تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم المسح على الأكمام في الوضوء بدلًا من غَسْل اليدين؟.

وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن السؤال قائلة: إن غَسْل اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، ولا يُجْزِئ المسح على ظاهر الأكمام؛ للنصوص الدالة على وجوب الغَسْل، وعدم وجود رخصة في المسح على الأكمام مع وجود الحاجة الداعية إليه.

وأشارت إلى أنه فى حالة تعذَّر استعمال الماء في الوضوء تيمَّم بَدَلًا عن الوضوء، فإن كان يَقدِر على استعماله في بعض الأعضاء دون بعضٍ، فيغسل ما لا يتضرَّر بغسله ويتيمَّم لما سواه مراعيًا الترتيب والموالاة.

الوضوء شرط لصحة الصلاة

وأوضحت انه من المقرَّر شرعًا أنَّ الوضوء شرط لصحة الصلاة؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وللحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».

وقال الإمام النووي الشافعي في "شرح صحيح مسلم" (3/ 103، ط. دار إحياء التراث العربي): [أجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة؛ من ماء أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة] اهـ.

بيان فرائض الوضوء الواجب الإتيان بها

أجمع الفقهاء على أنَّ الواجب في الوضوء: استيعابُ الوجه واليدين والرجلين بالغَسْل، مع مسح الرأس؛ عَمَلًا بالآية السابقة، وللأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومنها ما رُوي عن عطاء بن يزيد، عن حمران قال: رأيت عثمان رضي الله عنه توضَّأ فأفرغ على يديه ثلاثًا، ثم تمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثًا، ثم اليسرى ثلاثًا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضَّأ نحو وضوئي هذا ثم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه.

بيان أن غسل اليدين إلى المِرفقين من فرائض الوضوء

الواجب في اليدين هو استيعابهما بالغَسْل، ولا يُجزئ فيهما مجرد المسح؛ للآية والحديث السابقين، ولأنَّه لم يُؤْثَر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخصة في مسحهما، مع وجود الحاجة الشديدة إليه، كشدة البرد ونحوه، فرخَّص في المَسح على الخفِّ دون غيره.

قال الإمام ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 98، ط. دار الفكر): [(قوله: بعد انعقاد الإجماع على ذلك) أي: على افتراض غسل كل واحدة من اليدين والرجلين، وعلى دخول المرفقين والكعبين، وغسل الرجلين لا مسحهما] اهـ.

وقال العلامة المواق في "التاج والإكليل" (1/ 276، ط. دار الكتب العلمية): [من فرائض الوضوء: غسل اليدين إلى المرفقين] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (3/ 107، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمع العلماء على وجوب غسل الوجه واليدين والرجلين واستيعاب جميعهما بالغسل] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 90، ط. مكتبة القاهرة): [وغسل اليدين إلى المرفقين، ويدخل المرفقين في الغسل، لا خلاف بين علماء الأمة في وجوب غسل اليدين في الطهارة، وقد نص الله تعالى عليه بقوله سبحانه: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6]] اهـ.

حكم المسح على الأكمام في الوضوء

إذا كان -كما تقرَّر سابقًا- غَسْل اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، فإنَّه لا يجزئ المسح على ظاهر الثياب بدلًا منه؛ لما جاء في "الصحيحين" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: تخلَّف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتخلَّفت معه، فلما قضى حاجته قال: «أَمَعَكَ مَاءٌ؟»، فأتيتُهُ بِمَطهرةٍ، فغسل كفَّيْه ووجهه، ثم ذهب يَحْسِرُ عن ذراعيه فَضَاقَ كُمُّ الجُبَّةِ، فأخرج يده من تحت الُجبَّةِ، وألقى الجُبَّة على مَنكِبَيْهِ، وغسل ذراعيه، ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه.

