جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-13@23:37:28 GMT

حين يقودنا الحِلم إلى القمة

تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT

حين يقودنا الحِلم إلى القمة

 

د. ذياب بن سالم العبري

منذ القدم قيل "الحِلم سيد الأخلاق"، ومع تعاقب الأزمنة، ظل هذا الخُلق ثابتًا في مكانه، يتربع على عرش الفضائل، لا كزينة يتفاخر بها الناس؛ بل كأساسٍ تبنى به النجاحات وتثبت به القيادات.

وفي عالم تتسارع فيه الضغوط، لم تعد القوة في سرعة الغضب أو رفع الصوت؛ بل في القدرة على التروي وضبط النفس؛ فالقائد الحليم، حين تواجهه العواصف، لا ينجرف وراء الانفعال، بل يمسك بزمام مشاعره، ويقود فريقه بثقة وثبات نحو تحقيق الأهداف.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن القدرة على إدارة الغضب والتصرف بهدوء تحت الضغط أصبحت من مفاتيح النجاح الشخصي والمهني. والحِلم لم يعد مجرد فضيلة أخلاقية؛ بل مهارة قيادية تؤدي إلى قرارات أفضل، وعلاقات أكثر استقرارًا، ومؤسسات أكثر نجاحًا.

وهذا المعنى أدركه الفلاسفة والحكماء منذ القدم، حين وصف أرسطو الحِلم بأنه التوازن الذي يحمي الإنسان من الإفراط في الغضب والتفريط في البلادة. وجاءت تعاليم الأديان لتعزز هذا المفهوم، حين قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".

في حياتنا اليومية، كم من فرص ضاعت بسبب لحظة انفعال؟ وكم من علاقات تهدمت حين غاب الحِلم عن الموقف؟ لو أدركنا أهمية هذا الخلق العظيم، لجنبنا أنفسنا كثيرًا من الخسائر، وحققنا كثيرًا من النجاحات بهدوء وعقلانية.

يبقى الحِلم اليوم أكثر من حاجة فردية، إنه مطلب اجتماعي وإنساني. في الأسرة كما في العمل، في القيادة كما في الحياة، يظل الحِلم صمام الأمان، وبوابة الاستقرار والنمو.

ويظل السؤال الذي نحتاج أن نطرحه على أنفسنا: هل نملك الشجاعة لنختار الحِلم سلوكًا دائمًا، ونرتقي به فوق ضغوط الحياة وتقلباتها؟

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ما الذي على ترامب أن يسمعه في الرياض غدًا؟!!

تختلف القمة الخليجية الأمريكية التي يحضرها الرئيس الأمريكي ترامب هذه المرة عن تلك التي حضرها في ولايته الرئاسية الأولى، فالعالم لم يعد هو العالم والشرق الأوسط تغير كثيرا عما كان عليه في عام 2017، حتى أفكار ترامب نفسها تغيرت رغم أن استراتيجية «الصفقة» ما زالت هي التي ترسم تفاصيل المشهد في مجمله.

عودة ترامب إلى المنطقة هذه المرة لا تمثل استئنافا لتحالفات تقليدية ولكنها اختبار لتوازنات جديدة تتشكل بهدوء في شرق العالم وغربه. ولذلك سيكون أمام قادة دول الخليج الذين سيحضرون القمة غدًا مسؤولية كبيرة ليُسمعوا ترامب ما يجب أن يسمعه حول مستقبل الشراكة الخليجية الأمريكية وحدودها وشروطها.

أحد أهم الأفكار التي على ترامب أن يسمعها غدًا في الرياض أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تجاوزت كل الحدود وباتت عبئا أخلاقيا واستراتيجيا على حلفاء واشنطن، وفي مقدمتهم دول الخليج. وإذا كانت دول الخليج لا تستطيع، منطقا، الطلب من أمريكا أن تتخلى عن إسرائيل، فإن عليها في هذه القمة أن تطلب من أمريكا قبل ترامب إعادة تعريف العلاقة معها ضمن إطار يحفظ للمنطقة استقرارها ويكبح جماح السياسات التي تهدد بإشعال صراعات لا يمكن احتواؤها.

ورغم أن الحديث عن التطبيع مع إسرائيل بات مريرا، بعد سلسلة الجرائم التي ارتُكبت في غزة ولبنان وسوريا واليمن خلال الأشهر الماضية، فإن من الضروري أن توضح دول الخليج موقفها للرئيس الأمريكي إذا ما أعاد طرح ملف الاتفاقيات الإبراهيمية وتحيله إلى شروط المبادرة العربية التي تشترط قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، ودون ذلك، إن الدفع باتجاه تطبيع غير مشروط يعكس ما وصفته دراسات غربية بأنه «تسوية وظيفية» لا «تسوية سياسية»، أي بناء علاقات سطحية دون معالجة جذور الصراع، مما يهدد بإعادة تدوير العنف، إضافة إلى أنه تخلٍ واضح عن القضية الفلسطينية.

