د. شعفل علي عمير

تلعب الأسماء دورًا محوريًّا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حَيثُ تُستخدم كوسيلة لفرض السيطرة الثقافية والهيمنة السياسية. تسعى السلطات الإسرائيلية إلى تغيير بعض الأسماء الجغرافية كمحاولة لطمس الهوية الفلسطينية وتزييف الحقائق التاريخية. في المقابل، فَــإنَّ التمسك بالأسماء الأصلية يعتبر تحديًا مباشرًا ومقاومة للسياسات الاحتلالية التي تهدف إلى تحويل الروايات التاريخية لصالحها.

فقد ذكر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته الأخيرة بأن “من الملفت هو انزعَـاج المجرم نتنياهو من “مسيرة يافا” ومن العنوان الذي يتكرّر في -البيانات- بياناتنا اليمنية عن “يافا المحتلّة”، والعدوّ الإسرائيلي ينزعج حتى على مستوى التركيز في الأداء الإعلامي على الأسماء الحقيقية لفلسطين: فعندما تُذكر أسماء المدن والبلدات الفلسطينية بأسمائها الحقيقية فلذلك أهميّة كبيرة جِـدًّا انزعَـاج العدوّ الإسرائيلي من التركيز على الأسماء الحقيقية لفلسطين درس مهم؛ لأَنَّه يذكره دائمًا بأنه كيان غاصب ومحتلّ ومجرم وكيان مؤقت حتمي الزوال”.

انطلقت تصريحات الناطق العسكري للقوات المسلحة اليمنية من سياق أوسع يتعلق بالتضامن اليمني مع القضية الفلسطينية. تلعب الوسائل الإعلامية لتصريحات الناطق دورًا مهمًّا في توجيه الرسائل السياسية وإيصال الرؤى الثقافية والتاريخية ذات الأهميّة البالغة. تساهم هذه التصريحات في تذكير الجمهور العربي والدولي بالأهميّة القصوى للحفاظ على الهُوية الفلسطينية والدفاع عنها ضد محاولات التغيير والتهويد.

ففي سياق الصراعات الإقليمية والدولية، كانت الهوية الوطنية وسيلة فعالة للسيطرة والسيطرة المضادة، وفي هذا الموضوع تلعب الهوية الفلسطينية دورًا محوريًّا في تحديد مسارات الصراعات السياسية، والثقافية إن الجدل حول تسمية المدن الفلسطينية يعدّ أكثر من مُجَـرّد قضية أسماء فهو يمثل جزءًا من صراعٍ أوسع يشمل الهُوية، والانتماء، والذاكرة التاريخية. يجدر بنا بدايةً تحديد السياق الذي تُثار فيه هذه الإشكالية. فمنذ عقود عدة، تسعى السلطات الإسرائيلية جاهدةً لطمس الهوية الفلسطينية بكل أبعادها؛ الجغرافية، والثقافية، والتاريخية. ومن بين هذه المحاولات يأتي تغيير أسماء المدن والقرى الفلسطينية أَو تحريفها كجزء من مخطّط أوسع للسيطرة على الرواية التاريخية للمنطقة. وفي هذا السياق، تبرز البيانات العسكرية كوسيلة تستخدمها اليمن للتعبير عن المواقف السياسية والاستراتيجية التي يجب على كُـلّ العرب تبنيها للدفاع عن الحق العربي والفلسطيني في الحفاظ على كيانها التاريخي والثقافي.

