نهاية الحرب التجارية بين الصين وأمريكا مكسب للجميع
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
ما زال الكثيرون يتجادلون حول ما إذا كان الاتفاق الذي توصلت إليه كل من الصين والولايات المتحدة في محادثاتهما التجارية في جنيف، بسويسرا، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، والذي يدخل حيّز التنفيذ يوم الأربعاء، يُعدّ انتصارا للصين أم للولايات المتحدة.
بيان البيت الأبيض وصف الاتفاق بأنه «انتصار تاريخي» للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
لكن جميع هؤلاء مخطئون. فالاتفاق، الذي قد يكون بداية نهاية هذه الجولة من النزاع التجاري، هو مكسب مشترك للصين والولايات المتحدة والعالم بأسره.
نظرًا للترابط الكبير في الاقتصاد العالمي، ولا سيما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإن وقف الحرب الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم يُعد خبرًا سارًا للتجار والمصنعين والمستثمرين وتجار التجزئة والمستهلكين في مختلف أنحاء العالم.
وقد أدى إعلان الجانبين عن تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 115% إلى ارتفاع مؤشرات أسواق الأسهم في الولايات المتحدة وآسيا والمحيط الهادئ.
ويبدو هذا التفاؤل جليًا في العناوين الإخبارية. فقد نشرت قناة (سي. إن. بي. سي) عنوانًا يقول: «التخفيف الجمركي بين الولايات المتحدة والصين يسمح بعودة المنتجات إلى الرفوف قبل عيد الميلاد»، بينما عنونت (سي. إن. إن) تقريرها بالعنوان الآتي:«الرسوم الجمركية دمّرت موانئ أمريكا. قريبًا، قد تواجه هذه الموانئ ازدحامًا بسبب تخزين السلع».
ويحدو الأمل الكثيرين بأن تمدد فترة التسعين يومًا هذه بشكل دائم. وكما أثبتت الأضرار الاقتصادية الهائلة التي سببتها الحرب الجمركية على الصين والولايات المتحدة ودول أخرى خلال الأشهر الماضية، فإن الحروب التجارية لا تفرز رابحين، ويجب عدم إطلاقها من الأساس.
وتأتي نتيجة المحادثات مشجعة، خاصة بعد التوترات الحادة التي سبقتها، والتوقعات المنخفضة التي عبّرت عنها وسائل الإعلام والمحللون في الولايات المتحدة.
وبصفتي صحفيًا غطى مجريات المحادثات في جنيف، فقد جاءت النتيجة مفاجئة وسارة، بينما كنت أستمع إلى نائب رئيس الوزراء الصيني «خه ليفنغ» في المؤتمر الصحفي مساء الأحد، وأتابع تصريحات وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت والممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير.
لقد مر وقت طويل منذ أن سمعنا مسؤولي البلدين يثنون على بعضهم البعض من حيث المهنية والاجتهاد والكفاءة، بعد سنوات من الخطاب السلبي خلال إدارة جو بايدن. كما مر وقت طويل منذ أن أعلن الطرفان عن تحقيق -تقدم جوهري- في المفاوضات، وصولًا إلى «توافقات مهمة».
وكان من اللافت للنظر اتفاق الطرفين على إنشاء آلية تشاور دائمة حول القضايا الاقتصادية والتجارية بهدف معالجة مخاوف كل طرف. وهذا يذكّرنا بآليات الحوار رفيعة المستوى التي كانت قائمة بين البلدين قبل سنوات، مثل - الحوار الاستراتيجي والاقتصادي- واللجنة المشتركة للتجارة-، والتي غطيتها عن كثب خلال سنوات عملي في الولايات المتحدة.
وقد قامت تلك الآليات بدورٍ مهمٍّ في تعزيز التواصل والتفاهم، ومعالجة القضايا الخلافية. ويمكن، بل ويجب، إعادة إحياء العديد منها في إطار الآلية الجديدة المقترحة.
في ديسمبر الماضي، قال ترامب، عندما كان رئيسًا منتخبًا، في مؤتمر صحفي بمارالاغو: «بإمكان الصين والولايات المتحدة أن تعملا معا لحل جميع مشاكل العالم». وهذا القول صحيح، خصوصًا عند الحديث عن التحديات العالمية الكبرى، مثل الحفاظ على الاستقرار والازدهار الاقتصادي، ومحاربة الإرهاب، ومواجهة التغير المناخي، وتحقيق السلام العالمي.
لكن لتحقيق ذلك، من الضروري أن تحل الصين والولايات المتحدة خلافاتهما من خلال آلية التشاور الجديدة، لا من خلال التصعيد والحروب الجمركية. وكانت محادثات جنيف خطوة أولى واعدة نحو إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح.
وكما أكد القادة والدبلوماسيون الصينيون مرارًا، فإن التعاون يصب في مصلحة البلدين، بينما المواجهة تضر بهما معًا. ولا خيار أفضل من التعاون البناء.
تشن ويهوا هو رئيس مكتب صحيفة تشاينا ديلي في الاتحاد الأوروبي.
عن صحيفة الصين اليوم
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الصین والولایات المتحدة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ترامب: سنحدد معدلات الرسوم الجمركية على معظم الدول خلال أسابيع
الولايات المتحدة – صرح الرئيس دونالد ترامب امس الجمعة، بأن إدارته ستبعث برسائل توضيحية للدول حول أسعار الرسوم الجمركية التي ستفرضها على الواردات إلى الولايات المتحدة
وأضاف ترامب خلال اجتماع طاولة مستديرة للأعمال بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة يوم الجمعة: “لدينا في نفس الوقت 150 دولة ترغب في إبرام صفقة، لكن لا يمكنك مقابلة هذا العدد الكبير من الدول”.
وأوضح أن الرسائل سيتم إرسالها من قبل وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك، مشيرا إلى أن الأسعار “ستكون عادلة جدا، لكننا سنخبر الناس بالمبلغ الذي سيدفعونه لممارسة الأعمال في الولايات المتحدة”.
وكانت إدارة ترامب تتفاوض مع بريطانيا والصين وشركاء تجاريين كبار آخرين في الأسابيع الأخيرة بشأن الرسوم الجمركية التي أعلنها في 2 أبريل، والتي فرضت أعلى معدلات جمركية في التاريخ على الواردات من كل دول العالم.
وقال محللو “غولدمان ساكس” في مذكرة بحثية بتاريخ 14 مايو: “نتوقع أن يرتفع معدل التعريفة الجمركية الفعالة للولايات المتحدة بحوالي 13 نقطة مئوية هذا العام إلى أعلى مستوى منذ ثلاثينيات القرن الماضي. ورغم أن المستوى النهائي وتكوين الرسوم لا يزال غير مؤكد، فمن المرجح أن تظل مرتفعة في المستقبل المنظور”.
وحذرت “وولمارت” يوم الخميس من أنها ستبدأ في رفع الأسعار في وقت لاحق من هذا الشهر بسبب تأثير الرسوم الأمريكية. وبينما أعلن ترامب يوم الاثنين أنه سيخفف الرسوم الجمركية على الواردات الصينية لمدة 90 يوما – حيث خفض المعدل من 145% إلى حوالي 30% – إلا أن هذا يمثل زيادة في النفقات التجارية للشركات الأمريكية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “وولمارت” دوغ مكميلون خلال مؤتمر الأرباح للربع الأول أمس: “يمكننا التحكم فيما نسيطر عليه. حتى عند المستويات المخفضة، فإن الرسوم الأعلى ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار.”
وأكد ترامب أنه يفرض هذه الرسوم لأسباب متعددة، بما في ذلك حث الشركات المحلية والأجنبية على نقل مصانعها إلى الولايات المتحدة وخلق فرص عمل في التصنيع الأمريكي. وفي يوم الجمعة، أشاد ترامب بإعلانات بعض الشركات التي قالت إنها تخطط للاستثمار في الولايات المتحدة.
وقال ترامب: “نحن على الأرجح في نطاق 12 إلى 13 تريليون دولار من الاستثمارات. أعتقد أننا نتجه نحو 12 إلى 13 تريليون دولار بين المشاريع التي تم الإعلان عنها بالفعل، معظمها تم الإعلان عنه، لكن بعضها سيُعلن قريبا جدا، حرفيا قريبا جدا.”
ومع ذلك، يشكك العديد من خبراء التجارة في أن يكون التهديد بالرسوم المرتفعة والضغوط السياسية من البيت الأبيض كافيا لإحداث انتعاش كبير في التصنيع الأمريكي. لأن الشركات عادة ما تقرر بناء مصانع جديدة وفق عدد من العوامل الأخرى بخلاف الرسوم، بما في ذلك تكاليف العمالة والطاقة والنقل، ومعدلات الضرائب، والبيئة التنظيمية.
المصدر: وكالات