هل يكون والتز أول ضحايا الصراع بين ماغا والمحافظين الجدد داخل إدارة ترامب؟
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
واشنطن- بالرغم من سيطرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحزب الجمهوري، ومعرفته المتراكمة بتوازنات القوى داخل واشنطن، وخبرته في اختيار وزرائه ومستشاريه بصورة تجنبه كل ما شهدته فترة الحكم الأولى من عواصف وزوابع، إلا أن موسم الإقالات بدأ فور مرور الـ100 يوم الأولى من حكمه.
وجاءت إطاحة ترامب بمستشاره للأمن القومي مايكل والتز، لتعكس صراعا صامتا بين أهم جناحي الحزب الجمهوري فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.
وانتظر ترامب مرور الأجواء الاحتفالية بعد الـ100 يوم الأولى، وبدأ بإقالة والتز، في خطوة لا يتصور معلقون كثيرون أنها ستنتهي بذلك، بل سيعقبها إقالات أخرى لتثبيت أشخاص يتطلعون لتنفيذ أجندة ترامب ولا يعرقلونها، ولا يفرضون إملاءاتهم الشخصية.
توقيت الإقالةوجاءت أول هذه الإقالات في وقت مهم، إذ أعرب ترامب عن إحباطه من روسيا، بينما توصلت واشنطن أخيرا لاتفاقية مع أوكرانيا حول المعادن النادرة.
ومع تواصل الإدارة ضرب الحوثيين في اليمن، تتفاوض واشنطن مع إيران حول مستقبل برنامجها النووي، في الوقت الذي تحاول إدارة ترامب زيادة الوعي بالتهديدات والمخاطر التي تشكلها قوة الصين الصاعدة عسكريا واقتصاديا.
وقبل أقل من يوم واحد على إقالة ترامب لوالتز، غرَّد نجل ترامب الأصغر، دونالد جونيور، مرفقا تغريدة للناشط الجمهوري تشارلي كيرك، المقيم في ولاية أريزونا، ويتابعه 5 ملايين شخص على منصة إكس، قال فيها "المحافظون الجدد في الدولة العميقة يقومون بتشويه سمعة ستيفن ويتكوف لأنهم يحاولون تقويض أجندة السياسة الخارجية لوالدي، هم يريدون حروبا إلى الأبد!".
إعلانوكان تشارلي كيرك قد أرفق لتغريدته جزءا من حديث أحد خبراء مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات "إف دي دي"، وهي مؤسسة بحثية تدعم إسرائيل وخاصة أحزابها اليمينية، وتدعو لضرب إيران، قائلا: "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات تقود عملية مناهضة لويتكوف، إنهم يدعون علنا الأشخاص في الإدارة إلى تقويض الرئيس ترامب والعمل على وقف أي اتفاق مع إيران، القوى المناهضة لويتكوف مناهضة لحركة ماغا".
وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مارك دوبويتز: "يجب تجنب الاتفاق مع إيران بأي ثمن لأن كل ما سيفعله هو وضع إسرائيل في موقف أضعف بكثير".
وطالب دوبويتز "الصقور" في الإدارة (والتز وهيغسيث وآخرين) بعرقلة داخلية لأي صفقة مع إيران من خلال تأطيرها على أنها "مهينة" أو "محرجة" لترامب شخصيا، كما حثَّهم أيضا على دفع إدارة ترامب على شن ضربات بنفسها ضد إيران.
وفي الوقت الذي بدأت فيه مراكز الأبحاث المتشددة في واشنطن تشعر بالذعر من أن ترامب بدأ مسارا قد ينتهي بالتوصل لاتفاق جديد مع إيران، شرع الكثير من الكتابات والتعليقات بمهاجمة ويتكوف واتهامه بعدم الخبرة والسذاجة وأن إيران ستحصل منه على ما تريد من دون أي مقابل.
ودعمت هذه المراكز موقف إسرائيل المتشدد والمعارض لهذه المفاوضات والداعي لضرورة استسلام إيران نوويا وتنازلها بصورة كاملة عن برنامجها النووي، وتفكيكه بالكامل على غرار النموذج الليبي.
وفي السياق، سبق أن حذَّر الإعلامي الشهير والحليف المقرب من الرئيس ترامب، تاكر كارلسون، من مسار مواجهة إيران، وجاء في تغريدة له على منصة إكس، التي يتابعه عليها أكثر من 16 مليون شخص، "أي شخص يدافع عن الصراع مع إيران ليس حليفا للولايات المتحدة، ولكنه عدو".
إعلان التياران المتصارعانوفيما يتعلق بصنع السياسة الخارجية في فترة حكم ترامب الثانية، هناك فريقان أساسيان لكل منهما أولويات وأجندة تتقارب وتتباعد مع الأخرى على حسب القضية، وأهميتها.
فريق ماغا، الذي يحمل شعار (لنجعل أميركا عظيمة مجددا) ويركز على تنفيذ أجندة شعبوية تعرف اختصارا بـ"أميركا أولا"، وينبذ الحروب الخارجية التي يراها تستنزف موارد البلاد لأهداف غير واضحة، ولتحقيق مصالح للآخرين.
ويستشهد أعضاؤه بالحرب في العراق وأفغانستان اللتين استمرتا لنحو 20 عاما، وكلَّفت الخزينة الأميركية فوق 3 تريليونات دولار، إضافة للخسائر البشرية.
ويركز هذا الفريق على المواجهة مع الصين، والتوصل لاتفاقيات سلام وتهدئة في روسيا وأوكرانيا وإيران والشرق الأوسط، ويقوده نائب الرئيس جي دي فانس، وأولاد ترامب، ودائرة رجال الأعمال من الموالين والمقربين منه، وعلى رأسهم ستيفن ويتكوف، مبعوثه للشرق الأوسط وروسيا، ورؤساء أجهزة الاستخبارات الوطنية، خاصة مديرتها تولسي غابرد.
والفريق الثاني هو المحافظون الجدد، وهم الجمهوريون المتشددون التقليديون ممن يرتبطون بالمجمع الصناعي العسكري، ولا يرغبون في وقف تدخلات أميركا الخارجية، وخاصة في الشرق الأوسط، وإيران تحديدا، ويهاجمون أي محاولات للتهدئة أو نزع فتيل التوتر معها.
وبسبب قرب رموز هذا التيار من إسرائيل، وحكومتها اليمينية، لا يتوقف عن شحن دوائر واشنطن المختلفة بضرورة مهاجمة إيران للقضاء على برنامجها النووي، بدلا من التفاوض معها، وكان على رأس هذا الفريق مايك والتز، الذي لم يستطع فهم رغبة رئيسه في وقف الحروب التي لا تنتهي.
إضافة لوزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث، إلا أنهما أدركا ما يريده ترامب، وطورا مواقفهما إلى حد بعيد. ولا يرغب هذا التيار في تقليص التزامات أميركا العسكرية حول العالم.
من جانبه، يحاول ترامب التوفيق بين التيارين والاستعانة بهما في التعامل مع مختلف القضايا في الوقت الذي يميل هو فيه شخصيا إلى أفضلية رؤية تيار ماغا للقضايا الدولية.
فضيحة سيغنال
وكانت قضية دردشة سيغنال هي الخطأ الأكثر وضوحا لمستشار الأمن القومي، إلا أن مشاكله كانت أعمق من ذلك، وكان والتز قد ضم -خطأ- رئيس تحرير مجلة ذي أتلانتيك، جيفري غولدبرغ، في محادثة جماعية حول خطط الهجوم العسكري على جماعة الحوثيين في اليمن.
وكشفت نصوص الدردشة أن والتز لم يعمل بشكل جيد مع كبار أعضاء فريق ترامب من المحسوبين على تيار ماغا، وخاصة فانس نائب الرئيس.
إعلانولم يملك والتز سجلا جيدا في ظهوره الإعلامي المتكرر على شبكة فوكس الإخبارية التي يشاهدها ترامب بانتظام، للدفاع عن مواقف وقرارات رئيسه الخارجية، ولم يستطع النجاح في تبرير بدء مسار التفاوض مع إيران في الوقت الذي لم يستطع فيه إخفاء رغبته في ضرورة مهاجمة برنامجها النووي عسكريا، ولم يرحب بتواصل ويتكوف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
يذكر أنه في بداية أبريل/نيسان الماضي، أمر ترامب بإقالة العديد من مسؤولي مجلس الأمن القومي بناء على نصيحة الناشطة اليمينية المتطرفة، لورا لومر، التي اتهمت كبار مساعدي والتز بعدم الولاء لترامب ولأجندة أميركا أولا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات برنامجها النووی فی الوقت الذی مع إیران
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يطالب إدارة باستئناف قصف الحوثيين بعد التصعيد الأخير.. هكذا ردت واشنطن
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن حكومة بنيامين نتنياهو طالبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باستئناف ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن.
وقالت هيئة البث العبرية الرسمية، الخميس، إن إسرائيل بعثت برسالة إلى إدارة ترامب، "تطالبه فيها بالعودة إلى مهاجمة جماعة الحوثي"، دون أن توضح الجهة التي بعثت بالرسالة، وما إذا كانت رسالة شفهية أم مكتوبة.
وبررت حكومة الاحتلال مطلبها بـ"تزايد إطلاق الصواريخ من اليمن باتجاه إسرائيل، وتصاعد هجمات الجماعة العنيفة على السفن في البحر الأحمر".
وأشارت هيئة البث، إلى أن تل أبيب تحاول أن تشرح للجانب الأمريكي أن "تصعيد الهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر يمثل مشكلة عالمية".
كما نقلت عن مصدر أمني إسرائيلي قوله، إن "إسرائيل بحاجة إلى تحالف واسع لمواجهة الخطر الذي يمثله نظام الحوثيين"، وفق ادعائه.
في المقابل نقلت شبكة الجزيرة، عن مسؤول أمريكي قوله، إن "تفاهمنا مع الحوثيين بشأن حرية الملاحة للسفن الأميركية لا يزال قائما رغم هجماتهم الأخيرة".
وأضاف، أن "هجمات الحوثيين الأخيرة لم تستهدف سفنا أميركية بل استهدفت سفنا مرتبطة بإسرائيل"، مبينا أن "حاملة الطائرات فينسون ستغادر الشرق الأوسط خلال يومين وستبقى حاملة الطائرات نيميتز".
وفي السادس من أيار/ مايو الماضي، أعلن ترامب، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين، بعد وساطة قادتها سلطنة عمان، وهو ما وصف في إسرائيل بـ"المفاجئ"، إلا أن الحوثيين أكدوا حينها أن الاتفاق مع واشنطن لا يشمل دولة الاحتلال.
وخلال الأسبوع الجاري، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية استهداف وإغراق السفينتين "إترنيتي سي" و"ماجيك سيز" في البحر الأحمر، بدعوى توجههما إلى موانئ إسرائيلية. وتحمل السفينتان علم ليبيريا، وتداران من قبل شركتين يونانيتين، وأسفر الهجوم عن سقوط قتلى وجرحى بين أفراد الطاقم.
كما تحدثت الجماعة عن إطلاق خمسة صواريخ باليستية و8 مسيرات على عدة أهداف في الأراضي المحلة شملت مطار بن غوريون وميناءي أسدود وإيلات ومحطة كهرباء عسقلان، فيما ادعت تل أبيب اعتراض هذه الصواريخ والمسيرات.
وتأتي هذه الهجمات في سياق رد الحوثيين على حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة للشهر الـ22 على التوالي، حيث أكدوا مرارا مواصلة استهدافهم للسفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى موانئها، حتى وقف تلك الإبادة.