القاهرة - أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا صحفيًا، اليوم السبت، أعربت فيه عن متابعة جمهورية مصر العربية باهتمام كبير وقلق عميق للتطورات الجارية في ليبيا، بحسب سبوتنيك. ودعت الوزارة، في بيان نشرته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جميع الأطراف الليبية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وإعطاء الأولوية لمصالح الشعب الليبي، والحفاظ على مقدراته وممتلكاته.

وأكد البيان المصري مجددًا على ضرورة أن يتحلى المواطنون المصريون المقيمون في ليبيا بأعلى درجات الحيطة والحذر، والبقاء في منازلهم لحين توضيح الأوضاع. وشددت على أهمية استمرار تواصلهم مع السفارة المصرية في طرابلس، وغرفة العمليات التي أنشأتها وزارة الخارجية ووزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، للرد على أي استفسارات أو طلبات. وفي وقت سابق، أعلن مجلس النواب الليبي، "التنسيق مع مجلس الدولة بشكل مستمر وعاجل لاختيار شخصية وطنية لتشكيل حكومة جديدة تباشر عملها خلال الأيام المقبلة، بعد التأكد من توفر الشروط اللازمة لتولي الرئاسة". وقال النواب الليبي، في بيان له، إن "حكومة الوحدة الوطنية الموقتة سقطت منذ ثلاث سنوات بموجب قرار سحب الثقة منها واليوم أسقطها الشعب لتصبح هي والعدم سواء". ودعا المجلس، جميع الجهات الأمنية بطرابلس إلى "عدم التعرض للمتظاهرين السلميين وحمايتهم للتعبير عن مطالبهم المشروعة"، مطالبا المتظاهرين بالحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة. واندلعت اشتباكات في طرابلس بين قوات جهاز الردع التي تتبع مباشرة للمجلس الرئاسي الليبي، واللواءين 444 و111 التابعين لمنطقة طرابلس العسكرية، وبعد ذلك أعلنت وزارة الدفاع الليبية، أمس الأربعاء، بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في جميع محاور التوتر داخل العاصمة طرابلس، وذلك في إطار الحرص على حماية المدنيين والحفاظ على مؤسسات الدولة، ووفق مصادر طبية، أسفرت المواجهات الأخيرة في العاصمة الليبية عن مقتل ستة أشخاص. وتعاني ليبيا من أزمة سياسية معقدة، في ظل وجود حكومتين متنافستين؛ الأولى في الشرق بقيادة أسامة حماد المكلف من قبل مجلس النواب، والثانية في الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا من خلال انتخابات.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

وهم الحل الليبي الليبي

اليوم، كما في السنوات 1917، 1949 أو حتى 2013م، تواجه الدولة الليبية حالة من التشظي، والعامل الأساسي هو الاختلاف الثقافي بين مكونات المجتمع، وتمسك البعض بأدبيات ما قبل الدولة ضمن نسيج اجتماعي بدوي قبلي لا يساعد على تكوين مؤسسات فاعلة.

على أرض الواقع هناك ثلاث تيارات إيديولوجية تملك السلاح، ولها رقعة جغرافية، تدعمها حصانة اجتماعية: منها المجموعة الماضوية ذات التوجه الإسلاموي تتخذ من ثقافة القرن الثالث الهجري مرجعا، ممثلة في الإسلاميين المتشددين، وعلى رأسهم الأوقاف في الشرق والغرب الليبي وتوابعهم العسكرية، وهناك ثقافة الخمسينات من دعم العسكر لمواصلة الحكم الشمولي الوراثي، ممثلا في حفتر وسيف الإسلام، وإن اختلفوا ظاهريا، فهم متفقين إيديولوجيا رغم اختلاف التسميات، كأن يكون هناك جيش الكرامة، أو جيش القبائل، وتتميز المجموعتين السابقتين بأنهما لهما دعم من القوى الإقليمية والدولية بسبب تقاطع المصالح بينهما، أما الفرع الثالث فهم من نشطاء الدولة المدنية وهم لا قوة عسكرية لهم سوى القلم ولا دعم دولي حقيقي، ومعظمهم في الغرب الليبي، والقلة من الشرق الليبي هم مهجرين من بيوتهم أو في غيابات السجون.

تاريخيا، لم يحدث أن وصل الليبيين إلى توافق وحلول للمشاكل الكبرى التي يواجهونها، بلا إملاء خارجي أو قوة غاشمة محلية، والسبب هو أن الاختلاف الثقافي للفاعلين شرقا وغربا كبير يحول دائما دون ذلك.

خلال الحرب العالمية الأولى كانت هناك محاولة من السنوسيين لتكوين إمارة في الشرق الليبي تحت الحكم الإيطالي وكان ذلك في سنة 1917م، رد الفعل في الغرب الليبي هو إعلان الحكومة الطرابلسية بعد سنة أي في 16 نوفمبر 1918م، وبسبب تغيير الحكم في إيطاليا ووصول الفاشيست إلى الحكم، تم الإعلان عن حكومة القانون الأساسي بضم ليبيا إلى إيطاليا، وبذلك فشل المشروعين لإقامة حكومة وطنية، تواصل الجهاد ضد المستعمر ولكن لم يثمر استقلال للدولة، ولم يكن هناك تنسيق بين الشرق والغرب الليبي حتى عند ظهور بشائر للاستقلال.

قبل الاستقلال بقليل تكررت نفس المشكلة وذلك بعدم الاتفاق على مستقبل ليبيا، هل ستكون تحت الوصاية المصرية أو الاستقلال أو نظام الإقاليم أم جمهورية موحدة، وذهب وفدين إلى الأمم المتحدة للتفاوض إحداها من الشرق الليبي والثانية من غربه.

اختلاف الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية وكانت النتيجة الاتفاق على استقلال ليبيا، وحيث إن الإنجليز على صلة بإدريس السنوسي لعقود، بل قدموا له وعد بتوليته على ليبيا إن ساعدهم على دحر الإيطايين في الحرب العالمية الثانية، فكانوا له العون الأكبر لإنشاء إمارة برقة في إجدابيا في سنة 1949م، وبقي الغرب الليبي بأحزابه يناقش في شكل دولة، والاتجاه العام كان لتكوين جمهورية موحدة.

باتفاق دول الحلفاء، صادقت الأمم المتحدة على الاستقلال، وتم كتابة الدستور الملكي قبل استقلال الدولة، وهي فارقة لم تحدث من قبل وبذلك، تم إجبار الغرب الليبي على قبول الملكية، وإلغاء الأحزاب وتهجير المعارضين ومنهم بشير السعداوي وأحمد زارم وغيرهم.

في العهد الجمهوري، كان نظام الحكم شموليا قمعيا، يفرض قراراته بالحديد والنار، والمعارض مكانه بالسجون، أو التصفية الجسدية، أي لا حوار ليبي ليبي ولا حل ليبي.

بعد ثورة 17 فبراير، لم يدم العرس الجماهيري سوى سنة ونصف، ودخلت البلاد في دوامة من الفوضى تغذيه القوى الإقليمية ووكلائها بالداخل، ففي سنة 2013 م تفرقت البلد إلى شظايا شبيهة بسنة 1917 أو سنة 1947 م، أصبحت الكرامة بجيشها في الشرق لها حكومة وميزانيات خارج الميزانية العامة وأصبح مجلس النواب دمية في يد الكرامة تستعمله لاستمرار الفوضى.