وفي هذا السياق، فإن ملف الطاقة لا يُمكن فصله عن مفهوم الشراكة الاستراتيجية. فالاستقرار الاقتصادي الذي تسعى إليه واشنطن مرهون باستقرار سياسي لا تصنعه السوق وحدها، بل يضمنه التفاهم العميق مع الحلفاء.

ولا يجب هنا أن يغيب عن بال ترامب أن موازين القوى في الخليج لم تعد أمريكية بالكامل. فالصين بعد الاتفاق النفطي في عام 2023 مع الرياض، أصبحت شريكا موازيا في التجارة والاستثمار، فيما تتقدم الهند كمحور جيو ـ اقتصادي بديل، كما أن المستثمرين الروس، وهم كثر، نقلوا الكثير من ملياراتهم إلى الخليج منذ فبراير 2022 إلى اليوم. وعلى ترامب أن يسمع بوضوح أن الحديث عن «العودة إلى الشرق الأوسط» لا يكفي وعليه أن يعرف جيدا أن الشراكة اليوم لم تعد عمودية، بل أفقية، قائمة على التوازن لا التبعية.

ثمة أمر آخر شديد الأهمية، وهو إشكالية عميقة تراكمت منذ ولاية ترامب الأولى وتتمثل في تداخل المصالح الخاصة مع مصالح الدولة، ومن حق الدول الخليجية أن تسمع إجابة واضحة: هل الشراكات التي أبرمت منذ ولاية ترامب الأولى إلى اليوم هي عميقة مع واشنطن أم مرحلية عمرها الافتراضي لا يتجاوز أربع سنوات!

هذا السؤال وما شابهه من الأسئلة ليست هامشية؛ فالثقة الاستراتيجية تُبنى على مؤسسات، لا على أفراد. والدول الخليجية لا تريد بناء علاقات استراتيجية قائمة على أفراد وإلا فإنها قادرة على البحث عن توازنات جديدة أكثر موثوقية في لحظة مفصلية من لحظات التغير العميق في العالم.

وفيما يخص الطاقة وهو موضوع لا يمكن فصله عن العلاقات الاستراتيجية والاستقرار السياسي فمن المهم أن يسمع ترامب وجهة نظر خليجية قوية مفادها أن ليس في مصلحة أمريكا أن تضعف أصدقاءها وحلفاءها عبر العمل على انهيار أسعار النفط، وكذلك فرض رسوم جمركية تنهار معها اتفاقيات التجارة الحرة بين أمريكا ودول الخليج.. تحتاج دول الخليج إلى أخذ التزامات من واشنطن تضمن استقرار المنطقة سياسيا واقتصاديا.

سيكون على الرئيس الأمريكي، إذا أراد استعادة ثقة حلفائه، أن يُظهر استعدادا للاستماع إلى الكثير من الملاحظات الاستراتيجية وفي مقدمتها أن الخليج بات قادرا على بناء شراكات استراتيجية أمنية واقتصادية مع أقطاب جديدة في العالم، وأن تكلفة دعم إسرائيل باتت عالية سياسيا وأمنيا، وأن الشراكة الاقتصادية لا يمكن أن تغطي على فجوات الثقة.

لن تكون قمة الرياض، إذن، اختبارا لشكل العلاقة مع إدارة ترامب فقط، ولكن للحظة الخليج نفسها: هل ما زالت ترى في أمريكا شريكا حصريا، أم أصبحت شريكا بين شركاء في نظام عالمي يعاد تشكيله بلا قيادة مركزية؟ الجواب لن يظهر في البيان الختامي ولكن في الخيارات الفعلية التي تتخذها العواصم الخليجية بعد القمة.

مقالات مشابهة

  • ابتزاز جديد.. ماذا الذي يريده ترامب من السيسي ..!
  • ما الذي على ترامب أن يسمعه في الرياض غدًا؟!!
  • بيع ممتلكات رئيس غامبيا السابق يحيى جامع يثير الغضب
  • خروج الإفريقي التونسي من السباق القاري يُفجّر الغضب داخليًا
  • أمن عدن يمنع الاحتجاجات دون تصريح مسبق وسط تصاعد الغضب الشعبي
  • السوداني يطلع على فندق ” قلب العالم” في بغداد الذي سيستضيف وفود القمة العربية
  • قائد عسكري إسرائيلي سابق: نتنياهو يقودنا لحرب بلا نهاية
  • سلطنة عُمان.. الودق الذي يُطفئ الحروب
  • " ناصر" الذي لَمْ يَمُتْ.. !! (٢-٢)