أنور الخنجري

alkhanjarianwar@gmail.com

 

 

رغم محدودية المساحات في مدينتنا العريقة مطرح، إلّا أنَّ الواقع يكشف عن عدد كبير من المواقع غير المستغلة التي تمثل طاقة حضرية مُعطلة. من مبانٍ مهجورة إلى مرافق عامة مغلقة أو ساحات بلا وظيفة، تنتشر جميعها في قلب المدينة وواجهتها البحرية، دون رؤية واضحة لاستثمارها.

ومن أبرز هذه المواقع مثلًا المدارس المغلقة التي تحولت إلى كتل إسمنتية صامتة في أحياء مكتظة بالعمالة الوافدة، بينما يمكن أن تتحول إلى مراكز تأهيل مجتمعي أو مراكز تدريب مهني أو غيرها من المشاريع الحيوية، بدلا من بقائها هكذا عرضة للاستغلال غير الأخلاقي. هناك كذلك مبنى موقف السيارات في الشجيعية، الذي شبع مداولة ونقاشًا، ومازال يشغل مساحة استراتيجية دون أن يؤدي دوره الحيوي الذي أنشئ من أجله، ألم يحن الوقت الآن لاستغلاله بعد أكثر من خمسة عشر عامًا من المداولات القانونية بين أطراف ينقصها التخطيط والتنسيق السليم؟

وفي السياق ذاته، يقف مبنى سوق الأسماك بتصميمه الرائع، بإطلالته البانورامية على كورنيش مطرح كمثال آخر على مرفق حيوي لم يحظَ بالاستغلال الأمثل، خاصة الجزء العلوي منه الذي بقي مُغلقًا منذ إنشاء السوق قبل أكثر من ثمان سنوات مضت، رغم موقعه وقيمته الاقتصادية المُهمة.

أما حديقة ريام، ذات الإطلالة والطابع الطبيعي المميز، فحدِّث ولا حرج، هي الأخرى تعاني من إهمال طويل رغم ما قيل عنها أنها قابلة للتحول إلى وجهة بيئية وسياحية مفضلة. ولا يغيب عن المشهد كذلك مجسم المجمر بالجوار، وهو بمثابة رمز المدينة والمشرف على جمالياتها الجبلية والبحرية، لكنه لم يعد يحمل أي دلالة معنوية أو رمزية بعد أن أصيب هو الآخر بعدوى الإهمال والنسيان.

هناك أيضًا متحف بيت البرندة، المبنى التاريخي الذي فقد دوره الثقافي في ظل غياب مشروع فني يُعيد له مكانته ومعناه. أما في الطرف الآخر من المدينة فيمتد مرفأ عينت وما يحيط به من مساحات شاسعة من الفراغ العمراني، هو أيضا يعتبر فرصة ضائعة لإنشاء مرافق سياحية بحرية أو خدمات مجتمعية مفيدة. إن ما ذكر أعلاه ليس سوى بعض النماذج الحية لمواقع ومرافق كان يمكن أن تكون مصدر فخر ومنفعة، لكنها تحولت إلى شواهد صامتة على غياب التخطيط وسوء التنسيق.

الملفت أن هذه المواقع- رغم تباين حالاتها- تشترك في غياب الرؤية والتخطيط الفاعل، فبعضها يواجه تعقيدات قانونية، وبعضها الآخر يعاني من الإهمال المزمن أو غياب التمويل. لكن الأهم، أن غياب التنسيق بين الجهات المعنية يجعل من استغلال هذه المساحات مشروعًا مؤجلًا إلى أجل غير مسمى.

إنَّ تطوير هذه المواقع ليس ترفًا؛ بل ضرورة حضرية واقتصادية، وإعادة توظيفها يعزز من كفاءة المدينة، ويوفر خدمات وفرصًا جديدة للمواطنين، ويُعيد الحياة إلى أماكن أصبحت عبئًا بصريًا ونفسيًا على سكانها.

