هيئة دولية: تصاعد خطاب وزراء الاحتلال العنصرية تلخص الوضع القائم
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
غزة - صفا
قالت الهيئة الدولية (حشد) إن تصريحات الوزيرين الإسرائيلين المتطرفين بن غفير وسموتيريش، العنصرية تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، تلخص الوضع القائم والحياة اليومية للفلسطينيين تحت الاحتلال.
ودانت الهيئة في بيان وصل وكالة "صفا" اليوم السبت، تصاعد خطاب التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني على لسان مسئولين بحكومة الاحتلال.
ورأت أنه ما كان لهذه التصريحات أن تتصاعد لولا حالة الصمت والتسييس وازدواجية المعايير التي ينتهجها المجتمع الدولي فيما يتعلق بالحالة الفلسطينية.
وبينت أن حالة الصمت هذه تشكل ضوءً أخضراً لسلطات الاحتلال للمضي قدماً في تصميم وفرض نظام الفصل العنصري، الذي يمنح المستوطنين تفوقاً عرقياً، ليس فقط فيما يتعلق بحرية الحركة والتنقل، وإنما أيضا في كافة نواحي الحياة اليومية.
وطالبت المجتمع الدولي بكل مكوناته، لتبني أوسع حملة إدانة لمواصلة الاحتلال التنكر للحقوق الفلسطينية، والسعي الحثيث لفرض نظام الفصل العنصري والتفوق العرقي للمستوطنين، بما فيه تبني حملة المقاطعة وعزل الاحتلال لحين انصياعه لأحكام القانون وقرارات الشرعية الدولية، والاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة.
ودعت كافة دول العالم لتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية، من خلال تنفيذ القرارات ذات الصلة، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم: 465 لعام 1980، الذي دعا جميع الدول إلى عدم تزويد سلطات الاحتلال بأي مساعدة لاستخدامها على وجه التحديد فيما يتعلق بالمستوطنات في الأرض المحتلة ووضع حد للوضع الراهن، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه.
كما شددت في مطالبتها للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، لتبني مواقف جادة من شأنها تفكيك وتصفية نظام الفصل العنصري، وتوفير الحماية القانونية للفلسطينيين ومقدراتهم وأعيانهم زمن النزاعات المسلحة، وضمان محاسبة سلطات الاحتلال عن انتهاكها بما يحقق المصداقية ويعيد الاعتبار لمنظومة القانون والقضاء لدولي في نفوس الضحايا.
كما دعت الهيئة القيادة والدبلوماسية الفلسطينية بتوظف فيها كل الاليات الدولية المتاحة، بما فيها الضغط على المحكمة الجنائية الدولية من أجل حثها لتسريع التحقيق بالجرائم المرتكبة من قبل قوات الاحتلال ومليشيات المستوطنين، لمنع إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: حشد خطاب العنصرية الاحتلال الوضع القائم
إقرأ أيضاً:
فيما يحتاج العالم إلى الحكماء يحكمه القساة
لنجرب الآن شيئا حساسا: أن نتكلم عن الشيخوخة دون أن ننزلق إلى التجني عليها. لم يحدث من قبل في التاريخ الحديث أن كان من يملكون في أيديهم مصير العالم على هذا القدر من الشيخوخة. ففلاديمير بوتين وشي جينبنج في الثانية والسبعين، وناريندرا مودي في الرابعة والسبعين، وبنيامين نتنياهو في الخامسة والسبعين، ودونالد ترامب في التاسعة والسبعين، وعلي خامنئي في السادسة والثمانين.
بفضل تقدم العلوم الطبية، بات بوسع الناس أن تطول أعمارهم، وتكون حياتهم أكثر نشاطا، لكننا نشهد الآن أيضا عددا مفزعا من القادة السياسيين الذين يحكمون قبضاتهم على السلطة برغم تقدمهم في العمر، وذلك في أغلب الأحيان على حساب زملائهم الأصغر سنا.
في هذا الأسبوع، خلال قمتهم السنوية، رأينا قادة الناتو إيمانويل ماكرون وميت فريدركسون (وكلاهما في السابعة والأربعين من العمر) وجورجيا ميلوني (ثمانية وأربعون عاما) وبيدرو سانشيز (ثلاثة وخمسون) ـ وهم مرغمون على تقبل طلب ترامب بزيادة الإنفاق العسكري. ويبلغ متوسط العمر لقيادات دول الناتو ستين عاما. ويبلغ المستشار الألماني فريدريش ميزر من العمر تسعة وستين عاما، بينما يبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوجان من العمر إحدى وسبعين سنة.
جميعهم انحنوا لهدف الإنفاق العسكري بنسبة 5%، وذلك رقم اعتباطي، فرض بغير تفكير عسكري جدي أو نقاش عقلاني، ناهيكم بجدال ديمقراطي جاد داخل كل بلد. ولم يكن ذلك سياسة بقدر ما كان احتراما لأهواء شيخ نكد. بل إن الأمين العام للناتو مارك روتي ـ وهو شخصيا في الثامنة والخمسين من العمر ـ قد مضى إلى حد مناداته لترامب بـ"بابا". وليست هذه دبلوماسية، وإنما خنوع.
هذا الصدام بين الأجيال يتجلى في مناح أخرى. فرئيس أوكرانيا البالغ من العمر سبعة وأربعين عاما فلودومير زيلينسكي يقاوم الطموحات الإمبريالية لبوتين السبعيني. وشي جينبنج السبعيني يرى تايوان إذ يقودها رئيس يصغره في السن بسبعة أعوام. ويشرف نتنياهو ـ البالغ من العمر ثلاثة أرباع القرن ـ على تدمير غزة التي يوشك نصف عدد سكانها أن تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما. وفي الكاميرون يحتل بول بيا ـ البالغ من العمر اثنتين وتسعين سنة ـ السلطة منذ عام 1982 بينما يبلغ متوسط عمر الشعب ثمانية عشر عاما ويبلغ متوسط العمر المتوقع للفرد اثنين وستين عاما.
ما من مؤامرة للشيخوخة في هذا المقام، وما من ناد للمواطنين كبار السن يسعى إلى السيطرة على العالم. ولكن أمرا باعثا للقلق يحيق بعالم يفككه الأشخاص الذين تحددت حياتهم ببنيان ما بعد الحرب العالمية الثانية. فقد ولد ترامب في عام 1946، أي العام الذي عقدت فيه الأمم المتحدة اجتماع جمعيتها العامة الأول. وولد نتنياهو بعد عام من تأسيس إسرائيل. وولد مودي في عام 1950 مع تحول الهند إلى جمهورية. ووصل بوتين إلى العالم في أكتوبر من عام 1952 قبل أشهر من وفاة ستالين. وأعقبه على الفور شي جينبنج في يونيو من عام 1953. فهؤلاء القوم هم أبناء عالم ما بعد الحرب العالمية، وفيما هم يدنون من نهاية آجالهم، يبدون عازمين على تمزيق هذا العالم شر تمزيق. بل إن الأمر يوشك أن يكون انتقاميا. ولقد حثنا الشاعر ديلان توماس قائلا "ثوروا، ثورا على احتضار النور". فلم يبد أن بيته هذا يصدق حرفيا مثلما يصدق الآن.
صحيح أن النظام العالمي القائم على القواعد طالما بدا أشد فوضوية في التطبيق مما يبدو على الورق، لكن المثال على الأقل كان موجودا. وكان ثمة إطار أخلاقي مشترك، مهتز نعم، لكنه صادق، وقائم على قناعة بأن الإنسانية لا ينبغي أبدا أن تكرر الأعمال الوحشية التي شهدتها في النصف الأول من القرن العشرين، وبأن الحوار والدبلوماسية خير لنا جميعا. لكن هذه القناعة تلاشت الآن، وبخاصة في عقول من ينبغي أن يحتفوا بها أكثر ممن عداهم.
هذه لحظة غير مسبوقة. فالمهندسون الذين وضعوا تصميم الفوضى العالمية السابقة ـ أعني هتلر وموسوليني وستالين وماو ـ كانوا جميعا في الثلاثينيات والأربعينيات حينما وصلوا إلى السلطة. وجاء جيل جديد فأقام عالما جديدا وعاش في عواقبه. واليوم يجري تفكيك ذلك العالم الجديد على أيدي جيل قديم، لن يعيش ليرى الحطام الذي سيتركه وراءه. فمن السهل الهتاف بشعار التحفيز على التنقيب عن الثروة النفطية "احفر يا حبيبي احفر"، ولكنها سهولة لا تتوافر إلا لمن لا يحتمل أن يعيشوا ليعانوا أسوأ انهيار مناخي، أي "أنا ومن بعدي الطوفان" كما يقال.
قد تظنون أن جيلا سعيد الحظ انتفع بطول العمر سوف يترك وراءه إرثا من الرعاية والامتنان والاهتمام بالعالم. لكنا ما نشهده بدلا من ذلك هو أسوأ انبعاث للقمع والعنف والإبادة الجماعية والإبادة البيئية وازدراء القانون الدولي منذ عقود، ويجري ذلك كله في أغلب الأحيان على أيدي قساة القلوب من السبعينيين والثمانينيين الذين يبدون أحرص على الإفلات من القانون منهم على حفظ السلام.
ولا ينبغي أن يكون الأمر بالضرورة على هذا النحو. فبعد خروجه من السلطة، أسس نيلسن مانديلا "الحكماء"، وهي شبكة من حكام سابقين تعمل من أجل تعزيز السلام والعدالة وحقوق الإنسان. وباستلهام للمواريث الأفريقية الخاصة بالتوافق وحكمة الشيوخ، يعد الحكماء مثالا لما يمكن أن يجلبه التقدم في العمر من صفاء في الرؤية وعطف وضمير، وليس محض نفوذ.
ليست المشكلة في الشيخوخة. وإنما في كيفية اختيار البعض لاستعمالها. وليس العالم بحاجة إلى مزيد من الطغاة الطاعنين في السن المتشبثين في السلطة. إنما هو بحاجة إلى الكبار العازمين على التخلي، والتوجيه. أولئك الذين يفكرون في الإرث لا بوصفه مجدا شخصيا، بل بوصفه عالما يتركونه لمن يعقبونهم. وفي عصر الشيخوخة هذا، ما نحتاج إليه ليس السيطرة، وإنما الحكمة. وذلك في نهاية المطاف هو ما يفرق بين الحاكم والقائد.
كاتب المقال فيلسوف هولندي مرموق.
ذي جارديان- 28 يونيو 2025