ثورة من الشرق.. نموذج "بيكسا" يقدّم بديلاً للهيمنة الغربية في الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
أعلنت شركة OneXGen Technology، في بيان، عن الإطلاق الرسمي لنموذج الذكاء الاصطناعي الجديد "بيكسا P1"، الذي تصفه بأنه منصة ذكية عالمية متعددة اللغات، صُمّمت لتقديم أداء متقدم في الفهم والتفاعل البشري.
يأتي هذا الإطلاق في سياق سباق عالمي محموم تقوده كبرى شركات التكنولوجيا لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على محاكاة التفكير البشري والتفاعل الطبيعي مع المستخدمين بمختلف لغاتهم وثقافاتهم.
ويمثل "بيكسا" نقلة نوعية في هذا المجال، إذ يقدّم دعمًا شاملًا للغات مثل العربية والإندونيسية والإنجليزية، إلى جانب عشرات اللغات الأخرى، ما يجعله خيارًا رائدًا للمجتمعات التي غالبًا ما تُهمَّش في التقنيات الغربية السائدة.
وأكدت الشركة وهي عربية- اندنوسية، تتخذ من العاصمة الإندونيسية جاكرتا مقرًا لها، أن "بيكسا" يعتمد على بنية تقنية متقدمة طوّرتها داخليًا، ما يمنحه قدرة عالية على فهم السياقات المعقدة وتوليد استجابات دقيقة وسلسة عبر مجالات متعددة تشمل التعليم، الرعاية الصحية، إدارة الأعمال، وخدمة العملاء.
ووفقاً لبيان الشركة، تم تدريب النموذج على قواعد بيانات ضخمة تغطي جوانب تقنية وطبية وقانونية لضمان شمولية المعرفة ودقة النتائج.
وتصف OneXGen النموذج بأنه أحد أبرز الابتكارات الذكية خارج نطاق الولايات المتحدة والصين، مشيرة إلى أنه يمثل محاولة محلية بطموحات عالمية تهدف إلى كسر احتكار النماذج الغربية وتوفير حلول ذكاء اصطناعي تستوعب تنوع اللغات والثقافات.
ويُتاح "بيكسا" للمستخدمين من خلال منصة إلكترونية تفاعلية توفّر واجهات استخدام سهلة، تتيح التعامل مع الأسئلة المفتوحة، وتحليل البيانات، وتوليد المحتوى النصي بمستوى عالٍ من الدقة والاتساق.
يشار إلى أن OneXGen Technology تأسست كشركة عابرة للحدود، وتتبنّى رؤية تهدف إلى تطوير بدائل واقعية للنماذج الغربية المهيمنة في قطاع الذكاء الاصطناعي، مع توقعات بأن يشهد نموذج "بيكسا" توسعًا ملحوظًا في الأشهر المقبلة، على مستوى الاستخدام والدعم الفني واللغوي.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
الكادحون الجدد في مزارع الذكاء الاصطناعي
هل يساعدك الذكاء الاصطناعي على إنجاز مهامك في العمل؟ إذا كانت إجابتك نعم، فهذا يعني أن مديرك سيتوقعُ منك ما هو أكثر من اليوم فصاعدًا، أكثر مما كنت تقوم به في الأيام الخوالي يا عزيزي الكادح. مع الأسف، إنجازك السريع للتكليفات بمساعدة تشات جي بي تي لن يمنحك الرخصة للعودة إلى البيت قبل نهاية الدوام الرسمي، بل سيغري الشركة بزيادة كم التكليفات الملقاة على عاتقك، لم لا وقد أصبحت تنجزها في وقت أقل، بل وتتباهى بذلك؟! وربما سترسلك إدارة الشركة إلى دورات وورش تدريبية كي تتعلم أشغالًا جديدة لم تكن في يوم من الأيام ضمن المهام التقليدية لتعريفك الوظيفي. سيتسعُ نطاق تعريفك الوظيفي ليشمل وظائف أخرى مع تغير المعنى التقليدي للوظائف في كل القطاعات. كل ذلك لأنك أصبحت إنسانًا مُطوَرًا بنظر أرباب العمل، إنسانًا «أذكى» مما كنت عليه، ولذلك صار عليك أن تنتج أكثر مما كنت تنتجه خلال ساعات العمل المنصوص عليها في العقد.
