إيران والسعودية.. مساران متناقضان في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
تُعد كلٌ من جمهورية إيران الإسلامية والمملكة العربية السعودية قوتين إقليميتين بارزتين في منطقة الشرق الأوسط، ورغم انتمائهما الجغرافي والديني إلى نفس المحيط الإسلامي، إلا أن المسار السياسي لكل منهما يُظهر تناقضًا حادًا في التوجهات والرؤى والدور الإقليمي.
التوجه السياسي والديني
تحمل إيران صفة الإسلام في اسمها لكنها تنتهج سياسة طائفية توسعية تقوم على التدخل في شؤون الدول العربية، ودعم الميليشيات المسلحة ذات الطابع الطائفي ما يهدد أمن واستقرار المنطقة، في المقابل تتبنى المملكة العربية السعودية بقيادة ولي العهد قائد النهضة، توجهًا دينيًا قائمًا على الاعتدال مستمدة مكانتها من احتضانها للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
الدور الإقليمي والتدخلات الخارجية
اتّبعت إيران سياسة توسعية تمثلت في دعم جماعات مسلحة في اليمن مليشيات الحوثية ولبنان حزب الله وسوريا والعراق مليشيات وهو ما ساهم في زعزعة الاستقرار وتأجيج النزاعات وتدمير الاقتصاد في تلك الدول. أما السعودية فتسير في مسار دبلوماسي متزن يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي وبناء شراكات استراتيجية ودعم الحلول السلمية للنزاعات خاصة في العالمين العربي والإسلامي.
الاقتصاد والرؤية المستقبلية
تعيش إيران أزمة اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات الدولية والاعتماد المفرط على النفط وضعف البنية الاقتصادية الداخلية. ما انعكس سلبًا على معيشة المواطن الإيراني وأدى إلى تدهور العملة وارتفاع مستويات الفقر.
في المقابل أطلقت السعودية رؤية 2030 الطموحة والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتطوير قطاعات مثل السياحة والتعليم والتقنية عبر مشاريع استراتيجية عملاقة كـ نيوم وجذب الاستثمارات العالمية مما أحدث نقلة نوعية في الاقتصاد السعودي.
الوضع الداخلي والإصلاحات
تشهد إيران اضطرابات داخلية واحتجاجات متكررة نتيجة القمع السياسي وتدهور الأوضاع المعيشية وانعدام الحريات ما أدى إلى فقدان الثقة بين الشعب والنظام. بينما تنعم السعودية باستقرار داخلي بفضل إصلاحات يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شملت تمكين الشباب والمرأة وتحديث البنية الاجتماعية والاقتصادية وسط دعم شعبي واسع لهذه التوجهات.
النهج الثقافي والاجتماعيتعتمد إيران خطابًا طائفيًا يزرع الانقسام ويشعل الفتن في محيطها فيما تسعى السعودية إلى نشر ثقافة الاعتدال وتشجيع التعايش بين الأديان والثقافات ضمن رؤية منفتحة على العالم تركز على السلام والتنمية.
يتضح من خلال هذه المقارنة أن إيران تتبنى سياسة تصادمية ترتكز على التدخلات الطائفية في حين تركز السعودية على التنمية والاستقرار والحوار مما يجعلها نموذجًا مختلفًا لمسار بناء الدولة في منطقة شديدة التعقيد والتحديات.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية الأمريكي: ترامب جعل التوصل إلى اتفاق مع إيران أولوية قصوى
إيران: شحن اليورانيوم عالي التخصيب للخارج إذا رُفعت العقوبات الأمريكية
الرئيس الإيراني يفتح النار على ترامب: «الشهادة أحلى من الموت على السرير»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: المملكة العربية السعودية منطقة الشرق الأوسط لبنان حزب الله جمهورية إيران الإسلامية إيران والسعودية
إقرأ أيضاً:
ترامب يخفّض مكانة نتنياهو إلى مشاهد خلال جولته في الشرق الأوسط
شددت صحيفة "فايننشال تايمز"، على أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لطالما تفاخر بأنه يحظى باهتمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولكن مع جولة الأخير في الشرق الأوسط هذا الأسبوع، ليس من الواضح ما إذا كان لا يزال ينصت إليه.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن حماس أطلق سراح الأسير الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر من غزة بعد مفاوضات تجاوزت نتنياهو، الذي لم يُبلّغ رسميا إلا بعد نجاحها. وكتب ألكسندر على سبورة بيضاء أثناء نقله بطائرة هليكوبتر إلى المستشفى: "شكرا لك أيها الرئيس ترامب".
والثلاثاء، رفع ترامب العقوبات عن سوريا، مُرتّبا اجتماعا في اليوم التالي في الرياض مع رئيسها الجديد أحمد الشرع، الذي أدانته إسرائيل ووصفته بـ"الجهادي الخطير"، فيما وصفه ترامب بأنه "شاب، جذاب. مقاتل".
كان ترامب قد انفصل بالفعل عن نتنياهو على جبهة أخرى عندما أعلن هدنة في 6 أيار/ مايو مع جماعة أنصار الله "الحوثي" في اليمن، التي كانت تستهدف السفن في ممرات الشحن في البحر الأحمر.
وبحسب التقرير، فإن هذا ترك دولة الاحتلال الإسرائيلي تقاتل الحوثيين وحدها. ومنذ ذلك الحين، أطلق الحوثيون ثلاثة صواريخ باليستية على إسرائيل، مرتين أثناء وجود ترامب في السعودية.
وكان يخيم على كل ذلك صدع أكبر، وفقا للصحيفة، وهو قرار ترامب بالسعي إلى مفاوضات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي، مما جعل نتنياهو مجرد متفرج على القضية الحاسمة في رئاسته، وهي قضية سبق أن تجادل بشأنها مع رئيسين أمريكيين.
ونقلت الصحيفة عن مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، قوله "بالتأكيد لا يبدو أن ترامب يصغي إلى نتنياهو الآن - وإذا كان يصغي إليه، فليس بعقله وقلبه".
تدور جولة ترامب بشكل كبير حول المصالح الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك المكاسب الاقتصادية. وأضاف أورين: "ليس لدى إسرائيل تريليون دولار لاستثمارها في الولايات المتحدة. السعوديون والقطريون هم من يملكون ذلك".
ولفتت الصحيفة إلى أنه في ظل تقلبات رئاسة ترامب، قد لا يكون لأي من هذا أهمية في نهاية المطاف. فقد عزز الرئيس الأمريكي مكانة نتنياهو مرارا وتكرارا بسخائه السياسي، بما في ذلك دعوته ليكون أول زعيم أجنبي يزوره في البيت الأبيض في ولايته الثانية.
لا يزال ترامب يردد إلى حد كبير خطاب نتنياهو بشأن حماس، حتى أنه يدعم قرار رئيس الوزراء بمنع دخول الغذاء إلى غزة. وقد تفشل المحادثات مع إيران، مما يعيد ترامب إلى التوافق مع نتنياهو.
لكن بينما يسعى ترامب إلى بناء علاقات تجارية مع قادة العالم، رفض نتنياهو منح الرئيس الأمريكي أمرا كان يسعى إليه بوضوح: إنهاء سريع لحرب غزة، مما قد يُطلق سراح ما يصل إلى 20 أسير إسرائيليا على قيد الحياة من أسر حماس، ومن المرجح أن يزور عدد قليل منهم البيت الأبيض لتقديم الشكر لترامب شخصيا.
ونقلت الصحيفة عن شخص ساعد في ترتيب زيارة أسرى أُطلق سراحهم في وقف إطلاق نار سابق إلى البيت الأبيض، قوله إن "الأمر لا يتعلق بالسياسة.. ترامب يهتم حقا بالرهائن وبحريتهم".
ولفت التقرير إلى أن ترامب توجه إلى الدوحة يوم الأربعاء ليُحتفى به من قِبل مملكة اتهمها نتنياهو قبل أقل من أسبوعين بـ"اللعب على الحبلين" في شأن غزة ورفض الانحياز ضد "همجية حماس". وعندما سُئل في طريقه عما إذا كانت رحلته قد همّشت إسرائيل، نفى ترامب ذلك.
وقال ترامب: "هذا أمر جيد لإسرائيل، أن تكون لديّ علاقة مثل تلك التي أتمتع بها مع هذه الدول؛ دول الشرق الأوسط، جميعها تقريبا. أعتقد أنه أمر جيد جدا لإسرائيل".
أدى رفض نتنياهو إنهاء الحرب في غزة إلى عجز ترامب عن المضي قدما في إنجازه الأبرز في السياسة الخارجية منذ رئاسته الأولى، وهو "اتفاقيات أبراهام"، وفقا للصحيفة.
بينما طبّعت الإمارات والبحرين العلاقات مع "إسرائيل" بناء على حث ترامب في عام 2020 بموجب هذه الاتفاقيات، صمدت السعودية، مطالبة على الأقل بمسار يؤدي إلى دولة فلسطينية.
في الرياض، عندما ذكر ترامب "اتفاقيات أبراهام"، ساد الصمت القاعة، مما يؤكد استحالة انضمام السعودية إلى الاتفاقيات حتى يُنهي نتنياهو حرب غزة.
في الوقت نفسه، ومن خلال دعم قرارات ترامب بمواصلة المحادثات مع إيران وتخفيف التوترات مع سوريا، يمكن لدول الخليج العملاقة "تعزيز رؤية ترامب لنفسه، كصانع سلام، شخص يُنهي الحروب، ويساعده على تحقيق رؤيته الأعظم - تعزيز اتفاقيات أبراهام والفوز بجائزة نوبل"، كما قال أورين للصحيفة.
على الرغم من أن ترامب لن يزور إسرائيل - التي تبعد مسافة قصيرة - في هذه الرحلة، إلا أن الدائرة المقربة من نتنياهو "لم تكن في حالة هستيرية" بسبب الانقسامات الظاهرة، وفقا لشخص مطلع على الأمر.
لكنهم "لا يحبون ذلك وهم غير راضين"، كما اعترف هذا الشخص للصحيفة.
كان آخرون أقل تفاؤلا. قال دودي أمسالم، الوزير من حزب "الليكود" الذي يتزعمه نتنياهو، لإذاعة إسرائيل يوم الثلاثاء إن الطريقة التي تم بها التوصل إلى صفقة إطلاق سراح ألكسندر "كانت غير صحيحة بشكل واضح، على أقل تقدير. أتوقع من الإدارة الأمريكية أن تنسق هذا الأمر مع الحكومة الإسرائيلية".
وفيما يتعلق بقضية الحوثيين، أضاف: "اتضح أن [ترامب] لا يمكن التنبؤ بتصرفاته. إنه يستيقظ كل صباح على جانب مختلف".
على متن طائرته، كان ترامب كريما تجاه إسرائيل لكنه لم يذكر نتنياهو، وفقا للتقرير. وعندما سُئل عن الفضل الذي تستحقه إسرائيل في إطلاق سراح الرهينة الأمريكي، قال: "أعتقد أنهم يستحقون الكثير من الفضل، وربما أكثره".
لكنه أضاف: "لولانا لما كان [حرا] - لما كان على قيد الحياة الآن. وقد أطلقنا سراح عيدان".
وفيما يتعلق بسوريا، قال ترامب إنه أخذ بنصيحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يكنّ عداء دائما لنتنياهو، وأنه أبلغ إسرائيل فقط - بدلا من استشارتها.
وقال ترامب: "أعني، لقد أخبرناهم أننا سنفعل ذلك"، مضيفا أن أردوغان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "رأوا أنه من المهم القيام بذلك".
وفي لقاء خاص، قال شخص مطلع على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية: "لم يكن نمط نتنياهو رائعا، فقط في الأسبوعين الماضيين".
وقال الشخص ذاته للصحيفة، "لقد منح ترامب بيبي مساحة كبيرة بشأن حرب غزة. السؤال هو إلى متى سيستمر ذلك؟".
وأشار التقرير إلى أن الفجوة بين الرجلين بشأن إيران تحمل في طياتها إمكانية أن تكون أوسع بكثير. وقد أظهر ترامب بوادر على التفكير في صفقة تسمح لإيران بالاحتفاظ ببعض القدرة النووية المحلية، بما في ذلك التخصيب على المستويات المدنية.
يريد نتنياهو تفكيك جميع أنشطة طهران النووية. في عام 2018، أقنع ترامب بإلغاء اتفاق سابق، بحجة أن إيران تستخدم برنامجها المدني غطاء لتخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية.
في الجولة الأخيرة من المحادثات في مسقط، ربما تكون الولايات المتحدة قد شددت موقفها، وفقا لشخص مطلع على التفاصيل، ليكون أكثر انسجاما مع وجهة نظر إسرائيل القائلة بأنه لا ينبغي السماح لإيران بتخصيب أي مواد نووية.
وقال الشخص ذاته للصحيفة "لقد تم الإيضاح للإيرانيين أن هذا خط أحمر بالنسبة للولايات المتحدة. لكن هل ستلتزم الولايات المتحدة بهذا؟"، وأضاف "لست متأكدا. لكن من المرجح أن يُشعر هذا نتنياهو بالارتياح".