عواصم " وكالات ": قال مصدر مطلع اليوم الاثنين إن حلفاء أوكرانيا الغربيين يجرون مناقشات بشأن إمداد كييف بأنظمة دفاع جوي إضافية من طراز باتريوت بهدف التوصل إلى اتفاق قبل قمة حلف شمال الأطلسي في نهاية يونيو.

وأوضح المصدر الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه أن الولايات المتحدة واليونان من بين المزودين المحتملين لهذه الأنظمة.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لشبكة سي.بي.إس الإخبارية الشهر الماضي إن كييف مستعدة لشراء عشر وحدات من أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية الصنع، والهمة لإسقاط الصواريخ الباليستية الروسية.

ووفقا لمحللين عسكريين في موقع ديفينس إكسبريس الأوكراني، كان لدى أوكرانيا سبعة أنظمة باتريوت تعمل بكامل طاقتها حتى أبريل. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين أمس الأحد أن واشنطن تعتزم إرسال منظومة باتريوت لدى إسرائيل إلى أوكرانيا بعد تحديثها.

وأضافت أن الحلفاء يناقشون "الإمكانات اللوجستية من ألمانيا أو اليونان" لتزويد أوكرانيا بمنظومة إضافية.

وقال زيلينسكي إنه ناقش مسألة أنظمة الدفاع الجوي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هامش جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان.

وفي السياق، تقود التشيك محادثات لتمديد عمليات تسليم الذخيرة الثقيلة لأوكرانيا حتى عام 2026، وفقا لما صرح به الرئيس التشيكي بيتر بافل، عقب لقائه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في براغ.

وقال بافل إن مبادرة الذخيرة التشيكية، التي تمولها 11 دولة، تسير وفق المخطط لتسليم 1.8مليون قذيفة إلى كييف خلال هذا العام، وفقا لوكالة بلومبرج للأنباء.

من جهته، وصف زيلينسكي هذه المبادرة بأنها "قرار قوي جدا" وأضاف أنها "تعمل بشكل رائع".

وتأتي هذه الخطوة في وقت يقوم فيه الحلفاء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، بمحاولات متعثرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في حرب دخلت عامها الرابع.

وحذر بافل من أن تقليص المساعدات العسكرية قد يشجع روسيا على إحياء هدفها الأصلي باحتلال كامل الأراضي الأوكرانية، مما يطيل أمد الصراع. وأضاف: "نحن نتفاوض في الوقت ذاته بشأن إمدادات الذخيرة للعام المقبل، لأننا من الواضح لا يمكننا أن نفترض تحقيق السلام هذا العام".

وتعد جمهورية التشيك حليفا قويا لكييف داخل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وهي تنسق عمليات الإمداد الدولية بالذخيرة، وتستضيف أيضا واحدة من أكبر مجموعات اللاجئين الأوكرانيين.

وفي روسيا، قال الكرملين اليوم الاثنين ردا على سؤال حول اجتماع محتمل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السعودية إن من الضروري جدا أن يلتقي الزعيمان لكن بوتين ليس لديه زيارات إلى الشرق الأوسط مخطط لها في منتصف مايو أيار.

وتعهد ترامب بإجراء مفاوضات بسرعة لإنهاء الحرب في أوكرانيا بمجرد عودته للرئاسة. وقال في مطلع الأسبوع إنه عقد "مناقشات جيدة للغاية" مع مستشاريه عن روسيا وأوكرانيا في الأيام القليلة التي سبقت ذلك التصريح.

وردا على أسئلة من الصحفيين عن تصريحات أدلى بها ترامب تشير إلى أنه قد يفكر في لقاء بوتين خلال زيارة للسعودية هذا الشهر، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن بوتين ليس لديه زيارات على جدول أعماله لكن "عقد اجتماع كهذا هو أمر على كل لسان".

وتابع قائلا "وبطرق عدة نعتقد أنه ضروري بالتأكيد... يتعين ترتيبه وفقا لذلك وسيتطلب الأمر جهدا كبيرا على عدة مستويات" بما في ذلك استمرار التواصل بين موسكو وواشنطن.

وأضاف "لكن حتى الآن لا توجد تفاصيل واضحة في هذا الصدد".

الى ذلك، جدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم اتهامه الغرب بمحاولة استفزازه لاستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، وذلك خلال تصريحاته ضمن فيلم وثائقي بثه التلفزيون الحكومي الروسي حول 25 عاما من حكمه.

وقال بوتين في الفيلم الذي يحمل عنوان "روسيا. الكرملين. بوتين. 25 عاما": "أرادوا استفزازنا، وأرادوا دفعنا لارتكاب أخطاء".

وأضاف بوتين أنه، مع ذلك، لم تكن هناك حاجة لاستخدام الأسلحة النووية.

وقال بوتين "وأتمنى ألا تكون هناك حاجة لذلك في المستقبل أيضا".

وأكد بوتين أن روسيا تمتلك قوات ووسائل كافية لتحقيق كل ما تحتاجه موسكو في الحرب التي بدأت عام 2022، وهو العام الذي شن فيه الكرملين تدخله الشامل في أوكرانيا.

وهدد بوتين وقيادته مرارا وتكرارا باستخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا وحلفائها خلال الحرب.

وذكر موقع أكسيوس أن ترامب سيزور السعودية وقطر والإمارات هذا الشهر للمشاركة في قمة مع زعماء دول الخليج.

ولم يلتق بوتين برئيس أمريكي في منصبه منذ قمة عقدها مع جو بايدن سلف ترامب في جنيف في يونيو 2021.

وتحدث بوتين وترامب هاتفيا عدة مرات هذا العام في وقت حاول فيه الرئيس الأمريكي التوسط لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

منجهة ثانية، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه أجرى مع مستشاريه مناقشات جيدة بشأن روسيا وأوكرانيا في الأيام القليلة الماضية، دون الخوض في التفاصيل.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها للصحفيين لدى عودته إلى البيت الأبيض بعد قضاء اجازة نهاية الأسبوع في فلوريدا.

وعندما سُئل عما إذا كان يعتزم الاجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السعودية عند زيارته لها هذا الشهر، قال ترامب إنه لم يفكر في هذا الأمر، ولكن "أجرينا مناقشات جيدة للغاية" حول روسيا وأوكرانيا في الأيام القليلة الماضية.

وعلى الارض، أعلنت روسيا ليل الأحد الاثنين أنها أحبطت هجوما أوكرانيّا بمسيّرات كان يستهدف موسكو، قبل أيام من احتفالات التاسع من مايو السنوية التي تنظم في مناسبة الانتصار على ألمانيا عام 1945.

وقال رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين على تلغرام إن قوات الدفاع في منطقة بودولسك "تصدت لهجوم شنته أربع مسيّرات كانت تحلق باتجاه موسكو".

وأشار إلى أنه لم ترد تقارير أولية عن وقوع أضرار أو إصابات في الموقع الذي سقط فيه الحطام، مضيفا أن متخصصين في خدمات الطوارئ يعملون في المكان.

ويأتي الهجوم الأوكراني قبل أيام من العرض العسكري الذي سيقام في 9 مايو في الساحة الحمراء والذي من المتوقع أن يحضره الرئيسان الصيني شي جينبينغ والبرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وشركاء وحلفاء آخرون لموسكو.

واقترح الكرملين هدنة لثلاثة أيام تتزامن مع ذكرى 9 مايو، مؤكدا أنها تهدف إلى اختبار استعداد كييف للسلام.

لكنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال امس إنه "لا يعتقد" أن روسيا ستحترم الهدنة.

الى ذلك، قال مدونون روس مهتمون بأنباء الحرب إن قوات أوكرانية هاجمت منطقة كورسك في غرب روسيا اليوم الاثنين وأطلقت صواريخ واخترقت الحدود ثم عبرت حقول ألغام بمركبات خاصة.

