منى أحمد تكتب: صناعة الدراما.. أين كنا وكيف أصبحنا؟
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
الدراما المصرية حتى وقت ليس بالبعيد كانت تتسيَّد الدراما العربية منفردة ، وعلى مدار6عقود كانت أحد الأعمدة الأساسية فى تشكيل الوعى وبناء الذاكرة الجمعية المصرية والعربية ، إذ أَرَّخَت للتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع المصرى، واستطاعت أن تحفر لها مكانا شديد الخصوصية والتفرد بين الشعوب العربية واستمرّت بالمقدمة بعيدا عن المنافسة لسنوات عديدة .
ومع إنشاء التليفزيون المصرى الصرح الإعلامى الأهم فى أفريقيا والمنطقة العربية بأكملها مطلع ستينيات القرن الماضى ، وكان له الدور الأعظم فى بسط هيمنة القوة الناعمة المصرية من خلال الأعمال الدرامية لكبار الكتاب التى تنوعت بين اجتماعى وتاريخى وكوميدى وزينت الأعمال المصرية شاشات المنطقة بالشرق الأوسط .
ومن هارب من الأيام والقط الأسود والقاهرة والناس، ومُروراً بمارد الجبل وبابا عبده صيام صيام الأيام زينب والعرش دموع فى عيون وقحة الشهد والدموع ، لننتقل إلي النوة رأفت الهجان ليالي الحلمية زيرنييا ضمير أبلة حكمت، انتِهاءً بمسلسل لن أعيش فى جلباب أبى والجماعة، لتصبح المسلسلات المصرية عملة صعبة فما أن يعلن عن الاتفاق على عمل فنى لعرضه فى شهر رمضان درة شهور الموسم الفنى للأعمال الدرامية حتى تتهافت شاشات المنطقة العربية للتعاقد والعرض على شاشاتها .
وتهيمن الريادة المصرية على الوجدان العربى بصُنَّاعه ،مشكلة للوعى الجمعى ناشرة للعلم والمعرفة حافظة للتراث كأحد الروافد التنويرية ،فكانت امتدادا للبعد الثقافي والحضاري وركيزة أساسية من ركائز الأمن القومى للدولة المصرية .
لكن بعد سنوات كثر فقدنا البريق المشع للأعمال المصرية، وضل الطريق بعد أن وصلنا لتراجع القيم للدراما المصرية التى كانت تشكل قاعدة إبداعية قوية وقوة ناعمة اجتمع عليها الوجدان العربى من المحيط للخليج مرسخة للقيم والجمال والانتماء .
فبعد رحيل لآلِئُّ الكتاب منهم أسامة أنورعكاشة وحيد حامد محمد صفاء عامر جمال الغيطانى، ونحن نعاني أزمات كبيرة في الإبداع، وأصبحت السيناريوهات تعتمد على فورمات أجنبية لم يكلف أصحابها عناء تمصيرها، إضافة إلى اللجوء لورش التأليف ووجود أكثر من مؤلف للعمل الواحد مما أفقد الفكرة وحدتها وتسلسلها وتماسكها، وتاه المشاهد بين أكثر من معالجة للفكرة الواحدة، وأصبحنا أمام أعمال ليس لها خط واضح فيماعدا عدد قليل من الأعمال التى لا تتعدي أصابع اليد الواحدة .
وتلاشى الخيط الرفيع بين معالجة الواقع والتناول السيئ له، ويبدو أنه عندما أطلق لقب صناعة على الفن فرغ من رسالته التي تحفظ كيان وتماسك المجتمعات، وأصبح تجارة تخضع لمبدأ المكسب والخسارة، العرض والطلب وليس لمهارات وقيم الإبداع، فمابين الاثنين مسافة كبيرة تكون فيه القيمة والتجويد صرعى اللهث وراء تحقيق الربح.
ودخلت الدراما المصرية في مرحلة الخطر لاخطوط عريضة للمشهد الدرامى سوى الأرتجال الأفتعال والتطويل لبلوغ التلاثين فتغلب الكم على جودة الكيف واتسعت الفجوة بين الواقع الأصيل والمعالجات المَجازية.
هذا الوضع جعل الكثير من الأسر المصرية مدفوعة بالحنين والحفاظ على القيم إلى استعادة الماضى واللجوء لمشاهدة الأعمال الدرامية القديمة التي مازالت تحتفظ ببريقها الأَخَّإذ على قناة ماسبيرو زمان، رغم وجود مسلسلات حديثه بتقنيات اخراجية عالية، هروبا من المشاهد التي تحمل فجاجة الألفاظ والعنف وتتجاوز أدبيات البيت المصري وتعطي انطباعا أنها سمة غالبة لمجتمعنا، فروجًت لنمط حياة غير موجودعلى أرض الواقع، ولم يستطع وضع الجهات الرقابية التصنيف العمري لكل حلقة أن يمنع الحرج العائلي.
خطورة الأمر دفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى المطالبة بضرورة أن تعكس الأعمال الدرامية الواقع المصري الحقيقى، وتؤصل للقيم الإيجابية، وتعزز الهوية مع المحافظة على الثوابت المجتمعية والحضارية،
وجاءت الدعوة لتشكيل لجنة من صناع الدراما لمناقشة التحديات ومحاولة صياغة استراتجية لتصحيح مسار العمل الإبداعى بما لا يحجر على حرية الابداع، فهل حان الوقت لإعادة العصر الذهبى للقوة الناعمة المصرية عبرالدراما المتميزة المتفردة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدراما المصرية الشهد والدموع
إقرأ أيضاً:
باحث في استراليا يكشف لـعربي21 تفاصيل هجوم سيدني وكيف يستغله نتنياهو؟
كشف رئيس المركز العربي الأسترالي للدراسات الاستراتيجية والباحث المختص بدراسات الشرق الأوسط أحمد الياسري، من مدينة سيدني إن الحادث الأمني الذي شهدته أستراليا اليوم يعكس بشكل مباشر التأثيرات غير المباشرة للصراعات الدائرة في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن ما جرى يشبه في تداعياته ما حدث في تشرين الأول / أكتوبر 2023 من حيث الارتدادات الاجتماعية والنفسية.
وأوضح الياسري أن الهجوم وقع داخل موقع معروف باستضافة الاحتفالات والفعاليات اليهودية، في ساحة تعد من أشهر المناطق السياحية عالميا، وتتمتع برمزية فنية وثقافية، حيث تستخدم في الأعمال السينمائية والفنية ويقصدها السياح من مختلف دول العالم، ما جعل استهدافها مفاجئا وغير متوقع.
وأضاف الياسري في لقاء خاص مع " عربي 21" أن الحادث أثار مخاوف واسعة داخل الجاليتين اليهودية والإسلامية في أستراليا، وسط قلق من ردود فعل متطرفة متبادلة، معتبرًا أن ما يحدث هو نتيجة تصاعد خطاب الكراهية عالميا على خلفية الحرب في غزة وسياسات حكومة بنيامين نتنياهو.
وأكد أن الموقع كان قد شهد في فترات سابقة استضافات لأنشطة تخص الجالية اليهودية، إلا أن أحدا لم يتوقع أن يكون الهجوم بهذا الحجم أو أن يحدث هذا القدر من التأثير النفسي داخل المجتمع، سواء الواقعي أو الافتراضي، مؤكدًا أن الصدمة لم تقتصر على مكان الحادث فقط.
مشاهد إضافية من هجوم إطلاق النار الذي نفذه مسلحان على حفل يهودي في سيدني الأسترالية صباح اليوم. pic.twitter.com/ev0UHRgA30 — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) December 14, 2025
وبحسب ما أفاد به، الياسري، فإن عدد الضحايا مرشح للارتفاع ليقترب من عشرين قتيلا، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى، مشيرًا إلى مقتل أحد المهاجمين واعتقال شخص آخر، فضلا عن الاشتباه بوجود شخص ثالث في منطقة قريبة يعتقد أنه على صلة بالحادث، دون تأكيد رسمي حتى الآن.
وأكد الباحث أن هوية المنفذين لا تزال غامضة، ولم يعرف بعد ما إذا كانوا ينتمون إلى مجموعة منظمة أو تحركوا بشكل فردي، متسائلا عما إذا كان الهجوم مرتبطا بتنظيمات متطرفة أو جاء نتيجة استثمار حالة الاستعداء التي تصاعدت ضد الإسرائيليين واليهود في العالم خلال الفترة الأخيرة.
وأشار إلى أن الحادث خلق حالة خوف وقلق داخل الجاليتين اليهودية والإسلامية في أستراليا، حيث تخشى كل منهما من ردود فعل متطرفة متبادلة، مؤكدًا أن البلاد شهدت "هزة أمنية كبيرة"، وأن التخوف الأكبر يتمثل في ارتدادات ما جرى على النسيج الاجتماعي.
وتطرق الشاهد إلى ما وصفه بتصاعد خطاب "معاداة السامية" في الغرب، معتبرا أن المصطلح تم توظيفه سياسيا خلال العقود الأخيرة، وربطه حصريا باليهود، رغم أنه في الأصل مصطلح ثقافي ولغوي، مؤكدًا أن ما يحدث اليوم هو نتيجة تراكمات سياسية، أبرزها سياسات حكومة بنيامين نتنياهو والحرب في غزة.
وأوضح أنه عاش في أستراليا منذ أواخر التسعينيات، وشهد سابقًا تداعيات الإسلاموفوبيا بعد أحداث نيويورك، معتبرًا أن المجتمعات الغربية تمر بدورات متكررة من الضغط الاجتماعي نتيجة أعمال العنف والصراعات الخارجية.
وأكد أن الجالية اليهودية في أستراليا هي جزء أصيل من المجتمع، مثلها مثل الجاليات المسلمة والمسيحية، ولا يمكن تحميلها مسؤولية سياسات حكومة نتنياهو، مشددًا على أن استهداف المدنيين مرفوض "بغض النظر عن الجهة التي نفذت الهجوم أو دوافعها"، كما شدد على رفضه لاستغلال نتنياهو للحادث والخروج بالاتهامات إلى الجالية المسلمة وكذلك مؤيدي فلسطين وكسب تعاطف المجتمع ولكن هذا أكثر ما يضر اليهود أنفسهم.
وأضاف الياسري أن نتنياهو خرج والصق الاتهامات إلى مؤيدي فلسطين دون انتظار التحقيقات في الأساس بهدف استهدافهم ولكن ما حدث هو نتيجة تصرفاته كما أن ما يقوم به الآن لا يجلب إلى مزيد من الغضب وربما التصرفات الارتدادية التى تمثل خطر على الجميع واليهود قبل الجميع.
وختم الشاهد حديثه بالتأكيد على أن الخطاب الرسمي الأسترالي تعامل مع الأزمة بمهنية، وأن الأجهزة الأمنية تركز حاليًا على حماية جميع الجاليات، مشددًا على أن المجتمع الأسترالي قادر على تجاوز هذه الأزمة كما تجاوز أزمات مشابهة في السابق.