ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟.. الإفتاء توضح جائز أم مكروه
أوضحت دار الإفتاء المصرية حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة، وذلك ردا على سؤال تلقته الدار من شخص يقول: ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة، وهل هذا يُؤثِّر على كونها صحيحة؟
وفي رده، أجاب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، مستشهدا بما روى الإمام مالك في “الموطأ” عن أبي عبد الله الصنابحي قال: “قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، فَصَلَّيْتُ وَرَاءَهُ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ سُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَةِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ أَنْ تَمَسَّ ثِيَابَهُ، فَسَمِعْتُهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِهذِهِ الآيَةِ: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: 8].
وأوضح جمعة، في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية، أن قراءة الآية محمولة على الدعاء؛ فإنَّ ثالثة المغرب لا قراءة فيها بعد الفاتحة، فهذا دعاء في موضع لم يُؤثَر فيه الدعاء، فدلَّ على فهمه رضي الله عنه صحة ذلك وجوازه؛ قال الشيخ العلامة المحدِّث زكريا الكاندهلوي في “أوجز المسالك إلى موطأ مالك” (2/ 125، ط. دار القلم): [قال الباجي: يحتمل أنه رضي الله عنه دعا بهذه في آخر الركعة على معنى الدعاء؛ لمعنًى تذكّره أو خشوع حضره، لا على معنى أنه قرن قراءته على حسب ما تقرن بها السورة.
وقريب منه: ما نقله الشيخ الموفق عن الإمام أحمد بن حنبل إذ قال: وسُئل أحمد عن ذلك فقال: إن شاء قاله، ولا ندرى أكان ذلك قراءة من أبي بكر أو دعاءً؟ فهذا يدل على أنَّه لا بأس بذلك؛ لأنه دعاء في الصلاة فلم يكره.
قلت: وكذلك عندنا الحنفية يصحّ حمله على الدعاء، قال الحلبي في السهو بحثًا: وأما التشهد فلأنه ثناء، والقيام والركوع والسجود محلّ الثناء] اهـ.
وعليه، يختم الدكتور علي جمعة فتواه، قائلًا: فلا حرج في الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة ولا يُؤَثِّر ذلك على صحتها.. والله سبحانه وتعالى أعلم.
مصراوي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة.. عالم أزهري يوضح
قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن العلاج بالقرآن الكريم أمرٌ ثابت من حيث الجواز، باعتباره دعاءً وتوسلًا بكلام الله عز وجل، موضحًا أن الشفاء في حقيقته بيد الله وحده، وأن العلاج – سواء كان بالدواء أو بالقرآن – إنما هو سبب لتحصيل الشفاء وليس هو الشفاء ذاته، مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى هو الشافي، وأن العبد مأمور بالأخذ بالأسباب مع تمام التوكل واليقين.
وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال لقاء تلفزيوني السبت، أن الأصل في التداوي أن يأخذ الإنسان بالأسباب المعروفة والمجربة، استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواء»، مبينًا أن المسلم يتداوى بالأدوية المادية، ويجعل الدعاء ملازمًا له في كل أحواله، لأن حياة المسلم كلها دعاء، وصلاته كلها دعاء، فإذا وجد الدواء المعروف والمجرب، أخذه مع الدعاء، أما إذا كان المرض لا يُعرف له علاج، أو عجز الطب عن مداواته، ففي هذه الحال يكون اللجوء المباشر إلى القرآن وآيات الشفاء وسورة الفاتحة مشروعًا، ويأخذ الإنسان من القرآن ما شاء، ومتى شاء.
وأشار إلى أن قراءة القرآن على الماء والشرب منه، وقراءة آيات الشفاء أو الفاتحة بعددٍ معين، لم يرد فيها تحديدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدد مخصوص، لكن هذا لا يمنع الأخذ بتجارب الصالحين والعباد عبر القرون، حيث نشأت عبر أكثر من أربعة عشر قرنًا تجارب بشرية واسعة لأهل القرآن وأهل الصلاح في قضاء الحوائج والاستشفاء، فصار لديهم تجريب في آيات معينة تُقرأ بعدد معين، ونُقلت هذه التجارب لمن بعدهم، ولا حرج في الأخذ بها من باب التجربة لا من باب التعبد الملزم، مع التأكيد على أن الإنسان قد يأخذ بهذه الأسباب ولا يُشفى، كما قد يأخذ الدواء الطبي ولا يُشفى، ومع ذلك فهو مأجور، لأن الشفاء ليس متعلقًا بفعل العبد وإنما بمشيئة الله.
وشدد على ضرورة التفريق بين السبب والمسبب، فقراءة القرآن، وتناول الدواء، والذهاب إلى الطبيب، كلها أسباب، أما النتيجة فيخلقها الله عز وجل، فقد يخلق الشفاء مع الأخذ بالسبب، وقد لا يخلقه، وقد يخلقه حتى من غير سبب، فالأمر كله راجع إلى إرادة الله وحكمته، والعبد يتعبد لله بالأخذ بالأسباب وقلبه موقن بأن الله هو الشافي يفعل ما يشاء.
وبيّن الدكتور يسري جبر أن استمرار المرض مع الدعاء لا يعني عدم الاستجابة، فقد تكون الاستجابة على غير ما يتوقع الإنسان، مستشهدًا بقصة أحد الصالحين الواردة في «الرسالة القشيرية»، الذي كان مستجاب الدعاء للناس مع كونه مبتلى بالأمراض، حتى جاءه خاطر رحماني يُفهمه أن مرضه هو عين العافية له، وأن بقاء المرض سبب لقبول دعائه، وأن رفع البلاء عنه قد يكون سببًا لفساد حاله، موضحًا أن من عباد الله من لا يصلحه إلا المرض، ومنهم من لا يصلحه إلا الفقر، ولو عوفي أو أُغني لفسد حاله.
وأكد على أن على المسلم أن يُسلِّم أمره لله تعالى، وأن يأخذ بالأسباب المباحة والمتاحة، سواء كانت على أيدي الأطباء أو أهل القرآن والصلاح، مع اعتماد القلب الكامل على الله، واليقين بأن الله قد استجاب، ولكن استجاب كما يريد هو سبحانه لا كما يتصور العبد، والله تعالى أعلم.