دخل قطاع غزة أزمة جديدة في النقص الشديد للمواد الغذائية الأساسية، وحالة ثالثة من المجاعة منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وذلك بعد منع دخول كافة أنواع المساعدات الغذائية عبر المعابر البرية التي تسيطر عليها "إسرائيل"، وسط تنديد دولي باستخدام التجويع كسلاح ضد سكان القطاع.

وتأتي المجاعة هذه المرة وسط جهود إسرائيلية أمريكية معلنة تهدف إلى دفع سكان قطاع غزة إلى "الهجرة الطوعية"، بهدف فرض السيطرة الكاملة على القطاع وتنفيذ مخطط تهجير أكثر من 2 مليون فلسطيني، معظمهم في الأساس لاجئين طُردوا من الأراضي المحتلة عام 1948.



وأعلنت الأمم المتحدة أن برنامج الأغذية العالمي التابع لها قد نفد من مخزوناته الغذائية في غزة بسبب الحصار المستمر، مما أدى إلى إغلاق جميع المخابز المدعومة من البرنامج وارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 1400 بالمئة.


ورغم ذلك، لم تعلن الأمم المتحدة المجاعة بشكل رسمي في قطاع غزة، واكتفت بالتحذير، كما في المرات السابقة، من مجاعة وشيكة ومن مواجهة السكان لمستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وكانت أول حالة مجاعة في قطاع غزة خلال الحرب قد حصلت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وفيها بدأ الانهيار الكامل لمنظومة الغذاء، مع نفاد الوقود وإغلاق المخابز.

وفي حزيران/ يونيو 2024، جرى تصنيف 22 بالمئة من سكان غزة ضمن المرحلة الخامسة (المجاعة) وفقًا لنظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC).

وحاليًا في نيسان/ أبريل، جرى نفاد مخزون برنامج الأغذية العالمي، دون أفق لاحتمالية فتح المعابر وإدخال المساعدات، بسبب الرفض الإسرائيلي، مع غياب أي دور دولي سابق تمثّل في إسقاط المساعدات جوًا على قطاع غزة، كما حصل في شهور الحرب السابقة من العام الماضي.

كيف تُعلَن المجاعة؟
كانت آخر المجاعات التي أعلنتها الأمم المتحدة بشكل رسمي ودون خلاف مع مؤسسات أخرى، تعود إلى عامَي 2017 في جنوب السودان، و2011 في الصومال، وهو ما نتج عنه مئات آلاف الضحايا، وذلك حتى شباط/ فبراير 2025، عندما أعلنت المجاعة مرة أخرى في السودان.

وكانت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة "FEWS NET"، ومقرها الولايات المتحدة، قد أكدت أنه "من الممكن، إن لم يكن من المحتمل، أن المجاعة في شمال غزة قد بدأت في نيسان/ أبريل 2024، وذلك في أشد أوضاع شمال قطاع غزة، عندما اضطر السكان لأكل أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار".

وتستند الأمم المتحدة إلى وكالتيها: برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة، اللتين تعتمدان على هيئة تقنية تُعرف بنظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، بحسب وكالة "فرانس برس".

ويحلل هذا النظام شدة انعدام الأمن الغذائي على نطاق يرتكز على معايير علمية دولية، في وقت أظهر تقرير سابق أصدره أن نصف سكان غزة، أي 1.1 مليون شخص، يعيشون "وضعًا غذائيًا كارثيًا".
ويُعرِّف التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المجاعة بأنها "مواجهة السكان سوء تغذية على نطاق واسع وحدوث وفيات مرتبطة بالجوع بسبب عدم الوصول إلى الغذاء".

معايير المجاعة
يؤكد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن المجاعة هي المرحلة الأخطر في مقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد، الذي يتكون من 5 مراحل، وتمثل المرحلة الأولى الحد الأدنى من الضغوط المرتبطة بالأمن الغذائي أو عدم الإبلاغ عن أي ضغوط.

والمرحلة الثانية هي أن بعض الأشخاص يواجهون ضغوطًا في العثور على الطعام، والمرحلة الثالثة تتمثل بأزمة الغذاء، بينما تأتي المرحلة الرابعة لتعكس حالة الطوارئ، والمرحلة الخامسة لتكون انعكاسًا لـ "الوضع الكارثي أو المجاعة".

ويتم بلوغ المرحلة الخامسة من مقياس انعدام الأمن الغذائي بعد استيفاء ثلاثة معايير، وهي: أن 20 بالمئة على الأقل من السكان في منطقة معينة يواجهون مستويات شديدة من الجوع، وأن 30 بالمئة من الأطفال في المكان نفسه يعانون من الهزال أو النحافة الشديدة بالنسبة لأطوالهم.

كما يجب أن يتضاعف معدل الوفيات مقارنة بالمتوسط، وهذا المعدل بالنسبة للبالغين هو حالة وفاة واحدة لكل 10 آلاف يوميًا، وبالنسبة للأطفال، حالتا وفاة لكل 10 آلاف يوميًا.

ويؤكد برنامج الأغذية العالمي أن هذه المعايير تتضمن أن يكون هناك حالة من "تسارع الوفيات"، وحينها تكون الأرقام المتاحة محدودة، كما هو الحال عادة في مناطق النزاع.

ولا تزال الخسائر في الأرواح على نطاق واسع مرتبطة بالنتائج القريبة من عتبات المجاعة، وإذا طال أمدها على مدى فترة طويلة من الزمن، فإن الخسائر المتراكمة في الأرواح قد تصل إلى مستويات من المحتمل أن تكون عالية أو أعلى، اعتمادًا على المدة، مقارنة بالخسائر في الأرواح المرتبطة بالمجاعة، بحسب ما ذكرت شبكة "FEWS NET".

المراحل الخمس
واعتمد نظام "IPC" على سلم من خمس مراحل في قياس خطورة وضع الأمن الغذائي في بلد أو منطقة معينة.

والمرحلة الأولى هي التي يكون فيها انعدام الأمن الغذائي في أدنى مستوياته، أي أن العائلات في تلك المنطقة تستطيع الحصول على الطعام الضروري واحتياجاتها الأخرى دون اللجوء إلى طرق غير معتادة للحصول على الطعام، مثل بيع ممتلكاتها مثلًا.


والمرحلة الثانية هي مرحلة "الضغط": تحصل عند وقوع صدمة معينة تجعل الناس قلقين بشأن توفير الغذاء اللازم، كأن يحدث ارتفاع في الأسعار أو هبوط في الإنتاج الزراعي مثلًا.

أما المرحلة الثالثة، فهي مرحلة الأزمة، وتكون عادة نتيجة صدمة كبيرة تحدث تأثيرًا على حياة الناس، مثل الحرب أو الجفاف أو الكوارث الطبيعية أو أزمة اقتصادية حادة.

والمرحلة الرابعة هي مرحلة الطوارئ، وعندها يبدأ الناس في استنزاف كل الطرق البديلة للحصول على الطعام، وتبدأ نسب سوء التغذية في تجاوز عتبة 15 بالمئة، وتبدأ نسب الموت جوعًا في الارتفاع.

والمرحلة الخامسة والأخيرة هي مرحلة الكارثة والمجاعة، وعندها تنهار المنظومة الغذائية تمامًا، ويصبح الناس غير قادرين على الحصول على الحد الأدنى من الغذاء لتجنّب الموت.

الأوضاع في غزة
يقول محمد (44 عامًا) إن المجاعة الحالية في قطاع غزة كانت متوقعة ونتيجة طبيعية لإغلاق المعابر ووقف دخول المساعدات منذ آذار/ مارس الماضي، وما تبعها من استئناف حرب الإبادة الإسرائيلية.

ويضيف محمد لـ"عربي21" أنه رغم توقع هذه المجاعة المتكررة، لم يكن في وسع أهالي قطاع غزة فعل الكثير من الأمور للتخفيف من آثارها، قائلًا: "لا يمكن حتى تخزين إلا القدر القليل من المواد الغذائية بسبب الفقر الشديد الذي انتشر بين الناس جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من سنة ونصف".

ويكشف: "أنا مدرس ضمن وكالة الأونروا، وحتى الآن أتحصل على راتبي بشكل شبه طبيعي، لكنه لا يكفيني حتى لتلبية الحاجيات الأساسية من طعام وشراب"، قائلًا: "مهما كان الراتب مرتفعًا، فهو لا يكفي لسد الاحتياجات، لأن مجرد الحصول عليه نقدًا يعني الاستغناء عن 30 أو 40 بالمئة منه بسبب دفع عمولات السحب النقدي".

وبسبب الحرب والاستهداف الإسرائيلي المباشر للبنوك، وحتى سرقتها من قبل قوات الاحتلال في الشهور الأولى من الحرب، انهار النظام المصرفي في قطاع غزة، واضطر السكان إلى اللجوء إلى محلات الصرافة والوسطاء من أجل سحب أموالهم من البنوك، وهو ما يكلّف نسبة عمولة عالية تُخصم من المبلغ الأصلي.

ويوضح محمد: "يمكن تخزين بعض المعلبات والمواد الغذائية المحفوظة جيدًا، لكن لا يمكن تخزين أي خضروات أو لحوم، ولا حتى الطحين والدقيق، بسبب حتمية فساده بسبب البيوت المدمرة والمكشوفة، وانتشار الفئران والدود وأكل أنواع الكائنات.. طبيعي، الشارع كله صرف صحي".

بدورها، تقول آية (38 عامًا)، التي تحصل على معلومات مالية من أقاربها ومعارفها من خارج قطاع غزة، إنها تعاني من نفس المسألة في سحب الأموال، حيث تحصل على ثلثيها في أحسن الأحوال، مع دفع الثلث الأخير كعمولة.

وتضيف آية لـ"عربي21" أن أسعار المنتجات الغذائية ارتفعت بشكل كبير في اللحظة التي أعلن فيها الاحتلال إغلاق معابر قطاع غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية، موضحة: "عندما نتحدث عن الأسعار الحالية مع أقاربنا الذين يعرفون غزة بشكل جيد قبل الحرب الحالية، يكادوا لا يصدقون ما نقول".

وتوضح: "حاليًا لا يمكن لنا حتى تناول الخبز، آخر مرة اشتريت فيها الطحين لصنع الخبز في البيت كان فاسدًا وتسبب لنا بآلام شديدة في البطن، ورائحته كانت كريهة جدًا، وهذا رغم أن الكيلوغرام الواحد ثمنه أكثر من 35 شيكل (10 دولارات)".

ومن ناحية أخرى، قال مصدر محلي في غزة لـ"عربي21" إن ما يتوفر من الطحين في الأسواق حاليًا يُباع مقابل ما يعادل 12 دولارًا للكيلو الواحد، بعد أن كان سعره قبل المجاعة لا يتجاوز نصف الدولار.

ولفت إلى أن إجمالي كيس الطحين، زنة 25 كيلوغرامًا، وإن وُجد، يُباع نظير 1000 شيكل، أي ما يعادل 280 دولارًا أمريكيًا، وهو سعر "خيالي" قياسًا بسعره قبل الأزمة، إذ لم يكن يتجاوز سقف الـ50 شيكلًا.

بدوره، أعلن المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، منير البرش، الخميس، أن 91 بالمئة من سكان القطاع يعانون من "أزمة غذائية" جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل وإغلاق المعابر أمام دخول المساعدات والبضائع منذ 2 آذار/ مارس الماضي.


وقال البرش إن "غزة تعيش مأساة إنسانية مروعة، تجمع بين الجوع والفقر والمرض، نتيجة الإبادة الجماعية والحصار الإسرائيلي الخانق من خلال إغلاق المعابر وعدم دخول المساعدات".

وأضاف أن "نحو 91 بالمئة من السكان يواجهون أزمة غذائية، في ظل شح الغذاء في غزة"، مؤكدًا أن "قطاع غزة يشهد انهيارًا جماعيًا في جميع القطاعات، بفعل ما تمارسه إسرائيل من استخدام التجويع كسلاح حرب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني"

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة المجاعة الأمم المتحدة الاحتلال الأمم المتحدة غزة الاحتلال المجاعة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التصنیف المرحلی المتکامل للأمن الغذائی برنامج الأغذیة العالمی انعدام الأمن الغذائی المرحلة الخامسة دخول المساعدات الأمم المتحدة فی قطاع غزة على الطعام بالمئة من هی مرحلة فی غزة

إقرأ أيضاً:

على وقع ضغوط ترامب.. زيلينسكي يبدي استعدادا لإجراء انتخابات خلال 60 إلى 90 يوما

عواصم "وكالات ": أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده لتنظيم انتخابات في أوكرانيا إن توافرت الظروف الأمنية، عقب توجيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقادا له بهذا الشأن، وأعلن أنه سيرسل لواشنطن مقترحه المعدّل للخطة الأمريكية لإنهاء الحرب.

واكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، استعداده التام لإجراء انتخابات خلال 60 إلى 90 يوما، حتى في ظل استمرار الحرب مع روسيا، إذا تمكنت الولايات المتحدة وأوروبا من ضمان الأمن اللازم لإجراء التصويت، وفقا لوكالة الأنباء الأوكرانية "إنترفاكس-أوكرانيا".

وقال زيلينسكي لصحفيين: "لدي الإرادة والاستعداد الشخصي لذلك". وأضاف أن إجراء الانتخابات سيتطلب تعديل قانون الانتخابات الأوكراني، وطلب من نواب كتلته البرلمانية إعداد التعديلات اللازمة.

ويحظر قانون الأحكام العسكرية في أوكرانيا إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية. وبينما يمكن تعديل القانون نفسه، يسمح الدستور بإجراء الانتخابات البرلمانية فقط بعد رفع الأحكام العسكرية، كما يمنع تعديل الدستور أثناء الحرب.

ولم تجر أي انتخابات في أوكرانيا منذ بداية الحرب الروسية في فبراير 2022 وانتهت فترة ولاية زيلينسكي العادية في مايو 2024، بينما انتهت ولاية البرلمان في أغسطس 2024 .وكان من المقرر إجراء الانتخابات المحلية في أواخر أكتوبر 2025 ويعتبر عدم إمكانية إجراء الانتخابات أثناء الأحكام العسكرية أمرا طبيعيا في العديد من الدول.

على وقع ضغوط ترامب الساعي لإبرام اتفاق سلام، أجرى زيلينسكي خلال الايام الماضية محادثات في لندن وبروكسل مع قادة أوروبيين أبدوا تضامنهم مع كييف.

وقال زيلينسكي في تصريح لصحافيين بعد جولة قادته إلى عواصم أوروبية عمل خلالها على حشد دعم حلفائه، وفي وقت سابق، اتّهم ترامب زيلينسكي بأنه "لم يقرأ" المقترحات الأخيرة لإدارته، وقال إن روسيا لديها الأفضلية في النزاع، وذلك في مقابلة أجراها معه موقع بوليتيكو الإخباري نُشرت الثلاثاء.

لكن زيلينسكي، وبعد الانتقادات التي وجّهها إليه ترامب الثلاثاء، أبدى استعداده لتنظيم انتخابات جديدة.

لكنه استدرك "أطلب صراحة من الولايات المتحدة مساعدتي، وربما مع الزملاء الأوروبيين، في ضمان الأمن لإجراء الانتخابات".

صياغة رد على الخطة الأمريكية

وأجرى زيلينسكي الذي جال في الأيام الأخيرة على عواصم أوروبية لصياغة رد على الخطة الأمريكية، ودخل زيلينسكي في محادثات مع قادة أوروبيين في لندن وبروكسل. والثلاثاء توجّه إلى إيطاليا للقاء البابا لاوون الرابع عشر ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

واعتبر البابا الثلاثاء أنه "ليس من الواقعي" السعي لتحقيق السلام في أوكرانيا بدون أوروبا، وأن خطة ترامب قد تفضي إلى "تغيير هائل" في التحالف الأوروبي-الأمريكي.

وإذ أعرب، ردا على سؤال بشأن إمكان قبوله دعوة زيلينسكي لزيارة أوكرانيا، عن "أمله بذلك"، قال إنه من المستحيل توقع موعد إجراء مثل هذه الرحلة.

كما حذر من التصريحات التي قد "تحاول كسر ما أعتقد أنه يجب أن يكون تحالفا مهما جدا اليوم وفي المستقبل".

وكانت خطة واشنطن تقضي بتنازل كييف عن أراض لا تسيطر عليها روسيا، بما في ذلك منطقة دونباس بكاملها، مقابل تعهّدات أمنية لا تلبي تطلعات أوكرانيا في ما يتّصل بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

وقال زيلينسكي إن الخطة الأمريكية لوقف الحرب جرى تقليصها من 28 بندا إلى 20 بعد المناقشات الأمريكية الأوكرانية في نهاية الأسبوع.

وقضية الأراضي والضمانات الأمنية الدولية تعد من النقاط الرئيسية العالقة، وفق زيلينسكي.

وقال الرئيس الأوكراني "ليس لدينا أي حق قانوني" للتنازل عن أراض "بموجب القانون الأوكراني ودستورنا والقانون الدولي. كما ليس لدينا أي حق أخلاقي".

وشدّد على أهمية "معرفة ما سيكون شركاؤنا مستعدين للقيام به في حال وقوع عدوان جديد من روسيا. إلى الآن، لم نتلق أي إجابة على هذا السؤال".

خلال حدث متلفز الثلاثاء، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منطقة دونباس الواقع في الشرق الأوكراني بأنها روسية "تاريخيا".

وقال "هذه المنطقة مهمة، إنها أرضنا تاريخيا، بلا شك".

ترامب: الاوروبيون يتحدثون لكنهم غير منتجين

في الاثناء، اتخذ ترامب مواقف متناقضة تجاه أوكرانيا منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، وانتقد زيلينسكي لعدم إبدائه امتنانا للدعم الأمريكي.

وأبدى أيضا استياء حيال بوتين لعدم تجاوبه مع الجهود الأمريكية لإنهاء الحرب، وفرض أخيرا عقوبات على أكبر شركتين نفطيتين روسيتين.

وفي المقابلة مع موقع بوليتيكو، انتقد ترامب الدور الأوروبي قائلا "يتحدثون لكنهم غير منتجين".

فجورجيا ميلوني التي تطرح نفسها جسر تواصل بين ترامب وأوروبا، داعمة بشدة لأوكرانيا منذ بدء الحرب، إلا أن زعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني، أحد شركائها في الائتلاف الحاكم، يشكك في جدوى دعم كييف.

وإيطاليا من مزودي أوكرانيا بالأسلحة، إنما تلك التي تستخدم حصرا لضرب أهداف في الداخل الأوكراني، وهي استبعدت إرسال قوات في إطار قوة مراقبة اقترحتها بريطانيا وفرنسا.

في الأسبوع الماضي، علّقت الحكومة الإيطالية قرارا يتّصل بتجديد المساعدات العسكرية لأوكرانيا، علما أن التفويض الحالي تنتهي مفاعيله في 31 ديسمبر.

وتفيد تقارير بأن سالفيني يطرح تساؤلات حول ما إن من الضروري تجديد المساعدات في ضوء المحادثات الحالية.

مع ذلك، أصرت ميلوني على أنه "طالما هناك حرب، سنفعل ما بوسعنا، كما فعلنا دوما لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها".

اليوم تحالف الراغبين يبحدث الضمانات الامنية

من جهتها، أعلنت الحكومة الفرنسية اليوم الأربعاء أن "تحالف الراغبين" الذي يضم دولا داعمة لأوكرانيا سيبحث اليوم الخميس "الضمانات الأمنية" لكييف، وذلك فيما يتعرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لانتقادات شديدة من نظيره الأميركي دونالد ترامب.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية مود بريجون "سيتيح اجتماع اليوم للتحالف الذي تترأسه فرنسا والمملكة المتحدة، إحراز تقدم بشأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا والمساهمة الأمريكية الكبيرة".

وأوضح قصر الإليزيه بعد ذلك أن الاجتماع سيُعقد بعد ظهر اليوم الخميس عبر الفيديو.

وأعلن قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا الإثنين في لندن تضامنهم مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت يواجه فضيحة فساد تطال مدير مكتبه السابق وانتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وتسعى كييف مع حلفائها الأوروبيون لإدخال تعديلات علي الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب التي اعتبروا أن مسودتها الأولى تتبنى جلّ مطالب روسيا.

وانتقد ترامب الذي يبعث بإشارات متضاربة إلى زيلينسكي، نظيره الأوكراني الأحد مؤكدا أنه "لم يطلع" على الخطة الأمريكية.

وواصل انتقاداته الثلاثاء مؤكدا في مقابلة أجراها معه موقع "بوليتيكو" أن على أوكرانيا تنظيم انتخابات، متهما كييف بـ"استخدام الحرب" ذريعة لتفادي هذا الاستحقاق.

المساعدات العسكرية لأوكرانيا في أدنى مستوى

من جهة ثانية، توقع معهد كيل الألماني للأبحاث اليوم الأربعاء أن تصل المساعدات العسكرية لأوكرانيا إلى أدنى مستوياتها في عام 2025، في ظل عدم قدرة الدول الأوروبية التي تُقدّم الجزء الأكبر منها حاليا على تعويض توقف المساعدات الأمريكية.

وأشار رئيس فريق معهد كيل كريستوف تريبيش في بيان إلى أنه "وفقا للبيانات المتاحة حتى أكتوبر، لم تتمكن أوروبا من إرسال المساعدات بالزخم نفسه كما في النصف الأول من عام 2025".

ومعهد كيل معني بتتبع المساعدات العسكرية والمالية والإنسانية التي تم التعهد بتقديمها لأوكرانيا منذ بدأ الحرب الروسية في اوكرانيا منذ قرابة اربع سنوات.

قبل قرار دونالد ترامب بوقف المساعدات عند عودته إلى البيت الأبيض في مطلع 2025، كانت الولايات المتحدة تُقدّم أكثر من نصف تلك المساعدات العسكرية.

وقال المعهد إنه في حين نجحت الدول الأوروبية في البداية في تعويض ذلك، إلا أن مساعداتها تراجعت منذ بداية الصيف.

وقال تريبيش "إذا استمر هذا التباطؤ في الشهرين المقبلين، سيكون عام 2025 هو العام الذي يشهد أدنى مستوى من المساعدات الجديدة لأوكرانيا" منذ 2022.

في الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، خُصصت مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 32.5 مليار يورو، معظمها قدمتها أوروبا. وخلال شهرين فقط، سيحتاج حلفاء أوكرانيا إلى تخصيص أكثر من 5 مليارات يورو للوصول إلى أدنى مستوى سنوي تم تخصيصه في عام 2022 (37,6 مليار يورو)، وأكثر من 9 مليارات يورو للوصول إلى المتوسط السنوي البالغ 41,6 مليار يورو بين عامي 2022 و2024.

مع ذلك، لم يُخصص سوى ملياري يورو شهريا في المتوسط خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر.

قال باحثون في معهد كيل إن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة ضاعفت مساهماتها، بل وربما زادتها بثلاث مرات، بينما انخفض دعم إيطاليا بنسبة 15%، ولم تُخصص إسبانيا أي مساعدات عسكرية جديدة لعام 2025.

وتسعى المفوضية الأوروبية حاليا إلى استخدام مبالغ من أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في الاتحاد الأوروبي والتي تُقدر بنحو 200 مليار يورو، لتمويل قرض لأوكرانيا.

والهدف هو الإفراج عن 90 مليار يورو مبدئيا خلال قمة رؤساء الدول والحكومات المقرر عقدها في 18 ديسمبر في بروكسل.

إلا أن هذه الخطة المعقدة، التي بموجبها تُقرض مؤسسة يوروكلير المالية الأموال للاتحاد الأوروبي ليُقرضها بدوره لكييف، تواجه معارضة شديدة من بلجيكا التي تخشى ردود فعل انتقامية من روسيا.

مقالات مشابهة

  • غزة بعد الحرب.. وضع إنساني مزري وإعاقة في توصيل المساعدات
  • على وقع ضغوط ترامب.. زيلينسكي يبدي استعدادا لإجراء انتخابات خلال 60 إلى 90 يوما
  • مالطا لبنان تعزز الأمن الغذائي من خلال مشروع المساعدات الغذائية المبرمجة للطوارئ
  • المنوفي: قطاع السلع الغذائية في مصر يعيش مرحلة تحول تاريخية
  • وزير الصناعة: الصناعات الغذائية أحد القطاعات الصناعية الواعدة وضمن قائمة الـ28 فرصة استثمارية واعدة
  • من المتوقع إرسال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة غدا
  • قافلة «زاد العزة» الـ 90 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
  • إعلام عبري: ترامب يريد الإعلان عن البدء بالمرحلة الثانية لاتفاق غزة الخميس القادم
  • مصر تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة
  • أبو الغيط: الأمن الغذائي العربي يتطلب جهودًا جماعية متضافرة