وأعلن رئيس أركان الجيش الروسي الشهر الماضي طرد القوات الأوكرانية من منطقة كورسك، لينتهي بذلك أكبر توغل في الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية، وأن روسيا تنشئ منطقة عازلة في منطقة سومي الأوكرانية المجاورة.

وقال المدون (آر.في فوينكور) على موقع تيليجرام "فجر الاوكران جسورا بالصواريخ خلال الليل وشن هجوما بمجموعات مدرعة بحلول الصباح".

وأضاف "مركبات إزالة الألغام بدأت تشق طريقها عبر حقول الألغام وتبعتها مركبات مدرعة تحمل الجنود. هناك معركة عنيفة تدور على الحدود".

وأفاد عدة مدونون روس ومراسل حربي للتلفزيون الرسمي الروسي أيضا بوقوع الهجوم الأوكراني في كورسك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرئیس الأمریکی فی أوکرانیا أن روسیا

إقرأ أيضاً:

ما مطالب بوتين الحقيقية لتحقيق السلام في أوكرانيا ؟

على الرغم من تغيّر السياسة الأمريكية خلال ما يقارب أربعة أعوام من الحرب في أوكرانيا من وعد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بالدعم «لأطول مدة ممكنة» إلى تصريح الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بأن «أوكرانيا لا تملك الأوراق»؛ فإن الطبيعة الأساسية للصراع ظلت ثابتة على نحو لافت. فروسيا أصرت على الحدّ من سيادة أوكرانيا -إن لم يكن إلغاءها- في حين ظل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقتنعا بأنه على وشك إقناع داعمي أوكرانيا الغربيين بأن هذا هو الخيار المنطقي الوحيد. أما أوكرانيا فتمسكت بالحصول على ضمانات أمنية من الغرب بما يجعل أي وقف للقتال وقفا دائما لا مجرد هدنة تُبقي البلاد في حالة هشاشة دائمة بانتظار غزو آخر. وحتى الآن كانت مطالب الطرفين بمثابة نقيض مطلق لبعضهما.

ومنذ إعادة انتخاب ترامب اجتمعت وفود في واشنطن وكييف وباريس والرياض، لكن المنطق نفسه بقي مسيطرًا. الحرب استمرت. بوتين ظل مقتنعًا بأن روسيا قادرة على كسر إرادة الأوكرانيين في القتال، وأن الغرب سيملّ في النهاية من لعب دور الداعم. أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فكان مستعدًا للتسوية من دون أن يصل ذلك إلى حد الاستسلام.

في وقت سابق من هذا الشهر ظهرت تقارير عن خطة سلام من ثمانية وعشرين بندًا أُعدّت بمبادرة من مبعوث ترامب وصديقه القديم ستيف ويتكوف. نصّت الخطة على انسحاب أوكرانيا الكامل من منطقة دونباس، وهي منطقة شرقية تضم ولايتي لوغانسك ودونيتسك لا تزال كييف تسيطر على بعض أجزائها، وعلى التخلي التام عن إمكانية الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وعلى تعهد الحلف بعدم إرسال قوات إليه مستقبلًا. وبحسب التقارير؛ كان كيريل دميترييف رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي ويوري أوشاكوف مستشار رفيع للرئيس الروسي مشاركَيْن بعمق في مناقشة المقترح. وقد نشرت وكالة بلومبيرج تسجيلًا مسرّبًا لمكالمة بينهما قال فيها دميترييف: «سنكتب هذه الورقة وفقًا لموقفنا، وحتى لو لم تنسخها واشنطن بالكامل فستكون قريبة منها قدر الإمكان». وفي تسجيل آخر حصلت عليه الوكالة، ظهر ويتكوف وهو ينصح أوشاكوف بأن يمتدح بوتين ترامب لإنهاء حرب غزة، وأن يؤكد احترامه للرئيس الأمريكي باعتباره «رجل سلام».

