قررت يا وطني اغتيالك بالسفر
وحجزت تذكرتي وودعت السنابل والجداول والشجر
وأخذت في جيبي تصاوير الحقول
أخذت امضاء القمر
وأخذت وجه حبيبتي وأخذت رائحة المطر
قلبي عليك وأنت يا وطني تنام على حجر
نزار قباني
بقلم: حسن أبو زينب عمر
(1)
لازال حسين با زرعة الأبرز في ذاكرتنا والأقرب الى وجداننا الجمعي غناء وتجربة إنسانية مثيرة فكل ما فيه يدعو الى التوقف والتأمل والاهتمام فهو ظاهرة متفردة واستثنائية تدع الكثيرون رغم مرور السنوات على رحيله للبحث عن إجابة لعلامة استفهام حائرة ما سر هذا الرجل؟ .
(2)
أشعاره كانت نتاجا لتجارب شخصية ذاتية معظمها تفجرت شلالات من الأسى ودموعا من الحزن ذرفها في صمت على قصص حب لم تنضج على نيران هادئة ولكنه حرص على عدم الإفصاح عنها فقد كان شخصية محافظة حريصة على اسدال ستارا من السرية على خصوصياته لولا شيطان الشعر وأقرب المقربين اليه وهي شقيقته اللذان أخرجاها على الملأ.
(3)
كان الفنان عثمان حسين الذي شكل معه أحد أجمل الثنائيات في تاريخ الأغنية السودانية أكثرهم إدراكا والماما بها وربما كان مستودعا لأسراره سيما وقد ترنم بأشعاره في عدة أغنيات منها (أنا والنجم والمساء وشجن وقصتنا وصدقيني وعشقك حرام ولا تسلني) . ويقول ان الحزن يسكنه في هذه الأغنية
أنا والنجم والمساء ضمنا الوجد والحنين
جف في كأسي الرجاء وبكت فرحة السنين
تحمل الشوق والصبا والخيالات موكبا
في الهوى هاج مدمعي حبها الخالد الألم
كلما لاح بارق من محياها خافق
مات بالهم عاشق
(4)
عشق حسين با زرعة مرتين في حياته، وحينما سأله الاستاذ عمر الجزلي في برنامجه (اسماء في حياتنا) عن قصة حبه تلك فذرف الدموع كثيرا وقال له وهو الحضرمي المحافظ الذي نفى بشدة في لقاء تلفزيوني أنه كان ينتظر الحبيبة حينما قال (هاهنا كان موعدي وهنا كان مقعدي) مشيرا بأن الزوج في المجتمع الحضرمي لا يرى زوجته الا في ليلة الزفاف ورد على الجزلي قائلا: (لا تسلني) وكانت هذه الاغنية خلفية لهذا المشهد الدرامي
لا تسل عني ليالي يا حبيبي لا تسلني
لا تسلها فهي حلم عابر طاف بذهني
لا تسلها كم تعانقنا على رفقة لحني
وقضينا الليل في الأولى حديثا وتمني
وسل الشاطئ لما كنت القاك دواما
ونذيب الليل همسا وعناقا وملاما
انت في عمري ربيع نابه يملأ نفسي
أفلا عدت وعادت قصة الحب لك أمسي
(5)
تقول الروايات ان التجربة الأولى لبازرعة مع الحب كانت في سنكات وكانت مع أحد الفاتنات اللاتي كن يزرن المدينة مع الاسرة لقضاء المصيف ولكن العلاقة لم تتوج في القفص الذهبي فقد اعترض أهله وبالأخص شقيقه على مبدأ الزواج نهائيا فانتهت العلاقة الى لا شيء وان كان أوارها ظل مشتعلا في قلبه أما الثانية فهي التي هام بها وجدا والتياعا وصاغ وطوع فيها القصيد كانت (س) أحد حسناوات بورتسودان حسب اعترافه هو وشهادة شقيقته فقد تعلق بها و اوشك أن يعقد عليها ولكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن .. تفاصيلها غريبة مثيرة لكن النتائج هي نفسها (تعددت الأسباب والموت واحد) فقد جاء الرفض هذه المرة من أهل الفتاة تحت مبررات فطيرة كانت سائدة في مجتمعات ذلك الزمان وهي ان اهل الفن والشعر والطرب خارج حوش الاستقامة الأخلاقية وفشلت كل الوساطات وانهارت قلعة الحب التي شيدها الشاعر الرقيق فعبر البحر الى جدة في الضفة الأخرى مغاضبا ومتوسدا آلامه ولكن الرابح الأكبر كان المستمع السوداني الذي عانقت أذنيه أغنية ا(لمصير) التحفة التي جعلتها أكثر عذوبة حنجرة الفنان عثمان حسين.
(6)
قـدر ما حاولت اخاصمك وانسي احـزاني وأسايـا
واكتم الغيرة الفي قلبي واطوي جرحي في الحنايا
القـي اثارك في حواسي وظلك يتبعني في خـطايــا
القـي كـل الدنيـا حولي تهاتي بي اسـمـك معايــا
في حـــياتي قبــلك انت عشت قصة حب قـاسيه
لـســه مازالـــت في قــلبي ذكرياته المرة باقــيه
(كان يشير الى فتاة سنكات التي ذهبت قصتها أدراج الريح)
لما هليت في وجودي وقلت بيك سعادتي باقية
لكن انت هدمت أملي بعد عشره نــبيله سامـيه
انـا لو عــارف خــصامــك لي ايامــه بـــتطـول
كــنت مــا ارتددت لحـظه لمي حــار بي الدلـيل
انسي ظلمك وارجي حلمك وانس كل الراح قبيل
اصـلوا حبك فـوق ارادتي حب يجاوز المستحيل
(7)
لم يكتفى الشاعر الملتاع بالمصير بل ألحقها ب(بعد الصبر)
ليه تقول ايامنا راحت وانتهينا
يا حبيبي والله كانت ديك سحابة
لو حصل في العمر مرة وافترقنا
هي غلطة ونحن نتحمل عذابا
اي واحد ليه في تاريخه ماضي
واي ماضي ليه ذكري حب قديمة
وانت عارف لما اخترتك حبيبي
كان في قلبي جرح يندي بالهزيمة
الا انت صرت اغلي حب عندي
وكنت راضي معاي بظروفي الاليمة
وكنت راضي معاي بالشقي
في طفولتي الاليمة
(8)
وتتوالى قصص بكاء بازرعة على اللبن المسكوب والحب الذي عصفت به الرياح فجائت (قصتنا)
ﺑﺎﻟﻤﻌﺰﺓ ﺑﺎﻟﻤﻮﺩﺓ ﺍﻟﺒﻴﻨﺎ ﺑﺃﻏﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺕ
ﺑﺎﻟﻬﻮﻯ ﺍﻟﻌﺸﻨﺎﻩ ﺑﺃﻋﺼﺎﺑﻨﺎ ﺧﻤﺴﺔ ﺳﻨﻴﻦ ﻭﻣﺎﺕ
ﺑﺎﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﺸﻔﺘﻮ ﻭﺍﻟﺴﺮ ﺍﻟﻜﺘﻤﺘﻮ
ﻭﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻄﻴﺒﺎﺕ ﺍﺳﺘﺤﻠﻔﻚ ﺃﺗﺮﻙ ﺳﺒﻴﻠﻲ
ﻭﺳﻴﺒﻨﻲ ﻭﺣﺪﻱ ﺃﻗﺎﺳﻲ ﻭﺃﺑﻜﻲ ﻣﺮ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ
ﺃﻧﺎ ﺑﺣﻨﺎﻧﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﻲ ﺧﺼﻴﺘﻚ ﻭﺣﺒﻴﺘﻚ ﺑﻜﻞ ﺟﻮﺍﺭﺣﻲ
ﻭﻋﻮﺍﻃﻔﻲ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ
ﺃﻧﺎ ﺷﻠﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻚ ﻫﻤﻮﻡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻗﺎﺳﻴﺖ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺣﻬﺎ ﻭﻛﻞ ﺿﻴﻘﻬﺎ
ﻟﺴﻌﺎﺩﺗﻚ ﺇﻧﺖ ﻛﻢ ﺿﺤﻴﺖ ﻭﺇﺗﻐﺮﺑﺖ
ﻣﺎ ﺧﻠﻴﺖ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻭﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﻱ ﺍﻟﻤﻀﻨﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
(9)
رغم تعاقب السنين ودوران ساعات الزمان كان بازرعة ولازال طاقة إبداعية متدفقة تدخل القلوب دون استئذان بذات الألق الساطع الوهاج فكأنه كبسولة خرافية لا تكترث لعاديات الزمان وصروف الأقدار فقد ظلت جراحه نازفة بعد تلقيه طعنة غدر
جاي تترجاني ..أغفر ليك ذنبك
ما كفاية الشفتو من نارك وحبك انت فاكر تأني
أرجعك لك واعاتبك ..لا يا ناكر دربي أصبح ماهو
دربك ..كنت تحلم بالسعادة هي غير ما أنت فاكر هي في كلمة مودة
هي نبضة مشاعر للقلوب الما ترد لأي طارق
اجتمعنا على الحب في ثوان في طريق مفروش بحبي وحناني
وافترقنا كل واحد في طريقو
أنا ضايع وانت مخدوع بالأماني
كل زادي في ضياعي وقلبي مفتوح للأحبة
(10)
في لقاء ضمن برنامج أسماء في حياتنا سأله عمر الجزلي ما سر الحزن في أغانيك؟
وكانت اجابة بازرعة ان الحزن لا زال يسكنه وقد نمى وترعرع منذ وفاة والده ووالدته وكان السؤال الثاني لماذا اغتربت ومتى كان التفكير في الاغتراب ولماذا طال الغياب وجائت الاجابة التي سلطت الأضواء على الأسباب الحقيقية التي حرص على بقائها في منطقة العتمة فقال .. (لم أكن أفكر في الاغتراب ولكنني تعرضت لتجربة شخصية مريرة خاصة دفعتني للتفكير في الخروج للانفكاك من قبضة الحزن بالحج الى الأراضي المقدسة) وهناك وجد تشجيعا من أبناء شقيقته. فابتعد غاضبا يتجرع كؤوس الحسرة والألم واستقربه المقام في جدة ملتحقا بشركة (باخشب) ..بازرعة يعترف ويقول انه بسبب التجارب المريرة فانه لا يحب حتى السماع لأغانيه القديمة خوفا من نكأ الجراح مشيرا بأن الأحزان أكثر عمقا من الأفراح .. ومع ذلك فانه حينما طال الغياب وتمددت سنوات الغربة وطالت الأشواق وتعالت أمواج الحنين كتب من المنفى يقول:
كل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الأهل حملته أشواقي الدفيقة
ليك يا حبيبي للوطن لترابه لشطآنه للدار الوريفة
لكن حنانك لي أو حتى مشاعرك نحوي ما كانت حقيقة
كانت وهم ..كانت دموع ..مسفوحة بأحرف أنيقة
oabuzinap@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
إذا كانت ذنوبك من الأرض إلى السماء.. علي جمعة: بعملين تكفرها كلها
لعل أضعف ما يكون حالك على الإطلاق هو إذا كانت ذنوبك من الأرض إلى السماء ، فحينئذ يشعر العبد بكثير من الضغط والضعف بل واليأس، وهنا في تلك اللحظة يصبح فريسة سهلة تتلاعب بها الشياطين، لذا ينبغي الانتباه على نفسك إذا كانت ذنوبك من الأرض إلى السماء ، فلا تجعل اليأس من رحمة الله تعالى يضلك، وتظن أن أبواب الرحمن قد أغلقت في وجهك ، فمادمت حيًا لايزال لديك فرصة ورجاء في الله تعالى ، وهنا ينبغي أن تعرف طريقة النجاة إذا كانت ذنوبك من الأرض إلى السماء وكيفية تكفيرها.
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه إذا كانت ذنوبك من الأرض إلى السماء ، فالله سبحانه وتعالى غَفَّار، مهما كثرت الذنوب، ومهما عظم شأنها، فإننا لا نيأس من روح الله، ولا من فضل الله، ولا من رحمة الله، ولا يمكن أن نغلق الباب على أنفسنا، ولا على الخلق مع الله سبحانه وتعالى.
أوضح «جمعة» عن الكفارة إذا كانت ذنوبك من الأرض إلى السماء ، أنه ورد عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ : « يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِى وَرَجَوْتَنِى فَإِنِّى سَأَغْفِرُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ ؛وَلَوْ لَقِيتَنِى بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا لَلَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ،وَلَو عَمِلْتَ مِنَ الْخَطَايَا حَتَّى تَبْلُغَ عَنَانَ السَّمَاءِ مَا لَمْ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِى لَغَفَرْتُ لَكَ ثُمَّ لاَ أُبَالِى ».
أضاف أن بعض مَنْ يَمُنُّ الله سبحانه وتعالى عليه بشيء من الطاعة، يقول: كيف نسمح للناس أن تذنب، وأن تتوب إلى الله؟ ليس نحن الذين سمحنا، رب العالمين هو الذي خلق الخلق، وهو الذي وسعهم، وهو الذي رحمهم، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «كل ابن آدم خَطَّاء ... » وكلمة: (خَطَّاء) صيغة مبالغة، (خاطئ) من الخطأ ... من الخطيئة، والخطأ: يتم عن غير قصد، والخطيئة: تتم عن قصد للإثم.
وتابع: فـ"كل ابن آدم خَطَّاء" كثير الخطأ، يتكرر منه الخطأ ، «وخير الخطاءين التَّوَّابون» التَّوَّاب: تَوَّاب يعنى: كثير التوبة، إذن، فالله سبحانه وتعالى، ينادي ابن آدم، ويقول له: «يا ابن آدم، لو جئتني بتراب الأرض ذنوبًا، ثم جئتني تائبًا، لغفرت لك».
وأردف: هل يمكن للإنسان أن يأتي بتراب الأرض ذنوبًا؟!، فلنحسب عدد ذرات تراب الأرض، ولنحسب عدد لحظات حياة الإنسان، الإنسان كم يعيش في هذه الأرض ؟ مائة سنة، ليكن ذلك. السنة بها ثلاثمائة وخمس وستين يوم، اليوم فيه أربع وعشرون ساعة، الساعة فيها ستون دقيقة، والدقيقة فيها ستون ثانية، اضرب كل هذا، وانظر كم ثانية في حياة الإنسان؟.
وواصل: هذا العدد الذي ستحصل عليه، ستراه أنه في متر مربع، أو مكعب من التراب، يزيد كثير جدًّا على هذا العدد، فما بالك بالكرة الأرضية، كم فيها من ذرات للتراب؟ لو جئت ربك، وأنت مرتكب لهذا العدد من الذنوب، ثم جئته تائبًا، لغفر لك، هل تستطيع أن تذنب، وأن تعصي ربك كل لحظة بشتى أنواع الذنوب؟! افعل هذا، إذا استطعت، ثم عد إلى الله؛ تائبًا نادمًا، فإن الله سبحانه وتعالى يغفر لك الذنوب ، هذا الحقيقة جمال ما بعده جمال، وسعة، وفتح لأبواب الرحمة، ورجاء في وجه الله سبحانه وتعالى، ليس بعده سعة، ولا بعده رحمة.
ونوه بأنه ينبغي علينا أمام هذه الرحمة وهذا الفضل، أن نستحي من الله، وأن نعود إليه سريعًا، وأن نستغل فضل الله ورحمته علينا بالعودة، والمغفرة، والاستغفار، وطلب الغفران من رب العالمين، فهو الغفار، فلا تيأس؛ إنما ارْجُ وجه الله.
كيفية تكفير الذنوبورد أن تكفير الذنوب له أسباب كثيرة يأخذ بها العبد المُذنِب؛ حتى ينال عَفو الله -تعالى-، ورضاه، ومنها:
التوحيد وهو أعظم الأسباب وأجلّها، وقد جعله الله -تعالى- شرطاً لمغفرة الذنوب والمعاصي؛ فلا يغفر الله -تعالى- الشِّرك، ولا يغفر لِمَن أشركَ به؛ ولا يُخلَّد في النار مُوحِّدٌ لله -تعالى- مهما بلغت ذنوبه، والتوحيد الذي يعمُر قلب المؤمن تعظيماً وإجلالاً لله -سبحانه- سببٌ في مغفرة الذنوب وإنْ كثُرت، وربّما بدّل الله -تعالى- سيئاته حسنات.الطاعات المُختلفة التي يُكفّر الله -تعالى- بها الذنوب، والمعاصي، ومن هذه الطاعات:الصلاة؛ فقد جعل الله -تعالى- محافظة المسلم على أداء الصلوات الخمس سبباً في مَحو الذنوب والخطايا؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (أرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهَرًا ببابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فيه كُلَّ يَومٍ خَمْسًا، ما تَقُولُ: ذلكَ يُبْقِي مِن دَرَنِهِ قالوا: لا يُبْقِي مِن دَرَنِهِ شيئًا، قالَ: فَذلكَ مِثْلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا).الصيام؛ وهو باب لتكفير الذنوب والمعاصي؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ.).الحجّ المبرور، والعمرة طريق لتطهير المسلم من الذنوب؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ). كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (مَن حَجَّ هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ).الوضوء؛ وهو سبب من أسباب تكفير الذنوب؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُسْلِمُ، أَوِ المُؤْمِنُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِن وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بعَيْنَيْهِ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِن يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، حتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ).الرحمة الواسعة من الله -تعالى- لعباده المسلمين من غير سبب مُوجِبٍ لها، وإنّما تكون بكرم الله -تعالى-، وفَضله. شفاعة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للمسلمين؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (خيِّرْتُ بين الشفاعةِ وبين أن يَدخلَ نِصفُ أمتي الجنةَ فاخترْتُ الشفاعةَ لأنَّها أعمُّ وأكفأُ).المُداوَمة على الاستغفار؛ فالاستغفار يمحو الذنوب والخطايا مهما بلغت؛ قال -عليه الصلاة والسلام- أنّ العبد المُذنِب: (قال ربِّ أذنبتُ آخرَ، فاغفِرْ لي، قال : أَعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذَّنبَ ويأخذُ به ؟ قد غفرتُ لعبدي فلْيعمَلْ ما شاء).ذِكر الله -تعالى- في كلّ حالٍ يُكفّر الله -تعالى- به الذنوب والخطايا، ومن هذه الأذكار ما يأتي:التأمين خلف الإمام في الصلاة عند قراءة الفاتحة؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا أمَّنَ الإمَامُ، فأمِّنُوا، فإنَّه مَن وافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).الحَمد بعد الانتهاء من أكل الطعام؛ فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَنْ أكلَ طعامًا ثُم قال: الحمدُ للهِ الّذي أطعمَنِي هذا الطعامَ، ورزَقَنِيهِ من غيرِ حولٍ مِنِّي ولا قُوَّةٍ، غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنْبِهِ).التسبيح والتحميد؛ فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن قالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ ولو كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).القيام في شهر رمضان إيماناً واحتساباً لله -تعالى-؛ قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).التوبة النصوح، وقد اتّفق المسلمون على أنّها من أسباب تكفير الذنوب والمعاصي، ولا بُدّ لقبول التوبة من توفُّر خمسة شروط، وبيان هذه الشروط فيما يأتي: الإخلاص لله -تعالى- في التوبة؛ بأن تكون خالية من الرِّياء، والخوف من الناس. النَّدَم والانكسار بين يدَي الله -تعالى-؛ لِما اقترفه من ذنوب ومَعاصٍ. الابتعاد عن المعصية التي تاب منها، وعدم العودة إليها، ورَدّ الحقوق إلى أصحابها. الحرص على عدم العودة إلى الذنوب، وعَقد العزم على اجتنابها. الإقبال على التوبة في الوقت الذي تُقبَل فيه؛ فلا تنفع التوبة عند موت الإنسان وحضور مَنيّته، ولا تنفعه كذلك عند إغلاق باب التوبة؛ أي عند طلوع الشمس من مَغربها. الأعمال الصالحة التي يُؤدّيها المسلم في حياته أو التي تُؤدّى عنه بعد مَماته؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (مَن مَاتَ وعليه صِيَامٌ صَامَ عنْه ولِيُّهُ).الابتلاءات التي تُصيب المسلم وتكون سبباً في تكفير خطاياه؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (ما يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِن وصَبٍ، ولا نَصَبٍ، ولا سَقَمٍ، ولا حَزَنٍ حتَّى الهَمِّ يُهَمُّهُ، إلَّا كُفِّرَ به مِن سَيِّئاتِهِ).الدعاء الخالص من المؤمنين بالمَغفرة والرحمة كدعاء المُصلّين للميّت بالمغفرة عند أداء صلاة الجنازة عليه؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِن رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ علَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لا يُشْرِكُونَ باللَّهِ شيئًا، إلَّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ).الفِتَن التي تُصيب المسلم في قَبره كضمّة القَبر، والخوف الذي يُصيبه من هول ما يراه من عالم الغَيب، بالإضافة إلى الأهوال التي تكون في يوم القيامة، والمصائب، والشدائد التي تحدث فيه، وقد ذهب إلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية؛ استدلالاً بحديث: (ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ).