أسهمت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" في تمكين وبناء القدرات البشرية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، دعمًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، وهو ما عكسته الأرقام التي وردت في تقرير الرؤية لعام 2024 من منجزات نوعية على صعيد تنمية القدرات وبناء اقتصاد معرفي رقمي، وتجاوز من تم تدريبهم أكثر من (779) ألف مواطن ومواطنة، بينهم (9775) مختصًا و(260) عالمًا وخبيرًا، ضمن برامج نُفذت وفق أفضل الممارسات العالمية.

وفي إطار جهودها المتواصلة لتمكين الكفاءات الوطنية، دربت "سدايا" أكثر من (80) قائدًا حكوميًا ضمن برنامج يستهدف تأهيل القيادات وتمكينهم من وضع وتنفيذ إستراتيجيات البيانات والذكاء الاصطناعي، وأطلقت في سياق دعم المحتوى العربي تحدي "علام" لخدمة اللغة العربية الذي شارك فيه أكثر من (200) فريق بحثي وتقني من جامعات ومراكز عالمية لتطوير حلول ابتكارية تدعم اللغة العربية باستخدام النماذج اللغوية الكبيرة.

ونظّمت الأولمبياد الدولي للذكاء الاصطناعي (IAIO) بمشاركة أكثر من (25) دولة، بالتعاون مع المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE) ومركز البحوث المتقدمة في الذكاء الاصطناعي (RCAI) وبرعاية منظمة اليونسكو، بهدف تمكين الطلبة وتحفيزهم لاستشراف مستقبل الذكاء الاصطناعي.

وفي سياق جهودها المستمرة في التمكين المعرفي والمهاري للكفاءات الواعدة, نفّذت "سدايا" حزمة من البرامج التدريبية المتخصصة التي استهدفت بناء قدرات وطنية في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي، شملت معسكرات في علم البيانات، وحوكمة البيانات، وتعلّم الآلة، والتعلم العميق، والنماذج اللغوية الكبيرة، وتطوير التطبيقات الذكية، إلى جانب برامج دولية بالشراكة مع مؤسسات أكاديمية مرموقة مثل جامعة أكسفورد، واستفاد من هذه البرامج آلاف المتدربين من مختلف الفئات، من المختصين والمبتدئين.

وحرصت "سدايا" ضمن خططها في بناء القدرات الوطنية على بناء شراكات إستراتيجية مع كبرى الشركات العالمية مثل مايكروسوفت، وإنفيديا، وهواوي، وأوراكل، وأسهمت هذه الشراكات في تأسيس أكاديميات ومعسكرات تدريبية، شملت مجالات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهندسة البيانات، وحوكمة البيانات، وتعلم الآلة، بالإضافة إلى برنامج الابتعاث في الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع وزارة التعليم، بما يعزز نقل المعرفة وتوطين التقنية.

وفي خطوة نوعية نحو تنظيم سوق العمل المتخصص في قطاع البيانات والذكاء الاصطناعي وتعزيز استدامة الكفاءات الوطنية، أطلقت "سدايا" الإطار الوطني للمعايير المهنية للبيانات والذكاء الاصطناعي ليشكل مرجعًا وطنيًا، لمهن الذكاء الاصطناعي في سوق العمل وما يرتبط بها من محددات ومؤهلات ومهارات، لتحقيق كفاءة عالية في أداء تلك المهن وتعزيزها بربط البرامج الأكاديمية والتدريبية بالمهارات المرتبطة بها، مما ينعكس إيجابًا على استدامة الموارد البشرية في القطاع وتطويرها ويضمن تغطية الفجوات الوظيفية في المجال.

وضمن مساعيها الحثيثة لبناء جيل تقني منافس عالميًا، أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" مركز الثورة الصناعية الرابعة في مدارس مسك "أثير"، بالشراكة مع مدارس مسك وأكاديمية طويق، بهدف تقديم دورات تدريبية نوعية تسهم في تطوير المهارات التقنية والرقمية لدى طلبة التعليم العام، ويُعنى المركز بتعريف الطلبة بأحدث التقنيات الحديثة وتأهيل الطلبة للمشاركة في المنافسات التقنية العالمية ورفع راية المملكة في أرقى المحافل الدولية.

وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية "سدايا" لبناء جيل وطني قادر على قيادة الابتكار في الاقتصاد الرقمي، وتحقيق الاكتفاء التقني، واستشراف المستقبل، بما يسهم في ترسيخ مكانة المملكة ضمن الدول المتقدمة في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي، والإسهام بتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 نحو تنمية مستدامة واقتصاد قائم على البيانات، وتنافسية عالمية في الذكاء الاصطناعي.

أخبار السعوديةسداياالذكاء الاصطناعيقد يعجبك أيضاًNo stories found.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: أخبار السعودية سدايا الذكاء الاصطناعي البیانات والذکاء الاصطناعی فی الذکاء الاصطناعی أکثر من

إقرأ أيضاً:

هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟

وقع نظري مؤخرًا على مقال نشره كاتب أمريكي يُدعى «رونالد بروسر»، وهو أستاذ إدارة الأعمال بجامعة «سان فرانسيسكو». 

نُشر المقال في مجلة «Current Affairs»، وهي مجلة سياسية ثقافية تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في 1 ديسمبر 2025. 

تحدّث الكاتبُ في هذا المقال عن أزمة التعليم في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، ويرى أن الجامعات الأمريكية عقدت الكثير من الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل شركة OpenAI، وأن هذا التوجّه يمثّل تهديدًا للتعليم ومستقبله، ويسهم في تفريغه من مضمونه الرئيس؛ بحيث يتحوّل التعليم إلى ما يشبه مسرحية شكلية فارغة من التفكير وصناعة الفكر والمعرفة الحقيقية. 

يرى «بروسر» أن هناك تحوّلا يدفع الطلبة إلى استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل مكثّف وغير منضبط في إنجاز الواجبات والأعمال المنوطة إليهم، وكذلك يدفع كثيرا من الأساتذة إلى الاعتماد المفرط عليه في إعداد المحاضرات وعمليات التقويم والتصحيح، وتدفع الجامعات ـ كما يذكر «بروسر» ـ ملايين الدولارات في إطار هذه الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI؛ لتوفير النُّسخ التوليدية التعليمية وتسخيرها للطلبة والأكاديميين. 

بناء على ذلك، تذهب هذه الملايين إلى هذه النظم التوليدية الذكية وشركاتها التقنية، في حين استقطعت الأموال من موازنات الجامعات؛ فأدى إلى إغلاق برامج أكاديمية في تخصصات مثل الفلسفة والاقتصاد والفيزياء والعلوم السياسية، وكذلك إلى الاستغناء عن عدد من أعضاء هيئة التدريس. 

يكشف الكاتبُ في نهاية المطاف أن الجامعات بدأت تتحول من الاستثمار في التعليم ذاته إلى تسليم النظام التعليمي ومنهجيته وعملية التعلّم إلى منصات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يقلّص الاعتماد على الكوادر البشرية وعلى المنهجيات النقدية والتفكيرية. 

كذلك يُظهر الكاتبُ الوجهَ المظلم للذكاء الاصطناعي والاستغلال الذي قامت به شركات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع بعض الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، ويرتبط هذا الوجه المظلم بعملية فلترة المحتوى الذي يُضخّ في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية؛ حيث تُكلَّف فئات من البشر ـ في الغالب من الدول الأفريقية الفقيرة ـ بمراجعة هذا المحتوى وتصنيفه وحذف غير الملائم منه، مقابل أجور زهيدة جدا، وذلك بغية صناعة واجهة «آمنة» لهذه النماذج، وتقتضي هذه العملية في الوقت نفسه استهلاك كميات هائلة من الطاقة والمياه لتشغيل مراكز البيانات التي تقوم عليها هذه الأنظمة. 

كما يكشف وجها آخر للاستغلال الرقمي، ضحاياه الطلبة في بعض الجامعات الأمريكية ـ خصوصا المنتمين إلى الطبقات العاملة ـ عبر استغلالهم لصالح مختبرات شركات وادي السيليكون؛ إذ تُبرَم صفقات بملايين الدولارات بين هذه الشركات وبعض الجامعات، دون استشارة الطلبة أو أساتذتهم، في حين لا يحصل الطلبة إلا على الفتات، ويُعامَلون كأنهم فئران تجارب ضمن منظومة رأسمالية غير عادلة. 

أتفقُ مع كثير من النقاط التي جاء بها «رونالد بروسر» في مقاله الذي استعرضنا بعض حيثياته، وأرى أننا نعيش فعلا أزمة حقيقية تُهدِّد التعليم والجامعات، ونحتاج لفهم هذه الأزمة إلى معادلة بسيطة معنية بهذه التحديات مفادها أننا الآن في مرحلة المقاومة، والتي يمكن اعتبارها مرحلة شديدة الأهمية، لأنها ستُفضي في النهاية إما إلى انتصار التقنية أو انتصار الإنسان. 

مع ذلك، لا أعتقد أن هذه المعركة تحتاج إلى كل هذا القدر من التهويل أو الشحن العاطفي، ولا أن نُسبغ عليها طابعا دراميًا مبالغًا فيه. 

كل ما نحتاجه هو أن نفهم طبيعة العلاقة بيننا وبين التقنية، وألا نسمح لهذه العلاقة أن تتحول إلى معركة سنخسرها بكل تأكيد، نظرا إلى عدة عوامل، من بينها أننا نفقد قدرتنا على التكيّف الواعي مع المنتجات التقنية، ولا نحسن توظيفها لصالحنا العلمي والتعليمي؛ فنحوّلها ـ عن قصد أو بدون قصد ـ إلى خصم ضار غير نافع. 

نعود بالزمن قليلا إلى الوراء ـ تحديدا تسعينيات القرن العشرين ـ 

لنتذكّر المواجهة التي حدثت بين المنظومة التعليمية ـ من جامعات وأساتذة وباحثين ومهتمّين بالمعرفة ـ وبين موجة التهديدات الجديدة التي تزّعمها الإنترنت ومحركاته البحثية، وكان أحد أبرز هذه التهديدات ظهور ما يمكن تسميته بثقافة البحث السريع؛ حيث ابتعد الطالب والباحث عن الطرق التقليدية في البحث مثل استعمال الكتب والقراءة المطوّلة والعميقة، ولجأ إلى الإنترنت والبحث عن المعلومات في غضون ساعات قليلة، والاكتفاء بتلخيص الدراسات والكتب. 

ولّد هذا التحوّل مشكلات أخرى، من بينها تفشّي ظاهرة الانتحال العلمي والسرقات الفكرية، ولكن، لم تستمر هذه المشكلة لفترة طويلة؛ فحُلّت تدريجيا بعد سنوات، وتحديدا مع ظهور أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقة العلمية، وظهور أنظمة تأقلمية ومعايير وقوانين تعليمية وأكاديمية عملت على إعادة تموضع الإنترنت داخل المنظومة التعليمية، وهكذا خرج النظام التعليمي والجامعات من تلك المواجهة رابحًا في بعض أجزائه وخاسرًا في أجزاء أخرى. 

لا أتصور أن مشكلتنا الحالية مع الذكاء الاصطناعي تشبه تماما المشكلة السابقة التي أحدثها ظهور الإنترنت ومحركات البحث؛ فكانت التحديات السابقة -نسبيا- أسهل، وكان من الممكن التعامل معها واحتواؤها في غضون سنوات قصيرة. أما المشكلة الراهنة مع الذكاء الاصطناعي، فتكمن في سرعته التطورية الهائلة التي لا نستطيع حتى أن نتحقق من مداها أو نتنبّأ بوتيرة قدراتها الإبداعية؛ فنجد، مثلا ، أنه في غضون سنتين أو ثلاث فقط انتقل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل«ChatGPT» من مرحلته البدائية إلى مرحلته المتقدمة الحالية، تجاوز فيها في بعض الزوايا قدرات الإنسان العادي في المهارات اللغوية، وأصبح يشكّل تحديًا حقيقيًا كما أشرنا في مقالات سابقة. 

فيما يتعلّق بالتعليم والجامعات، وكما أشار الكاتب في المقال الذي استعرضناه؛ فنحن أمام مشكلة حقيقية تحتاج إلى فهم عميق وإعادة ترتيب لأولوياتنا التعليمية. 

نقترح أولا ألا نتجاوز الحد المسموح والمقبول في استعمال الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ فيجب أن تكون هناك حالة توازن واعية في التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية في الجامعات، وكذلك المدارس. 

وبصفتي أكاديميًا، أرى من الضروري أن نقنن استعمال الذكاء الاصطناعي داخل الجامعات عبر وضع معايير وقوانين واضحة، والسعي في الوقت ذاته إلى تطوير أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقات العلمية المرتبطة باستعمال هذه التقنيات والنماذج الذكية، رغم صعوبة ذلك في المرحلة الحالية، ولكن من المرجّح أن يصبح الأمر أكثر يسرا في المستقبل القريب. 

رغم ذلك، فلا يعني أنه ينبغي أن نمنع استعمال الذكاء الاصطناعي منعًا تامًا؛ فجلّ ما نحتاجه أن نُشرف عليه ونوجّهه ضمن حدود معيّنة؛ لتكون في حدود تعين على صناعة الإبداع البشري؛ فيمكننا أن نوجّه الذكاءَ الاصطناعي في تنمية مهارات الحوار والتفكير والتحليل لدى الطلبة إذا استُعملَ بطريقة تربوية صحيحة. 

ولكن في المقابل يجب أن تُشدَّد القوانين والعقوبات المتصلة بحالات الانتحال والاعتماد الكلّي على النماذج التوليدية سواء في مخرجات العملية التعليمية أو في البحوث العلمية. 

كذلك من الضروري أن نُعيد التوازن إلى دور أعضاء هيئة التدريس في الجامعات؛ فمن غير المعقول أن نترك صناعة المحتوى التعليمي مرهونة بالكامل للذكاء الاصطناعي، في حين يتراجع دور الأكاديمي وإبداعه الذي يمارس التفكير والنقد والإضافة المعرفية من عنده. 

على صعيد آخر، أظهرت دراسات حديثة التأثير السلبي للاستعمال المفرط للذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه على الدماغ البشري بشكل فسيولوجي مباشر؛ فيمكن أن يدخله في حالة من الضمور الوظيفي مع الزمن، خصوصا حال تخلّى الإنسان عن ممارسة التفكير لصالح الخوارزمية. 

 د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني 

مقالات مشابهة

  • خبير: لا يمكن الإعتماد على الذكاء الإصطناعي في تحديد المرض والعلاج
  • شركة عالمية تُطمئن: الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلاً للإنسان في كل الوظائف
  • «سدايا» تُطلق معسكر محترفي الذكاء الاصطناعي لتأهيل خريجي التخصصات التقنية بالرياض
  • واشنطن تطلق تحالفا لمواجهة هيمنة الصين على المعادن والذكاء الاصطناعي
  • هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
  • ماسك يحذر: الفيديوهات القصيرة والذكاء الاصطناعي يهددان تركيز البشر”
  • بقيادة ترمب.. تشكيل تحالف دولي لمواجهة الهيمنة الصينية في الذكاء الاصطناعي
  • خبير تكنولوجي: ما نراه من الذكاء الاصطناعي مجرد 10% مما سيحدث
  • المجلس الأعلى للأمناء: منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي يجهز "جيل المستقبل"
  • نائب «السعودية لتقويم الأسنان»: القطاع الصحي في المملكة يتصدر في استخدام الذكاء الاصطناعي