تتزايد الأصوات الرافضة للحوثيين جراء سوء الأوضاع وعمليات النهب والسرقة والتجويع التي تمارسها عناصر الحوثي بشكل ممنهج في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

في مقابل هذا الغضب الشعبي، تراهن القيادات الحوثية على المرتبات وتعتقد بأن صرف الحكومة اليمنية للمرتبات في مناطق سيطرتها قد تحقق لها عددا من المكاسب على رأسها إخماد الغضب الشعبي ضدها.

يقولون في لقاءاتهم الخاصة بأن الشعب اليمني سيخضع بمجرد ما تصرف له مبالغ شهرية. فالجائع سيكون ممتنا لمن يوفر له ولو الشيء اليسير من احتياجاته بعد سنوات من الحرمان وعملية التجويع المتعمدة.

وبالرغم من قدرتهم على صرف المرتبات من الإيرادات التي يتحصلون عليها، لكنهم يريدون سرقة كل ما بيدهم وتحميل الحكومة اليمنية والمملكة العربية السعودية فاتورة دفع المرتبات في مناطق سيطرتهم. على أن يتم الصرف بنظرهم وبواسطتهم ليضربوا ثلاثة عصافير بحجر.

المكسب الأول: الاستحواذ على مليارات الدولارات من إيرادات ميناء الحديدة والضرائب والزكاة والاتصالات والجمارك والواجبات وغيرها من الأوعية الإيرادية ويستخدمون هذه الثروة الطائلة في إثراء عناصر السلالة وتشييع اليمنيين وشراء الذمم وإنشاء جيش طائفي مهمته تحقيق طموح الجماعة الخمينية في إيران. تخيلوا المشهد فقط: عصابة عرقية تستحوذ على ميزانية دولة بأكملها.

اقرأ أيضاً تحذيرات من الصواعق الرعدية بسبب الأمطار في 15 محافظة خلال الساعات القادمة شقيق طارق صالح: هؤلاء هم قادتنا الذين رسموا طريق العزة والكرامة (الأسماء) لجنة تحقيق برلمانية تفضح مسؤولًا في الشرعية قدم خدمة تأريخية للمليشيات الحوثية مليشيا الحوثي تنعي عددًا من ضباطها بعدما فتكت بهم قوات الجيش ذوبان كتلة الثلج في صنعاء ! قفزة جديدة للعملات الأجنبية .. وانهيار متسارع للريال اليمني درجات الحرارة المتوقعة في مختلف المحافظات اليمنية اليوم الأحد تفاصيل اعتقال مسؤول أمني في الشرعية وإيداعه السجن قصة مجلي مقيم يمني بالسعودية يقارن بين صلاة الجمعة في مساجد المملكة وجوامع سيطرة الحوثي بصنعاء ”فيديو” دليل جديد على أن الحوثي والسلالة من أحفاد الجيش الفارسي الذي قدم اليمن لنصرة سيف بن ذي يزن ”شاهد” قبيلة ”ذو حسين” تمهل ميليشيا الحوثي لتسليم عناصرهم المتورطة بقتل وجرح أثنين من أبنائهم

سبق وأشارت دراسة هامة صادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بعنوان «اقتصادات الميليشيات المسلحة في المنطقة العربية: جماعة أنصار الله الحوثي نموذجا»، إلى أن الحوثيين استخدموا وسائل مختلفة للهيمنة على اقتصاد المؤسسات الحكومية والخاصة وتحويلها لصالح عملياتها الحربية واثراء عناصرها، كما رجحت بأن النخبة الاقتصادية الحوثية ستكون الأكثر ثراءً في اليمن بل ربما تكون أغنى من أي حكومة يمنية قادمة إذا استمر الوضع كما هو وفي حال حدثت تسوية بين الأطراف.

المكسب الثاني: تهدئة الشارع الناقم عليهم من خلال صرف مرتبات تقدمها الحكومة اليمنية والمملكة العربية السعودية.