بدت المبادرة مرتجلة وقابلة لتفسيرات مختلفة؛ إذ إن كثيرًا من التفاصيل الأساسية المطلوبة لتحقيق سلام دائم لم تُناقش بعد. فقد نصت على أن يترأس ترامب «مجلس السلام»، وهي هيئة استُلهمت من اتفاق وقف حرب غزة في سبتمبر 2025 مع عدم وجود أي توضيح لكيفية استمرار عمل هذا المجلس بعد مغادرته منصبه. ولم توضح الخطة أيضًا كيفية ضمان الولايات المتحدة التزام روسيا ببرامج تعليمية من شأنها تعزيز «التفاهم والتسامح بين الثقافات». ومع ذلك بدا أن هذا الغموض أثار تحركًا في المشهد القائم، وطرح سؤالًا واسعًا مفاده: هل يمكن بالفعل أن يقود هذا المقترح إلى السلام؟

الكرملين يتعامل بحذر، ويرى أن النقاط الثماني والعشرين تمثل بداية تفاوضية قابلة للتعديل. قال لي مصدر في دوائر السياسة الخارجية في موسكو: «لم تقترب أي وثيقة من قبل إلى هذا الحد من المصالح الروسية. ولكن من الواضح أن هذه البنود يمكن تعديلها، أو إعادة صياغتها، أو حذف بعضها، أو إضافة نقاط جديدة». وفي الرابع والعشرين من نوفمبر أعلنت كييف بعد اجتماع في جنيف مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ومسؤولين أمريكيين آخرين أنها أعدت نسخة جديدة من تسعة عشر بندًا، وقال زيلينسكي: إن «العديد من العناصر الصحيحة قد أُخذت في الاعتبار».

وفي اليوم التالي أعلن ترامب أن ويتكوف سيتوجه إلى موسكو، وأن دان دريسكول، وزير الجيش الأمريكي سيزور كييف، وقال: إن «القليل فقط من نقاط الخلاف ما زال قائمًا». ومع ذلك بدا أن المنطق الأساسي للحرب يستمر، فما يمكن لأوكرانيا احتماله لا تقبل به موسكو، والعكس صحيح.

خلال الولاية الثانية لترامب بدا أن المسؤولين في كييف مستعدون لتقديم تنازلات أكثر مما يعتقد كثير من المراقبين. فالوضع على خطوط القتال، وإن لم يكن كارثيًا فإنه غير مبشر. تعاني أوكرانيا من نقص في قوات المشاة الجاهزة للقتال، كما أن الطائرات المسيّرة لا تستطيع وقف الهجمات الروسية بالكامل. ورغم الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدتها القوات الروسية، فإنها حققت زخمًا عملياتيًا يصعب على أوكرانيا وقفه. والوضع على الجبهة الجنوبية قرب زاباروجيا، وهي مدينة في الجنوب الشرقي الأوكراني بات مقلقًا تمامًا كما هو الحال في الشرق؛ حيث استحوذت معركة بوكروفسك، وهي في مدينة في دونيتسك على الاهتمام. وقد بدأ ضباط في الجيش الأوكراني يشككون في كفاءة القيادة العليا وفي قدرة القوات على الصمود.

وقال بالاز جارابيك دبلوماسي أوروبي سابق ذو صلات واسعة في كييف: إن مسؤولين أمنيين أخبروه بأن «نهاية العالم قادمة».

في غضون ذلك تفجرت في كييف هذا الشهر فضيحة فساد تورّط فيها عدد من كبار المسؤولين بينهم مقرّب قديم من زيلينسكي يملك مصالح في قطاعي الطاقة والطائرات المسيّرة، وذلك في مخطط رشى بلغت قيمته مائة مليون دولار. وقد نشر مكتب مكافحة الفساد الوطني سلسلة من تسجيلات المراقبة التي تدين المتورطين. في أحد التسجيلات يشتكي مشتبه به من أن ظهره يؤلمه من حمل حقائب المال الكثيرة، وفي تسجيل آخر يقول أحدهم: إن إنفاق الأموال لحماية محطات الكهرباء من الهجمات الروسية «لا يستحق العناء»، وهو تصريح يثير الغضب في شتاء يشهد انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي. وقال جارابيك: «الفضيحة هزّت الدولة في الصميم. الجميع كان يتساءل: من الذي سيظهر أيضًا في هذه التسجيلات»؟ وحتى وإن لم يكن زيلينسكي متورطًا مباشرة فقد خرج من الحادثة مثخنًا سياسيًا.

