واشنطن بين شراكة متنامية مع الهند وعلاقة تاريخية مع باكستان
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
واشنطن- بعدما دعمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهند في ردها على الهجوم على سياح هنود بكشمير في 22 أبريل/نيسان الماضي، لا تشير أي دلائل إلى وجود شهية أميركية لتوسيع إطار الصراع بين الخصمين المسلحين نوويا الهند وباكستان.
وقال ترامب إن الضربات الهندية على أهداف في باكستان والشطر الخاضع لسيطرة إسلام آباد من إقليم كشمير "مخزية".
وكانت نيودلهي قد أشارت إلى أن قواتها شنت ضربات دقيقة على 9 مواقع في باكستان تضم بنى تحتية "إرهابية"، وذلك بعد أيام من اتهامها إسلام آباد بتنفيذ هجوم دامٍ في الشطر الهندي من الإقليم المتنازع عليه.
علاقات متوازنةفي حديث للجزيرة نت، قال ديفيد ميشيل، الخبير ببرنامج الأمن الغذائي والمائي، العالم بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن، إن الولايات المتحدة لا تريد أن ترى الصراع بين الهند وباكستان يتصاعد أكثر. لكن من غير المرجح أن تتدخل بقوة في هذه المرحلة من خلال إجراءات وساطة قد تتخذها بسبب توازن علاقاتها مع البلدين.
واعتبر أن علاقات واشنطن مع باكستان الآن تقترب من أدنى مستوياتها التاريخية، وتمحورت شراكة المعاملات مع إسلام آباد التي ظهرت على مدار إدارة ترامب الأولى حول الصراع الأفغاني وعملية السلام، "لكن الولايات المتحدة خرجت الآن منذ فترة طويلة من أفغانستان وتسيطر حركة طالبان على السلطة في كابل".
إعلانووفقا له، تركز المسألتان الرئيسيتان المتبقيتان لواشنطن -وهما مصدر قلق مشترك مع باكستان- على مكافحة الإرهاب وتأمين أسلحتها النووية "بألا تقع في الأيدي الخطأ". ويضيف "ولكن الأزمة الحالية تعري باكستان في كلتا الحالتين، ويبدو أنها تظهر فشلها في السيطرة على المتطرفين وتزيد من خطر أن تستخدم ترسانتها النووية ضد جارتها".
ويتابع الخبير ميشيل "مع الهند، على النقيض من ذلك، كانت إدارة ترامب تتمتع بعلاقة أكثر تفاؤلا خاصة فيما يتعلق بالتعاون العسكري والأمني عبر التحالف الرباعي (بريطانيا واليابان والهند وواشنطن)، وكما يتضح من الاتفاق الأميركي الهندي لتحفيز فرص الشراكة العسكرية والتجارة والتكنولوجيا المتسارعة للقرن الـ21".
واعتبر أن واشنطن تملك نفوذا أقل اليوم مما كانت عليه خلال الأزمات السابقة نظرا لحالة العلاقات مع الهند وباكستان وعدم اهتمام الإدارة الواضح باستثمار نفسها في دور الوساطة. وقال "يمكن أن يتغير ذلك. لا يحب ترامب شيئا أكثر من الإشادة ببراعته في إبرام الصفقات. لكن ليس من الواضح في هذه المرحلة ما إذا كانت الإدارة تشعر بحافز كبير للانخراط".
اختبار رئيسييشكل احتمال نشوب صراع واسع بين الجارتين اختبارا رئيسيا للإدارة الأميركية، حيث روج ترامب بانتظام في حملته الانتخابية أنه خلال فترة رئاسته الأولى لم تندلع حروب في جميع أنحاء العالم.
ويمكن لأي نوع من القتال الرئيسي بين الهند وباكستان أن يقوض هدفه المعلن المتمثل في منع صراعات عالمية جديدة، ويزيد من الضغط على فريق السياسة الخارجية الأميركي المنشغل بالفعل بالحرب في أوكرانيا والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وملف التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي.
وعن كيفية موازنة واشنطن بين شراكتها المتنامية مع نيودلهي وعلاقاتها التاريخية مع إسلام آباد، قال حسين حقاني، سفير باكستان السابق لدى الولايات المتحدة، والخبير بمعهد هدسون، إن واشنطن مهتمة بشدة بنزع فتيل النزاع.
إعلانوأوضح للجزيرة نت أنه "ومنذ التسعينيات، وعندما يتعلق الأمر بالإرهاب، مارست واشنطن دائما ضغوطا على باكستان للتحرك، بما في ذلك عندما يقع الهجوم داخل الهند. حتى هذه المرة أدان كبار مسؤولي إدارة ترامب الهجمات وطلبوا من الطرفين العمل معا. ويجري وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ماركو روبيو محادثات يومية مع نظرائه الهنود والباكستانيين".
نفوذ محدودوفي الوقت الذي تنتظر فيه الولايات المتحدة الرد الباكستاني على الهجمات الصاروخية الهندية، أشار خبراء -تحدثت إليهم الجزيرة نت- إلى يقين واشنطن أن المسؤولين في الدولتين الجارتين لا يزالون مهتمين بتهدئة التصعيد، وأن الكرة في ملعب إسلام آباد للرد بطريقة حكيمة لا تتسبب في تصعيد هندي بعد ذلك.
وعن نفوذ واشنطن على الطرفين، قال آدم وينشتاين، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد كوينسي، والذي سبق له الخدمة ضمن قوات مشاة البحرية الأميركية في أفغانستان، إن كلا من الهند وباكستان تعتبر كشمير، وما يرتبط بها، بمثابة مصالح حيوية لها، وهذا يحد من نفوذ الولايات المتحدة. ومع ذلك لا تزال تلعب دور الوساطة خلال الصراع بسبب علاقاتها الوثيقة مع كلا البلدين.
في السياق نفسه، أكد السفير السابق حسين حقاني أن واشنطن تتمتع بعلاقات جيدة مع كلا البلدين، وكما في الماضي، يلعب كبار المسؤولين الأميركيين دورا وراء الكواليس لتهدئة التصعيد. كما يساعد حلفاء الولايات المتحدة في دول الخليج العربية الأميركيين في هذا المسعى.
من جانبها، اعتبرت تشاترجي ميلر، خبيرة الشؤون الهندية الباكستانية وجنوب آسيا بمجلس العلاقات الخارجية، في حديث للجزيرة نت، أن "واشنطن في موقف صعب، فقد رافق شراكتها المتنامية مع الهند تدهور العلاقة مع باكستان. على هذا النحو، لا يمكن لها المخاطرة بتعريض شراكتها مع نيودلهي للخطر، وفي حالة التصعيد، ليس من الواضح مدى نفوذها مع إسلام آباد".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة الهند وباکستان إسلام آباد مع باکستان مع الهند
إقرأ أيضاً:
مصر وتركيا.. شراكة تاريخية.. موقف موحد من غزة.. وتنسيق لحل أزمات المنطقة
مصر وتركيا تحتفلان بمئوية العلاقات وتبحثان تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماريتوافق مشترك على رفض مخطط الاحتلال الإسرائيلي الكامل لغزة ودعم الحقوق الفلسطينيةتنسيق المواقف بشأن أزمات ليبيا وسوريا والسودان والقرن الأفريقي لتحقيق الاستقرار الإقليميفي سياق احتفال البلدين بمرور قرن على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، شهدت مدينة العلمين الجديدة لقاءً رفيع المستوى جمع وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي، ووزير خارجية الجمهورية التركية هاكان فيدان.
المباحثات التي اتسمت بروح التعاون الاستراتيجي تناولت سبل تعزيز الشراكة الثنائية في مختلف المجالات، إلى جانب تبادل الرؤى حول أبرز القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في غزة، وليبيا، وسوريا، والسودان، ومنطقة القرن الأفريقي، وسط تأكيد مشترك على رفض الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والدعوة إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
استقبل د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج اليوم السبت، بمدينة العلمين وزير خارجية الجمهورية التركية "هاكان فيدان"، حيث عقد الوزيران اجتماعا ثنائيا، أعقبه جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين.
وصرح السفير تميم خلاف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن الوزيرين أعربا عن الحرص المشترك لتعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، خاصة في ظل ما يحمله العام الجاري من دلالة رمزية بمناسبة مرور ١٠٠ عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا، وهو ما يجسد عمق الروابط التاريخية والحضارية التي تجمع البلدين الصديقين.
