بقلم: الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

مع اقتراب موعد الانتخابات في العراق، يزداد النقاش الشعبي حول جدوى المشاركة في عملية سياسية فقدت بريقها لدى شريحة واسعة من المواطنين. العزوف الانتخابي لم يعد مجرد حالة فردية أو موقف احتجاجي عابر، بل أصبح ظاهرة اجتماعية تعكس انعدام الثقة بين الناخبين والمنظومة السياسية بأكملها.

السبب الرئيس لهذا العزوف هو القناعة المتنامية لدى المواطن بأن الانتخابات، في صورتها الحالية، لا تؤدي إلى التغيير المنشود، بل تعيد تدوير نفس الوجوه والأفكار التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه.
من بين أسباب هذا الإحباط، بروز نماذج سيئة من المرشحين، خصوصًا بعض المرشحات اللاتي يمتلكن تاريخًا سياسيًا أو اجتماعيًا مثقلًا بالسلوكيات المثيرة للجدل أو المواقف المعادية لمصلحة الدولة والشعب. في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون المرأة المرشحة رمزًا للنزاهة والكفاءة، شهدت الساحة السياسية بروز أسماء ارتبطت بفضائح تتعلق بتزوير الشهادات والألقاب العلمية أو الاستفادة من مواقعهن السابقة لخدمة مصالح ضيقة. هذه النماذج لم تكتفِ بالإضرار بسمعة العملية الانتخابية، بل أضرت أيضًا بفرص النساء الكفوءات والصادقات اللواتي يطمحن لخدمة بلدهن.
المفارقة أن بعض هذه الشخصيات، التي كانت ضد العملية السياسية برمتها في مراحل سابقة، عادت إلى الساحة بمسميات جديدة وقوالب أكثر بريقًا، مستفيدة من ضعف الذاكرة الجمعية لدى بعض الناخبين أو من محاولات الأحزاب استغلال الشعبية اللحظية أو النفوذ الاجتماعي لتحقيق مكاسب انتخابية. هذه العودة تطرح سؤالًا كبيرًا بمصلحة من يتم تلميع وإعادة إنتاج هذه الوجوه؟
هنا تقع المسؤولية على عاتق طرفين أساسيين الأحزاب السياسية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات. الأحزاب مطالبة بمراجعة قوائم مرشحيها بجدية، وعدم التضحية بالمصداقية من أجل مكاسب انتخابية مؤقتة. أما المفوضية، فهي أمام امتحان تاريخي في تطبيق القانون بحزم واستبعاد كل من يثبت تورطه في التزوير أو الإساءة إلى الدولة، بغض النظر عن انتمائه أو شعبيته. فالتهاون في هذا الأمر لا يهدد نزاهة الانتخابات فحسب، بل يعمّق الهوة بين الناخبين والعملية السياسية.

إعادة الثقة تبدأ من تنظيف القوائم الانتخابية من كل من لوثوا العمل العام، وتقديم وجوه جديدة تملك الكفاءة والنزاهة والرؤية الحقيقية لخدمة الوطن. استمرار سياسة غضّ الطرف عن المرشحين والمرشحات ذوي التاريخ الأسود، هو بمثابة رسالة سلبية للناخب أن صوتك لن يغيّر شيئًا، وأن اللعبة مغلقة على دائرة المصالح.
إن عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات ليس ترفًا، بل رد فعل طبيعي على شعورهم بأن أصواتهم تُختطف قبل أن توضع في الصناديق. إذا لم يتم التعامل مع هذه الظاهرة بجدية، فإن العملية السياسية برمتها ستفقد آخر ما تبقى لها من شرعية شعبية، وتتحول الانتخابات إلى مجرد طقس شكلي يكرس الفشل ويؤجل الانفجار الاجتماعي.

ختاما الوقت الآن ليس للتجميل الإعلامي أو تسويق الوجوه القديمة بأسماء جديدة، بل لإحداث فرز حقيقي بين من خدم العراق ومن أساء إليه، وإرسال رسالة واضحة للناخبين بأن الانتخابات القادمة لن تكون مجرد إعادة تدوير للفشل، بل خطوة نحو التغيير الفعلي.

