وداعًا لآخر كُتّاب «الطفرة الأدبية» في أمريكا اللاتينية
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
كان بالإمكان، في ربع القرن الأخير من القرن العشرين، القول إن هناك شخصًا واحدًا فقط يُعدّ أفضل روائي وأفضل ناقد أدبي في أمريكا: جون أبدايك. كانت مراجعاته الطويلة والأنيقة في مجلة «ذا نيويوركر» تضع جداول القراءة، وتؤثر في أذواق القراء.
وبهذه القوة من التأثير، أولى أبدايك اهتمامًا خاصًا، في منتصف الثمانينيات، بالكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا، الذي توفي الأسبوع قبل الماضي عن عمر ناهز 89 عامًا.
في مراجعاته المتعددة لروايات فارغاس يوسا، أشار أبدايك مرارًا إلى وسامة الكاتب وأناقة حضوره. لكن ما أثار إعجابه بحق هو ذكاؤه اللافت، واتساع معارفه، وتنوع أساليبه، وخياله الذي تمكّن من رسم مشاهد مختلفة: من عبث جماعة يسارية صغيرة تتعامل مع نفسها بجدية مفرطة، إلى اشمئزاز زوجة شابة تكتشف أن زوجها مثلي، وصولًا إلى حيرة مثقف مديني يجد نفسه يخوض معركة مسلحة في جبال الأنديز بينما يئن من دوار الارتفاع.
قال أبدايك عام 1986 إن فارغاس يوسا «قد حل محل غابرييل غارسيا ماركيز» بوصفه الروائي الجنوب أمريكي الذي ينبغي للقراء الأمريكيين الشماليين اللحاق بأعماله. وكان ذلك بعد أربع سنوات من فوز ماركيز بجائزة نوبل للآداب، وقبل 24 سنة من حصول فارغاس يوسا عليها بنفسه.
حتى أبدايك وصل متأخرًا إلى أعمال الكاتب. فقد كان فارغاس يوسا قد نشر بالفعل معظم رواياته الكبرى، مثل «زمن البطل» (1963)، «البيت الأخضر» (1966)، «حديث في الكاتدرائية» (1969)، و«حرب نهاية العالم» (1981). هذه الأعمال، بجمالياتها الخشنة وجرأتها السياسية واتساع رؤيتها، حظيت بجمهور عالمي، وإن تأخرت في الانتشار داخل الولايات المتحدة.
في أوائل الستينيات، كان فارغاس يوسا أحد مؤسسي ما بات يُعرف لاحقًا بـ«الطفرة الأدبية» في أمريكا اللاتينية، وهي حركة تميزت بانفتاحها وتناولها الاجتماعي الجريء، وبرز فيها كتاب كبار مثل ماركيز، كارلوس فوينتيس، خوليو كورتاثار، خوان رولفو، غييرمو كابريرا إنفانتي، خوسيه دونوسو، وميغيل أنخيل أستورياس.
وكان فارغاس يوسا آخر من بقي على قيد الحياة من جيل «الطفرة»، وهو ما يضاعف من حجم خسارته. لقد كان الروائي السياسي الأذكى والأكثر إنجازًا في العالم.
وُلد في مدينة أريكويبا البيروفية عام 1936، وخاض صراعًا مع والده المتسلط، الذي كان يرى أن مهنة الكتابة لا تليق بالرجال الحقيقيين، إذ اعتبر الكُتاب «فاشلين». ولذا، أرسله إلى الكلية العسكرية «ليونثيو برادو» حين كان في الرابعة عشرة.
قال فارغاس يوسا في حوار مع مجلة «نيويورك تايمز» عام 2018: «أرسلني والدي إلى الكلية العسكرية لأنه كان يعتقد أن الجيش هو أفضل علاج للأدب، ولتلك الأنشطة التي كان يراها هامشية. لكنه في الواقع منحني موضوع أولى رواياتي»!!
كانت تلك الرواية هي «زمن البطل». وقد بقيت حتى اليوم محتفظة بوقعها. فالمشاهد القاسية من التنمر والتعذيب بين طلاب الأكاديمية تبقى عصية على الهضم، لكن في المقابل يظهر في كل صفحة حس الكاتب الإنساني واهتمامه العميق بالحياة. تأثره الكبير بويليام فوكنر بدا جليًا في هذه الرواية من خلال بنائها غير الخطي وتعدد وجهات النظر فيها.
وضعت الرواية فارغاس يوسا في صدارة المشهد الأدبي في أمريكا اللاتينية. كانت صورته للأكاديمية العسكرية حادة وقاسية إلى درجة أن إدارة المدرسة -حسب قوله- أحرقت مئات النسخ من الرواية علنًا. وقد وصفها أحد حكام «جائزة المكتبة القصيرة» الإسبانية بأنها «أفضل رواية كُتبت بالإسبانية خلال الثلاثين عامًا الأخيرة».
في منتصف السبعينيات، دخل فارغاس يوسا مرحلة كوميدية في إنتاجه. روايته «الكابتن بانتوخا والخدمة الخاصة» (1973) تحكي عن وحدات من الجيش البيروفي في الأمازون يتم إرسال بائعات هوى لخدمتها، ويشرف على المشروع كابتن صارم الأخلاق.
أما «الخالة جوليا وكاتب السيناريو» (1977)، فتدور أحداثها في عالم المسلسلات الإذاعية، وتحكي عن شاب يطمح لأن يصبح كاتبًا، يقع في حب خالته الكبرى ويتزوجها (وهي قصة مستوحاة من حياته الشخصية). الرواية مليئة بالدفء وغرابة الأطوار، كما أنها تمثل صورة لافتة لبيرو في خمسينيات القرن الماضي.
الكتابة الجنسية في رواياته كانت صريحة وواقعية، وأحيانًا مرحة، لكنها اتسمت دائمًا بنوع من النبل والرقة. في مذكراته «سمكة في الماء» (1993)، كتب:
«أن تجعل فتاة تقع في حبك، وتُعلن رسميًا أنها حبيبتك، كانت عادة بدأت تتلاشى تدريجيًا، حتى باتت اليوم، في نظر الأجيال الجديدة السريعة والعملية في الحب، شيئًا من العصور الحجرية. ما زلت أحتفظ بذكرى رقيقة لتلك الطقوس التي شكّلت الحب حين كنت مراهقًا، وأدين لها بأن تلك المرحلة من حياتي لم تبق في ذاكرتي فقط كفترة عنف.
وقمع، بل أيضًا كزمن لحظات دقيقة وعميقة عوّضتني عن كل شيء آخر».
من ذكرياته العاصفة، تلك الصفعة الشهيرة التي وجهها إلى صديقه ماركيز في عرض سينمائي عام 1976. لم تُعرف تفاصيل الحادثة بدقة، لكن الشائعات ربطتها بخلاف عائلي بين الرجلين. وقد خلد المصور رودريغو مويا اللحظة بصورة شهيرة لماركيز بعين سوداء، وابتسامة عريضة، كأنما تقول: «إن اضطررت لالتقاط صورة بعين متورمة، فاحرص أن تبتسم»!
قاد شغفه بالإنسان والسياسة إلى التفاعل معها كتابةً وفعلًا. وعندما منحته لجنة نوبل الجائزة عام 2010، أشادت بـ»خرائطه الدقيقة لبُنى السلطة وصوره اللاذعة لمقاومة الفرد وثورته وهزيمته».
كان يدقق في أبحاثه الروائية إلى حد مبالغ فيه، أشبه بروبرت كارو مصغر. لكنه، على عكس كارو، كان يتحرك بسهولة في أوساط الزعماء والساسة، ما منح رواياته مصداقية لامعة أحيانًا، ومريبة في أحيان أخرى.
كتب على مدى عقود عمودًا مهمًا في صحيفة «إلباييس» الإسبانية، وحضر حفل عيد ميلاده الثمانين شخصيات رفيعة من رؤساء دول ووزراء سابقين من تشيلي، أوروغواي، كولومبيا وإسبانيا.
