أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرارا بإغلاق وقفية فلسطينية في مدينة القدس المحتلة بدعوى ارتباطها بالسلطة الفلسطينية، فيما اعتبرته جهات فلسطينية خطوة خطيرة وعنصرية.

وقالت محافظة القدس في بيان لها أمس الاثنين إن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، أصدر أمرا بإغلاق مكتب صندوق ووقفية القدس في مدينة القدس المحتلة.

وأضافت المحافظة أن الادعاءات التي ساقها الاحتلال لتبرير هذا القرار بزعم ممارسة الوقفية أعمالا لصالح السلطة الفلسطينية هي ادعاءات باطلة وعارية تماما عن الصحة، وفقا للبيان.

وقالت المحافظة إن طبيعة عمل الوقفية وصندوقها تنحصر في إطار العمل الاجتماعي والإنساني والخيري فقط، ولا علاقة لها بأي نشاط سياسي، "وإن مثل هذه الاعتداءات السافرة لم تكن لتستمر لولا الصمت الدولي عن كل ما تقوم به إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال من انتهاكات خطيرة لكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تكفل حرية العمل الأهلي والإنساني".

وتأسس صندوق ووقفية القدس عام 2014 كهيئة مستقلة غير ربحية، وفق ما أعلن القائمون عليها، بهدف تمكين وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في القدس، والعمل على تحقيق التنمية في القطاعات المختلفة، بما يحافظ على الهوية الوطنية والصمود الفلسطيني بالمدينة المقدسة.

الهدمي: يسعى الاحتلال في القدس إلى محاربة الهوية الفلسطينية في المدينة وحرمان أهلها من أي جهات تدعمهم (الجزيرة)

من جهته، قال الباحث والمحلل السياسي المختص في شؤون المسجد الأقصى، ناصر الهدمي، إن المؤسسات الفلسطينية الوطنية، خصوصا المقدسية منها، شكلت عناصر أساسية لتكوين الهوية الوطنية الفلسطينية، لا سيما في مدينة القدس، في ظل غياب أي شكل من أشكال القيادة أو تكتل أبناء الشارع المقدسي.

إعلان

وأوضح الهدمي في مقابلة مع الجزيرة نت أن الاحتلال حرص منذ البداية على محاربة هذه المؤسسات، وسعى بشكل ممنهج إلى إلغائها وتقييد عملها بشكل كبير، حتى أصبح من النادر اليوم أن نجد مؤسسة وطنية مقدسية تعمل بشكل كامل داخل المدينة.

وأضاف أن العديد من المؤسسات أُجبرت على وقف عملها لتجنب أوامر الإغلاق في حين أن جزءا آخر تم إغلاقه فعليا بقرارات سلطات الاحتلال.

وأكد الهدمي أن حرص الاحتلال على محاربة هذه المؤسسات يهدف بالدرجة الأولى إلى تفتيت كل أشكال الهوية الوطنية الفلسطينية في القدس، ومنع أهل المدينة من اللجوء إلى جهات وطنية تدعم صمودهم وبقاءهم.

احتفالا بما يسمى "عيد الاستقلال" الإسرائيلي.. سلطات الاحتلال ترفع الأعلام الإسرائيلية في شوارع مدينة القدس المحتلة.
وكانت جماعات الهيكل قد دعت إلى رفع العلم الإسرائيلي داخل المسجد الأقصى يوم الخميس المقبل في الأول من مايو/أيار احتفالا بالذكرى التي تتزامن مع ذكرى النكبة… pic.twitter.com/ofoGDMkAsj

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) April 28, 2025

ولفت إلى أن الاحتلال يسعى إلى إبقاء مؤسسات حكومته فقط كملاذ وحيد لأهالي القدس، في إطار سياسة ترسيخ فكرة أنهم "أقلية" في مدينتهم، لا يملكون أي شكل من أشكال المواطنة الحقيقية، ويظلون مهددين في كل لحظة بالترحيل أو التهجير.

