ترجمة: بدر بن خميس الظفري -

ما زال الكثيرون يتجادلون حول ما إذا كان الاتفاق الذي توصلت إليه كل من الصين والولايات المتحدة في محادثاتهما التجارية في جنيف، بسويسرا، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، والذي يدخل حيّز التنفيذ يوم الأربعاء، يُعدّ انتصارا للصين أم للولايات المتحدة.

بيان البيت الأبيض وصف الاتفاق بأنه «انتصار تاريخي» للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

بينما قالت بعض وسائل الإعلام الأمريكية إنه انتصار للصين. حتى وزير الخزانة الأمريكي الأسبق لاري سامرز كتب على منصة «إكس» أن ترامب «رمش أولا».

لكن جميع هؤلاء مخطئون. فالاتفاق، الذي قد يكون بداية نهاية هذه الجولة من النزاع التجاري، هو مكسب مشترك للصين والولايات المتحدة والعالم بأسره.

نظرًا للترابط الكبير في الاقتصاد العالمي، ولا سيما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإن وقف الحرب الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم يُعد خبرًا سارًا للتجار والمصنعين والمستثمرين وتجار التجزئة والمستهلكين في مختلف أنحاء العالم.

وقد أدى إعلان الجانبين عن تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 115% إلى ارتفاع مؤشرات أسواق الأسهم في الولايات المتحدة وآسيا والمحيط الهادئ.

ويبدو هذا التفاؤل جليًا في العناوين الإخبارية. فقد نشرت قناة (سي. إن. بي. سي) عنوانًا يقول: «التخفيف الجمركي بين الولايات المتحدة والصين يسمح بعودة المنتجات إلى الرفوف قبل عيد الميلاد»، بينما عنونت (سي. إن. إن) تقريرها بالعنوان الآتي:«الرسوم الجمركية دمّرت موانئ أمريكا. قريبًا، قد تواجه هذه الموانئ ازدحامًا بسبب تخزين السلع».

ويحدو الأمل الكثيرين بأن تمدد فترة التسعين يومًا هذه بشكل دائم. وكما أثبتت الأضرار الاقتصادية الهائلة التي سببتها الحرب الجمركية على الصين والولايات المتحدة ودول أخرى خلال الأشهر الماضية، فإن الحروب التجارية لا تفرز رابحين، ويجب عدم إطلاقها من الأساس.

وتأتي نتيجة المحادثات مشجعة، خاصة بعد التوترات الحادة التي سبقتها، والتوقعات المنخفضة التي عبّرت عنها وسائل الإعلام والمحللون في الولايات المتحدة.

وبصفتي صحفيًا غطى مجريات المحادثات في جنيف، فقد جاءت النتيجة مفاجئة وسارة، بينما كنت أستمع إلى نائب رئيس الوزراء الصيني «خه ليفنغ» في المؤتمر الصحفي مساء الأحد، وأتابع تصريحات وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت والممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير.

لقد مر وقت طويل منذ أن سمعنا مسؤولي البلدين يثنون على بعضهم البعض من حيث المهنية والاجتهاد والكفاءة، بعد سنوات من الخطاب السلبي خلال إدارة جو بايدن. كما مر وقت طويل منذ أن أعلن الطرفان عن تحقيق -تقدم جوهري- في المفاوضات، وصولًا إلى «توافقات مهمة».

وكان من اللافت للنظر اتفاق الطرفين على إنشاء آلية تشاور دائمة حول القضايا الاقتصادية والتجارية بهدف معالجة مخاوف كل طرف. وهذا يذكّرنا بآليات الحوار رفيعة المستوى التي كانت قائمة بين البلدين قبل سنوات، مثل - الحوار الاستراتيجي والاقتصادي- واللجنة المشتركة للتجارة-، والتي غطيتها عن كثب خلال سنوات عملي في الولايات المتحدة.

وقد قامت تلك الآليات بدورٍ مهمٍّ في تعزيز التواصل والتفاهم، ومعالجة القضايا الخلافية. ويمكن، بل ويجب، إعادة إحياء العديد منها في إطار الآلية الجديدة المقترحة.

في ديسمبر الماضي، قال ترامب، عندما كان رئيسًا منتخبًا، في مؤتمر صحفي بمارالاغو: «بإمكان الصين والولايات المتحدة أن تعملا معا لحل جميع مشاكل العالم». وهذا القول صحيح، خصوصًا عند الحديث عن التحديات العالمية الكبرى، مثل الحفاظ على الاستقرار والازدهار الاقتصادي، ومحاربة الإرهاب، ومواجهة التغير المناخي، وتحقيق السلام العالمي.

لكن لتحقيق ذلك، من الضروري أن تحل الصين والولايات المتحدة خلافاتهما من خلال آلية التشاور الجديدة، لا من خلال التصعيد والحروب الجمركية. وكانت محادثات جنيف خطوة أولى واعدة نحو إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح.

وكما أكد القادة والدبلوماسيون الصينيون مرارًا، فإن التعاون يصب في مصلحة البلدين، بينما المواجهة تضر بهما معًا. ولا خيار أفضل من التعاون البناء.

تشن ويهوا هو رئيس مكتب صحيفة تشاينا ديلي في الاتحاد الأوروبي.

عن صحيفة الصين اليوم

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصین والولایات المتحدة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

سوبارو تنهار وسط صراعات الرسوم الجمركية الأمريكية

في ظل الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على السيارات المستوردة من اليابان، تواجه شركة سوبارو اليابانية تحديًا ماليًا خطيرًا، وقد تكون سيارة فورستر هي طوق النجاة الوحيد لإنقاذ الشركة من تدهور الأرباح.

فورستر تتصدر المبيعات

حتى مايو 2025، باعت سوبارو أكثر من 84,600 وحدة من فورستر في السوق الأمريكي، بنسبة نمو بلغت 3.9% عن العام السابق، لتتربع على عرش أكثر طرازات سوبارو مبيعًا في الولايات المتحدة، التي تمثل 71% من مبيعات الشركة عالميًا.

تهديد الرسوم الأمريكية

تستورد سوبارو نحو 50% من سياراتها المباعة في أمريكا من اليابان، ومع فرض رسوم جمركية تصل إلى 25%، تتوقع الشركة انخفاض أرباحها التشغيلية بنحو 2.5 مليار دولار – وهو رقم يقترب من أرباحها الكلية في السنة المالية الماضية.

للتقليل من الخسائر، تخطط سوبارو لتوسيع إنتاج فورستر داخل الولايات المتحدة الأمريكية، عبر مصنعها في ولاية إنديانا، الذي قد تصل طاقته الإنتاجية إلى 400,000 سيارة سنويًا. 

لكن حتى الآن، لم تتعهد الشركة رسميًا بزيادة الإنتاج، بسبب ضعف سلسلة التوريد اليابانية وعدم جاهزية الموردين المحليين.

داخل اليابان، حظيت فورستر الجديدة بإقبال قوي، حيث سجلت الشركة 12,000 طلب شراء في أبريل فقط، وهو أكثر من ضعف أعلى رقم شهري سابق، ما يعكس استمرار الثقة بالعلامة التجارية رغم التحديات.

بين ضغط الرسوم، وتحديات التصنيع، وطلب متزايد على فورستر، تبدو سوبارو عالقة في معادلة صعبة. 

وفي حين تمثل الولايات المتحدة سوقًا حيويًا لا يمكن خسارته، فإن إنقاذ الأرباح قد يتطلب قرارات إنتاجية جريئة وسريعة.

طباعة شارك سوبارو فورستر سيارات سوبارو التعريفات الجمركية

مقالات مشابهة

  • أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال محادثتهما يوم الخميس اهتمامهما المتبادل بتنفيذ عدد من المشاريع الاقتصادية بين روسيا والولايات المتحدة. بوتين وترامب يؤكدان الاهتمام بمشاريع مشتركة في مجالي الطاقة والفضاء Sputnik ووفقا لم
  • الاتحاد الأوروبي: مستعدون للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية
  • توقعات بارتفاع البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 3.4%
  • ما لم يُقال عن نهاية المعركة بين إيران وإسرائيل
  • ارتفاع مخزون النفط في الولايات المتحدة
  • ترامب: لا أفكر في تمديد مهلة الرسوم الجمركية التي تنتهي 9 يوليو
  • "مفاوضات غزة" في دائرة مفرغة.. وأمريكا تراوغ لعدم الالتزام بوقف الحرب
  • مفاوضات غزة تدور في دائرة مفرغة.. وأمريكا تراوغ لعدم الالتزام بوقف الحرب
  • فاتح أربكان: إسرائيل منظمة إرهابية وأمريكا خادمتها
  • سوبارو تنهار وسط صراعات الرسوم الجمركية الأمريكية