو صوت للعقل والعدالة، ورسالة مستمرة في الدفاع عن القيم والمبادئ، مشيرًا إلى خطاب جلالته في البرلمان الأوروبي مثّل تعبيرًا صريحًا عن الضمير الإنساني في رفض الاحتلال والمطالبة بتحقيق السلام العادل وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار إلى أن قضية فلسطين والقدس تظل في صلب أولويات الأردن، قيادةً وشعبًا، مستعرضًا الدعم الميداني والإنساني الذي يقدمه الأردن للأشقاء في الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي يعكس موقفًا ثابتًا لا يتغير، وارتباطًا وجدانيًا لا ينفصل عن عمقنا القومي والتاريخي.
ولفت العيسوي إلى أن الأردن لا يسمح بأن يكون ساحة تصفية أو عبور لأجندات خارجيّة، بل يضع أمنه ومصالح شعبه فوق كل اعتبار، مؤكدًا أن قرارات الدولة تستند إلى تقدير وطني دقيق، يُوازن بين المبادئ والمصالح، ويضع الكرامة الوطنية فوق كل الحسابات.
كما أشاد العيسوي بجهود جلالة الملكة رانيا العبدالله في دعم قضايا الشباب والتعليم وتمكين المرأة والطفولة، وبالدور الفاعل لسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، في تأطير الطاقات الشابة وفتح آفاق المشاركة أمامهم، بما يضمن ديمومة المسيرة الوطنية.
وأشار إلى أن المناسبات الوطنية الأردنية، من عيد الاستقلال إلى عيد الجلوس الملكي وذكرى الثورة العربية الكبرى وعيد الجيش، ليست مجرد أيام عابرة، بل هي محطات مضيئة نستحضر من خلالها معاني السيادة والكرامة والاعتماد على الذات، في ظل قيادة ملكية عرفت كيف توازن بين الثوابت والطموحات.
وختم العيسوي اللقاء بالتأكيد على أن الأردن لا ينهض إلا بتكاتف أبنائه، ووحدتهم، والتفافهم حول قيادتهم الهاشمية، مشددًا على أن الانتماء، كما أراده الهاشميون، ليس شعارًا يُرفع، بل التزامًا يُمارس، ومسؤولية تُترجم إلى فعل وإنجاز.
من جهتهم، شدد المتحدثون، خلال اللقاءين، على أن الأردن، بقيادته الهاشمية، يشكل واحة أمن واستقرار وسط محيط يعصف بالتحديات والاضطرابات، مؤكدين أن هذه المنعة لم تكن لتتحقق لولا حكمة القيادة الهاشمية والتفاف الأردنيين حول رايتها.
وأكدوا وقوفهم صفًا واحدًا خلف جلالة الملك، متمسكين بالعهد والولاء، ماضين بكل إخلاص كجنود أوفياء للعرش الهاشمي والوطن العزيز، مُجددين العهد على صون الإنجاز والدفاع عن الثوابت الوطنية الراسخة.
وأشاروا إلى أن المستقبل الذي يرسم ملامحه جلالة الملك، هو أفق واعد يتطلب من الجميع العمل يدًا بيد، مؤمنين أن تحقيق الرؤية الملكية هو واجب وطني ومسؤولية جماعية، يتشارك فيها أبناء الوطن من مختلف المواقع والقطاعات.
كما ثمّن المتحدثون الحضور الفاعل والملهم لسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، ودوره في دعم الشباب وإشراكهم في مسارات العمل الوطني، معتبرين أن هذا النهج يُجسد رؤية ملكية مستنيرة تؤمن بأن الشباب هم عماد الحاضر وضمانة المستقبل.