صحيفة جنوب أفريقية : لقد حصدنا الريح بقرب تصنيف إدارة ترامب البوليساريو منظمة إرهابية
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
زنقة 20. الرباط
عندما أعلن النائب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي، جو ويلسون، عزمه تقديم مشروع قانون لتصنيف “جبهة البوليساريو” كمنظمة إرهابية أجنبية، لم يكن يعبّر فقط عن دعم واضح للموقف المغربي، بل كان – ربما دون أن يدري – يشعل فتيل أزمة دبلوماسية في قلب بريتوريا، العاصمة السياسية لجنوب إفريقيا.
صحيفة The Mail & Guardian الجنوب إفريقية كشفت في تقرير حديث أن هذا التحرك الأمريكي المرتقب أثار قلقاً متزايداً داخل الأوساط السياسية والاقتصادية في البلاد، نظراً لما قد يترتب عليه من تداعيات على علاقاتها الدولية، لا سيما مع واشنطن.
لا تقف هذه الخطوة عند حدودها الرمزية، بل تمتد لتفرز تداعيات عملية ملموسة، من قبيل تجميد الأصول المحتملة، وتشديد الرقابة على المعاملات المالية، وتقييد آفاق التعاون الدولي، بل وقد تصل إلى حد فرض عقوبات ثانوية على الدول والمؤسسات التي تُحجم عن الامتثال لهذا التصنيف الجديد. وفي حال واصلت بريتوريا احتضان الكيان المسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”، فإنها قد تجد نفسها أمام معادلة حرجة: إما التشبث بخياراتها الدبلوماسية التقليدية، أو الحفاظ على مصالحها الاقتصادية واستقرارها المالي في وجه عاصفة دولية محتملة.
ويرى خبراء في الأمن الدولي أن هذا التصنيف، في حال إقراره، سيعقّد بشدة عمليات التمويل والدعاية التي تتلقاها الجبهة من داخل جنوب إفريقيا. فغالبية المنظمات غير الحكومية الكبرى ستتراجع عن دعمها تفادياً للمساءلة القانونية، في حين ستواصل بعض الجهات – مدفوعة بأيديولوجيات معينة أو بحسابات جيوسياسية – نشاطها في الخفاء، ولكن تحت رقابة لصيقة ومخاطر مالية متزايدة.
أما الضربة الأشد وطأة، فقد تُوجَّه إلى القطاع المصرفي في جنوب إفريقيا. ففي ظل نظام مالي عالمي تحكمه قواعد امتثال صارمة، قد يكفي مجرد ارتباط عرضي بكيان مُدرَج على قوائم الإرهاب لتُدرَج المؤسسات المعنية تلقائياً ضمن الجهات “عالية المخاطر”، مما يفتح الباب أمام احتمال عزلها عن المنظومة المالية الدولية أو فرض قيود مشددة على معاملاتها. وإذا ما أبدت جنوب إفريقيا تردداً أو امتناعاً عن التعاون مع القرار الأمريكي المرتقب، فإن مصارفها قد تجد نفسها في قلب العاصفة، تحت مجهر الشكوك وربما عرضة لعقوبات مباشرة أو غير مباشرة.
وتزداد تعقيدات المشهد في ظل تصاعد التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، لا سيما مع عودة الحزب الجمهوري إلى الحكم، وما صاحب ذلك من تعزيز ملحوظ في وتيرة التنسيق الدبلوماسي بين الرباط وواشنطن. فالمغرب يبدو اليوم وقد نجح في ترسيخ شراكة استراتيجية متينة مع الإدارة الأمريكية، شراكة تقوم على دعم معلن وواضح لخطة الحكم الذاتي باعتبارها الإطار الوحيد الجاد والواقعي لتسوية قضية الصحراء، في مقابل تراجع مكانة البوليساريو على الساحة الدولية.
بالنسبة للمغرب، فإن إدراج البوليساريو على اللائحة السوداء سيمثل انتصاراً سياسياً ودبلوماسياً كبيراً، كونه يُقرّ بعدم شرعية هذا الكيان المسلح، ويُوجّه صفعة مباشرة لحلفائه التقليديين في الجزائر وجنوب إفريقيا. كما أنه سيُجسّد، من الناحية القانونية الدولية، ما كانت الرباط تؤكده منذ سنوات: أن البوليساريو ليس حركة تحرر، بل تهديد للأمن والاستقرار الإقليميين.
لم تعد المعركة الدبلوماسية حبيسة أروقة الأمم المتحدة وقاعات السفارات، بل امتدّ ميدانها ليشمل قوائم الإرهاب ومراكز القرار الأمني. ففي عالم اليوم، تُصاغ موازين النفوذ ليس فقط عبر البيانات الدبلوماسية، بل أيضاً عبر التصنيفات السيادية التي ترسم حدود الشرعية وتُعيد تشكيل التحالفات.
البوليساريوالصحراء المغربيةجنوب أفريقياالمصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: البوليساريو الصحراء المغربية جنوب أفريقيا جنوب إفریقیا
إقرأ أيضاً:
لأول مرة وسط غياب ترامب.. قمة العشرين تصل إفريقيا
رحّب رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا اليوم، بقادة مجموعة العشرين عند وصولهم إلى مطار جوهانسبرغ الدولي، استعدادًا لقمة قادة المجموعة التي تحتضنها جنوب أفريقيا لأول مرة في تاريخ القارة الأفريقية.
ويشارك في القمة عدد من القادة الأفارقة البارزين، منهم الرئيس النيجيري بولا تينوبو، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف. كما وصل رئيس الوفد الروسي نائب رئيس المكتب التنفيذي للرئاسة مكسيم أوريشكين، بناء على تفويض من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولا يُتوقع حضور أي ممثل عن الحكومة الأمريكية للقمة، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق عدم سفره إلى جنوب أفريقيا، ما يسلّط الضوء على غياب أحد أبرز قادة القوى العظمى عن القمة، وسط اهتمام عالمي بالقضايا الاقتصادية والسياسية الكبرى التي تواجه القارة الأفريقية.
وتأتي القمة في وقت تشهد فيه أفريقيا تحديات كبيرة تشمل القضايا الاقتصادية والتنموية، إضافة إلى النزاعات المجتمعية والحاجة الملحة لتعزيز التعاون الدولي في مجالات الأمن الغذائي والطاقة والاستثمار.
وتشير التقديرات إلى أن حضور قادة أفارقة مؤثرين يعكس التزام القارة بإيجاد حلول مشتركة لمشكلات التنمية، رغم غياب ممثلي بعض القوى الكبرى.
وسبق أن أثار الرئيس ترامب جدلاً في مايو الماضي، عندما عرض خلال اجتماع في البيت الأبيض مع رامافوزا مقطع فيديو يُظهر ما وصفه بـ”العنف ضد المزارعين البيض” في جنوب أفريقيا، واصفًا الأحداث بـ”الإبادة الجماعية”.
من جهته، تجاهل رامافوزا معظم المشاهد، مؤكّدًا أن الحكومة لا تنتهج سياسات تهدف إلى انتهاك حقوق المزارعين البيض، ما يعكس التباين في المواقف بين الدولتين تجاه القضايا الداخلية لجنوب أفريقيا.
هذا وأُنشئت مجموعة العشرين عام 1999 لتكون منتدى للتعاون الاقتصادي بين الدول الكبرى، وتوسعت لتشمل القضايا السياسية والتنموية. هذه القمة تعد الأولى التي تُعقد في القارة الأفريقية، ما يجعل حضور القادة الأفارقة ومناقشة قضايا القارة مركز الاهتمام، خاصة في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية المستمرة.