انوار داود الخفاجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

تنسيقية العمل الوطني: الشعب الليبي لم يعد يقبل بتكرار دورات الفشل

أكدت تنسيقية العمل الوطني أن الشعب الليبي لم يعد يقبل بتكرار دورات الفشل، ولا بترقيع المسارات السابقة التي كرّست الانقسام وهيمنة الأجسام السياسية المنتهية الصلاحية، وأفسحت المجال أمام المجموعات المسلحة والحكومات الفاسدة للعبث بمصير الوطن.

جاء ذلك في بيان للتنسيقية تلقت “عين ليبيا” نسخة منه، بشأن مسار خارطة الطريق الأممية في ليبيا، وتعليقا على التصريحات الأخيرة الصادرة عن رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هانا تيته، حول ملامح خارطة الطريق الجديدة.

وأضاف البيان أن “الخيار الرابع” لم يعد مجرد مقترح مطروح للنقاش، بل أصبح خياراً شعبياً جامعاً، يُمثل الإرادة الوطنية الصادقة للخروج من الأزمة.

ونوه البيان بأن الخيار الرابع يقوم على ما يلي:

استبعاد مجلسي النواب والدولة من أي دور في اختيار رئيس الحكومة أو تشكيل السلطة التنفيذية. إعادة تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة موحدة من شخصيات وطنية مرموقة، مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، وقادرة على إدارة المرحلة الانتقالية بحياد وكفاءة. وضع جدول زمني واضح للانتخابات التشريعية والرئاسية، يستند إلى إطار قانوني محكم وقابل للتنفيذ. تفكيك منظومة النفوذ الميليشياوي وإخضاع كافة التشكيلات المسلحة لسلطة الدولة الشرعية.

وناشدت التنسيقية أعضاء مجلس الأمن الدولي والدول الكبرى الداعمة للاستقرار في ليبيا، بضرورة تبني قرار حاسم يدعم هذا المسار ويعيد الثقة في دور البعثة الأممية، ويضع حداً للتدخلات الإقليمية والدولية التي ساهمت في إطالة أمد الصراع وتعميق الانقسام.

وأشار بيان التنسيقية إلى أن الشعب الليبي يراقب عن كثب ما ستقدمه هانا تيته في إحاطتها المقبلة أمام مجلس الأمن، ويأمل أن تكون على مستوى اللحظة التاريخية، وأن تنحاز بوضوح لإرادة الليبيين في التغيير الشامل، بعيداً عن الحسابات الضيقة والمساومات السياسية التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار.

واختتمت تنسيقية العمل الوطني بيانها بالتأكيد على أن ليبيا لن تستقر إلا بسلطة شرعية منبثقة عن إرادة شعبها، وأن أي مسار يتجاهل الخيار الرابع أو يلتف عليه، لن يُكتب له النجاح وسيواجه برفض شعبي واسع، وستتحمل البعثة والمجتمع الدولي كامل المسؤولية عن تداعياته.

مقالات مشابهة

  • “الدبيبة” يبحث مع “تيتيه” خطة البعثة الأممية لدعم العملية السياسية وإنهاء المراحل الانتقالية
  • الدبيبة يبحث مع المبعوثة الأممية العملية السياسية في ليبيا
  • مباحثات مصرية تركية في العلمين حول مستقبل العملية السياسية في ليبيا
  • هل عدم الادخار دليل على الفشل؟.. مستشار مالي يوضح
  • «كايد والدباغ أساسيان».. وجوه جديدة وحسابات فنية دقيقة في مباراة الزمالك والمقاولون
  • «نفس الحركة».. نادية الجندي تنشر صورة قديمة مشابهة لصورتها على البحر
  • تنسيقية العمل الوطني: الشعب الليبي لم يعد يقبل بتكرار دورات الفشل
  • مفوضية الانتخابات تستبعد الرقم (56) من قرعة الأحزاب المشاركة في الانتخابات
  • المالكي:لن نسمح للرافضين لإيران ولمشروعها المقاوم بالمشاركة في العملية السياسية