المكسب الثالث: في حال تم تسليم المرتبات للحوثيين لتقوم هذه العصابة بصرفها للموظفين، فسوف تتحول هذه الأموال إلى وسيلة جديدة لإخضاع اليمنيين وابتزازهم وحوثنتهم وتشييعهم، فضلا عن سرقة جزء كبير منها وصرفه لعناصرها المتواجدين في كل مؤسسات الدولة.

لكن هل ينتهي كل شيء ويستقر الأمر للحوثيين؟!

ربما تتراجع حدة الانتقادات للحوثيين قليلا في حال تم صرف المرتبات، لكن لفترة وجيزة ثم تعود من جديد وبشكل مكثف.. لماذا؟!

الحوثيون بلا شعبية في الأوساط اليمنية، ولا يمكن لهُم أن يكونوا قوة وينجحوا في إخضاع المجتمع الذي يرفضهم إلَّا باستخدام طرق غير مشروعة من بينها استقطاب «فئة المنحرفين» (عناصر السلالة المؤيدة لخرافة التميُّز العِرْقي والانتهازيين واللصوص والفاسدين وقطاع الطرق والمُهرِّبين وأصحاب السوابق) فضلًا عن استغلالهم لكثير من الضحايا والأبرياء والبسطاء نتيجة الجهل والفقر. وعندما ينجحون في السيطرة على الحُكم، تتحول العناصر المنحرفة في المجتمع إلى قيادات ومسؤولين في المؤسسات والمناطق، ما يعني انتشار الجريمة، وتفشَّى الفساد المالي والإداري على أيديهم. وحتى لو افترضنا أنَّ أيَّة قيادات حوثية حاولت مواجهة هذا الفساد الفاضح حفاظا على صورة الجماعة أمام المجتمع اليمني والمتابع غير اليمني، ستجد نفسها مضطرة للدخول في مواجهة مع مكوناتها وجيشها من المنحرفين واللصوص الذين كانوا سببًا في سيطرتها على الحُكم، وهذا يعني حتمية انهيارها وسقوطها. ولهذا أصَّلت الإمامة منذ البداية لجواز التعايش مع الفاسدين والفاسقين -بحسب وصف أئمتهم- وإعطائهم أدوارا وظيفية في الحكم وتوزيع المال والأراضي والعطايا والمصالح لهُم وغض الطرف عن فسادهم، مستخدمين مُبرِّرات ولافتات مختلفة على رأسها دَرْء المفاسد الأعظم والأخطر، وهذا واضح في قولهم: «وما ذاك إلَّا لتحصيل ما يتألف به الأجناد، أو يسدُّون به خلّتهم، أو يتألفهم لدفع المفسدة التي تولد من خذلانهم» (تفاصيل ومصادر أكثر في كتاب الجريمة المركبة)، وهذا الطرح يتطابق مع مُبرِّرات بعض قيادات الحوثي التي يضعونها عندما يطالبهم عامة الناس بمكافحة الفساد اليوم، فمواجهة الفساد تعني مواجهة أنفسهم، ولهذا يقولون لأنصارهم بأنَّ محاكمة الفاسدين «ستتسبَّب بشرخ في الجبهة الداخلية» بحسب محمد المقالح عضو اللجنة الثورية العُليا التابعة للحوثيين، والذي استنكر في أكثر من مناسبة فساد الحوثيين، وسخر مِمَّن يقول بأنَّ مكافحة الفساد ستتسبَّب في فتنة داخل الجماعة( ).

