تعرف على الدروز في سوريا وأعدادهم.. أقلية صغيرة تفرض حضورها
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
حجزت الطائفة الدرزية لنفسها موقعا في الخريطة الدينية والاجتماعية والسياسية في سوريا، عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، رغم أنهم لا يشكلون أكثر من 3 بالمئة من السكان السوريين؛ فمن هم الدروز في سوريا؟ وكم عددهم؟ وأين يتوزعون؟.
700 ألف درزي داخل سوريا
تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن عدد أبناء الطائفة الدرزية في سوريا يتراوح بين 700 إلى 800 ألف نسمة، من أصل نحو 22 مليون سوري، ما يجعل نسبتهم تقارب 3 بالمئة من سكان البلاد.
وتعد هذه النسبة محدودة إذا ما قورنت بالطوائف السنية والعلوية والمسيحية، لكنها لا تعكس وزنهم الحقيقي في المعادلة السورية، سواء تاريخيا أو في الحاضر.
ويدفع غياب إحصاءات رسمية دقيقة بسبب توقف التعدادات السكانية منذ اندلاع الحرب السورية، غالبية المؤسسات البحثية إلى الاعتماد على تقديرات مستقلة، مثل تلك التي نشرها معهد كارنيغي ومركز الدراسات السورية في بيروت.
ووفق هذه التقديرات، فإن الطائفة شهدت تراجعًا عدديًا نسبيًا خلال السنوات الأخيرة نتيجة الهجرة والنزوح، لكنها لا تزال تحافظ على تواجد واسع في بعض المناطق.
الجدير بالذكر أن عددًا من الدروز السوريين يقيمون خارج البلاد، خاصة في لبنان وفنزويلا والبرازيل والولايات المتحدة، إلا أن هذا التقرير يركز فقط على العدد الداخلي داخل سوريا.
جبل العرب قلب الدروز النابض
أكثر من 85 بالمئة من الدروز السوريين يعيشون في محافظة السويداء، جنوب سوريا، على الحدود مع الأردن.
وتعرف المنطقة تقليديًا باسم جبل الدروز أو جبل العرب، وهي تضم مدنًا وبلدات مهمة مثل السويداء، صلخد، شهبا، والقريا، بالإضافة إلى عشرات القرى ذات الغالبية الدرزية.
ويتميز الجبل بوعورته الجغرافية، وهو ما وفر عبر التاريخ ملاذًا آمنًا للطائفة، وعزز من استقلاليتها.
أما خارج السويداء، فينتشر الدروز في مناطق أقل كثافة، أبرزها:
جبل الشيخ في ريف دمشق الغربي: حيث توجد قرى مثل عرنة، حينة، ريمة، بيت تيما، بيت سابر، وهي مناطق لها تاريخ طويل في التواجد الدرزي منذ العهد العثماني.
محافظة القنيطرة: وفيها بعض القرى الدرزية القريبة من الجولان المحتل، مثل حضَر.
جبل السماق في إدلب: وهي منطقة تقطنها قرى درزية قديمة مثل قلب لوزة وكفرمارا وكفركرم، لكنها تضررت بشدة نتيجة سيطرة جماعات متشددة على المنطقة منذ العام 2012، ما دفع معظم سكانها للنزوح.
تُظهر هذه الخريطة أن الطائفة الدرزية تتركّز جغرافيًا في الجنوب، بينما وجودها في الشمال والشمال الغربي بات مهددًا بسبب النزوح والتهجير.
مرجعيات دينية مغلقة... ونظام اجتماعي متماسك
ويتبعون الدروز في سوريا مذهبًا دينيًا مغلقًا نشأ في القرن الحادي عشر الميلادي في ظل الدولة الفاطمية، وانشق عن المذهب الإسماعيلي الشيعي، ليتحول إلى ديانة قائمة بذاتها.
ولا يسمح باعتناق المذهب الدرزي من خارج الطائفة، كما لا يرحب بتحول أحد من داخله إلى ديانة أخرى، هذا الانغلاق الديني الصارم جعل من الطائفة وحدة اجتماعية متماسكة.
يقوم التنظيم الديني للطائفة على تقسيم أفرادها إلى فئتين:
العقّال: وهم الذين يطلعون على كتب الحكمة ويعتبرون رجال الدين. يتسمون بلباس خاص وسلوك صارم، ويتصدرون المشهد الديني والاجتماعي.
الجهّال: وهم عامة الناس الذين لا يحق لهم الاطلاع على العقائد الباطنية إلا إذا بلغوا مستوى معينًا من التديّن والتقوى.
أما المرجعية الدينية، فتتجسد في مؤسسة تُعرف بـ"مشايخ العقل"، وهي الهيئة الروحية العليا للطائفة، وتقليديًا، يوجد في سوريا ثلاثة مشايخ عقل رئيسيين، ينتخبون محليا من كبار رجال الدين.
ومن أبرز هذه الشخصيات حاليًا هو الشيخ حمود الحناوي وحكمت الهجري، الذي يتمتع بنفوذ واسع في جبل العرب، خاصة بعد مقتل الشيخ وحيد البلعوس عام 2015، والذي كان قد تبنى خطابًا مناهضًا لتورط أبناء الطائفة في الصراع السوري.
وترك الشيخ البلعوس، الذي اغتيل في تفجير في مدينة السويداء، فراغًا كبيرًا، لا سيما وأنه كان مؤسس ما عُرف بـ"مشايخ الكرامة"، وهي مجموعة دينية وشبه عسكرية دعت إلى حماية أبناء الطائفة من أي تدخل خارجي، سواء من الدولة أو المعارضة المسلحة.
شيخ عقل الدروز في ريف السويداء حمود الحناوي لـ "العربية": تصريحات #إسرائيل عن دروز سوريا شأن دولي لا علاقة لنا به وحمايتنا مسؤولية الدولة السورية فقط #العربية pic.twitter.com/QG3kBWGM2M — العربية (@AlArabiya) May 2, 2025
موقف تقليدي من السلطة: الحياد المُسلّح
للدروز تاريخ طويل في اتخاذ مواقف مستقلة عن السلطة المركزية، تعود جذورها إلى الحقبة العثمانية، حين كانوا يتمتعون بحكم شبه ذاتي في الجبل. وفي العهد الفرنسي، قادوا الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة المجاهد سلطان باشا الأطرش، والتي شكلت أول مقاومة وطنية منظمة ضد الاستعمار الفرنسي.
وتتمثل مطالب الدروز في سوريا بعدة نقاط، أولها تكوين سلطة من كافة ألوان ومكونات الشعب السوري مع دستور ضامن لحقوق الجميع، وثانيها سيطرة أمنية كاملة على المحافظة، يديرها حصرًا أبناء الطائفة الدرزية، وثالثها الاحتفاظ بسلاحهم الموجود في المحافظة للدفاع عن النفس.
في العصر الحديث، ورغم احتفاظهم بعلاقات مع النظام السوري، فإن الطائفة تبنّت ما يشبه "الحياد الحذر"، خصوصًا بعد 2011، فبينما رفضت الانخراط في العمل المسلح ضد النظام، كانت ترفض في الوقت ذاته إرسال أبنائها إلى الخدمة العسكرية، ما أدى إلى وقوع احتكاكات متكررة مع الجيش والأجهزة الأمنية.
هذا الموقف الحذر منح السويداء خصوصية نادرة، إذ لم تتحول إلى ساحة معركة، لكنها لم تكن بمنأى عن التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني، ما دفع السكان إلى تنظيم احتجاجات متكررة، خاصة في عامي 2020 و2023، طالبوا فيها بتحسين الأوضاع المعيشية والحد من الفساد، ورفع بعضهم شعارات سياسية واضحة ضد النظام، لكن دون الخروج إلى تمرد مسلح.
علاقات إقليمية متشابكة: من لبنان إلى الجولان
لا يمكن الحديث عن دروز سوريا دون التطرق إلى امتداداتهم الإقليمية، فللدروز حضور وازن في لبنان، حيث يشكلون قرابة 5 بالمئة من السكان، وتتمثل زعامتهم في شخصيتين: وليد جنبلاط، الزعيم التاريخي للحزب التقدمي الاشتراكي، وطلال أرسلان، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني. وتُعد العلاقة بين دروز سوريا ولبنان متينة عائليًا وثقافيًا، رغم التباين السياسي.
أما في فلسطين المحتلة والجولان السوري المحتل، فيعيش آلاف الدروز تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي، غالبيتهم في الجولان رفضوا التجنيس الإسرائيلي وما زالوا يحملون الهوية السورية، وقد شكّل هؤلاء ملفًا شائكًا في العلاقة بين سوريا وإسرائيل، خصوصًا في ظل محاولات سلطات الاحتلال تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي.
والأربعاء تظاهر عشرات الأشخاص من الطائفة الدرزية شمال إسرائيل، ، للمطالبة بما سموه "حماية الدروز" في سوريا، واغلق بأن المتظاهرون شوارع وأضرموا النار بإطارات سيارات فارغة شمال إسرائيل المنطقة التي يقطنها الدروز.
دروز في #إسرائيل يتظاهرون للمطالبة بما سموه "حماية" الدروز في #سوريا.
عشرات الدروز تظاهروا شمالي إسرائيل وأغلقوا شوارع وأضرموا النيران في إطارات سيارات، للمطالبة بـ"حماية" أبناء الطائفة في سوريا.
وتأتي المظاهرة غدا لقاء جمع موفق طريف زعيم الطائفة الدرزية بإسرائيل مع قائد… pic.twitter.com/4n9zW59Xac — Anadolu العربية (@aa_arabic) April 30, 2025
يأتي ذلك على خلفية اشتباكات بين "مجموعات خارجة عن القانون" وقوات الأمن في حي "جرمانا" الذي يقيم فيه دروز جنوب العاصمة السورية دمشق، الثلاثاء، واشتباكات أخرى بمنطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق، الأربعاء، أسفرت عن قتلى وجرحى.
في السنوات الأخيرة، تزايدت وتيرة التواصل بين الدروز في هذه المناطق، خاصة في ظل تطور وسائل الاتصال، لكن الدولة السورية لا تزال تراقب هذه العلاقة بحذر، وتُبقي على مسافة تنظيمية بينها وبين المرجعيات الدينية في لبنان والجولان.
اقتصاد ينهار وهوية تُهدد
كما غيرهم من السوريين، يعاني الدروز من آثار الحرب المستمرة، لكن خصوصيتهم كمجتمع مغلق وتاريخهم في الاعتماد على الذات جعلهم أكثر تضررًا في بعض الجوانب.
وتعاني محافظة السويداء، التي ترفض التدخل العسكري ولا تخضع لسلطة مركزية صارمة، من نقص في الخدمات، وتفشي البطالة، وضعف البنية التحتية، وانعدام الأمن في بعض المناطق.
أدت هذه الظروف إلى تصاعد الهجرة إلى الخارج، لا سيما نحو ألمانيا وكندا، حيث استقرت جاليات درزية كبيرة. كما لوحظ في السنوات الأخيرة تصاعد في نشاط التهريب وتجارة المخدرات والسلاح، وهو ما أقلق مشايخ الطائفة ودفعهم لتوجيه نداءات لإعادة ضبط الأمن.
رغم كل هذه التحديات، لا تزال الطائفة الدرزية تحافظ على نوع من الاستقلال المحلي، وتحاول تجنّب الانخراط في الاستقطابات الحادة التي تشهدها البلاد، ما يمنحها موقعًا فريدًا في المشهد السوري.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سوريا دروز سوريا سوريا دروز سوريا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطائفة الدرزیة الدروز فی سوریا أبناء الطائفة بالمئة من
إقرأ أيضاً:
حماة بين 1982 و2025: مدينة تستعيد حضورها في الذكرى الأولى لسقوط الأسد
تتيح الذكرى الأولى لسقوط نظام بشار الأسد فرصة لتتبّع التحوّلات التي مرّت بها مدينة حماة عبر العقود، من أحداث 1982، مرورًا بمحطات 2011، وصولًا إلى واقعها الراهن.
شهدت مدينة حماة السورية اليوم الجمعة تجمعات واسعة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد، ووفق ما نقلته صحيفة الفداء المحلية، قدّر عدد المشاركين في ساحة العاصي بحوالي مليون شخص توافدوا من مختلف مدن وبلدات المحافظة، إضافة إلى وفود من محافظات أخرى.
ورُفعت الأعلام واللافتات على المباني وفي الشوارع، كما حمل المجتمعون علماً سورياً بطول 500 متر وعرض 4 أمتار، امتد من نزلة العلمين حتى حديقة أم الحسن. وردد المشاركون هتافات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات خلال سنوات النزاع، مؤكدين أن الذكرى تضع المدينة أمام مرحلة جديدة بعد عام من فرار الأسد.
السيطرة العسكريةقبل عام فقط، كانت حماة مركزًا لإعادة تجمّع قوات الأسد بعد انسحابها من حلب في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
فقد تم حشد قوات عسكرية كبيرة على مختلف محاور المدينة لمحاولة وقف تقدّم الفصائل المتحالفة مع "هيئة تحرير الشام" التي كانت قد بسطت سيطرتها على ريف إدلب الجنوبي واخترقت الحدود الإدارية لحماة، ولاسيما شمالها وغربها.
لكن انهيار خطوط النظام السابق جاء أسرع مما توقع، إذ أعلنت فصائل "ردع العدوان" في الخامس من ديسمبر/كانون الأول 2024 دخولها أحياء المدينة، ليعترف الجيش السوري آنذاك بفقدان السيطرة على رابع أكبر مدن البلاد لأول مرة منذ عام 2011.
اعتبر كثيرون ذلك الحدث طيًّا لصفحة ممتدة من المعاناة، واستعادةً لمدينة ظلّ اسمها مرتبطًا لعقود بحدث دموي كبير.
حماة 1982: خلفية تاريخية في مسار المدينةترتبط حماة في الذاكرة السورية بأحداث فبراير/شباط 1982، حين شهدت المدينة عملية عسكرية واسعة نفذتها قوات عسكرية من الجيش السوري مع ما كان يعرف وقتها بـ "سرايا الدفاع" التابعة لرفعت الأسد، ضد مجموعات مسلّحة من الإخوان المسلمين كانت تنشط داخل المدينة آنذاك.
استمر الحصار والعمليات العسكرية نحو 27 يوماً، وتسبب القصف والاشتباكات في سقوط عدد كبير من القتلى، قالت تقديرات مختلفة إنهم تراوحوا بين 20 و40 ألف شخص، بينما وثقت جهات حقوقية أسماء نحو 10 آلاف منهم. كما أدت الأحداث إلى دمار واسع في أحياء المدينة.
ولا تزال كثير من تفاصيل تلك الفترة غير موثقة بالكامل، نتيجة القيود التي فرضت حينها على دخول الإعلاميين والمنظمات الحقوقية إلى المدينة.
حماة والاحتجاجات السورية عام 2011: حضور شعبيمع انطلاق الاحتجاجات السورية في مارس/آذار 2011، شهدت حماة مظاهرات واسعة شارك فيها عشرات الآلاف. وعلى الرغم من أن نظام بشار الأسد حافظ على السيطرة الإدارية والعسكرية على المدينة خلال السنوات التالية، فقد شهدت مناطق عدة فيها عمليات اعتقال وأحداث عنف موثقة، وبسبب القيود الأمنية داخل المدينة، انتقل عدد من أبناء حماة للانضمام إلى فصائل المعارضة خارجها، وشاركوا لاحقاً في المعارك التي امتدت إلى ريفي إدلب وحماة وصولاً إلى مايعرف بعملية "ردع العدوان" التي أطاحت بنظام الأسد عام 2024.
Related توتر في ريف حماة بعد اختطاف عنصر أمن.. قتيل وجرحى ومخاوف من تكرار مجازر الساحلحماة.. مدينة آن لها أن تستريح وترخي جدائلها وتدور نواعيرها بعد تاريخ ممتد من مذابح الأسد المروعةسوريا: انفجارات في ريفي إدلب وحماة تخلف قتلى وجرحى وتثير الذعر بين السكانوتتيح الذكرى الأولى لسقوط نظام بشار الأسد فرصة لتتبّع التحوّلات التي مرّت بها مدينة حماة عبر العقود، من أحداث 1982، مرورًا بمحطات 2011، وصولًا إلى واقعها الراهن.
ويُنظر إلى احتفالات اليوم على أنها مناسبة تعكس البعدَين السياسي والتاريخي لمدينة كان لها حضور محوري في محطات عدة من تاريخ سوريا الحديث.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة