أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب حالة من الجدل والغضب على الساحة المحلية والعالمية، فقد صرح عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإلغاء الرسوم على السفن الأمريكية سواء «التجارية أو العسكرية» أثناء مرورهما عبر قناتي السويس وبنما، معللا ذلك بأن أمريكا لها دور تاريخي في إنشاء هذه الممرات المائية.

ويثير هذا التصريح تساؤلات عدة في الشارع المصري حول ما إذا كان لأمريكا دور بالفعل في إنشاء قناة السويس أم هذه مجرد إدعاءات يسوقها ترامب لتبرير مطالبه، ومن أجل الوقوف على حقيقة الأمر وتوضيح هذه التصريحات المثيرة للجدل بشأن قناة السويس، تواصلت «الأسبوع» مع خبراء في القانون الدولي.

حذّر الدكتور محمد مهران، أستاذ القانون الدولي، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، من مخاطر تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن إعفاء السفن العسكرية والتجارية الأمريكية من رسوم المرور في قناتي السويس وبنما، معتبراً إياها استعادة لعقلية القرن التاسع عشر الاستعمارية وتهديداً للنظام القانوني الدولي القائم على المساواة في السيادة بين الدول.

وقال مهران في تصريحاته لـ«الأسبوع»: «ما يطالب به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس مجرد إعفاء من رسوم مالية، بل يمثل محاولة لإعادة إحياء نظام الامتيازات الأجنبية الذي تم دفنه مع نهاية الحقبة الاستعمارية، حيث كانت الدول الكبرى تفرض شروطها على الدول الأضعف بقوة السلاح والهيمنة».

سيادة قناة السويس لا تقبل المساومة

وشدد أستاذ القانون الدولي، على أن قناة السويس تمثل رمزاً للسيادة الوطنية المصرية التي تحققت بعد كفاح طويل، بدءاً من تأميم القناة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956، مروراً بالعدوان الثلاثي، وصولاً إلى استعادة الإدارة الكاملة للقناة.

وأشار مهران، إلى أن التصريحات الأمريكية تتجاهل حقيقة أن قناة السويس، رغم أهميتها للملاحة الدولية، هي منشأة مائية تقع ضمن الإقليم المصري وتخضع للسيادة المصرية الكاملة، وأن حرية الملاحة المكفولة فيها بموجب اتفاقية القسطنطينية لا تعني إعفاء أي دولة من الرسوم التي تفرضها مصر مقابل الخدمات التي تقدمها.

وتابع مهران: «مصر تتحمل تكاليف باهظة لتطوير القناة وصيانتها وضمان أمنها، فضلاً عن توفير خدمات الإرشاد والقطر والإنقاذ وغيرها، مشيرا إلى أن هذه الرسوم هي مقابل خدمات فعلية وليست جباية أو ضريبة، وتتماشى مع المبادئ الأساسية في القانون الدولي التي تقضي بحق الدول في فرض رسوم عادلة على الخدمات التي تقدمها».

التناقض الأمريكي لا ينتهي

ولفت مهران، إلى أن التناقض الصارخ بين ما تطالب به الولايات المتحدة لنفسها وما تطبقه على الآخرين، موضحاً أن الولايات المتحدة نفسها تفرض رسوماً باهظة على السفن العابرة من خلالها، وتتحكم في تحديد قيمتها بشكل منفرد.

وأكد مهران، أن الولايات المتحدة تفرض رسوماً على المرور في الممرات المائية الداخلية مثل نظام القنوات البحرية في البحيرات العظمى، بل إنها فرضت قيوداً على حرية المرور في مضيق فلوريدا ومضائق أخرى تسيطر عليها بحجة الأمن القومي، متسائلا: فكيف تطالب بإعفاء سفنها من الرسوم في ممرات مائية تخضع لسيادة دول أخرى؟

وأردف قائلاً: «هذه الازدواجية في المعايير تعكس استمرار عقلية القانون للآخرين والاستثناء لنا التي تقوض أسس نظام القانوني الدولي وتهدد استقراره».

ويرى الخبير القانوني، أن توقيت هذه التصريحات له أبعاد استراتيجية واقتصادية لا يمكن تجاهلها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تسعى لتعزيز وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط في ظل المنافسة المتزايدة مع القوى الدولية الأخرى، وتحاول تخفيض تكاليف هذا الوجود من خلال الضغط على حلفائها.