كما أصبحت الأزمة المالية في البلاد حادّة إلى درجة لم يعد بالإمكان تجاهلها. ووفق تقديرات المفوضية الأوروبية ستحتاج أوكرانيا خلال العامين المقبلين إلى ما يزيد على مائة وثلاثين مليار يورو لسد العجز في ميزانيتها. وفي ظل وجود ترامب في البيت الأبيض فإن هذا المال لن يأتي ـ على الأرجح ـ من الولايات المتحدة. نظريًا يمكن حل المشكلة عبر مقترح قدّمته الاتحاد الأوروبي يقضي بتخصيص نحو مائة وأربعين مليار يورو لأوكرانيا، تُستخرج من أصول روسية مجمّدة داخل أوروبا، وهي جزء من كتلة أوسع من الأموال. لكن تلك المبادرة تعثرت، وقد لا تصل الأموال إلى أوكرانيا أبدًا؛ إذ تخشى بلجيكا التي تستضيف شركة يوروكلير -وهي واحدة من أكبر شركات إيداع الأوراق المالية في أوروبا- تحمّل المسؤولية القانونية وحدها عن هذا الإجراء.

الكرملين يدرك تمامًا الضغوط التي يتعرض لها زيلينسكي والدولة الأوكرانية. وإذا كان هناك خطأ واحد ارتكبه بوتين باستمرار فهو المبالغة في تقدير أثر هذا العامل. قالت تاتيانا ستانوفايا باحثة أولى في مركز (كارنيغي لروسيا وأوراسيا) «يعتقد أنه كي يحصل على ما يريد يحتاج فقط إلى الضغط أكثر قليلًا. سيعصر حتى آخر قطرة. ترامب سيُجبر أوكرانيا على الخضوع، أو ستضعف البلاد إلى درجة أنها لن تملك خيارًا آخر». ومع ذلك ليس معنى ذلك أن روسيا بلا أسباب تدفعها أيضًا للتفكير في اتفاق. أسعار النفط انخفضت. والعقوبات الأمريكية التي فُرضت في أكتوبر على شركتي (روس نفت)، و(لوك أويل) -وهما من أكبر شركات النفط الروسية- قضمت جزءًا كبيرًا من أهم مصدر دخل للكرملين. فقد تراجع هذا الشهر الدخل من مبيعات النفط والغاز إلى نحو ربع ما كان عليه قبل عام. كما خفّف المستوردون في الهند والصين ـ وهما أهم سوقين للنفط الروسي ـ مشترياتهم أو ألغوها بالكامل. وفي الوقت ذاته كثّفت أوكرانيا هجماتها بالطائرات المسيّرة على منشآت التكرير والمعالجة داخل روسيا. أما على الصعيد العسكري فقد تراجعت أعداد المتطوعين هذا الصيف إلى أدنى مستوى لها خلال عامين. وفي بعض المناطق الروسية اضطرت السلطات؛ بسبب نقص ميزانياتها إلى تقليص المكافآت الكبيرة التي كانت تمنحها للمجندين الجدد. وقد يكون رهان بوتين ببساطة أن الأوضاع مهما بدت صعبة بالنسبة لروسيا أسوأ بكثير بالنسبة لأوكرانيا.

ووفقًا للمصدر في دوائر السياسة الخارجية بموسكو؛ فإن إقناع بوتين بقبول خطة سلام يتطلّب ضمان احترام الأولويات الروسية كاملة، بل تنفيذها بالكامل. قال المصدر: «السؤال هو: كيف يمكن تحويل أي من ذلك إلى اتفاق ملزم قانونيًا»؟ بوتين -بحسب المصدر- لن يرضى بأقل من حل حديدي طويل الأمد لما سماه «المسألة الأوكرانيّة».

