تتضافر الجهود الأهلية التطوعية بولاية نزوى لتساند الجهود الحكومية في تنفيذ مشاريع متنوّعة تُسهم في التنمية الحضارية والتنموية، حيث قدّمت بعض الفرق الرياضية والفرق الخيرية والأهالي ملحمة من التعاضد والتعاون دون انتظار المشاريع الحكومية، إذ حفلت بعض القرى بمجموعة من المشاريع المتنوّعة كمشاريع إنارة الأحياء، ومشاريع تبليط الطرقات والممرات بين المساكن بالطابوق المتشابك «الإنترلوك»، وكذلك تهيئة بعض المماشي بين بساتين النخيل لممارسة رياضة المشي بأريحية، وخاصة للنساء وكبار السن.

وفي التقرير التالي نستعرض جملة من التجارب التي سطّرها أبناء الولاية، حيث نبدأ من قرية السويق التي شهدت إحياء للحارة القديمة من خلال تشكيل لجنة من الأهالي، وبجهودهم الذاتية لتطوير وتجميل الحارة القديمة، التي تتضمن الكثير من البيوت القديمة والمباني الأثرية والأبراج الدفاعية التي تحيط بالحارة، وذلك حفاظًا على تاريخها التليد ودورها الذي لعبته طوال الفترات الفائتة من التاريخ العُماني. إذ لاحت فكرة لأهالي الحارة بأهمية الحفاظ على ما تبقّى من بيوت ومآثر قبل أن تصل إلى مرحلة الاندثار، خاصة وأن الحارة تتميّز بطابع معماري فريد. وقد تم تشكيل فريق لدراسة مقترحات التطوير، وفق ما يوضّح سعيد بن حمد بن سليمان الكندي، المشرف على المشروع، حيث تم أخذ المقترحات ودراستها، ثم البدء بالبحث عن مصادر التمويل، وتضافرت الجهود لإخراج المشروع إلى حيّز الوجود.

تم تنظيف الحارة في البداية، ثم البدء بمرحلة تغطية الطرق الداخلية بالطابوق المتشابك «الإنترلوك» ذي الألوان الجاذبة، للحفاظ على هذه الطرق في حالة الحاجة لأي تطوير مستقبلي، حيث أتاح ذلك إضفاء لمسة جمالية للطرقات، بعد أن كانت هذه الطرق ممتلئة بالأتربة والمخلّفات. كما تم تنظيف البيوت القديمة غير المأهولة من المخلّفات، والتنسيق مع أصحابها لوضع حماية للآبار بهذه المنازل، وإزالة الأشجار الميّتة، حيث أصبحت الحارة بعد هذه الأعمال مزارًا ومقصدًا للكثيرين من محبي التاريخ والآثار.

كما تم تمديد الكابلات الكهربائية من أجل مشروع الإنارة، الذي شمل أيضًا المنازل الحديثة، حيث غطّت الإنارة أرجاء المحلة بكاملها من خلال تركيب قرابة 100 عمود إنارة بالتعاون مع بلدية الداخلية، وتركيب أجهزة التحكم في توقيت الإشغال والإطفاء، الأمر الذي أضفى الجانب الجمالي لكامل المحلة خلال الفترة المسائية، وأتاح للسكان سهولة الحركة وممارسة رياضة المشي خلال فترة الليل، وقد تجاوزت التكلفة الإجمالية لهذا المشروع حاجز الـ80 ألف ريال عماني.

مشاريع فريق «درب العطاء»

أما فريق درب العطاء للأعمال التطوعية، الذي تأسس قبل عشرة أشهر بعضوية شباب من الولاية، فقد وضع خطة طموحة، رؤيتها أن يكون الفريق نموذجا رياديا في تحسين البنية الأساسية المجتمعية من خلال العمل التطوعي، والمساهمة في توفير طرق آمنة ومريحة، وتعزيز ثقافة المشاركة المجتمعية في تطوير المدن والقرى، ويخدم الفريق قرى متعددة تبدأ من ضوت مرورًا بالغنتق وما جاورها، وصولا إلى منطقة غاف الشيخ المترامية.

يقول سعود بن سالم الفرقاني، المشرف على الفريق: إن رؤية «درب العطاء» هي رسالة مجتمعية هدفها تقديم جهود تطوعية مستدامة تهدف إلى صيانة الطرق وتوسيعها، وإنشاء المماشي، مما يسهم في تحسين جودة الحياة، وتسهيل التنقل، وتعزيز سلامة المشاة، وذلك من خلال التعاون مع الجهات الرسمية والمجتمع المحلي.

وقال: «مع تشكيل الفريق، وضعنا جملة من الأهداف لتعضيد دور الجهات الحكومية، وعدم انتظار مشاريع هذه الجهات. ومن أهم أهدافنا: صيانة وتحسين الطرق لضمان سلامة المركبات والمشاة وتقليل المخاطر المرورية، إضافة إلى توسعة الطرق الحيوية لتخفيف الازدحام وتحسين انسيابية الحركة المرورية، وكذلك إنشاء ممرات للمشاة لتعزيز السلامة وتشجيع نمط حياة صحي، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على البنية الأساسية والمشاركة في تطويرها، كما نسعى للتعاون مع الجهات المختصة لضمان تنفيذ المشاريع وفق المعايير الهندسية المعتمدة، وتشجيع العمل التطوعي، وتعزيز روح المسؤولية الاجتماعية بين أفراد المجتمع، ونشدد على أهمية استخدام المواد المستدامة والصديقة للبيئة في تنفيذ المشاريع لضمان استدامتها».

وأضاف الفرقاني: «نؤمن بأن العمل التطوعي هو قوة تغيير إيجابية، ونسعى جاهدين إلى جعل مدننا وقرانا أكثر تطورا وأمانا من خلال الجهود الجماعية والتعاون المستمر، حيث تنوعت مشاريع الأهالي بين توسعة الطرق في الأزقة الضيقة، وتبليط الطرق والمماشي، وتسوير المقابر، وإنارة الطرق، وشق قنوات لتصريف مياه الأفلاج الزائدة عن الحاجة، حيث بلغت جملة تكلفة المشاريع التي تم تنفيذها حتى الآن قرابة 80 ألف ريال عماني، بمشاركة الأهالي وعدد من الداعمين الأساسيين، مع تعاون بعض الشركات كمجموعة الداخلية للمنتجات الإسمنتية، وقبس للمجوهرات، وحلوى الغضيب، وحلوى السيفي، ومؤسسة محمد بن راشد الحوقاني التجارية».

الطاقة الشمسية تنير ردّة البوسعيد

وننتقل إلى مشروع مميز آخر، وهو مشروع الإنارة بالطاقة الشمسية، حيث يصفه المهندس أحمد بن زايد البوسعيدي بأنه «نور يربط الماضي بالحاضر وسط بساتين النخيل»، إذ جاء المشروع في خطوة تنموية تهدف إلى تعزيز البنية الأساسية وتحسين جودة الحياة في المناطق الزراعية، ويُقام المشروع في وسط أراضٍ زراعية كثيفة بأشجار النخيل، مما يمنحه بُعدًا جماليًا وإنسانيًا في آنٍ واحد، وذلك ضمن جهود التنمية المحلية المستدامة.

وقال البوسعيدي: إن من أهداف المشروع الاستجابة لحاجة الأهالي إلى بيئة أكثر أمانًا وسهولة في التنقل ليلًا، خصوصًا أن المنطقة تُعد مسارًا مهمًا للمزارعين وسكان التجمعات الريفية المجاورة، كما يهدف المشروع إلى دعم النشاط الزراعي والسياحي والصحي، من خلال توفير بيئة جاذبة وآمنة للزوار والمستثمرين، وتشجيع كبار السن على المشي والاستمتاع بأجواء المنطقة ليلًا بثقة وطمأنينة، وتحفيز الأطفال على مساعدة ذويهم أثناء السقي والحصاد في الفترات المسائية، وتعزيز النشاط الصحي والبدني للأهالي، وخاصة كبار السن والنساء والأطفال، عبر توفير مسارات آمنة ومضيئة للمشي والحركة.

وقال: «تم تنفيذ المشروع بتكاتف مشترك بين فريق الاتحاد الجنوبي التابع لنادي نزوى ولجنة المشاريع والمعسكرات بالبلد، عبر جهود تطوعية وتنظيمية مخلصة أثمرت إنجازًا نوعيًا في وقت قياسي، وقد جاء التمويل بدعم كريم من أهالي ردة البوسعيد من أصحاب الأيادي البيضاء، الذين جسّدوا روح التكاتف المجتمعي والإيمان العميق بأهمية النهوض بالخدمات المحلية».

الفوائد والمردود الجمالي

وقال: من المتوقع أن يُحدث المشروع نقلة جمالية في المنطقة، بفضل استخدام أعمدة إنارة ذات تصميم عصري يتناغم مع البيئة الزراعية المحيطة، وستوفر الإضاءة أجواء أكثر أمانًا، وبالتالي ستساعد على تحفيز الأهالي على المشي في جو مسائي بين المزارع الخضراء، كما ستفتح المجال لإقامة فعاليات اجتماعية وثقافية في الهواء الطلق، وقد بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع حوالي (2600 ريال عماني) كمرحلة أولى، وشمل تركيب أعمدة إنارة تعتمد على الطاقة الشمسية، وقد رُوعي أثناء التنفيذ الحفاظ على الأشجار والمزروعات، باستخدام معدات صديقة للبيئة وضمانات تشغيل عالية الجودة.

وفي الختام قال: يُجسّد مشروع إنارة ردة البوسعيد قصة نجاح حقيقية، حيث تضافرت الجهود التطوعية والمجتمعية لإضاءة دروب أهالي المنطقة، إنّه نموذج يُحتذى به في التعاون بين الفرق الشبابية والمؤسسات المحلية، ليبقى النور شاهدًا على ما يمكن أن تصنعه الأيادي المتكاتفة، وقد ساهم نجاح هذا المسار المُضاء بالطاقة الشمسية في تشجيع سكان المناطق المجاورة على طلب تنفيذ مشاريع إنارة مماثلة في مسارات أخرى، مما يعكس وعي المجتمع بأهمية تحسين بيئته المحلية واستدامة مشاريعه التنموية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