ووجه الدلالة من الحديث: أنَّ المسح إِنما ورد فيما يُلبس على الرأس والرجلين فقط، فلو كان المسح جائزًا على غيرهما لمسح النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في مثل هذا الحال على كُمَّيهِ، خاصة مع ضيق الجبة الذي تعذَّر معه حسر الثوب عن يديه الشريفتين، فجعله يلقي الجبة عن منكبيه، على أنَّه لا يصحّ قياس المسح على الأكمام -بدلًا من غَسْل اليدين- على المسح على الخفين؛ لأنَّ المسح على الخفين رخصة، والرخصة استثناء لا يُقاس عليه؛ لأنَّه –أي: الاستثناء- خلاف الأصل؛ إذ الرُّخَص مخالفة للدليل، فالقول بالقياس عليها يؤدي إلى كثرة مخالفة الدليل، وهو أمر لا يجوز. ينظر: "شرح تنقيح الفصول" للإمام القرافي (ص: 416، ط. شركة الطباعة الفنية المتحدة).

فإن تعذَّر استعمال الماء في غَسْل اليدين، سواء كان لشدة برد يُخْشَى معه تلف العضو أو تضرره، ولم يجد ما يسخن به الماء، أو لمرضٍ، أو بطء بُرْءٍ، أو غير ذلك من الأعذار؛ تيمَّم بَدَلًا عن الوضوء، فإن كان يقدر على استعماله في بعض الأعضاء دون بعض، فيَغسِل ما لا يتضرَّر بغسله ويتيمَّم لما سواه مراعيًا للترتيب والموالاة؛ عملًا بالقاعدة الفقهية "الميسور لا يسقط بالمعسور". ينظر: "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" للشرنبلالي (ص: 51، ط. المكتبة العصرية)، و"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 149، ط. دار الفكر)، و"منهاج الطالبين وعمدة المفتين" للنووي (ص: 17، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للبهوتي (1/ 162، ط. دار الكتب العلمية).

طباعة شارك بيان فرائض الوضوء الواجب الإتيان بها فرائض الوضوء الواجب الإتيان بها فرائض الوضوء حكم المسح على الأكمام في الوضوء

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم غ س ل الیدین قال الإمام غسل الیدین فی الوضوء إ ل ى ال ثلاث ا

إقرأ أيضاً:

هل العمرة تغفر الذنوب مثل أداء الحج؟.. دار الإفتاء تجيب

هل تغفر العمرة الذنوب كما يفعل الحج؟ من الأسئلة التي تُثار كثيرًا، والحج والعمرة هما من أعظم العبادات التي شرعها الله تعالى للمسلمين، وجعلهما وسيلة للتقرب إليه، وهما سبب رئيس في مغفرة الذنوب والآثام.

والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، أما العمرة فهي عبادة عظيمة تُؤدّى في أي وقت من السنة، وقد وصفها النبي ﷺ بأنها "كفارة لما بينهما"، ولكن هل تغفر العمرة الذنوب كما يحدث في الحج.

هل تغفر العمرة الذنوب؟

وفي إطار الإجابة عن هذا التساؤل، قال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن بعض العلماء يرى أن أداء العمرة يأخذ مثل ما يأخذه الحج، موضحا أن الإنسان لو أدى عمرة مبرورة ولا يخالطها ذنب فيرجع الإنسان كما ولدته أمه، ولا مانع من العمل بهذا القول.

واستشهد أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، في فيديو منشور على صفحة دار الإفتاء المصرية عبر فيسبوك، بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن ثواب العمرة والحج "تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرة، فإنَّ متابعةً بينهما تنفي الفقرَ والذنوبَ كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديدِ".

كيفية حج التمتع بالتفصيل.. كيف تحج متمتعا؟ أسهل طريقة لأداء مناسك الحجخمسة واجبات لا يبطل الحج بتركها ولكن تجبر بدم.. علي جمعة يكشف عنهاهل يجوز الحج بالتقسيط بفوائد.. أزهري يجيبهل يجوز الحج عن الوالدين في حجة واحدة وبأيهما أبدأ ؟.. الإفتاء توضحهل الأولى للشباب الزواج أم أداء فريضة الحج؟.. الإفتاء تجيبدعاء بعد الوضوء لأبيك.. كلمة واحدة تجعله من الحجاج أو المعتمرين

وأكد أمين الفتوى في دار الإفتاء، أن العمرة تؤدي ما يؤديه الحج من مغفرة الذنوب، مشيرا إلى أن الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر.

كيفية أداء الحج والعمرة معًا

تنقسم أنواع الحج إلى ثلاثة أنواع وهي:

1- حج إفراد: ينوي فيه الحاج نية الحج فقط.

2- حج قِران: ينوي فيه الحاج نية الإتيان بحج وعمرة معًا في آن واحد وبأفعال واحدة، من طواف وغيره من أعمال الحج، أو يحرم بالعمرة أولًا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها. وعمل القارن كعمل المفرد سواء، إلا أن القارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه.

3- حج تمتع: ينوي فيه الحاج نية العمرة في أشهر الحج (شوال، ذي العقدة وأول 8 أيام من شهر ذي الحجة)، فينوي العمرة فقط ويؤدي مناسكها، ثم يتحلل من إحرامه ويتمتع بحياته العادية من ملبس وغيره من معاشرة النساء، فإذا أتى اليوم الثامن من ذي الحجة نوى الحج من مكانه بمكة ولبس ملابس الإحرام وأتى بمناسك الحج. وهذا النسك هو الأفضل.

أداء الحج والعمرة

وأداء الحج يبدأ من الميقات: تَجرّد من الثياب، واغتسل كما تغتسل من الجنابة -إن تيسر لك- وتطيب بأطيب ما تجده من دهن عود أو غيره في رأسك ولحيتك، ولا يضر بقاء ذلك بعد الإحرام، ولكن لا تطيِّب ثياب الإحرام.

- البس ثياب الإحرام (إزارًا ورداءً)، ولف الرداء على كتفيك، ولا تخرج الكتف الأيمن إلا في الطواف بجميع أنواعه (هذا للرجل). (أما المرأة) فتحرم في ملابسها العادية التي ليس فيها زينة ولا شهرة، ولا تلزم بلون معين.- صلِّ الصلاة المكتوبة إذا حان وقتها، وصل ركعتين سنة الإحرام (وإن لم تصلها فلا حرج)

بعدها: إذا ركبت السيارة انْوِ الدخول في النسك، ثم قُلْ -حسب نسكك-:

1- إن كنت تريد العمرة فقط: (لبيك عمرة).

2- وإن كنت تريد الحج فقط -الإفراد-: (لبيك حجًّا).

3- وإن كنت تريد الحج والعمرة بأفعالهما -التمتع-: (لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج).

4- وإن كنت تريد الحج والعمرة بأفعال الحج -القارن-: (لبيك عمرة وحجًّا)، ولا يلزم تكرار هذه الألفاظ ثلاثًا، بل مرة واحدة تكفي.

طباعة شارك العمرة الحج هل تغفر العمرة الذنوب كما يفعل الحج كيفية أداء الحج والعمرة معًا الحج والعمرة الإفتاء دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • حكم رفع اليدين عند كل تكبيرة في صلاة الجنازة.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز صيام العشر الأوائل من ذي الحجة بنيتين؟ .. أمين الفتوى يجيب
  • ما حكم تأخير صلاة العشاء حتى منتصف الليل؟ الإفتاء تجيب
  • هل يجوز للمحرم لف الرباط الضاغط على الفخذ ؟.. الإفتاء تحسم الجدل
  • هل يجوز قول تسليمة واحدة فقط في نهاية الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم رفع اليدين عند كل تكبيرة في صلاة الجنازة.. الإفتاء توضح
  • هل تقبل توبة من اقترف الفاحشة عدة مرات؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة.. الإفتاء تجيب
  • هل العمرة تغفر الذنوب مثل أداء الحج؟.. دار الإفتاء تجيب