لقد شهدت الفترة الأخيرة تصاعدًا في الانزعَـاج الإسرائيلي من استخدام البيانات العسكرية اليمنية الأسماء الفلسطينية الحقيقية للمدن. يعود ذلك لعدة أسباب جوهرية يُمكن القول إنها تتعلق بالشرعية والمشروعية. فنحن هنا نتحدث عن عملية إعادة إثبات للهوية الوطنية من خلال إعادة استخدام الأسماء التاريخية التي تم تغييبها أَو تحريفها في مجمل الخرائط والمراسلات الإسرائيلية الرسمية ويمكن اعتبار هذه الخطوة جزءًا من الاستراتيجية اليمنية للدفاع عن الهوية الفلسطينية في مواجهة محاولات الطمس الثقافي والجغرافي. فالاعتراف بالأسماء الحقيقية للمدن الفلسطينية يعد ضربة قوية للمحاولات الإسرائيلية لتغيير الوقائع على الأرض من خلال فرض تسميات جديدة أَو استبدال الأسماء التاريخية، والتي غالبًا ما تكون ذات أصول كنعانية أَو عربية، بأسماء عبرية تغذي الرواية الإسرائيلية الساعية لخلق ارتباط تاريخي مزعوم بالأرض. والخطورة في هذه الجهود الإسرائيلية لا تقتصر فقط على الجوانب الثقافية، بل تتعداها لتؤثر على الحقوق السياسية والقانونية للفلسطينيين. من هذا المنطلق، فَــإنَّ التمسك بالأسماء الحقيقية لا يمثل فقط مقاومة لفظية بل يعد شكلًا من أشكال المقاومة الثقافية والسياسية القوية التي قد تُستخدم لاستعادة حقوق مشروعة في الأرض والتاريخ والثقافة. هذه الجهود اليقظة من اليمن يجب أن تأتي في إطار مسعى استراتيجي عربي شامل يهدف إلى المحافظة على الذاكرة التاريخية الحقيقية ومحاربة الروايات الزائفة؛ لأَنَّ هذه المعركة ليست مُجَـرّد نزاع على أسماء أَو مسميات جغرافية؛ إنها جزء من صراع طويل ومعقد يمتزج فيه الديني بالتاريخي، والثقافي بالجغرافي، والسياسي بالقانوني لا بد من مواصلة جهود إعادة الاعتبار للأسماء التاريخية، وتثبيتها في الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي، فالأسماء ليست مُجَـرّد كلمات، بل هي رموز لماضٍ وحاضر ومفتاح لمستقبل مُشرق، كما تمثل حقًا غير قابل للتجاهل، علينا استعادته في مواجهة محاولات الطمس والإلغاء.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الهویة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

طارق الشناوي: البطولة المطلقة «أكذوبة» والفنان الحقيقي لا يقيس نجاحه بترتيب اسمه في التترات

أكد الناقد الفني طارق الشناوي، أن مفهوم البطولة المطلقة لم يعد معيارًا حقيقيًا للنجاح الفني، معتبرًا أن الاعتقاد بضرورة تصدر الفنان للمشهد في كل عمل هو تصور خاطئ، مشيرًا إلى أن تاريخ السينما المصرية مليء بنماذج لنجوم كبار حققوا نجاحات لافتة في أدوار لم تكن بطولة مطلقة.

طارق الشناوي: حساسية ترتيب الاسم أثّرت على مسيرة خالد النبوي طارق الشناوي: النجومية الحقيقية لا تُقاس بالإيرادات.. ومحمد رمضان مثال على المشروع الفني المتوازن طارق الشناوي: هذا أكثر مشهد جرح مشاعر الجمهور في موقف الفنان محمد صبحي طارق الشناوي عن موقف محمد صبحي مع سائقه: أخطأ بالفعل.. ولكن بعد الجدل.. ماجدة خير الله تكشف رأيها في فيلم "الست" موعد حفل صابر الرباعي فى رأس السنة مع رحمة محسن ورضا البحراوي ودينا رامي إمام يكشف رد فعل والده الزعيم على فيلم “البحث عن فضيحة” أول تعليق من عبلة كامل على دعم الدولة لعلاجها تطورات الحالة الصحية للفنان طارق الأمير بعد الأزمة القلبية أحمد داود يدخل لوكيشن "بابا وماما جيران"

وأوضح "الشناوي"، خلال لقائه مع الإعلامي عمرو حافظ، ببرنامج "كل الكلام"، المذاع على قناة "الشمس"، أن أسماء كبيرة مثل كمال الشناوي وأحمد مظهر ويحيى شاهين قدموا أدوارًا بعيدة عن البطولة الأولى، ومع ذلك حققوا نجاحًا فنيًا وجماهيريًا كبيرًا، مؤكدًا أن «البطولة المطلقة أكذوبة»، وأن الفنان الذي يصر على تصدير نفسه للجمهور باعتباره البطل الأول في أي عمل وتحت أي بند فني يقع في خطأ واضح في فهم طبيعة الفن.

وشدد على أن الفنان يجب أن يفكر في الدور ذاته، لا في مساحته أو ترتيبه في التترات، موضحًا أنه إذا أعجب الفنان بالدور فعليه أن يؤديه مهما كان حجمه، دون الالتفات إلى الأحاديث الجانبية المتعلقة بالبطولة أو الأفيش.