وهذا أمر مفهوم، لأنَّ جماعة الحوثي قائمة على الفساد والفاسدين، وإن سقطوا، سقطت معهم. وفي اعتقادي أن شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني كان يدرك هذه الحقيقة عندما وصف حكم السلالة الإمامية لليمن قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م بأنه كان قائما على مجموعة من اللصوص والمجرمين، فقال:

وتظلم شعباً على علمه
ويُغضبها أنّه يعلم

وهل تختفي عنه وهي التي
بأكباد أمّته تولِم؟

وأشرف أشرافِها سارق
وأفضلهم قاتل مجرم

لكن لماذا الحُكم الإمامي في اليمن يُعتبَر بيئة خصبة لانتشار الفساد؟

إضافة لقيام الحوثيين باحتواء الانتهازيين والمجرمين واللصوص وقُطَّاع الطُرُق والمُهرِّبين لزيادة سوادهم وتسريع عملية إخضاع الناس، فقد ساندهم كثير مِمَّن ينتمون إلى السلالة التي قَدِمَت إلى اليمن قديمًا وادَّعت بأنَّها الأحقُّ بحُكم اليمنيين، سواء كانت هذه الأسَر تسكن في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب، زيدية أو شافعية أو صوفية أو لادينية.

الحكم الإمامي قائم على سلالة ترى بأنها مُميَّزة بناء على نظرية دينية خاصة بها (الولاية)، وبناء على ذلك فان على اليمنيين أن يُقدِّسوها، ولن ينالوا رضا الله عَزَّ وجَلَّ إلَّا إذا أحبُّوا أفراد هذه السلالة وأطاعوها وفضَّلوها على كُلِّ شيء حولهم. فالسلطة لها بشكل مُطلق، ولها خمس ثروات اليمنيين ومداخيلهم، كما على اليمنيين أن يتبرَّكوا بها ويُميِّزوها في المجالس واللقاءات، ولا يُسْمَح لمَن لا ينتمي إليها بالزواج منها.

يختلف الحكم الإمامي عن النظام الملكي. ذلك لأنَّ الأوَّل حكم ثيوقراطي كهنوتي يستعبد اليمنيين باسم الدين وأكذوبة الحق الإلهي أوَّلًا. ثانيًا لأنَّ الإمامة قائمة على حُكم السلالة العرقية وليس الأسرة. في دول مختلفة، تحكم أسَر ملكية مُعَيَّنة وأعداد مَن ينتمون إليها قليل جدًّا ضِمْن نظام ملكي يُعطي مناصب محدودة للغاية لمَن ينتسب للأسرة المالكة، فيما عدا ذلك يشترك كافة أفراد المجتمع ومُكوِّناته في إدارة وتسيير مؤسسات البلاد. لكن الإمامة في اليمن يعني حُكم الأقلية السلالية بالمُطلق.

بناءً على نظرية البطنين الإمامية في اليمن، فإنَّ كُلَّ فرد من أفراد هذه السلالة هو ملك وحاكم ورئيس وقائد ومدير وصاحب المال والجاه والسلطة في المكان الذي يتواجد فيه وفق معتقدها الديني العنصري. وإذا كان عدد هذه السلالة 200 ألف شخص مثلًا، فكُلُّ فرد منهم يعتبر ملكًا على المنطقة التي يعيش فيها أو المؤسسة التي يعمل بها على أساس إقصاء بقية اليمنيين ليبقوا مجرد تابعين بلا حيلة أو أي تأثير.

ولتبسيط المسألة أكثر.. قبل سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، كانت هذه السلالة مثلها مثل بقية اليمنيين متواجدة في كُلِّ مؤسسات الدولة. وزراء ووكلاء ومدراء إدارات وقيادات عسكرية وصحفيين وتجار ورجال أعمال وأطباء وقيادات حزبية. لم تتعرض للإقصاء، بل رُبَّما كانت أوفر حظًّا في الحصول على المناصب بسبب التعليم العالي الذي حصلت عليه في المراحل السابقة. لكن وبمجرد ما سيطرت على صنعاء عسكريا، قامت بتسريح مَن لا ينتمي لسلالتها من المناصب المدنية والعسكرية العُليا والمتوسطة، وعملت على استهداف مُمنهَج لرجال الأعمال وإنشاء قطاع خاص بها كما أشرنا في الأبواب السابقة، بل استهدفت المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني المحلية التي لا ينتمي أصحابها إلى نفس السلالة في واحدة من أبشع صور الفصل العنصري في الوقت الحاضر.