وأشار إلى أن حملات الاحتلال لا تقتصر فقط على مؤسسات تقدم الدعم المالي أو الاجتماعي، بل تطال أيضا المؤسسات التي توفر الاستشارات القانونية للمقدسيين في مواجهة اعتداءات الاحتلال أو تلك التي تدعم ترميم المنازل في البلدة القديمة، أو تساند التجار.

وأكد الهدمي أن جميع هذه الأنشطة تتعرض لمحاربة منهجية بهدف القضاء على أي شكل من أشكال القيادة أو التكتل الفلسطيني داخل المدينة.

ومنذ عام 1967 أغلقت سلطات الاحتلال في إطار سعيها إلى تهويد مدينة القدس والتضييق على سكانها، أكثر من 100 مؤسسة فلسطينية، منها نادي الأسير الفلسطيني ولجنة التراث المقدسية ودائرة الأسرى والمعتقلين، كما تستهدف الشخصيات الرسمية في القدس بالملاحقة والإبعاد والحبس المنزلي، بينهم وزير القدس ومحافظ القدس.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سلطات الاحتلال مدینة القدس فی القدس

إقرأ أيضاً:

"الأرضيات مخضّبة بالدماء"..جراحون أجانب بغزة يصفون أقسام الطوارئ

غزة - ترجمة صفا

نشرت صحيفة أمريكية مقابلات عدة مع أطباء وجراحين أجانب يعملون في المستشفيات في قطاع غزة عما يرونه من حالات حرجة جراء استهداف الضحايا بإطلاق النار المتعمد من الجيش الإسرائيلي نحو طالبي المساعدات.

فبينما يواجه سكان غزة مجاعة واسعة النطاق، يقول الأطباء في القطاع إنهم يعالجون ضحايا إطلاق النار الجماعي بشكل شبه يومي بعد إطلاق النار على حشود الفلسطينيين الباحثين عن الطعام.

ويقول شهود عيان لصحيفة "واشنطن بوست" إن قوات الاحتلال أطلقت النار بشكل متكرر على المارة بالقرب من المواقع العسكرية أثناء اقترابهم من مواقع الإغاثة أو المتجمعين في قوافل الإغاثة.

فقد استشهد أكثر من 1655 فلسطينيًا وجُرح أكثر من 11800 في ظل هذه الظروف منذ أواخر مايو، وفقًا لوزارة الصحة في غزة،.

وتقول وكالات الإغاثة الدولية إن حجم إراقة الدماء دفع نظام الرعاية الصحية المُتهالك أصلًا إلى حافة الانهيار، حيث يُكافح العاملون الطبيون لعلاج هذا الكم الهائل من الإصابات - أحيانًا على أرض المستشفى - ويستغل موظفو المستشفى ما يتاح لهم من وقت فراغ لإيجاد أسرّة إضافية وفرق جراحية تحسبًا للتدفق التالي.

ويستند الوصف التالي للأوضاع داخل أجنحة المستشفيات في غزة إلى مقابلات مع سبعة من العاملين الطبيين الأميركيين والأوروبيين الذين زاروا غزة كجزء من البعثات الطبية التطوعية بين شهر مايو/أيار والأسبوع الأول من هذا الشهر.

 وقال جميع العاملين الطبيين إن قصف الجيش الإسرائيلي للمرافق الطبية في غزة خلال الحرب بالإضافة إلى الحصار شبه الكامل للقطاع منذ الشتاء، حال في كثير من الأحيان دون قدرة الأطباء على تقديم العلاج الكافي.

وأضاف العاملون الطبيون أن نقص أسطوانات الأكسجين أجبر الطواقم الطبية على اختيار من ينقذونه، كما أن ندرة الكراسي المتحركة والعكازات تجبر العائلات أحيانًا على حمل أقاربهم المعاقين على أذرعهم.

ففي مستشفى ناصر، أكبر مركز طبي لا يزال يعمل في جنوب غزة، قال الأطباء والممرضون إنهم استيقظوا مرارًا وتكرارًا على وقع ما يُعرف بـ"إنذار الإصابات الجماعية"؛ وهي بمثابة صفارة إنذار تُنذر بقرب حدوث مجزرة.

وقال عزيز رحمن، أخصائي العناية المركزة الأمريكي، والذي زار غزة في مهمة طبية مع منظمة "رحمة العالمية": "نسمع عادة نداءً يقول: 'أي طبيب متاح، يرجى التوجه إلى قسم الطوارئ'". وأضاف: "في كل يوم تقريبًا تُفتح فيه مراكز الإغاثة، كنا نشهد إطلاق نار".

وقال ثلاثة أطباء عملوا في غرفة الطوارئ بمستشفى ناصر إن إصابات جرحاهم بطلقات نارية كانت في الغالب في الرأس أو القلب أو الرئتين.

وفي 24 يونيو/حزيران، استذكر رحمان أن أحد جرحاه كان صبيًا في التاسعة من عمره أصيب برصاصة في العمود الفقري.

وفي عيادة الهلال الأحمر جنوب غزة، قالت ريكي هايز، وهي أخصائية علاج طبيعي متطوعة أيرلندية، إن جرحاها أصيبوا بطلقات نارية في أرجلهم وأذرعهم، وأحيانًا في ظهورهم.

وأضافت أن بعض الضحايا كانوا فتيانًا مراهقين أُطلق عليهم النار أثناء مغادرتهم مواقع التوزيع بعد اكتشافهم اختفاء جميع المواد الغذائية.

داخل مستشفى الصليب الأحمر الميداني، الذي يضم 60 سريرًا، في المواصي، على الطريق الساحلي المؤدي إلى مدينة رفح، قال العاملون الطبيون إنهم كثيرًا ما يسمعون مرور الحشود وهم يتجهون نحو مواقع توزيع المساعدات.

قال هايز، الذي عمل هناك خلال الأسابيع الخمسة الأولى من عمل مؤسسة "غزة الإنسانية": إذا فُتح مركز توزيع الطعام الساعة السادسة صباحًا، تبدأ الإصابات الجماعية بالوصول الساعة الرابعة والنصف. أما إذا فُتح الساعة الثانية عشرة ظهرًا، فتبدأ الإصابات حوالي الساعة العاشرة صباحًا".

وقالت إن حوادث إطلاق نار جماعي تقع تقريبًا كل يوم من أيام مهمتها الطبية بعد افتتاح مواقع مستشفى الهلال الأحمر في أواخر مايو.

وفي بعض الأيام، استقبلت عيادة الصليب الأحمر أكثر من 100 ضحية، وفقًا لسجل العيادة. كما أفاد أطباء مستشفى ناصر أن عدد الضحايا تجاوز 100 في بعض الأيام.

كان يوم 17 يونيو/حزيران أسوأ يوم في مهمة رحمن الطبية التي استمرت أسبوعين.

وروى قائلاً: "استمرت الصدمات لأربع أو خمس ساعات وظلت تتوالى".

وقال الأطباء إنهم حاولوا تجنب الانزلاق على الدم بين المرضى الذين كانوا يفرزونهم على الأرض. حاول طاقم مستشفى ناصر كشط الدم في مصارف صغيرة، لكن مع كل مريض جديد، كانت الأرضية تحمرّ من جديد، كما يتذكر رحمن.

وغالبًا ما تكون الرحلة إلى نقاط توزيع تلك المؤسسة المدعومة من الجيش الأمريكي طويلة وشاقة، لذا غالبًا ما ترسل العائلات أبناءها الأكثر قدرة، وهم عادةً من المراهقين والشباب. ولكن مع استشهاد وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، لا تملك كل عائلة هذا الخيار.

وقالت هايز إنها وبصفتها أخصائية علاج طبيعي، عملت على تعليم الجرحى المشي مجددًا.

ومن بين الجرحى الذين تتذكرهم جيدًا أحمد، البالغ من العمر 18 عامًا، والذي أصيب بجروح بالغة في انفجار قبل أسابيع، لدرجة أنه فقد القدرة على استخدام جميع أطرافه باستثناء طرف واحد، فقد كان أحمد موجودًا يوميًا مع شقيقه محمد، البالغ من العمر 20 عامًا، الذي أصبح مقدم الرعاية له. وأضافت: "كان إخراجه من السرير تحديًا، لكنه كان ينجح. كان يضع ذراعه السليمة حول شقيقه ويقفز".

وفي خضمّ الفوضى في ذاك يوم، قالت إنها سمعت زوجين مسنين يناديان باسمها. كانا والدي الصبيّين، يتوسلان إليها لمساعدة محمد. وتتذكر هايز قائلة: "كان مُستلقيًا برصاصة في رقبته وكتفه، وأمه تبكي بين ذراعيّ وتطلب مني أن أفعل شيئًا".

في مستشفى ناصر مجددا، يتذكر مارك براونر، وهو جراح أمريكي من ولاية أوريغون، خروجه ذات يوم من قسم الطوارئ لشرب الماء، ودهشته مما رآه.

وقال: "خرجت فوجدتُ صفوفًا من الجثث والأشخاص المصابين بإصابات بالغة تفوق استيعاب غرفة إنعاش الإصابات".

وقال براونر إنه عندما يتوقف سقوط الضحايا في النهاية، "تغسل الدماء، وتجلس هناك لبضع لحظات مذهولاً، وبعد ذلك قد يحدث كل شيء مرة أخرى".

كان أطباء غزة منهكين قبل وقت طويل من بدء إطلاق النار خارج مراكز توزيع المساعدات. لكن في الآونة الأخيرة، حتى مع تباطؤ تدفق الإصابات ليلاً، قال العاملون الطبيون إن المزيد من العمل الشاق يبدأ: رعاية مرضى آخرين، وفي بعض الحالات تجهيز غرف أخرى في المستشفى، وحتى خيام، لاستيعاب الفائض من غرفة الطوارئ.

بالنسبة لنور شرف، طبيبة طوارئ من مدينة دالاس الأمريكية، كان أسوأ يوم هو 20 يوليو/تموز. قالت إن مستشفى الشفاء في مدينة غزة، حيث كانت تعمل، استقبل 1024 جريحا في ذلك اليوم.

وأضافت: "لا وقت كاف لرؤية هذا العدد الكبير من الجرحى". كان الكثير منهم يعانون من سوء التغذية، وقالت شرف إنها كانت تشعر بعظام كل جريح عالجته.

كان معظمهم قد وصلوا ذلك اليوم من قرب نقطة زيكيم، حيث أفاد شهود عيان أن قوات الاحتلال أطلقت النار على حشود غفيرة حاولت الوصول إلى شاحنات مساعدات مقدمة من الأمم المتحدة. وقال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إن قافلته "واجهت حشودًا غفيرة من المدنيين الجائعين الذين تعرضوا لإطلاق نار".

في اليوم التالي، استقبل فريق شرف صبيًا صغيرًا مصابًا برصاصة في الرأس قرب زيكيم، وكان على وشك الموت، كما روت. لم يعرف أحد من هو حتى وصلت عائلته مذعورة بعد يومين. قالوا إنه مفقود. وعندما لاحظوا اختفاء دلاء الماء أيضًا، أدركوا أنه لا بد أنه ذهب لجلب الماء النادر. قالت شرف إنه كان يحمل الدلاء عندما أُطلق عليه النار.

مقالات مشابهة

  • ترامب: توقفت عن تأييد خطط إسرائيل لمهاجمة واحتلال مدينة غزة وحركة الفصائل الفلسطينية لن تفرج عن الرهائن في الوضع الحالي
  • مفتي الجمهورية يستقبل مفتي القدس والديار الفلسطينية للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء
  • نظير عياد يستقبل مفتي القدس والديار الفلسطينية
  • شئون القدس: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الصحفيين ويمارس القتل لطمس الرواية الفلسطينية
  • 662 معتقلا بينهم 39 طفلا و12 امرأة في الضفة الشهر الماضي
  • "الأرضيات مخضّبة بالدماء"..جراحون أجانب بغزة يصفون أقسام الطوارئ
  • «QNB» و«وقفية مصر» يتعاونان في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع «أسطوات»
  • البرلمان العربي: القرار ينسف جهود السلام
  • الرئاسة الفلسطينية تحذر من إعادة احتلال غزة وضم الضفة وتهويد القدس
  • برلماني: القرار الإسرائيلي باحتلال غزة يؤكد نواياه لتصفية القضية الفلسطينية