ترشح لرئاسة بيرو عام 1990 ممثلًا لتيار الوسط ـ اليميني، لكنه خسر بفارق كبير. وعلقت الكاتبة ألما غييرمو برييتو عام 1994 في «نيويورك ريفيو أوف بوكس»: «باستثناء فاتسلاف هافل، لم يطمح أي كاتب آخر في الزمن المعاصر إلى الوصول إلى سدة الرئاسة».
كانت مواقفه السياسية متقلبة؛ بدأ يساريًا شغوفًا، ثم مالت قناعاته تدريجيًا نحو الليبرالية الجديدة. دعم الانتخابات الحرة وحقوق المثليين وتقليص دور الدولة. لكنه في سنواته الأخيرة صدم كثيرين بمساندته لمرشحين يمينيين متطرفين في أميركا اللاتينية وإسبانيا.
رواياته السياسية كانت معقدة أخلاقيًا ودقيقة في رصدها، لكنها لم تخلو من عبثية الحياة. ففي رواية «الحياة الحقيقية لأليخاندرو مايْتا» (1986)، يحضر أحدهم اجتماعًا ثوريًا حرجًا، لكنه ينشغل بخوفه من أن تسقط عليه كومة من المجلات التي يجلس فوقها!
كتب أبدايك عن هذه الرواية قائلًا: «من القلائل التي قرأتها حيث يصاب الشخصيات بالزكام أثناء معارك مصيرية، كما يحدث في الواقع».
آخر روائعه الكبرى كانت «حفلة التيس» (2000)، وهي رواية سياسية مشوقة تدور في السنوات الأخيرة من ديكتاتورية رافاييل تروخيو القاسية في الدومينيكان. وتبرز شخصية أورانيا كابرال، ابنة أحد رموز المعارضة، كمحور إنساني للرواية، لتجعل منها تأملًا متقنًا في العائلة والذاكرة والهوية.
ورغم استثماره العميق في التاريخ والبحث، تحدث فارغاس يوسا كثيرًا عن لا عقلانية الكتابة الروائية. قال في حواره مع مجلة «باريس ريفيو» عام 1990:
«الروايات التي أسرتني أكثر، هي تلك التي لم تصلني عبر قنوات العقل أو المنطق، بل سحرتني. هذه قصص قادرة على شل كل ملكاتي النقدية، لأجد نفسي عالقًا فيها، منتظرًا، بلا حول».
دوايت غارنر ناقد أدبي في صحيفة نيويورك تايمز منذ 2008، وكان سابقًا محررًا في قسم مراجعات الكتب لأكثر من عقد.
خدمة نيويورك تايمز
تمت الترجمة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فارغاس یوسا فی أمریکا
إقرأ أيضاً:
وداع غزة لصحفيي الجزيرة.. عندما تغتال رصاصات الاحتلال الحقيقة
غزة- غيبت صواريخ طائرة مسيرة إسرائيلية الصحفي الفلسطيني مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف أيقونة التغطية الإعلامية للحرب على قطاع غزة رفقة مراسل قناة الجزيرة الآخر محمد قريقع و3 من طاقم التصوير، بعد استهداف مباشر لخيمتهم المقامة أمام بوابة مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة.
وتأتي جريمة الاحتلال الإسرائيلي بعد عملية تهديد وتحريض مركزة شنها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ضد الصحفي الشريف، امتدت على مدى أشهر طويلة.
ونعت الهيئات والأطر الصحفية الفلسطينية طاقم قناة الجزيرة الذي ارتقى الليلة الماضية، وأكدت أن الجريمة تأتي في إطار المحاولات الإسرائيلية المتواصلة لتغييب الصوت والصورة، والاستمرار في ارتكاب جرائم الإبادة بعيدا عن عدسات الكاميرات.
إسكات الحقيقة
وأعرب منتدى الإعلاميين الفلسطينيين عن إدانته الشديدة لجريمة الاحتلال الإسرائيلي باغتيال صحفيي قناة الجزيرة، والاستهداف المباشر لطاقمها العامل في مدينة غزة، مما أدى إلى استشهاد مراسلي القناة أنس الشريف، ومحمد قريقع، والمصورين إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة ومحمد نوفل.
وقال مدير المنتدى محمد ياسين إن الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق طاقم قناة الجزيرة تأتي امتدادا للاستهداف الممنهج للصحافة الفلسطينية التي قدمت 237 صحفيا شهيدا منذ بداية الحرب على قطاع غزة.
وأوضح ياسين في حديثه للجزيرة نت أن الجريمة تأتي في إطار الحرب التي تشنها الحكومة الإسرائيلية ضد الرواية الفلسطينية وقناة الجزيرة، والتي بدأت مبكرا باستهداف أسرة الزميل وائل الدحدوح مدير مكتب الجزيرة في غزة، ومن ثم محاولة اغتياله مباشرة مما أدى لإصابته واستشهاد المصور سامر أبو دقة في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2023، ومن ثم اغتيال الصحفي إسماعيل الغول نهاية يوليو/تموز 2024.
وأشار ياسين إلى الاستهداف الممنهج الذي تتعرض له قناة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية من خلال القتل المباشر، أو حجب التغطية الإعلامية والتي كان آخرها اقتحام مكتب قناة الجزيرة في مدينة رام الله وتجديد قرار إغلاقه القسري لمدة شهرين إضافيين، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية التي تكفل حرية العمل الصحفي والإعلامي.
إعلانواستنكر مدير منتدى الإعلاميين الصمت والعجز الدوليين عن حماية الصحفيين الفلسطينيين، وتمكينهم من أداء واجبهم المهني وفقًا للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.
ووصف عماد زقوت رئيس كتلة الصحفي الفلسطيني اغتيال طاقم قناة الجزيرة بواحدة من أبشع الجرائم المرتكبة بحق الصحافة وحرية التعبير، جراء الاستهداف المباشر والمتعمد من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد زقوت في حديث للجزيرة نت أن جرائم الاحتلال غير مسبوقة في تاريخ الصحافة العالمية، ولم تُقابل بأي تحرك جاد من المجتمع الدولي أو المؤسسات المعنية بحماية الصحفيين، مما يفتح الباب أمام مواصلة الاحتلال لجرائمه دون مساءلة أو رادع.
وشدد على أن الصحفي الفلسطيني في غزة تحول إلى رمز للمقاومة الإعلامية، يطارد الخبر تحت القصف، ويواصل تغطيته رغم التهديدات المباشرة بالاغتيال والترهيب، رافعا شعار "التغطية مستمرة" رغم الدمار والخطر والملاحقة.
وذكر رئيس كتلة الصحفي مناقب الزميل الشهيد أنس الشريف الذي أوصل صوت الضحايا الفلسطينيين منذ الأيام الأولى للعدوان، واتخذ على عاتقه مواصلة التغطية في أحلك الظروف وأصعبها لاسيما في شمال قطاع غزة، مشيدا بإصراره على استكمال الرسالة من الميدان رغم تعرضه لعشرات رسائل التهديد بالقتل من الجيش الإسرائيلي.
وفند زقوت مزاعم الاحتلال بحق صحفيي قناة الجزيرة ووصفهم بدعم الإرهاب، مؤكدا أنهم يعملون على الهواء مباشرة وينقلون الحقيقة دون تزييف للرواية التي يحاول الاحتلال طمسها.
مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف حربه ضد الصحافة وضمان حرية العمل الصحفي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والسماح بدخول الصحافة الأجنبية إلى قطاع غزة.
فرسان الصحافة
ونعى التجمع الإعلامي الفلسطيني مراسلي قناة الجزيرة الذين قضوا وهم على رأس عملهم في تغطية الأحداث الميدانية لحرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة وجريمة التجويع الممنهج بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأدان التجمع الإعلامي في بيان له المجزرة المدبرة ضد فرسان الصحافة، مشددا على أنها واحدة من أفظع جرائم الحرب الوحشيّة والمركبة، التي تُضاف إلى السجل الدموي للاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته الجسيمة ضد الصحفيين والإعلاميين في محاولة يائسة لإخماد صوت الحقيقة، وطمس السردية الفلسطينية.
ودعا التجمع الإعلامي الفلسطيني مختلف الاتحادات والأجسام والمؤسسات الإعلامية والحقوقية حول العالم إلى التوقف عن سياسة الصمت المخزي حيال جرائم الاحتلال ومجازره المتوالية ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، والتدخل العاجل لوقفها واتخاذ كل التدابير الفعلية لحمايتهم وضمان سلامتهم، استنادا للقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.
وطالب بالعمل الجاد على ملاحقة كيان الاحتلال النازي وتقديم مسؤوليه للمحاكمة أمام المحاكم الدولية بصفتهم مجرمي حرب، ومحاسبتهم على إرهابهم المنظم ضد شهود الحقيقة، وحراس الكلمة والصورة.
#عاجل | وزير خارجية النرويج: قتل صحفيي #الجزيرة في غزة مثير للغضب وغير مقبول على الإطلاق pic.twitter.com/bdetL8Zcem
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 11, 2025
وصمة عاروحمّل التجمع الصحفي الديمقراطي جيش الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الجريمة البشعة التي ارتكبها باغتيال طاقم الجزيرة في محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة، مؤكدا أنها وصمة عار على جبين الاحتلال وجريمة حرب تستوجب الملاحقة الدولية.
إعلانوذكر التجمع الصحفي -في بيان له اليوم الاثنين- أن هذه الجريمة المروعة ليست حادثا معزولا، بل حلقة جديدة في سلسلة الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلام الحر، وتأتي في سياق الإبادة الجماعية المستمرة وحرب التجويع التي يشنها الاحتلال ضد قطاع غزة، بهدف إسكات الأصوات التي تفضح ممارساته الإجرامية وتكشف للعالم حقيقة ما يجري من قتل وحصار وتجويع.
وقال التجمع الصحفي "لقد كان الشهيدان أنس ومحمد وزملاؤهما في طاقم الجزيرة صوتَ المجوّعين والمشرّدين وضحايا القصف، وحملوا كاميراتهم وسط الدمار لينقلوا صورة الحقيقة من قلب المأساة، فاغتالهم الاحتلال في جريمة حرب مكتملة الأركان تمثل خرقا صارخا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف".
وأكد البيان على ضرورة ملاحقة القتلة من قادة وجنود جيش الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفتح تحقيق دولي مستقل وشفاف بإشراف أممي لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب".
وأكد التجمع الصحفي الديمقراطي أن الجريمة جاءت بعد أشهر من التحريض العلني الإسرائيلي ضد الشهيدين الشريف وقريقع، اللذين واصلا أداء مهامهما المهنية منذ بداية العدوان، رغم النزوح القسري، وانعدام الأمان، وظروف المعيشة القاسية، مما يعكس إصرارهما على أداء رسالتهما الصحفية حتى اللحظة الأخيرة.
وأضاف أن دماء الشهداء الصحفيين ستبقى شاهدا على فشل الاحتلال في إسكات الحقيقة، ودليلا على أن الكلمة الحرة والصورة الصادقة أقوى من رصاص القتلة، وأن الحق لا يموت ما دام هناك من يحمله وينقله إلى العالم.
من جانبه، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن عملية اغتيال صحفيي الجزيرة تمت مع سبق الإصرار والترصد بعد استهداف مقصود ومتعمد لخيمتهم، مما يرفع عدد الشهداء الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال في قطاع غزة خلال الإبادة الجماعية وحتى الآن إلى 237 صحفيا شهيدا.
وأوضح المكتب الحكومي في بيان له أن استهداف صحفيي الجزيرة جريمة حرب مكتملة الأركان، تهدف لإسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية، وهي تمهيد لخطة الاحتلال الإجرامية للتغطية على المذابح الوحشية الماضية والقادمة التي نفّذها وينوي تنفيذها في غزة.