كوالالمبور- حذَّرت مؤسسات دولية ومحلية مهتمة بالتعليم من ضياع جيل كامل بسبب فشل المنظومة التعليمية في اليمن، ووجَّه مؤتمر "شركاء لأجل اليمن"، الذي عقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور، نداء عاجلا لكل الهيئات والمؤسسات الدولية والمحلية لإنقاذ التعليم في اليمن باعتباره مسؤولية إنسانية وأخلاقية، وإعادة الأمل لملايين الأطفال الذين أخرجتهم الأزمات المركبة من المنظومة التعليمية.

وشارك في المؤتمر، الذي عقد يومي السبت والأحد الماضيين، عشرات المؤسسات اليمنية والدولية وبالتنسيق مع وزارة التعليم.

وهو المؤتمر الدولي الثاني للتعليم في اليمن، بعد مؤتمر إسطنبول الذي عقد العام الماضي، وقال منظمو المؤتمر إن اختيارهم لكوالالمبور يهدف لاستثمار العلاقات التاريخية مع شعوب وحكومات دول جنوب شرق آسيا، وذوي الأصول اليمنية من سكان هذه المنطقة للمساعدة في إخراج اليمن من أزمتها التعليمية.

أخطار محدقة

ووصف رئيس الوكالة الدولية اليمنية للتنمية، الدكتور عبد الرقيب عبّاد، واقع التعليم المدرسي والجامعي في اليمن بقنبلة موقوتة تنذر بعواقب وخيمة على مستقبل اليمن والمنطقة بأسرها ما لم تتضافر الجهود لتغيير الواقع، وحذَّر من تحول الجهل إلى مشكلة أمنية.

وكشف عبّاد -في حديثه للجزيرة نت- عن خروج أكثر من 4.5 ملايين طالب وطالبة من المنظومة التعليمية حاليا، والذين يشكلون بين 60 إلى 70% من مجموع طلاب اليمن في سن الدراسة المدرسية.

ورأى أن أزمة التعليم مركبة ومتعددة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية، لا سيما أن الدولة عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية، وتقدم الهيئات والمنظمات الدولية والمحلية الإغاثة العاجلة على التعليم في ظل فقر مدقع وحاجة ملحة لأساسيات الحياة والعلاج.

رئيس الوكالة الدولية اليمنية للتنمية عبد الرقيب عبّاد: التعليم في اليمن قنبلة موقوتة (الجزيرة)

وأشار إلى أن الأزمة تعدت الطالب إلى المُدِّرس، حيث تحدثت تقارير رسمية وغير رسمية، نوقشت في مؤتمر "شركاء لأجل اليمن"، عن خروج نحو 200 ألف مُعلِّم من المنظومة التعليمية بسبب عدم تسلمهم رواتبهم منذ أكثر من 10 سنوات.

إعلان

وهو ما يعزوه عبَّاد إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تُخلِّفها الحرب، وتضطر المُدرسين للهجرة خارج البلاد أو البحث عن عمل آخر داخلها.

واعتبر عبَّاد أن السبب الأول وراء تسرب المُدِّرس هو بحثه عن توفير لقمة العيش، فالراتب الذي يقدر بنحو 50 دولارا شهريا لا يفي بأدنى احتياجاته الأساسية، حيث لا يتلقى المدرسون رواتبهم بانتظام في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، ولا تصل إليهم أي رواتب في المناطق الخاضعة لحكومة جماعة أنصار الله (الحوثي)، معربا عن أسفه في أن يكون أمام المدرس خياران: توفير الغذاء أو تقديم التعليم.

من جانبه، كرر رئيس مجلس تنسيق المؤسسات الإسلامية الماليزية (مابيم) عزمي عبد الحميد التحذير "من مستقبل أمني مظلم" لليمن وجيرانه بسبب خسارة جيل كامل حقه في التعليم. وقال إن التجربة تؤكد "أن طفلا لا يحمل قلما لا يقل خطرا عن طفل يحمل بندقية".

رئيس مجلس "مابيم" عزمي عبد الحميد: طفل بلا قلم أخطر من طفل بيده سلاح (الجزيرة)"ثنائية المناهج"

واعتبر مشاركون في الندوة الختامية لمؤتمر شركاء اليمن أن ثنائية المناهج في بلد واحد تشكل خطرا على الأمن القومي لليمن، يضاف إلى ضعفها وغير مناسبتها للعصر، كما أشار علي العباب نائب وزير التعليم.

وقال إن المنهج الحالي الذي اعتمد عام 2014 مقتبس من مناهج دول أخرى لا تناسب اليمن وإمكاناته، وأعطى مثلا بالافتقار إلى معامل ومختبرات يستند إليها المنهج.

وانتقد العباب المناهج التي تطبقها جماعة أنصار الله اليمنية، والتي قال إنها لا تتناسب مع عقيدة المجتمع وثقافته، داعيا أولياء الأمور للتحقق من المادة التي تُدَّرس في المناطق الخاضعة لنفوذ الجماعة، وعدم الزج بأولادهم في ما وصفه بـ"أدوات غسيل دماغ".

وأشار خبراء التعليم إلى تراجع دور القطاع الخاص على مستوى المدارس والجامعات، وعزو هذا التراجع لضعف الجدوى بالنسبة للمؤسسات التعليمية الخاصة، وتبدل الأولويات للمؤسسات الخيرية الأهلية، حيث يغيب البعد التنموي الإستراتيجي مع ضغط الاحتياجات الآنية الملحة.

كما دعا آخرون المؤسسات الخيرية للتحول من المساندة للمؤسسات الحكومية إلى الاضطلاع بالمسؤولية نيابة عنها، باعتبار أن التعليم حق إنساني، ويتطلب تغيير هذه المؤسسات لأولوياتها.

من جهته، انتقد الملحق الثقافي اليمني في كوالالمبور، أحمد القضمي، "تلكؤ" دول بتوفير منح دراسية مناسبة للطلاب لا سيما المتميزين والمتفوقين، واستغرب عدم تقديم دول اعتبرها صديقة لليمن أي منحة جامعية، في حين استعدت جامعات خاصة لتقديم عشرات المنح لطلاب يمنيين.

مؤتمر شركاء لأجل اليمن حذَّر من ازدواجية المناهج وعدم مناسبتها للواقع اليمني (الجزيرة)حلول وتوصيات

وقدم مؤتمر شركاء من أجل اليمن توصيات رأى فيها محاولة لإنقاذ التعليم في اليمن، باعتباره ضرورة إنسانية وأخلاقية ودينية، أبرزها:

دعوة الحكومة اليمنية لاعتبار التعليم أولوية قصوى وتسهيل عمل المؤسسات الأهلية بعيدا عن البيروقراطية. إنشاء صندوق لداعمي التعليم يضمن استدامة التمويل بضوابط شفافة. معالجة أسباب تسرب الطلاب والمعلمين وتوفير احتياجاتهم من قبل وزراء التعليم والشركاء. تبني الحلول الرقمية والتعليم عن بعد، عبر إنشاء منصة تعليمية معتمدة لدى الوزارة، ويمكن الاستفادة منها داخل البلاد وخارجها دعوة جميع الهيئات والمؤسسات الخيرية لاعتبار التعليم أولوية، ووضع أهداف إستراتيجية لإقامة مؤسسات تعليمية وتعزيز القائمة منها.

ويبقى البحث عن الأمن الاستقرار برأي خبراء التعليم المشاركين في المؤتمر مفتاحا لإحداث التغيير، لا سيما أن عملية السلام متوقفة، حيث تعهَّد علي العباب نائب وزير التعليم، بالعمل على انتظام صرف رواتب المدرسين، وتحفيزهم بما يساهم بتحسين جودة التعليم.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات المنظومة التعلیمیة التعلیم فی الیمن

إقرأ أيضاً:

مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ

2025-08-09Zeinaسابق مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر شكّل محاولة لعرض طروحات تتعارض مع اتفاق 10 آذار سواء بالدعوة إلى تشكيل “نواة جيش وطني جديد” أو إعادة النظر في الإعلان الدستوري أو تعديل التقسيمات الإدارية رغم أن الاتفاق نص بوضوح على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة وضمان الحقوق على أساس الكفاءة لا الانتماء انظر ايضاًمصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر شكّل محاولة لعرض طروحات تتعارض مع اتفاق 10 آذار سواء بالدعوة إلى تشكيل “نواة جيش وطني جديد” أو إعادة النظر في الإعلان الدستوري أو تعديل التقسيمات الإدارية رغم أن الاتفاق نص بوضوح على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة وضمان الحقوق على أساس الكفاءة لا الانتماء

آخر الأخبار 2025-08-09مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: تؤكد الحكومة السورية على أن حق المواطنين في التجمع السلمي والحوار البنّاء سواء على مستوى مناطقهم أو على المستوى الوطني هو حق مصون تضمنه الدولة وتشجّع عليه شريطة أن يكون في إطار المشروع الوطني الجامع الذي يلتف حول وحدة سوريا أرضاً وشعباً وسيادة 2025-08-09أذربيجان وأرمينيا توقعان اتفاق سلام تاريخياً برعاية أميركية 2025-08-08وزير الطاقة: إعادة هيكلة قطاع الطاقة في سوريا وإطلاق شركات قابضة لتعزيز الإنتاج 2025-08-08الأمم المتحدة تدعو إسرائيل إلى وقف خطتها للاستيلاء على غزة 2025-08-08“موتوريكس” يجمع أحدث الابتكارات في قطاع السيارات والذكاء الاصطناعي في سوريا 2025-08-08نحو مؤسسات أكثر كفاءة… دورة لتعزيز الأداء المؤسسي في القطاع العام 2025-08-08عودة منشد الثورة عبد الرحمن فرهود بفعالية جماهيرية في حماة 2025-08-08وزارة الطاقة السورية: 5 ساعات كهرباء إضافية مع بداية الأسبوع المقبل 2025-08-08اليابان: إجلاء 360 ألف شخص من منازلهم واضطراب حركة النقل بسبب الأمطار الغزيرة 2025-08-08اتفاقيات اقتصادية سورية – تركية تعمق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين

صور من سورية منوعات الصين تنجح باختبار هبوط وإقلاع مركبة فضائية مأهولة على سطح القمر 2025-08-08 مرصد كوبرنيكوس للتغير المناخي: العالم يسجل ثالث أكثر شهور تموز حرارة على الأرض 2025-08-07
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • عاجل: وزير التعليم يستعرض مستجدات العام الدراسي الجديد في مؤتمر الأربعاء
  • «التعليم» تثمن دور المؤسسات الوطنية والدولية في تدريب المعلمين
  • تحرك دولي بقيادة الكويت لدعم التعليم والإغاثة في اليمن
  • بريطانيا تكشف تفاصيل التحول الاستراتيجي الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر
  • تدشين مؤتمر شركاء لأجل اليمن 2025 في العاصمة الماليزية
  • انطلاق مؤتمر تطوير التعليم بحلب بمشاركة خبراء ومشاريع رقمية مبتكرة
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً ماضياً بثقة نحو بناء ا
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: المؤتمر يمثّل تهرّباً من تنفيذ استحقاقات وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات واستمراراً في خرق الاتفاق وهو في الوقت ذاته غطاء لسياسات التغيير الديمغرافي الممنهج ضد العرب السوريين تنفذها تيارات كردية متطرفة تتلقى تعليم
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