ونوه إلى أن قناة السويس تمثل شرياناً حيوياً للتجارة العالمية، وتحقق عائدات سنوية تتجاوز 7 مليارات دولار لمصر، لكن كل ذلك تأثر بسبب الحرب على غزة، مشددا على أن أي محاولة للمساس بهذه العائدات بشكل مباشر تمثل تهديداً مباشراً للاقتصاد المصري في وقت حرج.

وحذر من أن هذه التصريحات قد تكون بالون اختبار لردود الفعل المصرية والدولية، تمهيداً لضغوط أكبر في المستقبل، وهو ما يستدعي موقفاً مصرياً وعربياً موحداً وحازماً.

كما شدد أستاذ القانون الدولي، على أن الموقف القانوني المصري قوي ومدعوم بالقانون الدولي والممارسات الدولية المستقرة، مؤكداً أن مصر تطبق مبدأ المساواة في المعاملة بين جميع السفن العابرة للقناة دون تمييز، وتلتزم بكافة الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

وقال إن قناة السويس كممر مائي دولي تخضع لنظام قانوني خاص يجمع بين الحفاظ على حرية الملاحة فيها لجميع الدول، مع احترام السيادة المصرية الكاملة عليها، وهذا التوازن الدقيق يعكس تطور القانون الدولي الذي يرفض المفاهيم الاستعمارية القديمة.

ودعا أستاذ القانون، المجتمع الدولي للوقوف في وجه أي محاولات للعودة إلى منطق القوة في العلاقات الدولية، والتمسك بمبادئ القانون الدولي القائمة على المساواة في السيادة واحترام سيادة الدول على أقاليمها ومواردها.

وأكد أن مواجهة مثل هذه المطالبات غير القانونية ليست مسؤولية مصر وحدها، بل هي مسؤولية جميع الدول التي تؤمن بنظام دولي عادل يحترم سيادة جميع الدول ويرفض منطق الهيمنة والاستثناءات للقوى الكبرى.

مطالب ترامب تفتقر إلى أي أساس قانوني أو منطقي

وفي سياق متصل، قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، إن مطالبة ترامب باستثناء الولايات المتحدة وحدها من دفع الرسوم تفتقر إلى أي أساس قانوني أو منطقي، مؤكدا أنها تستند إلى منطق القوة والنفوذ، متجاهلة مبادئ المساواة بين الدول وسيادة القانون الدولي.

وأكد أن تصريحات ترامب تمثل تجاوزاً غير مقبول للقانون الدولي وتجاهلاً تاماً للحقوق السيادية المصرية، مشيرا إلى أن قناة السويس، تمثل شرياناً حيوياً للتجارة العالمية، تخضع لنظام قانوني مصري راسخ، يستند إلى تشريعات واضحة ولوائح تنظيمية دقيقة تحدد رسوم المرور وحالات الإعفاء المحدودة.

أشار إلى أن هيئة قناة السويس تنظم بموجب قوانين جمهورية مصر العربية ولوائحها التنفيذية حركة المرور والرسوم المستحقة، مشددا على أن هذه القوانين لا تفرق بين جنسية السفن أو طبيعتها، وتعتمد معايير واضحة للرسوم بناءً على حمولة السفينة ونوعها.

وأكد أنه لا يوجد في التشريعات المصرية أي بند يمنح الولايات المتحدة الأمريكية أو أي دولة أخرى استثناءً خاصاً من دفع رسوم العبور، موضحا أن القوانين المصرية قد تتضمن حالات استثنائية للإعفاء من الرسوم، تتعلق عادةً بسفن الإنقاذ أو السفن التابعة لمنظمات دولية محددة في إطار اتفاقيات خاصة، أو في حالات الضرورة القصوى.

وشدد على أن قناة السويس ستظل تحت السيادة المصرية الكاملة، وأن عبور السفن سيستمر وفقاً للقانون المصري والقواعد الدولية المنظمة للملاحة، مؤكدا أنه لا يمكن لأي تصريحات أو مطالب غير قانونية أن تنتقص من هذا الحق السيادي أو تفرض استثناءات غير مبررة.

اقرأ أيضاًبلطجة سياسية جديدة.. ترامب يسقط من ذاكرة التاريخ على أبواب السويس وبنما

بكري منتقدا تصريحات ترامب عن قناة السويس: لسنا من جمهوريات الموز لنقبل هذا الابتزاز الرخيص

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السويس أمريكا قناة السويس هيئة قناة السويس ترامب دونالد ترامب قناة السويس الجديدة قناة السويس في مصر تأميم قناة السويس تصريحات الرئيس الأمريكي مجانا عبر قناتي السويس وبنما أستاذ القانون الدولی الولایات المتحدة أن قناة السویس على أن

إقرأ أيضاً:

حتى بعد الوفاة.. المعاش يصل لمن يستحق دون عناء | بأمر القانون

أرسى قانون التأمينات والمعاشات الجديد قواعد متكاملة لحماية حقوق جميع أطراف العلاقة التأمينية، في خطوة تعكس توجه الدولة نحو بناء منظومة اجتماعية عادلة تضمن الكرامة الاقتصادية والاستقرار الأسري للعاملين بعد التقاعد، ولأسرهم حال الوفاة.