فمنصب الرئيس والوزير والوكيل والمدير العام ورئيس القسم وقادة الجيش والألوية والكتائب والسرايا وكل المناصب القيادية العسكرية والمدنية والتجارية والثقافية يجب أن تكون أوَّلًا للسلالة، ومَن جاء من خارجها تربطه علاقة مصاهرة أو ولاء مُطلق ليستخدم كغطاء لتمكينها لا أكثر.

تجد مَن ينتمون للسلالة ويسكنون في عواصم المدن أو في جبال المحويت الشاهقة، أو وديان تهامة أو هضاب إب أو تعز أو أقصى الجوف النائية هُم أصحاب المكانة والجاه والسُلطة والأموال والأراضي والمناصب والتجارة، ويتحكمون بكُلِّ صغيرة وكبيرة، مقابل أغلبية اليمنيين الذين ليس لهُم حول ولا قوة، ويعيشون على فتات ما يُرْمَى لهُم، وهذا الأمر لا يمكن أن تراه في أيَّة دولة ملكية. فعدد الأسرة الحاكمة في الدول الملكية قليل جدًّا، وتُعطَى لهُم مهام ووظائف محدودة جدًّا، وتترك باقي مناصب الدولة لبقية مكونات الشعب.

ولأنَّ السُلطة الممنوحة لهذه السلالة تُعتبَر إلهية ومستمدة من الدين بحسب اعتقاد الحوثيين، فإنَّ أتباع هذه الجماعة لا يخضعون لأيَّة عملية رقابية، ولا يقبلون مبدأ الشفافية، ولا يُسْمَح بمحاسبتهم، بالرغم من حديثها المُتكرِّر عن مكافحة الفساد والرقابة والمُحاسَبة. ومَن ينتقدها يُعتبَر عميلًا ومُرتزِقًا وخائنًا وطابورًا خامسًا. وبسبب إضفاء هالة من القداسة على بعض الأشخاص ممن بيدهم مقاليد الأمور، تصبح عملية مكافحة فسادهم كفرا وضلالا بل ومواجهة مع الله تعالى و«ارتهان للشيطان» في نظر أتباعهم.

هذا الواقع الذي يتكرَّر منذ أن جاء يحيى الرَسِّي مع جيش الطبريين إلى اليمن حتى اليوم، وكان من أهم الأسباب التي أدَّت إلى عدم استقرار الفترات التي حكم فيها الأئمة بطبيعة الحال. رُبَّما يتحمّل المواطن فساد النخبة السياسية والحكومات إلى حين، لكنَّهُ لا يستطيع التعايش مع فساد ولصوصية عِرْقية بأكملها تستمر إلى ما لا نهاية تحت تهديد السلاح واستغلال الدين. فالموظف الحكومي يشاهد بأنَّ الوزراء والوكلاء ومدراء العموم ورؤساء الأقسام والوحدات ينتمون لسلالة واحدة.. والجندي يشاهد الوزير والرتب العسكرية والاستخباراتية والأمنية والمواقع القيادية الكبيرة والصغيرة كُلّها تذهب لصالح أفراد من ذات السلالة..

والمواطن في الحي والقرية يشاهد عاقل الحي وشيخ الحارة والأمين الشرعي ومدير قسم الشرطة والمباحث والمسؤول عن توزيع سلعة غاز الطهي وفواتير الكهرباء ينتمون لنفس السلالة أو المقربين منها.

والتاجر ورجل الأعمال الذي يشاهد الاستهداف المُمنهَج لهُم من قبل هذه الجماعة لدفعهم للإفلاس أو مغادرة اليمن أو الدخول معهم في شراكة غير عادلة، وفي المقابل مُنِحَ التجار ورجال الأعمال الذين ينتمون للسلالة كُلَّ الامتيازات والتسهيلات والدعم والقروض من أجل تنمية أنشطتهم التجارية المتناسلة. كذلك الحقوقي والإعلامي يشاهد هذه السُلطة السلالية وهي تغلق منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام التي يرأسها يمنيون لا ينتمون لها، ويُنشئون منظمات ووسائل إعلام خاصة بهم.

تاريخيًّا، كانت هذه الممارسات العنصرية وعمليات السطو على مُقدَّرات اليمنيين أحد أسباب الغضب الشعبي المُتكرِّر والذي كان يتحوَّل إلى ثورات مُستمِرَّة ضد الحكم الإمامي، ولهذا لم تستقر اليمن منذ فترة طويلة.

وقد أشارت المؤرخة الروسية إيلينا جولوبوفسكايا لهذه المسألة باقتضاب شديد في سياق حديثها عن دوافع الشعب اليمني لإنجاز ثورة 26 سبتمبر 1962م، ضد نظام الحكم الإمامي العنصري بقولها: «وكان أحد الأسباب التي أدَّت إلى الثورة في البلاد، تطلُّع طبقات المجتمع اليمني المختلفة إلى اجتثاث سُلطة الأئمة الأوتوقراطية الإقطاعية، وطغمة السادة التي أعاقت تطوُّر الحياة الاقتصادية والاجتماعية، والتي أبقت البلاد في مستوى البلدان الأكثر تخلُّفًا، والدول العتيقة في العالم»( ).

ما سبق بعض الأسباب التي تجعل استقرار سيطرة الحكم السلالي مسألة صعبة للغاية.. لأن الاستقرار مرتبط بالحفاظ على كرامة اليمني وليس توفير الرغيف وحسب.

المصدر: المشهد اليمني

كلمات دلالية: الغضب الشعبی فی الیمن ن ینتمون

إقرأ أيضاً:

تحقيق إسرائيلي: ما هي شركات الطيران التي لا تزال تحلق فوق اليمن وإيران؟ (ترجمة خاصة)

على الرغم من التهديدات، كشف تحقيق إسرائيلي عن مواصلة بعض شركات الطيران جدولة رحلاتها عبر المجال الجوي لإيران والعراق واليمن، وهي مناطق معرضة لخطر كبير من إطلاق الصواريخ والهجمات الإرهابية.

 

وبحسب التحقيق الذي أجرته صحيفة معاريف وترجمه للعربية "الموقع بوست" أن عددًا كبيرًا من شركات الطيران لا تزال تعمل فوق إيران والعراق واليمن، بينما تتجنب معظم شركات الطيران الغربية وأمريكا الشمالية باستمرار الطيران في هذه المناطق خوفًا من استهداف طائراتها.

 

وحسب التحقيق لا تزال شركات الطيران من الشرق الأوسط وروسيا، وحتى أجزاء من آسيا وأوروبا، تتبع مسارات منتظمة هناك. بعضها يفعل ذلك باستخدام ما يُعرف بـ "الرحلات الجوية عالية الارتفاع"، أي التحليق فوق ارتفاع 32,000 قدم، على أمل أن يقلل ذلك من خطر التعرض للصواريخ.

 

يشير التحقيق إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع دولًا مثل إسرائيل والولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة إلى حظر الطيران فوق إيران ليس فقط التهديد المباشر بهجوم صاروخي، بل أيضًا الخطر الاستراتيجي الأوسع المتمثل في التصعيد الأمني في المنطقة.

 

وقال إن البرنامج النووي الإيراني واحتمال تصاعد التوترات التي قد تؤدي إلى عمل عسكري أو رد إيراني انتقامي يجعلان المجال الجوي الإيراني متقلبًا بشكل خاص.

 

في مثل هذا السيناريو، قد تجد طائرة مدنية تحلق عبر المجال الجوي الإيراني نفسها في منطقة صراع نشطة أو تُستهدف عن طريق الخطأ من قِبل أنظمة الصواريخ. علاوة على ذلك، فإن أي هبوط اضطراري في إيران - سواءً بسبب مشكلة طبية أو عطل فني - قد يُعرّض الطائرة وطاقمها، وخاصةً الركاب الإسرائيليين والأمريكيين والأوروبيين، لمخاطر جسيمة، بما في ذلك الاعتقال والاستجواب، أو حتى الابتزاز السياسي. وفق التحقيق.

 

في السنوات الأخيرة، أظهرت عدة حوادث كيف يُمكن للهبوط الاضطراري في دول معادية أن يُشعل فتيل الأزمات. من الأمثلة البارزة على ذلك إجبار طائرة رايان إير على الهبوط في بيلاروسيا، والتي استخدمها النظام آنذاك كأداة. في إيران نفسها، استُخدم مواطنون أجانب سابقًا كورقة مساومة. التهديد في مثل هذه الحالات ليس عمليًا فحسب، بل سياسيًا أيضًا. ومن الأمثلة المروعة للإسرائيليين الحلقة الافتتاحية من مسلسل "طهران"، حيث أُجبر إسرائيليان على الهبوط اضطراريًا في طهران، ثم استُجوبا تحت التهديد والتعذيب.

 

اليمن: خط أحمر واضح

 

يقول التحقيق "تُصنّف معظم هيئات الطيران الدولية المجال الجوي اليمني على أنه محظور تمامًا. تفرض إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA)، بموجب اللائحة SFAR 115، حظرًا تامًا على التحليق فوق اليمن. كما تدعو دول أوروبية مثل المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا إلى تجنب التحليق فوق اليمن تمامًا".

 

وزاد "اليمن في خضم صراع عسكري، وتواصل منظمة الحوثي الإرهابية إطلاق صواريخ متطورة، بما في ذلك باتجاه إسرائيل. تكاد لا تُحلّق أي شركة طيران تجارية فوق اليمن، باستثناء مسارات نادرة بعيدة عن الساحل فوق البحر الأحمر".

 

وتابع "في بعض الحالات، تسمح الجهات التنظيمية بالرحلات الجوية فوق العراق أو حتى إيران - ولكن فقط على ارتفاعات عالية جدًا، عادةً ما تتجاوز مستوى الطيران 320 (32,000 قدم). يُعتبر هذا بعيدًا عن متناول الصواريخ المحمولة على الكتف وأنظمة الدفاع الجوي الأساسية. ومع ذلك، فهو لا يحمي من الصواريخ الباليستية أو أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، كما أظهرت الحوادث السابقة".

 

كما هو متوقع، حسب التحقيق لا تُحلّق شركات الطيران الإسرائيلية - العال، ويسرائير، وأركيا، وحيفا للطيران - فوق أي دول معادية. حتى في الرحلات المتجهة إلى الشرق الأقصى، تمر عبر قبرص، وتركيا، وجورجيا، أو أذربيجان، متجاوزةً إيران والعراق تمامًا. بما أنه لا يُسمح لهم بالهبوط في دول العدو، فإن أي خطر من حدوث عطل فني يستلزم تجنب تلك المناطق تمامًا.

 

من يحلق فوق إيران؟

 

يُعتبر المجال الجوي الإيراني، المعروف بمنطقة معلومات الطيران في طهران، خطيرًا للغاية منذ إسقاط إيران طائرة ركاب أوكرانية بصاروخ في يناير 2020.

 

ورغم ذلك، تواصل العديد من شركات الطيران من الشرق الأوسط وآسيا، وحتى أوروبا الشرقية، التحليق فوق إيران يوميًا. تُسيّر طيران الإمارات وفلاي دبي رحلات مباشرة إلى طهران من الجنوب. واستأنفت الخطوط الجوية القطرية تسيير رحلاتها عبر العراق وإيران، بما في ذلك رحلات إلى كاتماندو ودلهي وكوالالمبور.

 

الرحلات التي تعبر إيران هي في المقام الأول تلك التي تسافر بين أوروبا الغربية وجنوب آسيا أو الشرق الأقصى. ومن أبرز هذه المسارات:

 

جنوب شرق، مرورًا بطهران، يزد، وكرمان.

 

المسار L124 - يعبر وسط إيران في منطقة زاهدان، ويستمر إلى باكستان، عُمان، أو الهند.

 

هذه المسارات أقصر بكثير من الطرق الالتفافية عبر الخليج، القوقاز، أو المملكة العربية السعودية.

 

ما هي شركات الطيران التي تستخدم المجال الجوي الإيراني؟

 

طيران الإمارات

 

فلاي دبي

 

الخطوط الجوية القطرية

 

الخطوط الجوية التركية

 

خطوط بيغاسوس الجوية

 

إيروفلوت

 

الخطوط الجوية الأوزبكية

 

الخطوط الجوية الصربية

 

طيران الجزيرة

 

العربية للطيران

 

كام للطيران (أفغانستان)

 

ماهان للطيران (إيران)

 

الخطوط الجوية السورية

 

ما هي شركات الطيران التي تتجنب إيران تمامًا؟

 

لوفتهانزا، الخطوط الجوية السويسرية، الخطوط الجوية النمساوية

 

الخطوط الجوية البريطانية

 

كيه إل إم

 

الخطوط الجوية الفرنسية

 

إيبيريا

 

فين إير

 

الخطوط الجوية الإسكندنافية (ساس)

 

فيرجن أتلانتيك

 

الخطوط الجوية الأمريكية

 

يونايتد إيرلاينز

 

خطوط دلتا الجوية

 

وطبقا للتحقيق فإن الخطوط الجوية الإسرائيلية (إل عال، يسرائير، أركيا، حيفا للطيران) - أيضًا لا تحلق فوق إيران أو العراق أو اليمن.

 

وخلص التحقيق إلى ان معظم شركات الطيران العالمية الكبرى تتجنب التحليق فوق إيران واليمن والعراق. مع ذلك، إذا كنت قلقًا، يُنصح بزيارة موقع شركة الطيران الإلكتروني لمراجعة المسار المُخطط له قبل حجز رحلتك.


مقالات مشابهة

  • رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن
  • اليمن.. الحكومة تطالب بموقف داخلي وخارجي لمواجهة مهزلة استمرار ضح الحوثيين عملات مزوّرة
  • هذا ماجاء في شهادة القربي بشأن تحالف الرئيس اليمني الأسبق مع الحوثيين 
  • شعار حكومة السوداني على المحك تحت وطأة الغضب الشعبي
  • عضو في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين يتعرض لذبحة صدرية إثر استمرار اختطاف الحوثيين لنجله في ذمار
  • تحقيق إسرائيلي: ما هي شركات الطيران التي لا تزال تحلق فوق اليمن وإيران؟ (ترجمة خاصة)
  • البنك المركزي يوقف تراخيص خمس شركات صرافة مخالفة في اليمن
  • هتافات اليمنيين تزلزل الصمت العربي .. ثورة الشعب اليمني ضد إبادة غزة تدخل مرحلة جديدة وهذه تفاصيلها
  • ابحث هنا.. القائمة أخبار قصيرة مؤتمر #حضرموت الجامع: ما تعرضت له اللجنة البرلمانية في #المكلا من تضييق ومنع وعرقلة يكشف عن جهات نافذة في السلطة المحلية تسعى للتستر على الفساد. 09:39 مساءً - الثلاثاء, 22 يوليو, 2025 رئيس الوزراء اليمني: استمرار وجود مقرات
  • البنك المركزي اليمني يوقف 5 منشآت صرافة