محمد الجوهري

إنّ المشروع القرآني بقيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي – حفظه الله – يمثل اليوم آخر فرصةٍ حقيقيةٍ للأمة العربية كي تنهض من كبوتها، وتكون في مستوى المسؤولية التي حمّلها الله إيّاها، وتستعيد مكانتها التي أرادها الله لها: ﴿كُنتُم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: 110].

فمن يتأمل في خطابات السيد القائد ومواقفه، يلاحظ أنّها تصبّ في هذا الاتجاه: استنهاض الأمة لمعرفة مسؤوليتها أمام الله، وخروجها من حالة الغفلة والفرقة والشتات، التي لا يخدم استمرارها سوى أعداء هذه الأمة. فما نراه من إجرام صريح وعدوان مستمر في فلسطين، ولا سيما في غزة، هو نتيجة مباشرة لتفريط الأمة وتقصيرها في الاستجابة لنداء الحق. وقد صدق الله إذ قال: ﴿وَمَن أعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشةً ضَنكًا﴾ [طه: 124]. فما تعانيه الأمة اليوم من ذلّ وهوان، إنما هو من نتائج الإعراض عن الذكر، وعن المذكرين به.

إنّ السيد القائد، في تذكيره المتكرر، لم يدّخر جهدًا في دعوة الأمة إلى العودة لله، والجهاد في سبيله، والتوحد تحت راية القرآن. وهو على هذه الحال منذ أكثر من عقدين، حتى قبل العدوان السعودي-الإماراتي، وقبل الحروب الست الظالمة على صعدة. وقد كان دائم الدعوة للوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، لا سيما خلال العدوان على غزة في ديسمبر 2008، حيث شدد في خطاباته آنذاك على أن واجب الأمة نصرة المستضعفين لا يسقط بالتقادم أو الظروف.

ويكفي للتدليل على عمق هذه الرسالة وصدقها أن خطابات السيد لا تخلو أسبوعيًا من التذكير بهذه القضايا، كما قال تعالى في وصف الأنبياء: ﴿فَذَكِّر إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ﴾ [الغاشية: 21]. وهذه الوظيفة النبوية سار عليها السيد عبدالملك، حيث يتخذ من التذكير منهجًا مستمرًا، في زمن عزَّ فيه صوت الحق.

لقد أقام السيد القائد الحجة على الأمة، حتى باتت دعوته تذكّر بما واجهه نبي الله نوح عليه السلام، الذي ظل في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى الله، ولم يؤمن معه إلا قليل. يقول الله: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا ﴾ [نوح: 5].
ومع هذا، فإن كثيرًا من الناس لم يروا في دعوة السيد إلا بحثًا عن سلطة أو حكم، تمامًا كما قال قوم الأنبياء من قبل: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ [المؤمنون: 24]، وكأنّ سنة الله في خلقه لا تتغير، سواء في حال المؤمنين أو المعاندين.

إن سنن الله تعالى في عباده لا تتبدل، فإن لم يستجيبوا للتذكير، فالبديل هو العقوبة. كما قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء: 15]. وقد بُعث في هذه الأمة من يذكّر، ويُقيم الحجة، فلا عذر لأحد بعد ذلك.
بل إنّ كثيرًا من العرب اليوم قد تجاوزوا في طغيانهم ما كانت عليه بعض الأقوام السابقة، إذ ارتكبوا من الظلم والفساد ما لو قُورن بما ارتكبه قوم لوط أو عاد أو ثمود، لفاقهم في الجرأة والاستخفاف بدين الله وشرعه.

إن دعوة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي هي امتداد لخط الأنبياء، وهي من آخر المنارات التي تضيء في زمن الظلمات. وإنّ تجاهل هذه الدعوة لا يجلب إلا مزيدًا من الويلات، كما هو شأن من سبقنا من الأقوام الذين كذبوا المرسلين. فالعاقبة لمن استجاب، والهلاك لمن أعرض، وعلينا ألا ننسى أن العقوبات الإلهية أسوأ بكثير من أي نتائج قد تصيبنا إذا انطلقنا للجهاد في سبيل الله، وقد تأتي أيام على الأمة يتمنون فيها الموت على يد اليهود لا على يد بعضهم بعضاً، فالمخطط الصهيوني للأمة أن تدخل في موجة من الاقتتال الطائفي والمذهبي يذهب ضحيته الجميع، حتى أولئك الخونة من المطبعين، والواقع يشهد بخطورة التقصير والإعراض، وبعظمة الجهاد في سبيل الله، وكيف أن الشعب اليمني اليوم يسود على سائر الشعوب بفضل الاستجابة لله ولوليه، السيد عبدالملك حفظه الله.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: السید عبدالملک

إقرأ أيضاً:

الهجرة النبوية.. دروس إيمانية وبصائر ثورية

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

في كل عام، تعود ذكرى الهجرة النبوية الشريفة لتوقظ في نفوس المؤمنين معاني عظيمة من الإيمان، والتضحية، والجهاد، والصبر، والبصيرة، غير أن قراءة هذه الذكرى لا تكتمل إلا من خلال فهمها في سياقها الرسالي والقرآني. وقد قدّم الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، والسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، فهمًا عميقًا للهجرة النبوية باعتبارها حدثًا مفصليًا في مسيرة الأمة، ونقطة انطلاق لمشروع إلهي شامل، لا يقتصر على الماضي بل يلامس واقع الأمة الحاضر، ويوجه بوصلتها نحو الاستقلال والتمكين.

