الاقتصاد نيوز - بغداد

شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، حيث تجاوزت مستويات قياسية جديدة، واقترب من الـ3.500 دولاراً للأونصة الواحدة.

وبظل الارتفاع العالمي، دائما ما يوضع العراق بدائرة الاهتمام؛ لتطرح أسئلة هنا وهناك، حول الفائدة التي يمكن تحقيقها لاقتصاد البلد من هذا الامر لاسيما ان البنك المركزي قد زاد قبل فترة وجيزة احتياطاته من المعدن الأصفر.

وبهذا الصدد، أكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، مظهر محمد صالح، أن الذهب النقدي يمثل عنصرًا استراتيجيًا في محفظة الأصول الأجنبية للبنك المركزي العراقي.

وقال صالح خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز"، إن احتفاظ العراق بـ162 طنًا من الذهب يشكل "ملاذًا آمنًا وقويًا" يعزز الاستقرار المالي للبلاد في الوقت الراهن.

وأوضح، أن الأدلة الاستثمارية القياسية الصادرة عن صندوق النقد الدولي ومؤسسات مالية أخرى توصي بضرورة تنويع محافظ الأصول الأجنبية للبنوك المركزية، وهو ما يلتزم به البنك المركزي العراقي، حيث يحتفظ بتوزيع متوازن بين العملات الأجنبية والذهب ضمن محفظة موجوداته.

وأضاف أن للذهب خصائص فريدة تميّزه عن باقي الأصول الأجنبية، إذ تتميز دوراته بالارتفاع والانخفاض التدريجي، دون مفاجآت حادة كما هو الحال في أسواق العملات. وبناء على ذلك، عادة ما يُخصص نحو 10% من احتياطيات النقد الأجنبي للذهب، وهي نسبة تُعد كافية لمعادلة تقلبات أسعار صرف العملات الأخرى.

وأشار صالح إلى أن ارتفاع القيمة السوقية لاحتياطي الذهب العراقي يُعد بمثابة “أرباح غير مدركة”، تسهم بشكل إيجابي في تعزيز توازن محفظة استثمارات العراق من النقد الأجنبي، وتمنح البلاد هامش أمان في مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية.

وسجلت اسعار الذهب في أسواق الجملة بشارع النهر، صباح اليوم الثلاثاء، ارتفاعا جديدا حيث بلغ سعر بيع للمثقال الواحد عيار 21 من الذهب الخليجي والتركي والأوروبي 710 آلاف دينار، في حين بلغ سعر الشراء 706 آلاف دينار. ويُشار إلى أن سعر البيع ليوم أمس الاثنين كان 694 ألف دينار للمثقال الواحد.

ووصل  سعر بيع المثقال الواحد عيار 21 من الذهب العراقي إلى 680 ألف دينار، بينما بلغ سعر الشراء 676 ألف دينار. وكان سعر البيع لهذا العيار قد سجل يوم أمس الاثنين 664 ألف دينار.

وتقف الكثير من العوامل الدولية على رأسها رسوم ترامب الجمركية وراء هذا الصعود، حيث أدّى تصاعد النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب التوترات المستمرة في مناطق مثل الشرق الأوسط وأوكرانيا، إلى زيادة إقبال المستثمرين على الذهب كوسيلة لحماية أصولهم من التقلبات.

التواترات الأخيرة بين الصين وامريكا جاءت على خلفية حرب الرسوم الجمركية، والتي وصلت بينهما إلى سقف غير مسبوق تاريخياً، حيث بدأت بفرض ترامب رسوما ركز فيها على الصين وحدها، وقررت الصين أن ترد عليه بالمثل، لينتهي الأمر عند ترامب برفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 145%، مقابل رفع الرسوم الجمركية على أمريكا إلى 125%.

وبهذا الصدد، وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى "KCM Trade" لرويترز، إن "المستثمرين بدأوا يتجنبون الأصول الأميركية بشكل ملحوظ في ظل تصاعد التوترات المرتبطة بالرسوم الجمركية وهو ما أبقى الذهب في موقع مثالي للاستفادة من ضعف الدولار".

كما ساهمت السياسات النقدية، وعلى رأسها قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة، في زيادة جاذبية الذهب، إذ انخفضت تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ به مقارنةً بالأصول التي تدر عائدًا.

وتزامن ذلك مع تراجع قيمة الدولار الأمريكي، ما جعل الذهب أقل تكلفة للمستثمرين الذين يتعاملون بعملات أخرى، وبالتالي ارتفعت معدلات الطلب عليه في الأسواق العالمية.

وفي سياق موازٍ، واصلت البنوك المركزية، خصوصًا في الأسواق الناشئة، تعزيز احتياطياتها من الذهب بهدف تنويع محافظها الاستثمارية وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، وهو ما زاد من الزخم الإيجابي لأسعار المعدن النفيس.

ويتوقع خبراء أن يستمر هذا الاتجاه الصعودي ما لم يحدث انفراج في الملفات الجيوسياسية الكبرى، أو تحولات جذرية في السياسات الاقتصادية العالمية

ويُنظر إلى الذهب على أنه ملاذ آمن في فترات التوتر الاقتصادي، وقد تجاوز حاجز 3300 دولاراً للأونصة الأسبوع الماضي، وواصل مكاسبه أمس متخطياً 3500 دولاراً.

وتترقب الأسواق خلال هذا الأسبوع تصريحات مرتقبة من عدد من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي، بحثاً عن إشارات واضحة بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية، وسط تصاعد القلق حيال استقلالية البنك المركزي.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار ألف دینار من الذهب

إقرأ أيضاً:

نافذة جديدة لعُمان نحو التميّز الطبي والسياحة العلاجية

 

 

 

علي عبد الحسين اللواتي

تحقق سلطنة عُمان تطورًا ملحوظًا في قطاع الرعاية الصحية خلال السنوات الأخيرة، إلا أن الواقع يكشف عن فجوة قائمة بين تطلعات المواطنين ومستوى الخدمات التي يقدمها القطاع الصحي الخاص، الذي ما زال يواجه تحديات هيكلية تؤثر على جودته وثقة الجمهور فيه.

كثير من العُمانيين ما زالوا يفضلون السفر إلى الخارج للعلاج، رغم وجود مستشفيات خاصة في السلطنة. أحد الرؤساء التنفيذيين لإحدى المستشفيات الخاصة التابعة لمجموعة صحية هندية كبرى في عُمان صرّح بأن مؤسس مجموعتهم أخبره بأن عدد العُمانيين الذين يقصدون مشافيهم في الهند في ازدياد مستمر، رغم أن الغرض الأساسي من فتح فرعهم في السلطنة كان لتقديم نفس مستوى الرعاية محليًا. هذا الاعتراف يعكس بوضوح وجود فجوة في الثقة، وفي التخصص، وفي مستوى التجربة العلاجية المقدمة محليًا.

التخصصية: بوابة الثقة والجودة

إن أحد أبرز الأسباب وراء استمرار هذه الفجوة هو غياب "التخصصية" في النظام الصحي الخاص. فمعظم المستشفيات الخاصة تقدم نفس الحزمة العامة من الخدمات الطبية، دون تميز حقيقي في مجال مُعين، مما يجعلها متشابهة حد التكرار. لذلك، فإنَّ التحول نحو نموذج تخصصي متكامل ليس رفاهية، بل ضرورة استراتيجية.

بودي أن أقترح نموذجا جديدا قائما على فكرة إنشاء تحالف صحي وطني، تقوم فكرته على أن يتخصص كل مستشفى في مجال طبي مُحدد: مثل القلب، العظام، طب الأطفال، الأورام، أمراض الجهاز الهضمي، الحوادث والتأهيل، أو الصحة النفسية. وبهذا يكون لكل منشأة دور واضح ومحدد في منظومة صحية وطنية موحدة.

ونقترح تأسيس هذا التحالف بالشراكة بين الحكومة ممثلة في جهاز الاستثمار العُماني ومستشفيات القطاع الخاص، إضافة الى وزارة الصحة مبنياً على أساس PPP.

ماذا تُحقق التخصصية؟

جودة طبية أعلى: التفرغ لتخصص محدد يعزز من تراكم الخبرات وتطور مهارات الكادر الطبي، مما يرفع مستوى الخدمة المقدمة. كفاءة تشغيلية: تقاسم الموارد، والأداء الأفضل من خلال تنسيق سلاسل التوريد والتفاوض الجماعي مع الموردين، واستخدام أنظمة مشتركة في الدعم الفني وخدمات الدعم والإسعاف والتقنيات، يقلل الهدر ويرفع الكفاءة. هوية مؤسسية قوية: يصبح لكل مستشفى "علامة تميز" معروفة في السوق، ما يعزز الثقة ويجذب المرضى داخليًا وخارجيًا. جذب للكفاءات: الأطباء المتميزون يفضلون العمل في بيئات تخصصية توفر لهم فرصًا للنمو والابتكار.

ما بعد التخصص: تكامل خدمات الدعم

ولأن الرعاية الصحية الحديثة لا تكتمل بدون منظومة داعمة، فإنَّ النموذج المقترح يشمل أيضًا:

خدمات إسعاف متطورة مجهزة بأحدث التقنيات، قادرة على الوصول السريع وتقديم العناية المبدئية الفعالة. نظام إسعاف جوي يمكنه نقل المرضى من المناطق النائية أو حتى من خارج البلاد بسرعة وكفاءة، ما يعزز من الجاهزية ويخدم السياحة العلاجية. مراكز بحوث وتطوير في كل تخصص، تواكب المستجدات العالمية، وتعمل على تطوير علاجات وأجهزة وتقنيات محلية. شراكات مع مؤسسات أكاديمية لبناء كوادر وطنية قادرة على قيادة القطاع في المستقبل.