مبادرات سياحية نوعية في رؤية التحديث الاقتصادي لتعزيز مكانة الأردن كوجهة عالمية

صراحة نيوز ـ تتضمن رؤية التحديث الاقتصادي ضمن محرك “الأردن وجهة عالمية”، مجموعة من المبادرات السياحية النوعية التي تهدف إلى تعزيز تنافسية القطاع وتحقيق نمو مستدام فيه، لا سيما وأن القطاع السياحي يعد أحد أكبر القطاعات الرافدة للاقتصاد الأردني.
وتتمتع المملكة بمواقع فريدة تنتشر في أرجائها تتوزع بين الدينية والتاريخية والأثرية والتراثية والطبيعية،مثل : البترا والبحر الميت ووادي رم، والمغطس، وقلعة مكاور ، وموقع أهل الكهف والمسجد الحسيني، إلى جانب مواقع للغوص والرياضات المائية، وسياحة المغامرة، فضلا عما تتسم به من مناخ ملائم للسياحة على مدار العام.
ويكتسب الأردن مكانة مرموقة في سوق السياحة العلاجية سريعة النمو، كما ويحظى باهتمام لافت من السياح المتخصصين ممن يبحثون عـن تجـارب مميزة في السياحة التراثية والطبيعية والعلاجية.
ومن أبرز المبادرات المقترحة في رؤية التحديث الاقتصادي والمتعلقة بالسياحة، تطوير وإدارة المواقع والمرافق السياحية والحفاظ عليها، وتطوير المنتجات الخاصة بالسياحة بأنواعها المختلفة، وتفعيل مبادرة الاستثمار السياحي، وتسهيل السفر إلى الأردن والتنقل داخله، وإطلاق مبادرة تنافسية الكلف وإتاحة الخدمات بأسعار مناسبة.
ومن المبادرات أيضا، إنشاء برنامج لصقل المهارات في قطاع السياحة، إطلاق مبادرة السائح الرقمي، تحديث بيانات القطاع بما يمكن من اتخاذ القرارات، الاستمرار بالتسويق السياحي، وربط الأردن بشبكة أوسع رافدة للسياح، وتطوير الهوية التجارية، وضع معايير وقواعد عالمية المستوى لقطاع السياحة، تحسين القوانين المرتبطة بقطاع السياحة، تبسيط الإجراءات الحكومية، وإطلاق مبادرة أردن الأمن والسلامة والبيئة النظيفة.
وتحدثت رؤية التحديث الاقتصادي، عن الإمكانات الاستراتيجية وأولويات القطاع السياحي، والمتمثلة بتنمية إمكانات الأردن ليصبح أفضل الوجهات السياحية للباحثين عن تجارب عالمية المستوى في المواقع الأثرية والتراثية والطبيعية وسياحة المغامرات والسياحة الدينية والسياحة العلاجية.
وضمن أولويات القطاع، استمرارية تطوير المنتج السياحي وتعزيز تنافسيته، تطوير البنية التحتية للمواقع السياحية، تحسين خدمات النقل السياحي، تطوير المناهج التعليمية والتدريبية المتصلة بقطاع السياحة، وفتح المجال أمام القطاع الخاص لإدارة مراكز التدريب التابعة لمؤسسة التدريب المهني.
وفيما يتعلق بالسياحة في المواقع الأثرية والتراثية والطبيعية، أظهرت الرؤية ضرورة العمل على تنمية الإمكانات ليصبح الأردن من أفضل الوجهات في هذا المجال، أما السياحة العلاجية سيجري من خلال الرؤية دفع الأردن ليصبح من الوجهات الفضلى لتجارب السياحة العلاجية والخدمات الطبية والرعاية الصحية عالية الجودة بأسعار ميسرة.
وفيما يخص السياحة الدينية والسياحة المتخصصة، بينت الرؤية ضرورة العمل تنمية الإمكانات ليصبح الأردن إحدى الوجهات المفضلة في مجال السياحة الدينية، وأن يصبح الأردن وجهة رئيسة للسياحة المتخصصة، مثل سياحة المؤتمرات والفعاليات والمعارض.
ويضم محرك الأردن وجهة عالمية، قطاعين تندرج تحتهما 25 مبادرة، حيث يوجه المحرك عملية تحويل المملكة إلى مقصد رئيس للسياح الدوليين المتخصصين، لا سيما في مجال السياحة الثقافية والطبيعية، والسياحة العلاجية والاستشفائية والسياحة الدينية، وسياحة المؤتمرات، وكذلك لمنتجي الأفلام من خلال تطوير نظام متكامل متخصص على المستوى العالمي.
ويتضمن قطاع السياحة 16 مبادرة، تشمل تطوير تجارب قابلة للتسويق مع التركيز على الباحثين عن تجارب فريدة وعلى مستوى عالمي في مجالات السياحة التراثية والطبيعية والدينية والعلاجية والاستشفائية وسياحة المغامرات.
وحقق قطاع السياحة في الأردن نموا ملحوظا خلال الثلث الأول من عام 2025، مع تسجيل ارتفاع في الدخل السياحي وزيادة في أعداد السياح الدوليين مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، بحسب بيانات البنك المركزي ووزارة السياحة والآثار.
وبلغ الدخل السياحي خلال الثلث الأول (كانون الثاني- نيسان) من العام الحالي 2025، نحو 1.721 مليار دينار بنسبة ارتفاع 15.3 بالمئة، مقارنة مع نفس الفترة اعلاه من عام 2024، والتي بلغ فيها الدخل السياحي 1.493 مليار دينار.
وبحسب التقرير الشهري الصادر عن وزارة السياحة والآثار، بلغ إجمالي عدد الزوار الدوليين خلال الفترة من (كانون الثاني- نيسان) من عام 2025، نحو 2.125 مليون زائر بنسبة ارتفاع 19 ‎بالمئة مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، والتي بلغ فيها عدد الزوار 1.785 مليون زائر.
وشهدت المملكة خلال الأشهر الماضية من العام الحالي تزايدا واضحا في ارتفاع الدخل السياحي وأعداد الزوار الدوليين، الأمر الذي يعكس تحسن ايجابي في أداء القطاع السياحي.
ويعود هذا النمو إلى مجموعة من العوامل، من أبرزها تكثيف الحملات الترويجية المدروسة التي استهدفت أسواقا واعدة عالميا، إلى جانب استئناف عدد من الرحلات الجوية المباشرة ومنخفضة التكاليف، مما ساهم في تسهيل الوصول إلى الوجهات السياحية في الأردن

مقالات مشابهة

  • 24 مدربا يختتمون دورة الرخصة الآسيوية بنزوى
  • مدير عام قوات الدفاع المدني يترأس إجتماعا طارئا خاص بوضع الخطط والترتيبات الأمنية اللازمة لتداعيات المرحلة المقبلة
  • استكمال المرحلة الثانية من سفلتة طريق “الدعيسة” بشرعب الرونة
  • النقل تواصل تنفيذ شبكة من الطرق والأنفاق والجسور بمختلف المحافظات
  • مبادرات سياحية نوعية في رؤية التحديث الاقتصادي لتعزيز مكانة الأردن كوجهة عالمية
  • مبادرات سياحية لتعزيز مكانة الأردن كوجهة عالمية
  • «أبوظبي للتنقل» يشارك في أسبوع السلامة المرورية
  • تدشين طريق جبلي جديد بولاية ضلكوت لتعزيز كفاءة شبكة الطرق
  • 5 آلاف جولة رقابية و54 فرصة تطوعية.. "بيئة مكة" تكثف جهودها الميدانية
  • مصرع فتاة حرقاً وعمود إنارة يصيب شخصين في طوز خورماتو