الدراما المصرية حتى وقت ليس بالبعيد كانت تتسيَّد الدراما العربية منفردة ، وعلى مدار6عقود كانت أحد الأعمدة الأساسية فى تشكيل الوعى وبناء الذاكرة الجمعية المصرية والعربية ، إذ أَرَّخَت للتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع المصرى، واستطاعت أن تحفر لها مكانا شديد الخصوصية والتفرد بين الشعوب العربية واستمرّت بالمقدمة بعيدا عن المنافسة لسنوات عديدة .


ومع إنشاء التليفزيون المصرى الصرح الإعلامى الأهم فى أفريقيا والمنطقة العربية بأكملها مطلع ستينيات القرن الماضى ، وكان له الدور الأعظم فى بسط هيمنة القوة الناعمة المصرية من خلال الأعمال الدرامية لكبار الكتاب التى تنوعت بين اجتماعى وتاريخى وكوميدى وزينت الأعمال المصرية شاشات المنطقة بالشرق الأوسط  .
ومن هارب من الأيام والقط الأسود والقاهرة والناس، ومُروراً بمارد الجبل وبابا عبده صيام صيام الأيام زينب والعرش دموع فى عيون وقحة الشهد والدموع ، لننتقل إلي النوة رأفت الهجان ليالي الحلمية زيرنييا ضمير أبلة حكمت، انتِهاءً بمسلسل لن أعيش فى جلباب أبى والجماعة، لتصبح المسلسلات المصرية عملة صعبة فما أن يعلن عن الاتفاق على عمل فنى لعرضه فى شهر رمضان درة شهور الموسم الفنى للأعمال الدرامية حتى تتهافت شاشات المنطقة العربية للتعاقد والعرض على شاشاتها .
وتهيمن الريادة المصرية على الوجدان العربى بصُنَّاعه ،مشكلة للوعى الجمعى ناشرة للعلم والمعرفة حافظة للتراث كأحد الروافد التنويرية ،فكانت امتدادا للبعد الثقافي والحضاري وركيزة أساسية من ركائز الأمن القومى للدولة المصرية . 
لكن بعد سنوات كثر فقدنا البريق المشع للأعمال المصرية، وضل الطريق بعد أن وصلنا لتراجع القيم للدراما المصرية التى كانت تشكل قاعدة إبداعية قوية وقوة ناعمة اجتمع عليها الوجدان العربى من المحيط للخليج مرسخة للقيم والجمال والانتماء . 
فبعد رحيل لآلِئُّ الكتاب منهم أسامة أنورعكاشة وحيد حامد محمد صفاء عامر جمال الغيطانى، ونحن نعاني أزمات كبيرة في الإبداع، وأصبحت السيناريوهات تعتمد على فورمات أجنبية لم يكلف أصحابها عناء تمصيرها، إضافة إلى اللجوء لورش التأليف ووجود أكثر من مؤلف للعمل الواحد مما أفقد الفكرة وحدتها وتسلسلها وتماسكها، وتاه المشاهد بين أكثر من معالجة للفكرة الواحدة، وأصبحنا أمام أعمال ليس لها خط واضح فيماعدا عدد قليل من الأعمال التى لا تتعدي أصابع اليد الواحدة .
وتلاشى الخيط الرفيع بين معالجة الواقع والتناول السيئ له، ويبدو أنه عندما أطلق لقب صناعة على الفن فرغ من رسالته التي تحفظ كيان وتماسك المجتمعات، وأصبح تجارة تخضع لمبدأ المكسب والخسارة، العرض والطلب وليس لمهارات وقيم الإبداع، فمابين الاثنين مسافة كبيرة تكون فيه القيمة والتجويد صرعى اللهث وراء تحقيق الربح. 
ودخلت الدراما المصرية في مرحلة الخطر لاخطوط عريضة للمشهد الدرامى سوى الأرتجال الأفتعال والتطويل لبلوغ التلاثين فتغلب الكم على جودة الكيف واتسعت الفجوة بين الواقع الأصيل والمعالجات المَجازية.
هذا الوضع جعل الكثير من الأسر المصرية مدفوعة بالحنين والحفاظ على القيم إلى استعادة الماضى واللجوء لمشاهدة الأعمال الدرامية القديمة التي مازالت تحتفظ ببريقها الأَخَّإذ على قناة ماسبيرو زمان، رغم وجود مسلسلات حديثه بتقنيات اخراجية عالية، هروبا من المشاهد التي تحمل فجاجة الألفاظ والعنف وتتجاوز أدبيات البيت المصري وتعطي انطباعا أنها سمة غالبة لمجتمعنا، فروجًت لنمط حياة غير موجودعلى أرض الواقع، ولم يستطع وضع الجهات الرقابية التصنيف العمري لكل حلقة أن يمنع الحرج العائلي.
خطورة الأمر دفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى المطالبة بضرورة أن تعكس الأعمال الدرامية الواقع المصري الحقيقى، وتؤصل للقيم الإيجابية، وتعزز الهوية مع المحافظة على الثوابت المجتمعية والحضارية،
وجاءت الدعوة لتشكيل لجنة من صناع الدراما لمناقشة التحديات ومحاولة صياغة استراتجية لتصحيح مسار العمل الإبداعى بما لا يحجر على حرية الابداع، فهل حان الوقت لإعادة العصر الذهبى للقوة الناعمة المصرية عبرالدراما المتميزة المتفردة.

طباعة شارك الدراما المصرية التلفزيون المصرى دموع فى عيون وقحة الشهد والدموع

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدراما المصرية الشهد والدموع

إقرأ أيضاً:

سفير الهند بالقاهرة: أصبحنا ثالث أكبر اقتصاد عالميًا ونخطط لرؤية 2047

أكد سوريش كي ريدي، سفير الهند في القاهرة، أن بلاده فخورة بما حققته خلال السنوات الماضية، مشددًا على أنها قطعت شوطًا مهمًا في مسيرة التنمية، لكنها لم تصل بعد إلى النهاية، وأن الطريق ما زال طويلًا، في إطار التخطيط لرؤية 2047، حيث توجد خارطة طريق واضحة للاحتفال بالاستقلال والذكرى المئة.

وأوضح سوريش كي ريد، خلال لقاء مع الإعلامية كريمة عوض، ببرنامج “حديث القاهرة”، المٌذاع عبر شاشة “القاهرة والناس”، أن الهند خاضت تاريخًا طويلًا من الكفاح حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، لافتًا إلى أن بلاده أصبحت ثالث أكبر اقتصاد على مستوى العالم، وأن الاقتصاد الهندي يتميز بالديناميكية وينمو بصورة سريعة، مشيرًا إلى أن الشعب هو السر الحقيقي في هذا النجاح، مؤكدًا أن الاستثمار في الإنسان كان محورًا أساسيًا، من خلال إنشاء مؤسسات تعليمية متميزة.

تعليق قوي من نشأت الديهي على بيان النيابة بشأن أرض نادي الزمالك ورسالة لجماهيره شعبة الذهب تكشف حقيقة وجود سبائك مغشوشة في السوق

وشدد سوريش كي ريد على أن الهند ركزت على تقديم تعليم عالي الجودة، إلى جانب الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية وتمكين الشباب، وهو ما غيّر قواعد اللعبة، موضحًا أن استخدام التكنولوجيا ساهم في تسريع التحول الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق نمو اقتصادي واجتماعي كبير، مشيرًا إلى أن هذا التوجه جعل الهند دولة رائدة في مجال التكنولوجيا، وقادرة على إعادة صياغة مستقبلها التكنولوجي.

وأكد سفير الهند بالقاهرة أن استثمار الهند في الشعب وفي التكنولوجيا هو ما أوصلها إلى ما هي عليه الآن، موضحًا أن سر نجاح الهند يتمثل في استثمار كل روبية بشكل فعّال، مشيرًا إلى أن الهند وصلت إلى القمر في عام 2023.
 

مقالات مشابهة

  • سفير الهند بالقاهرة: أصبحنا ثالث أكبر اقتصاد عالميًا ونخطط لرؤية 2047
  • ورشة عمل "نظام التسجيل المسبق للشحنات الجوية (ACI)" بالتعاون مع الغرفة العربية الألمانية للصناعة والتجارة
  • المصرية للاتصالات ترعى قمة المرأة المصرية 2025 لدعم تمكين الشباب والمرأة في «STEM» و«الذكاء الاصطناعي»
  • الطليعة المصرية للثقافة العربية.. جديد هيئة قصور الثقافة
  • بافلوس تروكوبولوس: العلاقات المصرية اليونانية تقوم على لغة إنسانية قوامها المشاعر والقيم الروحية
  • قمة المرأة المصرية تسلط الضوء على بناء الذات وهندسة الحياة المهنية في عالم الفرص والتحديات
  • فلنغير العيون التي ترى الواقع
  • انطلاق فعاليات النسخة الرابعة من قمة المرأة المصرية «STEM and Future Innovation Summit» .. غداً
  • انطلاق التحضيرات لاجتماع اللجنة المصرية الألبانية للتعاون الاقتصادي
  • أحمد السعدني يتصدر تريند المسلسلات قبل عرض "لا ترد ولا تستبدل"