وأكد الوزير عبد العاطى على أهمية الاستمرار في تفعيل مخرجات الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، الذي عُقد في إسطنبول في سبتمبر ٢٠٢٤ برئاسة رئيسي البلدين، والعمل على استكمال ما تم الاتفاق عليه في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والقطاعية المختلفة، بما يسهم في إطلاق مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين.
كما أكد الوزير عبد العاطي تطلع مصر إلى زيادة الاستثمارات التركية المباشرة، وتكثيف التعاون في قطاعات الإنتاج والتصنيع والطاقة والنقل والسياحة وصولاً إلى تحقيق هدف رفع حجم التبادل التجاري ليبلغ ١٥ مليار دولار، وهو ما يمثل هدفا استراتيجيًا مشتركا يخدم مصالح الشعبين.
كما أعرب وزير الخارجية عن التقدير للجانب التركي على إعلان تأييده للمرشح المصرى الدكتور خالد العناني لمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وهو ما يعكس عمق العلاقات بين البلدين، والدعم المتبادل في المحافل الدولية.
وأضاف المتحدث الرسمى ان الوزيرين بحثا أبرز الملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وفي صدارتها تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والكارثة الإنسانية في قطاع غزة في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي يسعى لترسيخ الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، ومواصلة حرب الإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وتقويض حقه الأصيل في تقرير مصيره وتجسيد دولته المستقلة، في انتهاك صارخ لكافة قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
فى هذا السياق، أعرب الوزيران عن إدانتهما القاطعة لقرار المجلس الوزارى الاسرائيلى احتلال قطاع غزة بالكامل، واكدا على ضرورة التصدى لغطرسة القوة التي تنتهجها إسرائيل التى تؤدى الى تقويض الأمن والاستقرار بالمنطقة. وحذر الوزير عبد العاطى من استمرار سياسة التجويع الممنهج والإبادة الجماعية التى تؤجج الصراع وتعمق الكراهية ونشر التطرف في المنطقة، كما شدد على أن الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة تمثل خرقًا فادحًا لكل المواثيق والالتزامات الدولية، والنيل من حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وغير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها الحق في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، مجددا التأكيد على أنه لا أمن ولا استقرار لإسرائيل أو للمنطقة دون تجسيد الدولة الفلسطينية.
واستعرض الوزير عبد العاطى الجهود التي تقودها مصر بالشراكة مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، إلى جانب ما تبذله مصر من مساع حثيثة لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية، مؤكدًا أهمية مضاعفة الضغط الدولي على اسرائيل لزيادة عدد الشاحنات وتسهيل نفاذها دون عوائق.
كما تناولت المشاورات الموسعة عددا من الملفات الإقليمية الأخرى ذات الأولوية، حيث تناول اللقاء التطورات في ليبيا، حيث اكد الوزير عبد العاطى الأهمية البالغة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن فى أقرب وقت، وضرورة تفكيك المليشيات وخروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، باعتبار ذلك الضمان الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار فى ليبيا.
كما تناول الوزيران الأوضاع فى السودان واهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات، وأكد الوزير عبد العاطي علي موقف مصر الداعم لمؤسسات الدولة السودانية، وضرورة واحترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السودانية.
وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، أكد الوزير عبد العاطي على رفض مصر لأية تحركات من شأنها أن تمس أمن وسلامة واستقرار الشعب السوري، داعيًا إلى ضرورة تكاتف المجتمع الدولي للحيلولة دون أن تكون سوريا مصدرًا لتهديد الاستقرار في المنطقة. كما أدان الانتهاكات الإسرائيلية واحتلال إسرائيل لأراض سورية، مشددًا على رفض مصر الكامل لانتهاك إسرائيل لاتفاق فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام ١٩٧٤، بما يعد انتهاكا صارخًا للقانون الدولي.
ومن جانب اخر، استعرضت المباحثات تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، حيث شدد الوزير عبد العاطى على ضرورة احترام سيادة ووحدة وسلامة الاراضى الصومالية، ورفض أي محاولات للتدخل في شؤونها الداخلية بما يحفظ أمنها واستقرارها.