ويتبنى القانون فلسفة المزايا المحددة، حيث يتم تحديد ما يستحقه المؤمن عليه أو أسرته من معاشات بناءً على اشتراكات تمويلية مسبقة، مع توحيد قواعد التأمين الاجتماعي في قانون واحد، بدلاً من التشريعات المتعددة التي كانت تخلق تعقيدًا في التطبيق، وذلك بما يتوافق مع مواد الدستور التي تضمن الحماية الاجتماعية الشاملة.

كيفية الاستعلام عن زيادة المعاشات الجديدة 2025.. خطوة بخطوة3 شروط لاستحقاق الابن معاش الأب في قانون التأمينات الجديدمعاش شهري لهؤلاء الأطفال من وزارة التضامن طبقا للقانون.. تعرف عليهمرسميًا وبعد طول انتظار.. صرف المعاشات بالزيادة الجديدة بدءًا من 1 يوليومن يستحق المعاش؟ القانون يحدد الفئات والضوابط بوضوح


ينص القانون على أن للمستحقين عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش -في حال وفاته- الحق في تقاضي معاش شهري، وفق جدول مُرفق بالقانون، يشمل فئات محددة هي: الأرمل أو الأرملة، الأبناء، البنات، الوالدين، الإخوة والأخوات، بشرط استيفائهم لشروط الاستحقاق وقت الوفاة.

وتشمل الشروط العامة:

توثيق الزواج بالنسبة للأرمل أو الأرملة.

عدم زواج الإبنة.

ألا يتجاوز عمر الإبن 21 عامًا، مع استثناء الطلاب والعاجزين عن الكسب.

إعالة الأخ أو الأخت من قبل صاحب المعاش شرط أساسي للاستحقاق.

تحديد أولويات الاستحقاق حال وجود أكثر من معاش
وحرصًا على تحقيق العدالة، حدّد القانون أولويات صرف المعاش حال استحقاق أكثر من معاش، بحيث يُصرف المعاش الأعلى فقط، وفق ترتيب: المعاش عن النفس، ثم عن الزوج/الزوجة، ثم الوالدين، فالأولاد، وأخيرًا الإخوة والأخوات.

ويضمن القانون عدم الإضرار بالمستحق، حيث يُصرف الفرق بين المعاشين حال كان أحدهما أعلى، مع إعادة تقييم دوري للحالات حسب التغيرات في القيم أو الحالة الاجتماعية.

طباعة شارك قانون التأمينات والمعاشات الكرامة الاقتصادية حماية حقوق جميع أطراف العلاقة التأمينية الاستقرار الأسري

مقالات مشابهة

  • أستاذ قانون الدولي يكشف التداعيات الكارثية للهجوم الإسرائيلي على إيران ويطالب بمحاكمة المعتدين فورًا
  • عودة نارية تترقبها الجماهير.. "المؤسس عثمان" يتصدر تريند جوجل مع الإعلان عن تفاصيل الموسم السابع
  • الاتحاد الدولي للصحفيين يدين حملة تشهير مارستها قناة حوثية ضد مذيعات يمنيات
  • الدول الأفريقية تمثل أكثر من نصف البلدان الأعلى مديونية للصين
  • أوحيدة: المجتمع الدولي مطالب بوضع حد لمغامرات عبد الحميد الدبيبة السياسية والأمنية
  • عايز حد في بنك قناة السويس.. منشور أحمد حمدي يثير الجدل
  • حتى بعد الوفاة.. المعاش يصل لمن يستحق دون عناء | بأمر القانون
  • ترامب: إذا كان هناك تمرد في كاليفورنيا فسأطبق قانون التمرد.. وضباط إسرائيليون يطالبون الحكومة بإتمام صفقة المحتجزين وإنهاء حرب غزة| أخبار التوك شو
  • زاهي حواس يروج للسياحة المصرية على قناة FOX الأمريكية
  • تعرف على قانون التمرد الذي فعّله ترامب وحالات استخدامه السابقة