الحرب والتعديل والوزاري الكيزان غيّروا القشرة.. واللب باقي زي ما هو!
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
من شعار الشريعة إلى شيفرة السوق
لم تعد التيارات الإسلامية السياسية في السودان بحاجة إلى رفع الشعارات الأيديولوجية القديمة (مثل "الحاكمية لله" أو "دستور إسلامي")؛ فقد استبدلتها بـ"برمجيات تحديثية" تعزف على وتر التقنية، الكفاءة، والدبلوماسية.
لكن خلف هذه الواجهة، يجري إعادة بناء سلطوي هادئ ومدروس يستغل لحظة الإنهاك الشعبي والفوضى السياسية.
أولًا: "التكنوقراطية المغشوشة" كقناع جديد للهيمنة
مع صدور قرار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بتعيين السفير دفع الله الحاج أحمد وزيرًا لشؤون مجلس الوزراء ومكلّفًا بمهام رئيس الوزراء، تنكشف معالم استراتيجية الإسلاميين الجدد
اختيار وجوه بيروقراطية ناعمة تنتمي للنظام السابق، لكن بخطاب تقني محايد، بلا عمامة ولا شعارات.
هذه الشخصيات، وإن بدت إدارية مستقلة، فهي في الواقع جزء من بنية النظام العميق، تُجيد لغة العصر-
"نحن لا نُعارض الثورة، بل نُحسّن أداءها".
وهكذا، يتحوّل "الحياد الإداري" إلى واجهة سياسية ناعمة للعودة السلطوية.
ثانيًا: "الدبلوماسية الروبوتية" وإعادة تعريف الذاكرة
حين يصبح السفير السابق للإنقاذ رئيسًا للوزراء، تكون الرسالة واضحة:
جرائم الماضي تُعاد تسويقها كـ"خبرات دولية"،
وخطاب "نحن ضد الإرهاب" يُستبدل بـ:
"نحن نتحدث الفرنسية، وارتدينا بدلات دبلوماسية في الفاتيكان , ولكن لا فرق بين أخ مسلم يلبس الجلباب واخر غير ملتحي برباطة عنق من باريس أو روما أو اشهر بويتات الازياء
إنها محاولة واعية لـإعادة تدوير الذاكرة الوطنية بلغة اليونسكو لا بلغة النيابة العامة.
ثالثًا: "الاستعمار الداخلي" إعادة احتلال الدولة من داخلها
الإسلاميون لا يسعون إلى انقلاب ظاهر، بل إلى تغلغل بطيء ومؤسسي-
المجال آلية الهيمنة
الخدمة المدنية شبكة موظفين "غير حزبيين" يُعطلون أي تغيير حقيقي.
النقابات واجهات تمويل وضغط ناعم باسم المهنية.
القطاع المصرفي أدوات لتبييض الأموال وإعادة ضخها سياسيًا.
هذه الشبكات تشكّل "البيئة الحاضنة" للعودة الإسلامية، دون الحاجة إلى صدام مباشر.
رابعًا "الإسلام الميتافيرسي": الواقع البديل كأداة هيمنة
استفاد الإسلاميون من أدوات العصر لصناعة واقع رمزي موازٍ، من خلال:
خطاب ديني مرن على وسائل التواصل: يُركز على الوسطية والمواطنة لا على الشريعة.
أنشطة خيرية موسمية تستدعي "نوستالجيا الإنقاذ".
إنتاج درامي وإعلامي يعيد تقديم رموز قديمة بوجوه شابة، كمنقذين لا كقادة ماضٍ.
النتيجة: مسح تدريجي للذاكرة الثورية، واستبدالها بأحلام استقرار مزيّفة.
خامسًا "الديمقراطية العكسية": إنتاج معارضة موالية
تكتيك محكم: صناعة معارضة داخلية مأمونة، تنشغل بقضايا ثانوية:
إيهام الجمهور بوجود مساحة للنقد.
توجيه الاحتجاج الشعبي نحو ملفات رمادية (مثل المناهج، الغلاء)، بدلًا من مساءلة السلطة الحقيقية.
وبهذا، تتحول المعارضة إلى صمام أمان للنظام بدلًا من تهديده.
سادسًا "الاستثمار في الفوضى": صناعة الأزمة لبيع الحل
الإسلاميون اليوم لا يحكمون من خلال الإنجاز، بل من خلال هندسة الفشل:
يضخّمون التهديدات (الانفصال، التمدد المسلح، التدخلات الأجنبية).
يُديرون الأزمات الاقتصادية بطريقة مدروسة لتبرير تدخلهم لاحقًا كمُنقذين.
يُفاوضون على قروض بغطاء إنساني، لكنها تُضخ في شبكات نفوذهم.
النتيجة شرعنة حضورهم بوصفهم "الخيار الأقل سوءًا".
لماذا ينجح الإسلاميون رغم فشلهم؟
الإسلاميون في نسختهم 2.0 لا يطرحون أيديولوجيا، بل يبيعون وهم الاستقرار، مستفيدين من:
الشعب المنهك: الذي يبحث عن أي "حل واقعي"، لا عن "حلم ثوري مؤجل".
الجيش: الذي يحتاج شريكًا يحمل عنه الفشل أمام الرأي العام.
المجتمع الدولي -في ظني كل العالم الان يفضل المجرّب المألوف على المجهول المحتمل.
*سؤال تحريمي في زمن التجميل السياسي:
متى يدرك السودانيون أن "التحديث الإسلامي" ليس إلا إعادة تسويق لمنتج قديم، مع تغليف جديد وإعلانات ناعمة؟
الجواب لا يُنتظر من الشارع، بل من وعيٍ قادر على التمييز بين ما من يغيّرون الأقنعة… ومن يغيّرون النظام والفرق كبير
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
لافروف مستقبلا الشيباني: اتفقنا على إعادة النظر في جميع الاتفاقيات السابقة
أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف -اليوم الخميس- عن أمل موسكو في أن تتجاوز سوريا التحديات، وتتطلع لحضور الرئيس السوري أحمد الشرع القمة الروسية العربية الأولى المقررة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مؤكدا الاتفاق مع دمشق على إعادة النظر في جميع الاتفاقيات الثنائية.
وجاءت تصريحات لافروف خلال استقباله نظيره السوري أسعد الشيباني والوفد المرافق له في موسكو، في أول زيارة لمسؤول سوري بهذا المستوى منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، بدعوة من لافروف.
وقال لافروف -في مؤتمر صحفي مشترك مع الشيباني في ختام المباحثات- إن الجانبين اتفقا على التعاون لتجاوز التحديات، مضيفا "أكدنا حرصنا على وحدة سوريا واحترام سيادتها واستقلالها".
وكشف أيضا عن الاتفاق على إعادة النظر بجميع الاتفاقيات الثنائية بين موسكو ودمشق. ومن جهته، لفت الشيباني خلال المؤتمر الصحفي إلى أن سوريا شكلت لجنة لهذا الغرض، بما يضمن مصلحة الشعب السوري.
وأوضح الوزير الشيباني أن سوريا تتطلع إلى تعاون وتنسيق كامل مع روسيا لدعم مسار العدالة الانتقالية فيها بما يضمن إعادة الاعتبار للضحايا.
وكانت وسائل إعلام روسية نقلت عن الشيباني تأكيده خلال المباحثات مع لافروف أن بلاده تريد علاقة صحيحة وسليمة مع روسيا قائمة على التعاون والاحترام بين البلدين، مضيفا "نحن في مرحلة مليئة بالتحديات، وهناك أيضا فرص كبيرة جدا لسوريا قوية وموحدة، ونطمح أن تكون روسيا إلى جانبنا في هذا المجال".
وكانت روسيا الحليف الدولي الأبرز لنظام الأسد قبل سقوطه في 8 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي ودعمته عسكريا وسياسيا، إلا أنها لم تتخذ موقفا مصادما للحكومة الجديدة التي شكلتها الفصائل المنتصرة برئاسة الشرع، في حين ترك الأخير الباب مواربا أمام إعادة بناء علاقات جديدة بين سوريا وروسيا بعيدا عن تركة الأسد.
إعلان