صحيفة الاتحاد:
2025-12-01@15:10:47 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: المواطنة العالمية

تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT

في مقابلة مع طالبات يدرسن في ألمانيا، وهن من بيئات آسيوية، وصفت إحداهن نفسها بأنها مواطنةٌ عالمية، وحيث ما وجدت البحث العلمي ذهبت إليه وانتسبت لمكانه، وهذه الطالبة تدرس الذكاء الاصطناعي وتشارك فرقاً بحثية تعمل على مشروعات في هذا المجال (دي دبليو 15 نوفمبر 2024)، 
هنا يحضر مصطلح برتراند راسل عن المواطن العالمي، ويقصد فيه الفيلسوف الذي منحه راسل صفات تجعله متميزاً عن سائر البشر من حيث معاني المثالية المتعالية، ولكن مصطلح راسل سيتصادم مع فكرة الفيلسوف الواقعي الذي من شأنه أن يعمل مع عقول الآخرين من عموم البشر، وهي عقول متعددة تعدداً يبلغ حدود التناقض حتى بين الفلاسفة أنفسهم، ولا يتعامل مع عقل واحد كلي في ذاته وفرداني في جوهره، ومن ثم هو عقل متعدد ومتغير بالضرورة، وله لغات لا تحصى وله انشقاقات ذاتية أهمها أنه إنساني تمسه كل سمات وصفات الإنسانية، لأنه يقوم على المنطق والاجتهاد والاحتمالية على نقيض الذكاء الاصطناعي، الذي هو عقل واحد كلي وقطعي وله إجابة واحدة يشترك فيها البشر مع تنوع وحيد هو تنوع اللغة لكن النتيجة واحدة.


وإن كان تعبير الطالبة ذا قيمة علمية وبحثية من حيث الانتماء للبحث، إلا أن عالميتها هنا هي إلغاء للعالمية لأن الحاصل في حال الطالبة هو تهشيم الفروق، فإن تنوعت ذكاءات البشر فإن الاصطناعي واحدٌ، وإن كان كلياً عالمياً فهذه سمات تعتمد التماثل، وأي عمل في وادي سيليكون مثلاً سيتكرر بكامل عناصره في كل بقعة من العالم بمجرد شراء البرنامج وتطبيقه أو ترجمته لأي لغة حية.
هنا نحن أمام فارق جوهري، فالطالبة الهندية لم تعد هندية إلا بلونها ولهجتها لكن نظامها التفكيري سيسير وفق الذكاء الاصطناعي وليس الذكاء البشري، وستتصنع مع الاصطناعي كما أي طالب ألماني أو غيره، بينما عالمية راسل أخذت منظومة صفات أخلاقية هي صفات مطلوبة إنسانياً وهي مثالية وتنوعها يأتي عبر تنزيلها العملي وهل سيتمثلها البشر أم ستظل حلماً فلسفياً مثالياً يعبر عن أمنية، كانّها قصيدة شعرية تبعث على الدهشة ولكنها تقف عند حد الاندهاش، مقابل واقع بشري مختلف تماماً، وهذا ما جعل راسل يخص ذلك بالفيلسوف أي بنفسه تحديداً لأن غيره سيقول غير ذلك.
ويقابل هذا التنوع ما يطرحه الذكاء الاصطناعي من صيغة بشرية واحدة قد تئد إبداعية العقل البشري وتخضعه لنظام من الثقافة الرقمية التي لا تتسع للاجتهاد ولا للأخطاء، في حين أن الأخطاء هي أعمق سمات التفكير البشري لأنها مفاتيح الكشف والابتكار وكأن الذكاء الاصطناعي يسير ضد فكرة الإبداع التي هي فردانية وليست جمعية.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: خدعة التعددية الثقافية د. عبدالله الغذامي يكتب: هل العقل وطن

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

ورشة عمل حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة

مسقط- الرؤية

شاركت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية ممثلةً في كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في فعالية مشتركة مع كرسي اليونسكو للذكاء الاصطناعي بجامعة السلطان قابوس، تمثلت في تنظيم تجمع علمي وورشة عمل متقدمة حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة، وذلك خلال يومي 30 نوفمبر و1 ديسمبر 2025م في جامعة السلطان قابوس، حيث تهدف الفعالية إلى تعزيز الوعي المجتمعي والمؤسسي بأهمية ضبط استخدام الذكاء الاصطناعي وفق أسس أخلاقية متينة، وتطوير أطر عمل وطنية تتماشى مع القيم الإنسانية والمبادئ العلمية.

وجاءت مشاركة جامعة التقنية والعلوم التطبيقية لتعزيز الحوار الوطني حول الاستخدام المسؤول للتقنيات الحديثة، ودعم جهود سلطنة عمان في بناء منظومة أخلاقية واضحة تحكم تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتسارعة في مختلف القطاعات.

وشهد اليوم الأول من الفعالية تنظيم ورشتي عمل متزامنتين شارك فيهما عدد من الأكاديميين والباحثين والمهنيين والطلبة.

وقدم الدكتور مصعب الراوي، مدير كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية، ورشة بعنوان "من الرؤية إلى الإطار الأخلاقي للمؤسسة"، تناول فيها كيفية الانتقال من المبادئ العامة لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي إلى سياسات عملية قابلة للتطبيق في المؤسسات التعليمية.

وركزت الورشة على أهمية تعزيز الشفافية في استخدام الأنظمة الذكية، وضمان حماية خصوصية الطلبة، وبناء قواعد واضحة للاستخدام المسؤول لأدوات الذكاء الاصطناعي في التدريس والتقييم والبحث العلمي، بما يضمن إيجاد بيئة تعليمية قائمة على النزاهة والموثوقية.

وفي السياق ذاته، قدّمت البروفسورة فانيسا نورك، رئيسة كرسي اليونسكو EVA للأخلاقيات بجامعة كوت دازور الفرنسية، ورشة متخصصة حول مفهوم "الأخلاقيات بالتضمين والتصميم"، تطرقت فيها إلى كيفية دمج الأخلاقيات في المراحل المبكرة من تصميم الأنظمة الذكية، بحيث تكون مبادئ الأمن والخصوصية والإنصاف جزءًا أصيلًا من البنية التقنية نفسها.

كما استعرضت خلال الورشة نتائج المشروع الأوروبي "Miracle"، الذي يركز على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجالات الصحية مع مراعاة الجوانب الأخلاقية للتشخيص الآلي وإدارة بيانات المرضى، إضافة إلى الإشكاليات المرتبطة بالقرارات الخوارزمية والاعتبارات الأخلاقية المصاحبة لها.

وفي اليوم الثاني، تتواصل الفعالية بعقد تجمع علمي وجلسات حوارية موسعة احتضنتها قاعة المعرفة بجامعة السلطان قابوس، تبدأ بكلمة افتتاحية للبروفيسور عبد الناصر حسين، رئيس كرسي اليونسكو للذكاء الاصطناعي. وتتضمن الجلسات مناقشات متعمقة حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم، ورؤى حول مستقبل التعلم المرتبط بالتقنيات الذكية والتحديات التي تواجه المؤسسات الأكاديمية في ضمان النزاهة والعدالة في الاستخدام. كما تتناول الجلسات القضايا المتعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في الطب، بما في ذلك مسؤولية الأنظمة الذكية في اتخاذ القرارات التشخيصية، والاعتبارات الإنسانية في التعامل مع بيانات المرضى، وآليات الموازنة بين الابتكار الطبي والحفاظ على المعايير الأخلاقية.

وعكست الفعالية التزام كلٍّ من كرسي الإيسيسكو وكرسي اليونسكو بإرساء بيئة بحثية مشتركة تدعم تبادل المعرفة والخبرات، وتعزز بناء قدرات وطنية قادرة على التعامل مع التحديات التقنية والأخلاقية للذكاء الاصطناعي. وفي ختام التجمع، شدّد المشاركون على ضرورة استمرار هذا التعاون الأكاديمي لما له من أثر مباشر في دفع عجلة البحث العلمي، وتطوير سياسات واضحة تحكم استخدام الأنظمة الذكية في السلطنة، وتمهّد لبناء مستقبل أكثر أمانًا وشفافية في التعامل مع التقنيات الناشئة.



 

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يثير قلق الموظفين في ألمانيا
  • كيف تكشف التزييف في عصر الذكاء الاصطناعي؟
  • ورشة عمل حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة
  • ما الذي تغفله هوليوود عن الذكاء الاصطناعي؟
  • مفاجآت عن تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل التصميم في مصر
  • الكادحون الجدد في مزارع الذكاء الاصطناعي
  • جوجل تختبر الإعلانات في وضع الذكاء الاصطناعي
  • هل يزيدنا الذكاء الاصطناعي ذكاءً؟
  • الذكاء الاصطناعي يكشف سرا خفيا في لغة الأسود
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: ترامب يحب توقيعه