خذ على سبيل المثال مطلبًا روسيًا مركزيًا، وهو ضمان ألا تنضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي. فإلى أي حد يمكن تحقيق مثل هذا الالتزام، أو الحفاظ عليه؟ تنص خطة ويتكوف الأصلية على أن تُلغي أوكرانيا من دستورها المادة التي تنص على هدف الانضمام إلى الناتو. وحتى لو نجح زيلينسكي في تمرير هذا التعديل فإن المصدر الروسي يقول: «أوكرانيا غيّرت دستورها مرة، أضيفت لغة الناتو في 2019، فلماذا لا تغيّره مرة أخرى، ومرة ثالثة»؟

ربما يكون بإمكان الناتو نفسه أن يستبعد عضوية أوكرانيا نهائيًا. ولكن هل سيوافق جميع أعضاء الحلف لا سيما بولندا ودول البلطيق التي تخشى منذ زمن أن تكون هدفًا تاليًا لأي عدوان روسي على مثل هذا القرار؟ أو ربما تتكفّل الولايات المتحدة بالملف، وتصدر تعهّدًا علنيًا ودائمًا باستخدام حق النقض ضد عضوية أوكرانيا. إلا أن ترامب بنظر موسكو «ظاهرة سياسية مؤقتة». يقول المصدر: «الجميع يتذكر سياسات بايدن تجاه أوكرانيا، وكيف أن كل ما قاله انتهت صلاحيته سريعًا. فبعد ثلاث سنوات يرحل ترامب، ومَن يدري ماذا يحدث»؟ هكذا يواصل بوتين -وفق تشبيه المصدر- مطاردة يقين يستحيل الوصول إليه، كأنه بطل في مأساة يونانية.

ستانوفايا من مركز كارنيغي كررت مقولة كانت ترددها منذ الأيام الأولى للغزو الروسي، وهي أنّ الحرب استمرت أطول بكثير مما توقعه بوتين، وهو لا يسعى إلى استمرارها إلى ما لا نهاية. وقالت: «ليس أنّ بوتين يريد الحرب. سيكون سعيدًا بالتفاوض. وهو يحاول إيصال هذه الرسالة لترامب طوال الوقت بشرط أن يكون كل شيء وفق شروطه تمامًا: شروط قصوى، كما تُسمّى عادة. أو كما يراها بوتين: شروط بديهية وطبيعية».

جوشوا يافا كاتب في صحيفة ذا نيويوركر، ومؤلف كتاب «بين نارين: الحقيقة والطموح والتسوية في روسيا بوتين»، الحائز جائزة أورويل عام 2021. يعمل حاليًا كاتبًا مقيمًا في كلية بارد برلين.

عن موقع ذا نيويوركر

مقالات مشابهة

  • ترامب يكشف فرص التوصل لاتفاق بين روسيا وأوكرانيا
  • ما مطالب بوتين الحقيقية لتحقيق السلام في أوكرانيا ؟
  • تركيا: بوتين مستعد لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا ومناقشة اتفاق سلام شامل
  • مسؤول فرنسي سابق: روسيا زعيمة عالم ما بعد الغرب .. ننكر هزيمتنا في أوكرانيا وسندفع ثمن التهور
  • بوتين يستعد لتلقّي عرض أميركي مباشر لوقف الحرب في اوكرانيا.. ما تفاصيله؟
  • بوتين يشترط تنازل أوكرانيا عن عدة مناطق لبحث أي اتفاق سلام
  • لبدء مفاوضات.. بوتين يشترط تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لبحث أي اتفاق سلام
  • أوكرانيا ترفض التنازل عن أراضيها مقابل السلام
  • بوتين: نحن مستعدون لخوض محادثات جادة بخصوص أوكرانيا
  • أوكرانيا: لن نوافق على التنازل عن الأراضي لإنهاء الحرب مع روسيا