يمانيون/ تحليل

يشهد الإقليم لحظة من التحول العميق على ضوء الضربة اليمنية غير المسبوقة التي استهدفت مطار “بن غوريون” في عمق الأراضي المحتلة، وما تبعها من تصعيد صهيوني واسع على جبهة غزة، وردود عسكرية إسرائيلية-أميركية على اليمن. تتقاطع هذه الأحداث مع توتر في مسار التفاوض الأميركي-الإيراني، وتشير إلى بداية مرحلة جديدة في بنية الصراع الإقليمي.


هذا التحليل الموجز  يعرض ملامح المشهد بناء على الوقائع الميدانية والتصريحات الرسمية والتحليلات الإعلامية الصهيونية الغربية الصادرة خلال الساعات الماضية.

“إسرائيل” في مواجهة الصاروخ اليمني

شكّل الهجوم اليمني على مطار “بن غوريون”، وفق وكالة بلومبرغ، “رسالة سياسية واضحة” للولايات المتحدة و”إسرائيل”، إذ ضرب أحد أكثر المرافق الاستراتيجية في عمق الكيان، رغم امتلاك منظومات دفاعية متعددة الطبقات. ورغم أن الرأس الحربي للصاروخ كان محدود الشحنة التفجيرية، إلا أن رمزية اختراق العمق شكلت ما يشبه “الاضطراب الاستراتيجي”، بحسب وصف الإعلام العبري. كما أعلنت القوات المسلحة اليمنية فرض حصار جوي شامل على “إسرائيل”، ووجّهت تحذيرات إلى شركات الطيران الدولية من استخدام مطار “بن غوريون”، ما يمثل تصعيداً غير مسبوق في الحرب الجوية.
الرد الإسرائيلي جاء عبر عدوان جوي مكثف هذا المساء على اليمن شمل ميناء الحديدة ومواقع مدنية في باجل وصنعاء ومأرب وصعدة والجوف. وقد أشرف على الضربة نتنياهو و”وزير الحرب” الصهيوني وكبار القادة العسكريين من غرفة قيادة الأركان في “تل أبيب”، وتم تنفيذها بـ 30 طائرة و50 قنبلة، فيما أُطلق على العملية اسم “مدينة الموانئ”. رغم ذلك، صرّح مسؤول أمني إسرائيلي للقناة 13 العبرية بأن “الهجوم لن يوقف إطلاق الصواريخ من اليمن”، وهي الحقيقة التي يخشى العدو الحديث عنها، ويريد رسم صورة ردع يسوقها إلى الداخل وإلى الإقليم.

ثانياً: أميركا والكيان في معركة مفتوحة مع اليمن

الهجوم الإسرائيلي العدواني على اليمن تم بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، وفق مصادر إعلامية إسرائيلية وأميركية. ورغم عدم مشاركة القوات الأميركية مباشرة في القصف، إلا أنها كانت على علم مسبق وقدّمت التسهيلات والدعم الاستخباري.
من جهة أخرى، يعكس هذا المشهد ما وصفته بعض التحليلات بـ”مصيدة القوة الهوائية”، حيث يواصل الطرفان الأميركي والإسرائيلي شن غارات جوية مكلفة دون نتائج حاسمة. فاليمنيين يواصلون الهجمات بعيدة المدى على أهداف بحرية وجوية صهيونية، رغم الضربات المكثفة والمليارات التي تُنفق في عمليات القصف.
يرى بعض المحللين الإسرائيليين أن الخيار الجوي لم يعد كافياً، ودعوا إلى اغتيال قادة أنصارالله والقوات المسلحة اليمنية أو التفكير في عمليات برية، وهو أمر لا يبدو متاحاً في الوقت الحالي، لا لوجستياً ولا سياسياً. أما السعودية، وفق أحد المعلقين الذين يعكسون موقف الرياض، فقد أعلنت: “لن نتدخل، دعوا الأمر للأميركيين”. إلا أن حديث اعلام العدو عن حملة برية قد يُعيد تحميس المرتزقة المحليين في اليمن مجدداً للتصعيد البري مع الكيان، إذا اعطتهم السعودية الضوء الأخضر، والاحتمال لايزال ضعيفاً وفقاً للوقائع الراهنة وقد تتغير.

حرب غزة.. الهروب إلى الأمام ومحاولة فرض شروط صفقة

في السياق ذاته، قرر المجلس الوزاري المصغر للعدو (الكابينت) توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، وبدأ تنفيذ خطط اجتياح بري تحت مسمى “عربات جدعون”، تشمل إدخال آليات ثقيلة، وتطويق المناطق، ودفع المدنيين إلى النزوح نحو الجنوب، تحديداً منطقة المواصي.
وبحسب مصدر أمني صهيوني، فإن هذه العملية تُستخدم كوسيلة ضغط على حماس للموافقة على صفقة تبادل أسرى قبل زيارة الرئيس الأميركي ترامب إلى المنطقة. وتقتضي الخطة عدم انسحاب  جيش العدو من المناطق التي يحتلها، وتحويلها إلى “مناطق أمنية”، مع تقييد إدخال المساعدات إلى من يُعتبر “مدنياً” فقط، عبر شركات خاصة وبإشراف “الجيش”، حد زعمهم.
يُنظر إلى هذه العملية، بحسب بعض المعارضين داخل “إسرائيل”، كمحاولة لإنقاذ “حكومة” نتنياهو سياسياً بعد الفشل في استعادة الردع في غزة واليمن، وهي مقامرة محفوفة بمخاطر الانفجار الإنساني والسياسي.

إيران والمواجهة غير المباشرة

اتهمت “إسرائيل” إيران بالوقوف خلف الضربات اليمنية يوم أمس، وزعمت أن “الحوثيين” مجرد ذراع إيراني ينفذ أوامر طهران في إطار مشروع تخريبي إقليمي. وردت الخارجية الإيرانية على هذه التصريحات، واصفة العمليات اليمنية بالبطولية المشرفة، مؤكدة أن القرار اليمني مستقل، وأن الهجمات جاءت من منطلق تضامن إنساني وإسلامي مع غزة.
في موازاة ذلك، صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي بأن نتنياهو يحاول فرض إملاءاته على إدارة ترامب لمنع التوصل إلى اتفاق نووي، ولفت إلى أن الاتفاق لا يزال ممكناً إذا كان هدف أميركا فقط هو منع امتلاك القنبلة النووية، داعياً إلى حل دبلوماسي قائم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
في الوقت نفسه، كشفت مصادر إيرانية عن قرب عقد الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة مع واشنطن، والتي تأجلت بسبب تذبذب المواقف الأميركية.

ملامح المشهد الإقليمي

تشير هذه التطورات إلى معادلة جديدة تعيد تشكل الجغرافيا السياسية والأمنية في المنطقة:
•    “إسرائيل” تعاني من تآكل قدرتها على الردع، بعدما باتت تُضرب في عمقها الجوي والبحري من خصم جغرافي بعيد.
•    الولايات المتحدة، رغم حضورها، تواجه مأزق الحسم؛ فالغارات الجوية لا توقف القوات المسلحة اليمنية، والتورط البري غير وارد حالياً، والمفاوضات مع إيران لم تُثمر.
•    في المقابل اليمن خرج من موقع التهديد الرمزي والتضامني، ليصبح لاعباً فعلياً يفرض قواعد اشتباك جديدة ويغير الحسابات الإقليمية.
•   ” حكومة ” نتنياهو تتجه نحو التصعيد في غزة، محاولة فرض معادلة سياسية بالقوة، وسط تصاعد الضغوط الدولية وغياب أي أفق للحل.
خلاصة القول، ما يجري اليوم ليس مجرد تطورات منفصلة، بل هو تحوّل استراتيجي يعكس فشل منظومة الهيمنة الأميركية-الإسرائيلية على المنطقة. الضربة اليمنية لمطار “بن غوريون”، ورد الفعل الإسرائيلي عليها، والاندفاعة نحو اجتياح غزة، كلّها مشاهد تؤكد أن “الردع” لم يعد حكراً على “تل أبيب” وواشنطن، وأن المقاومة – لا سيما في اليمن – باتت رقماً صعباً لا يمكن تجاهله في معادلة الصراع الإقليمي، وأن ما بعد غزة، وما بعد “بن غوريون”، لن يكون كما قبلهما

 

نقلا عن موقع أنصار الله

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: بن غوریون

إقرأ أيضاً:

ثلاث شركات طيران تنظم للخطوط الجوية اليمنية بتشجيع حكومي لتخفيف الضغط على الناقل الوطني

  

قالت صحيفة "العربي الجديد" إن حكومة اليمن المعترف بها دولياً التي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة لها، تتجه لفتح المجال أمام شركات الطيران الخاصة الاستثمارية في اليمن لتشغيل رحلاتهم بأسرع وقت، للتخفيف من الضغط على طلب المسافرين، خاصة المرضى والطلاب.

 

وذكرت الصحيفة أن وزارة النقل الحكومية في عدن ناقشت الأحد الماضي مع شركات الطيران الخاصة الاستثمارية التي تم منحها تراخيص تشغيل جديدة، الجوانب المتعلقة باستكمال المتطلبات الخاصة بالهيئة العامة للطيران المدني، وتوفير الطائرات للبدء بالتشغيل في أسرع وقت.

 

وقالت إن "الحكومة أبدت استعدادها لتسهيل عمل شركات الطيران الاستثمارية في اليمن، لتلبية طلبات السفر وفتح فرص عمل للكادر اليمني للعمل فيها، وتذليل والصعوبات والمعوقات التي تواجه هذه الشركات التي طالبتها بسرعة استيفاء بقية المتطلبات لهيئة الطيران المدني بصورة عاجلة.