الهجرة.. انطلاقة مشروع قرآني

يرى الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، أن الهجرة النبوية لم تكن مجرد انتقال جغرافي أو خلاص فردي من الاضطهاد، بل كانت في حقيقتها هجرة إلى الله، وهروبًا من واقع الطاغوت إلى بناء دولة تقوم على الولاء لله والبراءة من أعدائه. مؤكداً أن “الهجرة ليست فرارًا بل وقفة، وبداية لإقامة الدين في أرض الله، وفق مشروع رباني عظيم”

وقد استنطق الشهيد القائد معاني الهجرة ضمن سياق الصراع بين الحق والباطل، مؤكداً أن النبي صلوات الله عليه وعلى آله تحرك بأمر الله في مسارٍ تغييري شامل، وعلينا اليوم أن نستلهم الهجرة كمنهج تحرك لا كذكرى عابرة.

السيد القائد .. الهجرة كانت بداية لبناء أمة

أما السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) فقد أكّد في عدد من محاضراته أن الهجرة تمثل الانطلاقة الفعلية لبناء أمة قوية متحررة من التبعية والهيمنة، وأن الأمة اليوم بحاجة ماسة إلى استلهام هذه المعاني.

وفي إحدى كلماته بالمناسبة، أكد حفظه الله على أن “الهجرة محطة أساسية في تأسيس الأمة على أساس إيماني قرآني، يتجاوز الاعتبارات القبلية والمصالح الشخصية”

وأكد أن مواجهة الطغاة والمستكبرين اليوم تستلزم وعيًا مشابهًا لذلك الوعي الذي تحلى به النبي صلوات الله عليه وآله في هجرته، وثباته كالذي أبداه الأنصار والمهاجرون في بناء الدولة الإسلامية في المدينة المنورة.

دروس مستفادة من الهجرة النبوية في ضوء المسيرة القرآنية التحرك الواعي في سبيل الله :

يؤكد الشهيد القائد رضوان الله عليه والسيد القائد حفظه الله  أن الهجرة تجسيد لـ مشروع تحرك منضبط وواعٍ، مبني على التوكل على الله، لا على التواكل ، فالنبي صلوات الله عليه وآله خطط ونسّق وأعدّ، واتخذ الأسباب دون أن يغفل لحظة عن توكله على الله.

القيادة الإلهية هي مفتاح النجاة :

الشهيد القائد شدد على أن الارتباط بالقيادة الإلهية هو صمّام الأمان، وأن الأمة إن لم تكن خلف قائد رباني، ستتخبط في ظلمات الجاهلية. وهذا ما يؤكده السيد القائد دائمًا، أن الاتباع الحقيقي للنبي صلوات الله عليه وعلى آله هو اتباع لمنهجه، وموقفه، وقيادته.

 بناء دولة على أسس قرآنية:

الهجرة أدت إلى قيام دولة الإسلام، دولة لم تبنَ على القبلية أو الطمع، بل على أساس القرآن والعدل والشورى، وهذا ما تدعو إليه المسيرة القرآنية اليوم،  إقامة الدولة العادلة التي تنصر المستضعفين وتعادي المستكبرين.

الاستعداد للمواجهة:

من دروس الهجرة أن النبي صلوات الله عليه وآله ، بعد أن أقام دولته، لم يتوقف عن الإعداد للمواجهة العسكرية والسياسية والفكرية،  الشهيد القائد قال مرارًا إن علينا أن نعدّ أنفسنا، لا أن نكون في موقع الدفاع الدائم،  وهذا ما جعل السيد القائد يطلق شعار: “لن نكون لقمة سائغة، وسنواجه العدوان بكل ما نستطيع”

الهجرة في ظل العدوان .. دروس عملية

في ظل العدوان الأمريكي السعودي على اليمن، أعادت قيادة المسيرة القرآنية إحياء دروس الهجرة في الواقع العملي منها ( الصبر والثبات في مواجهة العدو – النفير في سبيل الله كفعل من الهجرة الإيمانية – بناء مجتمع واعٍ وحر وكريم كهدف من أهداف الهجرة)  ، وقد جسدت هذه المفاهيم في صمود الشعب اليمني المجاهد، الذي هجّر من دياره، لكنه لم يفر من ميدان المواجهة، بل ازداد ثباتًا، كما ازداد إيمانًا بأن مشروع الهجرة لا يزال حيًا، ما دام هناك من يحمل رايته ويحيي قيمه.

خاتمة: الهجرة ليست ذكرى، بل مشروع تحرر دائم

إن دروس الهجرة النبوية، كما قدمها الشهيد القائد والسيد القائد، تضع الأمة أمام مسؤوليتها في إحياء معاني التحرر، والاستقلال، والاعتماد على الله، والولاء لرسوله وآله، والتصدي للمستكبرين مهما كانت التحديات.

وفي كل ذكرى، تتجدد الرسالة: “كما تحرك النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلنتحرك اليوم بمشروع قرآني يبني الأمة، ويواجه الطغيان، ويقيم العدل في الأرض”

مقالات مشابهة

  • الهجرة ودروس لعزة الأمة
  • الهجرة النبوية.. منطلق بناء الأمة ومشروع مقاومة يتجدد في واقعنا المعاصر
  • اتحاد المسلمين.. زوال للصهاينة والهيمنة الغربية
  • الهجرة النبوية.. دروس إيمانية وبصائر ثورية
  • كيف تستقبل الأمة الإسلامية العام الهجري الجديد 1447؟
  • حلا شيحة: حافظوا على أذكار الصباح والمساء ودعاء الغفلة
  • الجامع الأزهر: الهجرة من الباطل أساس نصر الأمة وصلاح المجتمع
  • تعويضات نهاية الخدمة ومشروع إعفاء المتضررين من الحرب الإسرائيلية من الضرائب قيد البحث
  • سوريا بين رسائل الدم ومشروع الإفراغ الصامت
  • دعاء أوصى به الرسول.. أهم الأدعية التي كان يرددها النبي