لقد تم استغلال شعار الحل الليبي والحوار الليبي وامتلاك الليبيين للعملية السياسية، أبشع استغلال لإدامة أجسام مهترئة لعقد ونيف من الزمان، وهي شعارات جوفاء لا أساس لها: اجتمع نوري أبوسهمين وعقيلة صالح في مالطا يوم 15 ديسمبر 2015م ، وما إن رجعا إلى البلاد حتى تنصل عقيلة من أي مسؤولية عن الاجتماع، وقال نوري مواطن ليبي اجتمعت به وليس ممثلا لأى جسم له علاقة بالدولة الليبية، ثم توالت الاجتماعات بين مجلس النواب ومجلس الدولة في أكثر من 30 محطة من الجزائر إلى تونس وباريس وباليرمو وبرلين وغدامس وسرت وبوزنيقة والعديد من المرات في مصر، وثم تشكيل لجنة الـ6+6 ولجنة 5+5، ولم تسفر أي منها على أي حل، ولا فائدة يرتجى منها سوى تمديد أعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة لفترة بقائهم في المشهد الليبي.

بل الأدهى والأنكى أن محاولات حكومة الوحدة الوطنية لتقليص عدد المجموعات المسلحة الخارجة عن تراتبية وزارة الدفاع والأركان في الغرب الليبي باءت بالفشل نتيجة تدخل الرئاسي ونفخ الروح في دعم الاستقرار الذي هوى وتبنيه احتجاجات فئوية من سوق الجمعة لعدم دمج الردع في مؤسسات الدولة وبقائه خارج منظومة الجيش، وبالمثل استمرار تقاتل المجموعات المسلحة في الزاوية واستغلالها من جيش الكرامة في الشرق الليبي.

كل ذلك اللغط يؤكد أن الليبيين عاجزين عن الوصول إلى حل، وهذا ليس بجديد على الدول، فمؤسسات التخطيط في الامارات كلها إنجليزية من السبعينات من القرن الماضي، وأجهزة الامن في البحرين إلى عهد قريب لها كوادر إنجليزية، وجيش الكويت حتى يوم دخول العراقيين إليها كان الطيارين وطواقم الجيش باكستانية، أي أن مشكلة الليبيين لا يعترفون بعجزهم وترك الأمم المتحدة والمنظمات الدولية القيام بعملها، وما المظاهرات الأخيرة أمام مبنى الأمم المتحدة سوى خلق للأوراق لأجل إدامة استمرار مجلس النواب السيء السمعة ومجلس المجلس الرئاسي العاجز.

إن العقل والمنطق يحتمان عدم انجرار النخب، والتصدي لهذا الشعار البرًاق (الحوار الليبي الليبي لأجل الحل الليبي الليبي) في الوقت الراهن، والمطالبة باستكمال جهود الأمم المتحدة من أجل بناء مؤسسات الدولة على أسس جديدة وسليمة، وإحلال الأمن ومعالجة الاختناقات الاقتصادية، أما الحوار الليبي الليبي فيجب أن يقتصر على الجوانب الاجتماعية، وأهمها المصالحة الوطنية، وأن يؤجل في السياسة إلى أن يفرز الشعب قيادات شرعية منتخبة وعلى درجة من الوعي تسمح بخلق قواسم مشتركة وأرضية ثقافية تساعد على بناء الدولة على أسس من الحداثة ومتطلبات العصر.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • وهم الحل الليبي الليبي
  • وزارة الخارجية المصرية تعقد أول مائدة مستديرة لدعم القطاع الخاص وزيادة الصادرات المصرية بالتعاون مع MSK Partners
  • الرئاسة المصرية تصدر بيانا حول لقاء السيسي والبرهان في القاهرة
  • الخارجية: العلاقات المصرية العمانية تشهد نموا نوعيًا متزايدا في جميع المجالات
  • بنك ليبيا المركزي يسحب نسخة من فئة 50 دينارا طبعت خارج سلطته
  • بالمليارات .. تحقيقات مرتقبة بشأن العملة الليبية المزورة
  • وزير الخارجية: نأمل في التوصل لاتفاق بشأن غزة خلال أسبوع أو اثنين
  • الأهليان يتنفسان على لقب بطولة ليبيا لكرة السلة
  • الدغاري: إذا كانت الاتفاقية البحرية الليبية – التركية تخدم مصالح ليبيا سنصادق عليها
  • عضو لجنة الصحة بمجلس النواب يكشف جهود الدولة المصرية في قطاع الصحة بعد ثورة 30 يونيو