 

وتعمل في عدن ثلاث شركات طيران خاصة استثمارية، (فلاي عدن - طيران حضرموت - طيران بلقيس)، إلى جانب طيران الخطوط الجوية اليمنية التي تواجه ضغوط كبيرة بعد أن فقدت نصف أسطولها من الطائرات التي دمرها قصف العدوان الإسرائيلي لمطار صنعاء في مايو/ أيار الماضي 2025، وإغلاق مطار صنعاء الدولي.

 

ويمر اليمن بفترة صعبة بسبب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف 4 طائرات للخطوط الجوية اليمنية بما فيها الطائرة التي نجت من المرحلة الأولى من القصف بسبب وجودها في مطار الملكة علياء في العاصمة الأردنية عمّان التي استهدفها في مرحلة ثانية من القصف أثناء قيامها برحلات لتفويج الحجاج من مطار صنعاء إلى السعودية.

 

وتسبب توقف رحلات الخطوط الجوية اليمنية عبر مطار صنعاء -وفق الصحيفة- بأزمة كبيرة لا تزال متصاعدة حتى الآن في اليمن، مع تعثر سفر الكثير من المواطنين الذي كانوا قد حجزوا خلال الفترة الماضية للسفر عبر مطار صنعاء والذين استغلوا فتح طريق الضالع الرابط بين صنعاء وعدن والتنقل للسفر من مطار عدن في العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً، لكن المفاجأة التي صدمتهم تمثلت برفض السلطات المعنية سفرهم عبر مطار عدن بنفس الحجز السابق من صنعاء.

 

وفي السياق، يشير عبد اللطيف الريمي، لـ"العربي الجديد"، إنه كان قد قام بحجز تذكرة من إحدى شركات السفر في صنعاء بقيمة 400 دولار بغرض السفر للعلاج في الأردن عبر مطار صنعاء على رحلة للخطوط الجوية اليمنية مجدولة في منتصف يونيو/ حزيران، لافتاً إلى عدم قدرته بسبب المرض حيث يعيش بصنعاء؛ التنقل للسفر من عدن، وكذا دفع قيمة تذكرة جديدة للسفر من هناك.

 

علاوة على ذلك، أدى خروج مطار صنعاء عن الخدمة وفقدان 4 طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية إلى توجه الكثير من اليمنيين للسفر من مطار عدن، الأمر الذي تسبب بضغط كبير على الخطوط الجوية اليمنية التي تواجه صعوبات بالغة في التعامل مع هذه الأزمة.

 

ونقلت الصحيفة عن الخبير في الملاحة الجوية حمدي شرف، قوله إن الموضوع معقد للغاية بسبب احتكار الخطوط الجوية اليمنية لجميع رحلات الطيران من اليمن، في حين تعاني الشركات الخاصة من تحديات كبيرة لتشغيل رحلات تجارية إلى جانب الخطوط الجوية اليمنية، إذ هناك الكثير من المتطلبات والشروط والمعايير الفنية التي تحتاجها للقيام بهذه المهمة.

 

وتؤكد وزارة النقل الحكومية في عدن أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في خطوة تعكس التوجه نحو تمكين الشركات الخاصة، ورفع مستوى مساهمتها في تنفيذ المشاريع التنموية، ودعم النشاط الاقتصادي

 

مقالات مشابهة

  • منظمة دولية تفتح سجل التعذيب في اليمن ومليشيا الحوثي تتصدر المشهد بتوحش وتدعو الأمم المتحدة الى زيارة سجون الحوثيين
  • ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: “أنقذنا إسرائيل.. وسننقذه الآن”
  • إجراءات عاجلة في إدارة “اليمنية” بعد حادثة اصطدام تُخرج طائرة عن الخدمة بمطار عدن
  • الخارجية السودانية: ألسنة نيران “الدعم السريع” تتمدد وتطال دول الجوار الإقليمي
  • “الفاو”: تغيرات مناخية تهدد الموسم الزراعي في اليمن وتفاقم أزمة الغذاء
  • الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة انطلقت من اليمن
  • نيويورك تايمز: ازدهار المقاهي اليمنية في أمريكا لكن الحرب في اليمن أثرت على عملها؟ (ترجمة خاصة)
  • “الطيران المدني” تصدر تقرير انضباط الرحلات لمايو 2025.. مطار المؤسس يتصدر الفئة الأولى بنسبة التزام 89%
  • ثلاث شركات طيران تنظم للخطوط الجوية اليمنية بتشجيع حكومي لتخفيف الضغط على الناقل الوطني
  • اليمن يدين “العدوان الإيراني” على قطر وتؤكد دعمها الكامل للدوحة