في الختام.. نحن بحاجة إلى خارطة حضرية شاملة، تُعيد تقييم هذه المواقع والمساحات، وتطلق مبادرات تشاركية بين البلديات والمجتمع المحلي والقطاع الخاص؛ فكُل فراغ غير مستغل، هو فرصة تنتظر من يراها. نأمل أن يُنظر إلى هذه المواقع بعين التخطيط لا الإهمال، وبعين المشاركة لا الاحتكار. فكل زاوية غير مستغلة هي فرصة مهدورة، وكل مبنى مغلق هو تاريخ وثروة تنتظر من يعيد إليها النبض. ونحن- كمواطنين نعيش هذه المدينة يومًا بيوم- لا نطلب المعجزات؛ بل نطالب فقط بتفعيل الإمكانيات الموجودة، وإعادة الحياة إلى الأماكن المنسية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فيما أهل غزة يتضورون جوعاً .. مليارات الدولارات تنتظر ترامب في زيارته المرتقبة للمنطقة ! ..

صلاح المقداد*

من المُقرر أن يبدأ الرئيس الأمريكي المهووس دونالد ترامب الثلاثاء الثالث عشر من مايو الجاري زيارة رسمية للمنطقة هي الأهم لرئيس أمريكي منذ عقود طويلة، وتشمل زيارة ترامب بقرته الحلوب ( السعودية) وإمارة قطر ودويلة الإمارات .

وتنتظر ترامب المتلهف كثيراً للحصول على أموال مشيخات النفط الخليجية مُفاجآت عدة سارة يسيل لها لعابه، قد تعوض أمريكا بعض ما خسرته بسبب قراراته المثيرة للجدل المتعلقة بفرض الرسوم الجمركية على عدد من الدول والتي استهل بها فترة رئاسته الثانية.

حيث من المنتظر أن يوقع ترامب خلال زيارته للرياض اتفاقيات وصفقات مع ابن سلمان تحصل بموجبها أمريكا على ترليون دولار، غير الهدايا الثمينة والنفيسة التي سيحصل عليها من بني سعود، في الوقت الذي يتضور فيه ملايين الفلسطينيين بغزة جوعًا بسبب استمرار العدوان الصهيوني عليهم ومحاصرتهم من قبل سلطات الإحتلال والدول العربية المحيطة والمجاورة لقطاع غزة.

فيما أشارت وسائل اعلام غربية ومنها شبكة “إيه بي سي” الأمريكية إلى أن إمارة قطر بدورها قدمت طائرة بوينغ 747-8 الفاخرة للغاية، كهدية للرئيس ترامب بقيمة 400 مليون دولار، والتي قد تكون الهدية الأكثر قيمة على الإطلاق التي تُقدم للولايات المتحدة من حكومة أجنبية .

وتأتي هدية قطر هذه لسيد الأعراب ومولاهم ترامب تعبيراً عن الولاء للعم سام وتأكيداً لتبعية هؤلاء الأعراب لسيد البيت الأبيض .

كذلك من المتوقع أن يحصل ترامب من دويلة الأمارات أثناء زيارته لأبو ظبي على مليارات الدولارات نظير اتفاقيات وصفقات متعددة يبرمها مع بن زايد، وستذهب هذه الأموال إلى الخزينة الأمريكية التي تمول جريمة إبادة الشعب الفلسطيني بغزة وتقتل اليمنيين في بلادهم بلا ذنب سوى تحركهم لإسناد اخوتهم بالقطاع في معركة طوفان الأقصى .

وبهذا يبلغ السفه العربي مُنتهاه ومبلغه الذي لا يُطاق ولا يمكن تبريره والسكوت عليه ، لا سيما وقد تجاوز هذه المرة حدود المعقول والممكن والمقبول والمحظور، على أن الأدهى والأنكى من ذلك أن هذا السفه العربي الغير مسبوق يأتي في ظل استمرار أمريكا في دعمها اللامحدود للصهاينة ليستمروا في إبادة ملايين الفلسطينيين المحاصرين في غزة ، ومع استمرار آلة الحرب الصهيونية الفتاكة الأمريكية الصنع في حصد أرواحهم بشكل يومي وإرسالهم إلى ثلاجات الموتى بالمشافي ثم إلى المقابر، والبعض منهم قد قطعت ومزقت أعضائه وصاروا أشلاء في مشهد دامي وقاسي لم يهز ضمير العالم والإنسانية أو يحرك ساكنًا في عالم منافق صامت وفي الصدارة من يسمون أنفسهم عربًا ومسلمين ! .

وفي المحصل فإن ما ستكسبه أمريكا خلال زيارة رئيسها ترامب المرتقبة للمنطقة من أموال تقدر بمليارات الدولارات من أعراب الخليج تكفي لتحقيق نقلة نوعية لشعوب ودول عربية فقيرة وحل الكثير من مشاكلها الإجتماعية والإقتصادية.

كما يؤكد ذلك السفه لحكام المشيخات النفطية الخليجية حقيقة انعدام عدالة توزيع الثروة التي تعاني منها الأمة كمعضلة تاريخية مزمنة وجزء من اشكالية العالم العربي المستمرة، حيث تحتكر الثروة أقلية مترفة مرتهنة للخارج وتقوم بتبديدها بكل صفاقة وسفه وهي حق عام لكل أبناء الأمة جمعاء.

فضلاً عن ذلك فإن بقاء هذه الثروة بأيدي سفهاء هذه الأمة ومترفيها يجعل من تلك الثروة نقمة لا نعمة، إذ أن التصرف بها واهدارها على ذلك النحو جعلها كذلك وحولها لأن تكون أخطر معاول الهدم والتدمير لهذه الأمة ، وجرى تسخيرها لتدمير بلدان وشعوب كما حدث ويحدث في أكثر من بلد عربي والنماذج والأمثلة كثيرة .
وآن لأنظمة الخليج التي تُمارس العهر السياسي بإحترافية عالية أن تنتهي وتتوقف عن تبديد الثروة التي هي ملك للأمة العربية قاطبة ويعود حكامها إلى رشدهم ويرعوون عن ذلك السفه والواجب أن تسخر تلك الثروة لما فيه مصلحة الأمة وتنمية دولها وشعوبها لا أن تذهب عائداتها وريعها للأعداء وعلى رأسهم أمريكا، وعلى مثل حكام الخليج ينطبق قوله تعالى : “إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة” .

*المقال يعبر عن رأي الكاتب

مقالات مشابهة

  • إعلامي أردني ينتقد حجب الحكومة مواقع إلكترونية عربية ودولية (شاهد)
  • تعرف على المواقع الأجنبية المحجوبة في الأردن بسبب الإساءة للدولة ورموزها
  • اختر ما تقرأ ولمن تقرأ وأين تقرأ
  • *طرابلس على شفير الحسم.. وصندوقان قد يقلبان المشهد
  • وزارة الصناعة تنفذ 604 جولات رقابية على المواقع التعدينية خلال مارس الماضي
  • فيما أهل غزة يتضورون جوعاً .. مليارات الدولارات تنتظر ترامب في زيارته المرتقبة للمنطقة ! ..
  • بلدية أبوظبي تنفذ حملة تفتيشية للتأكد من توفير متطلبات حماية البيئة بالمواقع الإنشائية
  • الخليج ينتظر واشنطن... وهي تنتظر لبنان!
  • بذريعة حيازة عملة أجنبية.. معاناة اليمنيين المتصاعدة في مصر تنتظر تنفيذ التوجيهات الرسمية وسط غياب دور السفارة
  • روسيا تنتظر اتصالاً من الوفد الأوكراني في إسطنبول