الوجهة القادمة للسياحة العلاجية

عُمان تتمتع بمزايا فريدة تؤهلها لتكون وجهة مثالية للسياحة العلاجية: بيئة آمنة، مناخ معتدل، إمكانات سياحية يمكن استغلالها بالشكل الأمثل، وثقافة مضيافة. لكن ما ينقص هو النموذج الصحي الجاذب؛ فالنموذج المقترح المبني على التخصصية والتكامل والشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، يفتح الباب لاستقطاب:

المرضى من دول الخليج، الباحثين عن خدمات تخصصية موثوقة. الشرائح الوسطى والعليا من أفريقيا والشرق الأوسط؛ حيث الرعاية التخصصية ما تزال محدودة. المتقاعدين الأوروبيين الباحثين عن جودة وخدمة بأسعار معقولة في بيئة مريحة.

بين تايلاند وعُمان: المقارنة الممكنة

تايلاند تُعد من أبرز الدول في مجال السياحة العلاجية، وقد بنت نجاحها على نموذج يقوده القطاع الخاص في بيئة سوقية حرة، وبدعم حكومي محدود. في المقابل، يقترح النموذج العُماني تحالفًا ثلاثيًا بين:

القطاع الخاص الصحي. جهاز الاستثمار العُماني. الوزارات المعنية، وعلى رأسها وزارة الصحة والسياحة.

ومقترحنا هذا أقرب الى ما هو موجود في دولة سنغافورة وماليزيا على نحو الإجمال.

وهذا التكامل المؤسسي يمنح المشروع قوة تنفيذية واستدامة مالية أكبر، إلى جانب:

توزيع تخصصي دقيق للخدمات. تنسيق سلاسل التوريد والتفاوض الجماعي مع الموردين، واستخدام أنظمة مشتركة في الدعم الفني والتقني. دمج فعلي للبحث والتطوير. استراتيجية تسويقية ذكية تستهدف أسواقًا غير تقليدية. إضافة الى نمو المراكز والعيادات الطبية الخاصة لتقديم الرعاية الأولوية للمرضى.

فرصة وطنية واستراتيجية اقتصادية

أكثر من كونه حلًا لمشكلة الثقة أو الكفاءة، فإن النموذج المقترح يمثل فرصة وطنية شاملة لدفع عجلة الاقتصاد الصحي في السلطنة، وتوطين الخدمات المتقدمة، وخفض نفقات العلاج في الخارج. كما يسهم المشروع في:

خلق وظائف نوعية للعُمانيين في مجالات الطب، التمريض، الإدارة الصحية، الصيدلة والبحث العلمي. استقطاب استثمارات خاصة وشراكات دولية. دعم رؤية "عُمان 2040" في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

إنَّ ما تواجهه المستشفيات الخاصة اليوم هو تحدٍ حقيقي، لكنه يمكن أن يتحول إلى فرصة نادرة لو تم التفكير بشكل جماعي وجريء. إن تحالفا صحيًا وطنيًا قائمًا على التخصصية والتكامل والابتكار يمكن أن يغيّر وجه الرعاية الصحية في عُمان، ويجعلها في مصاف الدول المتقدمة صحيًا وسياحيًا.

لقد آن الأوان لننتقل من تكرار الخدمات إلى تميّز في التخصص، ومن استيراد الحلول إلى صناعة نموذج عُماني فريد.. فلنُحَوِّل التحدي إلى نافذة نحو التميّز الحقيقي.

مقالات مشابهة

  • بينها المغرب.. الصين تتعهد بإلغاء جميع الرسوم الجمركية على الصادرات الأفريقية
  • هجوم إسرائيل على إيران يشعل الأسواق.. قفزات حادة في أسعار النفط والذهب
  • «متنزه مليحة».. نافذة على التاريخ
  • الصين تؤكد التزامها تجاه أفريقيا وتعرض إلغاء الرسوم الجمركية
  • وفاة تاجر الذهب أحمد المسلماني بعد اعتداء شخصين عليه بالبحيرة
  • نافذة جديدة لعُمان نحو التميّز الطبي والسياحة العلاجية
  • هل انتهت أزمة الرسوم الجمركية؟ ترامب يعلن عن اتفاق شامل مع الصين
  • أزمة الرسوم الجمركية.. ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق مع الصين
  • حول الرسوم الجمركية.. ترامب يعلن عن اتفاق مع الصين بانتظار موافقة الرئيس شي جين بينج
  • مع ترقب نتيجة مفاوضات «الصين وأمريكا».. ارتفاع طفيف لسعر الذهب عالميا