وفي هذا السياق، استعاد الشناوي موقفين اعتبرهما نموذجين مهمين لفهم قيمة الدور بعيدًا عن ترتيب الأسماء، أولهما ما رواه له الفنان الكبير يحيى الفخراني عن كواليس فيلم «المصير»، حيث لم ينشغل نور الشريف بشكل القفيش أو ترتيب الأسماء أو حجم الدور، بقدر اهتمامه بقيمة العمل نفسه ومكانته الفنية.

وأشار إلى موقف آخر في فيلم «الخلية»، موضحًا أن الدور الذي قدمه الفنان محمد ممدوح كان من المفترض أن يؤديه الفنان خالد النبوي، وهو ما يعكس أن الأسماء الكبيرة لا يجب أن تتوقف عند فكرة المساحة أو الصدارة، طالما أن العمل ككل قوي ومؤثر.

وأكد أن الفنان الجيد يجب أن يضع نصب عينيه قيمة الدور وتأثيره، وليس موقع اسمه في التترات، متسائلًا: «هل يتذكر الجمهور اليوم ترتيب الأسماء في الأفلام الخالدة؟»، مشيرًا إلى أن أحدًا لا يتذكر الآن من كان الاسم الأول أو الثاني أو الثالث في أفلام مثل «اللص والكلاب».

وأوضح أن الجمهور حين يتذكر هذا الفيلم، يستحضر مباشرة شخصية «سعيد مهران»، التي قدمها شكري سرحان، رغم أنه لم يكن الاسم الأول في التترات، حيث جاءت شادية أولًا، ثم كمال الشناوي، ثم شكري سرحان، ومع ذلك ظل الدور هو البطل الحقيقي للعمل.

وأضاف أن شادية كانت حالة استثنائية، وأن كمال الشناوي فنان لا يتكرر، وأن شكري سرحان واحد من عباقرة فن الأداء، إلا أن الدراما نفسها هي التي صنعت البطولة، وليس ترتيب الأسماء، مؤكدًا أن شخصية سعيد مهران كانت هي البطل الدرامي الحقيقي للفيلم.

وأشار إلى أن شكري سرحان لم يشغل نفسه يومًا بالبحث عن ترتيب اسمه أو اعتباره قضية حياة أو موت، رغم امتلاكه رصيدًا كبيرًا من الأعمال المهمة مثل «البوسطجي» وغيرها، لكنه ظل مرتبطًا في وجدان الجمهور بدوره في «اللص والكلاب».

وأكد على أن التركيز على الاسم أو ترتيبه في التترات هو انشغال زائف، وأن العمل الفني الحقيقي هو الذي يصنع القيمة، مشددًا على أن الفنان الواعي لا يجعل من ترتيب اسمه معركة، بل يترك للدور نفسه أن يتحدث عنه ويخلده.

مقالات مشابهة

  • الخارجية اليمنية: عيدروس الزبيدي لا يمكنه إعلان الإنفصال وما حدث شرق اليمن كان مفاجئًا
  • بالأسماء .. نشأت الديهي يكشف قادة «ميليشيات مُناهضة» لحماس في غزة |فيديو
  • طارق الشناوي: البطولة المطلقة «أكذوبة» والفنان الحقيقي لا يقيس نجاحه بترتيب اسمه في التترات
  • طارق الشناوي: النجومية الحقيقية لا تُقاس بالإيرادات.. ومحمد رمضان مثال على المشروع الفني المتوازن
  • بخطوات الاستعلام عن الأسماء الجديدة.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة شهر ديسمبر 2025
  • أحمد علي عبدالله صالح يكسر الصمت ويطلق نداء هام لكل القوى السياسية في اليمن
  • رئيس اليمن الأسبق يكشف أسرار القصر المشؤوم والخلافات السياسية في جنوب اليمن
  • علي ناصر محمد يكشف أسرار "القصر المشؤوم" والخلافات السياسية في جنوب اليمن
  • بالأسماء .. حركة تغييرات في خريطة قيادات التربية والتعليم
  • اكتب اسمك على القمر.. ناسا تفتح التسجيل المجاني لمرافقة مهمة أرتميس II| إيه الحكاية؟