برامج تدريبية بجامعة التقنية لتعزيز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
سلّطت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية ممثلة في قطاع الدراسات العليا والبحث العلمي والابتكار الضوء على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والاستخدام الرقمي المسؤول من خلال برنامجين تدريبيين أقيما ضمن أجندة فعاليات كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بهدف تعزيز الوعي بقضايا أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والاستخدام الرقمي المسؤول، وتسليط الضوء على أهمية دمج المبادئ الأخلاقية في التعامل مع التقنيات الحديثة، خاصة في المجالات التعليمية والهندسية والصحية.
أقيمت الحلقة الأولى بعنوان "الأخلاقيات الرقمية والمسؤولية" استهدفت طلبة فرع الجامعة بصحار وقدّمها الدكتور مصعب الراوي مدير كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، حيث ركّزت الجلسة على المبادئ الأساسية للأخلاقيات الرقمية، بما في ذلك احترام الخصوصية وحماية البيانات، مكافحة التحيز في الأنظمة الذكية، الشفافية والمساءلة، وتنمية الوعي بالمواطنة الرقمية؛ كما تناولت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم والرعاية الصحية والهندسة، مسلطة الضوء على أهمية مواءمة التقدم التقني مع القيم الإنسانية، وضمان ألا تكون هذه الأنظمة سببًا في التمييز أو الإضرار بحقوق الأفراد.
أما الحلقة الثانية فجاءت تحت عنوان "أخلاقيات الذكاء الاصطناعي الاستخدام المسؤول والإبداع في التعليم المدرسي" وقدّمتها الدكتورة رشا شاكر عبد الوهاب، الأستاذ المساعد بقسم تقنية المعلومات بفرع الجامعة بصحار وركزت على مجموعة من المحاور الأساسية، منها العدالة في استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي داخل البيئة المدرسية، وأهمية حماية خصوصية بيانات الطلبة، إلى جانب تسليط الضوء على الشفافية والمساءلة في قرارات الأنظمة الذكية، والمسؤولية الأخلاقية للمعلمين في توجيه الطلبة وتعزيز الإبداع دون الاعتماد الكامل على التكنولوجيا، كما شهدت الورشة تفاعلًا لافتًا من المشاركين من خلال أنشطة تفاعلية وعروض تقديمية أثرت النقاشات، وأسهمت في ترسيخ المفاهيم المطروحة.
وأبدى المشاركون في البرنامجين إعجابهم بالمحتوى الغني والمحتوى التوعوي، مؤكدين على أهمية استمرار مثل هذه المبادرات التي تواكب التحولات الرقمية السريعة، وتسهم في توجيه التقنيات الحديثة نحو الاستخدام العادل والمسؤول واختتمت بتوصيات شملت ضرورة تنظيم جلسات تدريبية مستقبلية أكثر تخصصًا، وتشجيع الحوار التفاعلي حول قضايا الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات الرقمية، مع تعزيز التعاون بين الجهات الأكاديمية والحكومية والمجتمعية لضمان مستقبل رقمي أكثر وعيًا واستدامة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أخلاقیات الذکاء الاصطناعی الضوء على
إقرأ أيضاً:
حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
خلال عطلة نهاية الأسبوع الثانية من الشهر الماضي، أقال الرئيس دونالد ترامب مديرة مكتب حقوق النشر، وذلك بعد يوم واحد فقط من صدور تقرير للمكتب بعنوان: «حقوق النشر والذكاء الاصطناعي – الجزء الثالث: الذكاء الاصطناعي التوليدي».
فقد اعتبر هذا التقرير بمثابة إعلان حرب من قبل «أباطرة التقنية» الذين أنفقوا مبالغ طائلة لدعم وصول ترامب إلى السلطة، وجرى التشكيك في صلاحية استخدام مبدأ «الاستخدام العادل»، وهو السند القانوني الذي تستخدمه شركات مثل «أوبن إيه آي» و«ميتا» وغيرهما لتبرير حقها غير المقيد في «جمع» البيانات من الإنترنت لأغراض تدريب نماذجها. وتصدرت قضية حماية حقوق النشر واجهة التحديات الكبرى التي فرضتها الطفرة السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، لتتحول إلى ساحة صراع محتدم داخل أروقة البرلمان البريطاني، في أعقاب مشاورات حكومية موسعة. ويتركز الخلاف بشكل خاص بين الحكومة التي تهيمن على مجلس العموم، ومجلس اللوردات الذي يتبنى موقفاً مغايراً.
وفي هذا السياق، وجهت البارونة بيبان كيدرون، التي تتزعم حملة الدفاع عن أصحاب حقوق النشر، انتقادات لاذعة للموقف الحكومي قائلة: «تفضل الحكومة التنازل عن حقوق ملكية من اكتسبوها بجهدهم مقابل وعود فضفاضة بالنمو الاقتصادي للأمة، غير أنها تعجز عن تحديد المستفيدين من هذا النمو المزعوم أو حجمه الفعلي. والأمر الوحيد المؤكد لدى جميع الأطراف – الحكومة والمعارضة وشركات الذكاء الاصطناعي، بل وحتى أصحاب الحقوق أنفسهم – هو أن الصناعات الإبداعية لن تكون ضمن المستفيدين من هذه المعادلة».
وعليه، إذا رغبت شركات التكنولوجيا في استثمار إبداعات الآخرين، فيتعين عليها دفع المقابل العادل، وهذا ما يفسر اعتراف الدول المتقدمة بحقوق النشر وتبنيها آليات لحمايتها. وتطرح الملكية الفكرية بشكل عام وحقوق النشر على وجه الخصوص إشكاليات معقدة، يأتي في مقدمتها مسألة المدة الزمنية المناسبة لهذه الحماية، فبموجب القانون البريطاني تتمتع المصنفات الإبداعية من كتب وموسيقى وأفلام بحماية تمتد لـ 70 عاماً بعد وفاة مبدعيها، وهي فترة وإن بدت اعتباطية، إلا أنها تمثل إطاراً قانونياً ملزماً لا جدال فيه.
وتبرز إشكالية أخرى تتعلق بآليات إنفاذ هذه الحقوق، حيث تؤكد البارونة كيدرون أن من حق المبدعين معرفة متى يتم استخدام ممتلكاتهم الفكرية، خصوصاً أن عمليات انتهاك حقوق النشر باتت تتم اليوم بصورة مجهولة الهوية، مما يحول دون قدرة أصحاب الحقوق على حمايتها. وبذلك يغدو محور القضية الرئيسية هو الشفافية.
وتدعي حكومة كير ستارمر انفتاحها على مختلف الخيارات، بل إنها لم تستبعد خيار «انهب ما تشاء». ويمكن تفسير هذا الموقف باعتبارات عدة، منها تجنب إثارة غضب الإدارة الأمريكية – الحليف المشكوك في ولائه أصلاً – بفرض متطلبات الشفافية، نظراً لهيمنة شركات التكنولوجيا على القرار السياسي هناك، أو ربما اعتقاداً بأن العوائد الاقتصادية من مغازلة صناعة الذكاء الاصطناعي ستفوق الأضرار التي ستلحق بالصناعات الإبداعية المحلية، أو حتى تشككاً في إمكانية تطبيق متطلبات الشفافية على أرض الواقع.
ورغم وجاهة هذه التبريرات، إلا أن هناك اعتبارات موازية لا يمكن تجاهلها، فوفقاً لتقديرات الحكومة نفسها، «ساهمت الصناعات الإبداعية بنحو 126 مليار جنيه استرليني كقيمة مضافة للاقتصاد (أي ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي) ووفرت 2.4 مليون فرصة عمل في عام 2022». ومن غير المعلوم حتى الآن ما إذا كانت القيمة المضافة لصناعة الذكاء الاصطناعي ستصل يوماً إلى هذا الحجم في المملكة المتحدة.
يضاف إلى ذلك أن الصناعات الإبداعية تمثل جوهر التميز البريطاني، بل وذروة الإنجاز الإنساني، مما يجعل فكرة التنازل عن مخرجاتها مجاناً أمراً مستهجناً ومرفوضاً. وقد تجاوزنا حتماً مرحلة منح هذه الصناعة «حسن الظن»، فشعارها المعلن «تحرك بسرعة وحطم القواعد» تمت ترجمته حرفياً على أرض الواقع، حيث دمرت بالفعل الكثير، بما في ذلك، على الأرجح، الصحة النفسية لكثير من الشباب، ناهيك عما اختبرته شخصياً عندما استخدمت تقنية «التزييف العميق» لاستنساخ هويتي، مما أدى إلى فقدان السيطرة على انتشار عمليات الاحتيال المالي.
ومن المفارقات التاريخية المثيرة أن الولايات المتحدة نفسها لم تعترف بحقوق النشر الدولية في تشريعاتها المحلية طوال معظم فترات القرن التاسع عشر، الأمر الذي دفع الكاتب البريطاني الشهير أنتوني ترولوب للاحتجاج بشدة على سرقة حقوق نشر مؤلفاته، حيث كتب قائلاً: «يدعون بلا خجل أو مواربة بأنهم يستمتعون بالاستيلاء على ممتلكات الآخرين، وأنهم سيواصلون فعل ذلك طالما يمكنهم الإفلات من العقاب، غير أن هذه الحجة، وفقاً لتقديري، لا تصدر عن عامة الناس، بل عن وحوش، وعن أولئك السياسيين الذين نجحت هذه الوحوش في ربطهم بمصالحها التجارية». وقد تغيرت طبيعة هذه الوحوش اليوم، لكن الدافع ظل هو ذاته.
وتصر البارونة كيدرون على وجود فرصة حقيقية لبناء علاقة صحية ومثمرة بين عمالقة التكنولوجيا والصناعات الإبداعية، لكنها تستدرك قائلة: «هذا الزواج القسري، بشروط تشبه العبودية، ليس هو الإطار المنشود لتلك العلاقة» – وهو رأي أتفق معه تماماً.
صحيفة البيان
إنضم لقناة النيلين على واتساب