عام قياسي للسياحة المصرية.. هل يعكس الإمكانات الحقيقية للبلاد؟
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
القاهرة- واصل قطاع السياحة في مصر مسيرة النمو التصاعدي للعام الرابع على التوالي، محققًا مستويات قياسية جديدة تؤكد التعافي التدريجي والجاذبية المتزايدة للمقصد السياحي المصري.
وسجلت إيرادات السياحة في مصر خلال عام 2024 قفزة ملحوظة بنسبة 9% على أساس سنوي، محققة مستوى قياسيًا بلغ 15.3 مليار دولار، بالتزامن مع زيادة عدد السائحين بنسبة 5% ليصل إلى 15.
ورغم هذه الأرقام الإيجابية التي تعكس تعافي القطاع، فلا يزال المراقبون يرون أن الإمكانات السياحية الهائلة التي تزخر بها مصر من مقاصد أثرية فريدة وتنوع طبيعي خلاب، تستدعي تحقيق معدلات نمو أكبر.
تُعد مصر، بما تمتلكه من آثار فريدة وشواطئ خلابة ومناظر طبيعية متنوعة، من أكثر الدول المؤهلة لجذب أعداد أكبر من السياح وتحقيق إيرادات سياحية تفوق المستويات الحالية. ومع اقتراب موعد حدث استثنائي مرتقب في الثالث من يوليو/تموز المقبل، تتزايد التوقعات بتحقيق طفرة جديدة في القطاع السياحي.
تستعد مصر في هذا اليوم لافتتاح المتحف المصري الكبير، وهو صرح ثقافي أثري عالمي فريد بتصميمه وموقعه الإستراتيجي قرب الأهرامات ومطار سفنكس، ليصبح نقطة جذب سياحي شاملة ويُحدث نقلة نوعية في السياحة المصرية.
إعلان خطة طموحة وتساؤلات ملحةورغم طموح مصر نحو تحقيق 30 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2028 من خلال استقطاب 30 مليون زائر، وهو ما يمثل الركيزة الأساسية لتعزيز إيرادات قطاع السياحة، يبقى التساؤل حول مدى قدرة الحكومة على مضاعفة الأرقام الحالية خلال 3 سنوات فقط، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والعالمية المستمرة.
وتبدو طموحات مصر أقل من تقديرات مؤسسة "فيتش سوليوشنز" التي تتوقع وصول عدد السياح إلى 16.8 مليون في 2025 بزيادة قدرها 5.5% على أساس سنوي، و18.8 مليون بحلول 2028، مع إيرادات متوقعة تبلغ 17.4 مليار دولار في 2025 وتصعد إلى 19.8 مليار دولار في 2028.
وتستند توقعات فيتش إلى زيادة الطلب من الأسواق الأوروبية والأميركية، مدعومة بالاستثمارات في البنية التحتية الفندقية التي من المخطط أن تصل إلى نحو 1800 منشأة بحلول عام 2028.
نمو قوي يلهم طموح مصروتتبنى وزارة السياحة والآثار في مصر إستراتيجية طموحة تهدف إلى النهوض بالقطاع السياحي، وإبراز ما يتمتع به المقصد السياحي المصري من تنوع لا يُضاهى في المنتجات والأنماط السياحية وليس له مثيل، وفقا لوزير السياحة شريف فتحي.
وشهد قطاع السياحة نموا قويا خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 13.1%، وهو ما يعكس فاعلية الإستراتيجية الحكومية في جذب مزيد من السياح، وتعزيز التجربة السياحية من خلال تحسين الخدمات والبنية التحتية.
أهمية السياحة للاقتصاد المصريوتُعد السياحة أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي المصري، ومصدرا مهمًا للعملة الصعبة وتسهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي: نحو 12%. المساهمة في إيرادات مصر من العملات الأجنبية: نحو 15%. ثالث أكبر مصدر للعملة الصعبة بعد الصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج. عدد العاملين في قطاع السياحة (مباشر وغير مباشر): نحو 3 ملايين. نسبة العاملين في قطاع السياحة من إجمالي قوة العمل: نحو 10%. مصر في انتظار أهم حدث سياحيوتوقع وكيل وزارة السياحة السابق مجدي سليم أن "تواصل إيرادات السياحة نموها وبوتيرة أسرع مع الحدث الاستثنائي (المرتقب)، وهو افتتاح المتحف المصري الكبير بالقرب من منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة في يوليو/تموز المقبل، الذي يعد أهم حدث سياحي في مصر خلال العقود الأخيرة".
وفي حديثه للجزيرة نت، رهن الخبير السياحي استمرار النمو بوتيرة أسرع من خلال اعتماد خطة متكاملة بين القطاع الخاص والحكومة تعتمد على المحاور التالية:
إعلان زيادة عدد الغرف الفندقية لتعزيز الإيرادات. رفع مستوى الخدمة ومستوى العمالة. زيادة الدعاية الحديثة المؤثرة ضمن خطة التسويق والترويج السياحي. استغلال التكنولوجيا الحديثة على نحو أمثل. استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة السائح والترويج الذكي للمنتجات السياحية. توفير تطبيق إلكتروني لتسهيل الوصول إلى المعلومات المختلفة.وأشاد المسؤول المصري السابق بدور القطاع الخاص باعتباره أحد المحركات الرئيسية للتدفق السياحي، مؤكدًا أن مستويات الخدمة التي يقدمها هذا القطاع تعد مؤشرًا مهمًا على كفاءة الأداء.
وأوضح سليم أن التجربة الإيجابية للسياح تنعكس بشكل مباشر، حيث يتحولون إلى وسيلة دعاية فعالة تسهم في زيادة العائدات السياحية.
مقومات فريدة وعائدات غير متناسبةبدوره، أكد رئيس مجلس إدارة غرفة السلع السياحية وعضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، علي غنيم، أن مصر تمتلك مقومات سياحية فريدة من نوعها، خاصة في مجال الآثار عبر العصور. ومع ذلك، فإن العائدات الحالية للقطاع لا تتناسب مع هذه المقومات الفريدة التي تتمتع بها البلاد، ويجب تحقيق دخل أعلى وأكبر، وفق تعبيره.
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، أوضح غنيم -الذي يرأس أيضا مجلس إدارة شركة مون ريفر للسياحة- أن الأسعار الحالية للمزارات السياحية، سواء الأثرية أو الشاطئية، لا تعكس قيمتها الحقيقية.
وأشار إلى أن هذه الأسعار تقل بكثير عن نظيرتها في دول الجوار، التي لا تمتلك المزايا السياحية التي تتمتع بها مصر.
وشدد غنيم على أن الأهم ليس فقط أعداد السياح الوافدين، بل حجم العائدات المتحققة، فجذب عدد أقل من السياح ذوي الإنفاق المرتفع يمكن أن يوفر عوائد أعلى، وهو ما يتطلب تسعير المقصد السياحي المصري بشكل مناسب واستهداف هذه الفئات، مؤكدا ضرورة القضاء على ظاهرة البيع بأقل من السعر العادل، لما لها من تأثير سلبي على الدخل القومي وعلى الصورة الذهنية للسياحة المصرية.
إعلانورغم ذلك، فإن النمو المطرد الذي يشهده قطاع السياحة في مصر قد انعكس بالفعل بشكل إيجابي على جوانب اقتصادية واجتماعية أخرى، حسب غنيم، لافتا إلى أن انتعاش السياحة أسهم في دعم عديد من القطاعات المرتبطة بها بشكل مباشر، مثل الفنادق التي شهدت زيادة في معدلات الإشغال، وشركات النقل، والمطاعم، بالإضافة إلى قطاع الحرف اليدوية والصناعات التقليدية الذي ازدهر مع زيادة الإقبال السياحي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قطاع السیاحة ملیار دولار فی مصر
إقرأ أيضاً:
القومي للحضارة المصرية: المتحف يعكس ثروتنا الحقيقية في الإنسان والتاريخ
قال سالي عبدالمنعم، أمين المتحف القومي للحضارة المصرية، إن مصر لطالما امتلكت ثروة حقيقية تتمثل في عنصرين رئيسيين، هما الإنسان المصري والحضارة المتجذرة في أعماق التاريخ، مضيفة أن العنصر البشري هو الذي صنع الحضارة، وورّثنا هذا الإرث الثقافي العريق، لذلك نحرص في المتحف على تقديم الحضارة المصرية بطريقة تتماشى مع قيمة الإنسان الذي صنعها، وبروح حديثة تواكب العصر.
وأوضحت عبدالمنعم خلال استضافتها عبر شاشة "إكسترا نيوز" مع باسم طبانة ويارا مجدي، أن المتحف يسعى إلى التميز من خلال أسلوب عرض مختلف وجاذب يعيد تقديم التاريخ بروح جديدة، مشيرة إلى أن الزائر لا يدخل فقط لمشاهدة آثار، بل يخوض "رحلة زمنية" تبدأ من عصور ما قبل التاريخ وتمتد حتى اليوم، مؤكدة أن المتحف يعتمد على تقنيات عرض حديثة تشمل الأفلام التفاعلية، والإضاءة الخاصة، والمحتوى المسموع والبصري، لتجعل التجربة متكاملة ومؤثرة.
وفيما يتعلق بقاعة المومياوات الملكية، أكدت عبد المنعم أن طريقة عرض المومياوات نُفذت بعناية فائقة لتمنح الزائر إحساسًا مهيبًا أقرب لما تكون عليه الأجواء الجنائزية القديمة، مشيرة إلى أنه رغم أن المومياوات ليست جديدة على المصريين، إلا أننا أردنا أن يراها الزائر هنا كما لو كان يشاهدها لأول مرة، من خلال إعداد علمي مدروس يشمل قاعات تمهيدية تشرح طقوس التحنيط والبعث لدى المصري القديم.
كما أشارت إلى أن المتحف يهدف لربط الأجيال الجديدة بتراثهم من خلال عرض الحضارة المصرية بطريقة مبسطة وجذابة، مضيفة: "الأطفال يتفاعلون بشكل مدهش مع معروضاتنا لأننا نقدمها لهم بأسلوب يناسب وعيهم وثقافتهم الحديثة، وهو ما يجعلهم يشعرون بأن هذه الحضارة تنتمي إليهم بالفعل."
وأوضحت بأن المتحف لا يقتصر على تقديم فترة زمنية محددة، بل يعرض تسلسل الحضارة المصرية من أقدم العصور إلى العصر الحديث، مؤكدة أن هذا النهج يعكس استمرارية الحضارة المصرية، مشيرة إلى أن العديد من العادات والعبارات الشعبية المستخدمة اليوم لها جذور ضاربة في التاريخ المصري القديم، بما يعكس عمق التراث وتواصله الحي حتى وقتنا الراهن.