تذكَّر، هناك من يربح أكثر لأنك تستخدم الذكاء الاصطناعي، عزيزي الكادح. أنت منذ الآن إنسان مُلحق بأدوات مساعدة، إنسان معدَّل بالآلة لصالح هذه الخدمة. سيرتفع من معدل إنتاجيتك الفردية خلال ساعات العمل بما يؤدي لرفع معدل إنتاجية الشركة في المحصلة، لكنك لن تعود إلى البيت قبل الخامسة مساءً في الغالب، يؤسفني تعكير المسرات.
باعتمادك واعتمادهم على مساعدة الذكاء الاصطناعي، والذي بات مسألة منتهيةً لا مفرَّ منها، يُقدم الكادحون الجدد حول العالم أدلة يومية من واقع العمل على أنهم أرقام زائدة يمكن الاستغناء عنها ما دام الذكاء الاصطناعي يعمل بهذا القدر من السرعة والكفاءة. ما الذي يمنع ذلك ما دام المنطقُ الرأسمالي الذي تعمل به الشركات يرى الذكاء الاصطناعي أكثر طاعة ومطواعية بخلاف البشر، فإنهم مماطلون وعنيدون، ومجبولون على حب السجال دائمًا حول كل صغيرة وكبيرة، كما أنهم يبدون استعدادًا فطريًا للمقاومة، وهذا أكثر ما يرهق العقلية السلطوية التي تُدار بها المؤسسات.
الأدلة تتزايد كل يوم على الطريقة التي يعمق بها الذكاء الاصطناعي غياب العدالة والمساواة في بيئات العمل. ننسى أحيانًا ونحن نمدح دوره في مساعدتنا على إنجاز مهام لا نتقنها، أن هناك شخصًا سهر وكابد لسنوات من أجل تعلم تلك المهارات اللازمة التي لا نملكها. بهذا المعنى فإن الذكاء الاصطناعي يضع المؤهل وغير المؤهل متساويين على خط السباق، ويعزز من إمكانية نجاح المواهب المزيفة على حساب المواهب الحقيقية المصقولة بتعب الزمن. نرى ذلك عيانًا ونعايشه في معسكرات الإنتاج الرأسمالي، المريضة من قبل بحمى التنافسية غير العادلة، وقد أصبحت اليوم بيئات أكثر عدوانية لا فرصَ فيها إلا للانتهازيين الشطَّار الذين يُفضلون الطرق المختصرة على مشقة التعليم المضني والممل.
في سياق هذا التحول المخيف تدخل الرأسمالية عصرها الجديد مع ثورة الذكاء الاصطناعي، حيث تغدو الشركات الكبرى نموذجًا للدكتاتوريات العصرية في صورة تتجاوز وتقهر حتى دكتاتورية الدولة التقليدية. لا تتوانى هذه الدكتاتوريات الرأسمالية عن تطبيق المقولة الاستعمارية المجرَّبة «فرّق تسد»، وذلك عبر إحلال الذكاء الاصطناعي محل العامل البشري، أو من خلال تسليطه رقيبًا عتيدًا على سلوك الموظفين، فيتتبع بياناتهم الخاصة ويراقب ويحلل طبيعة التواصل فيما بينهم كي يمنع أي حالة من التكتل أو الفعل الجماعي المقاوم. ففي بيئات الإنتاج المراقبة بالحسَّاسات والكاميرات الذكية يُطور الذكاء الاصطناعي آليات الرقابة على السلوك والأجساد، والتي بلغت تطبيقاتها في كبريات الشركات العالمية إلى حد تثبيت أنظمة لمراقبة الوقت خارج المهمة (Time off task) فأي شرود أو سهو عن المهمة قد يُعرض الموظف لعقوبة الخصم.
بات واضحًا أن التاريخ ينساق لصدامٍ حتمي بين الإنسان ووحش الآلة. فهل يُنذر هذا التحول بثورة عمَّالية على استبداد الذكاء الاصطناعي يمكن أن نشهدها في المستقبل؟ إعجاب الأفراد اللاواعي بمساهمة الذكاء الاصطناعي في تسهيل وتسريع أنشطتهم الوظيفية يشي بإذعانٍ متمادٍ، ويجعل من التنبؤ بثورة عمَّالية على هذا الاستبداد فرضية مكبرة. ولكن هل يمكن التفكير بأساليب مقاومة بطيئة إلى ذلك الحين؟ في بيئة سلطوية مطلقة تقوم على تفكيك العلاقات وبتر الصلات الحميمة، وعلى تفتيت الجماعة البشرية إلى أفراد معزولين ومراقبين كل على حدة، لا أرى سوى «المماطلة» خيارًا أخيرًا للمقاومة الفردية بالنسبة للكادحين الجدد.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني