لجريدة عمان:
2025-07-04@08:39:35 GMT

إلزامية توظيف العمانين

تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT

أعلنت وزارة العمل عن اعتماد حزمة من الضوابط والحوافز المتكاملة لتطبيق قرار تعيين مواطن عُماني واحد على الأقل في المؤسسات والشركات التي أكملت عامًا من تاريخ تأسيسها استنادًا إلى ما أظهرته البيانات من تفاوت كبير في نسب التعمين بين المؤسسات، حيث إن عددًا محدودًا من الشركات يوظف النسبة الأكبر من المواطنين، في حين أن آلاف المؤسسات الأخرى لا توظف أي عُماني رغم استفادتها من بيئة العمل في سلطنة عُمان وذلك على النحو الآتي:أولًا: قرابة 1000 منشأة كبيرة توظف ما يقارب 200 ألف عُماني و245 ألف وافد، بنسبة تعمين تصل إلى 44%، وبمتوسط يقارب 200 مواطن مقابل 245 وافدًا في كل شركة.

ثانيًا: نحو 19 ألف منشأة تشغل حوالي 60 ألف عُماني مقابل 300 ألف وافد، بنسبة تعمين لا تتجاوز 17%، أي ما يعادل 3 مواطنين فقط مقابل كل 15 وافدًا في كل منشأة.ثالثًا: ما يزيد على 245 ألف منشأة لا تضم أي مواطن عُماني ضمن قواها العاملة، بينما توظّف ما يزيد على مليون و100 ألف وافد بنسبة تعمين صفر%.رابعًا: إن تفاوت نسب التعمين بين المؤسسات أظهر واقعًا يحتاج إلى إعادة توازن، ما يجعل القرار خطوة لتصحيح مسار سوق العمل، والحدّ من التجارة المستترة وتحقيق عدالة حقيقية في توزيع الفرص، وتعزيز التنافسية على أسس مستدامة ومنصفة.

وفي إطار الجهود الرامية إلى تمكين القوى العاملة الوطنية وتعزيز التوطين، أطلقت الوزارة حزمة تشغيلية تستجيب لاحتياجات السوق وتشمل برامج التدريب المقرون بالتشغيل والتدريب على رأس العمل ودعم الأجور واعتماد بدائل مرنة لاستيفاء نسب التعمين مثل احتساب أصحاب العمل الحر والعاملين بنظام العمل الجزئي ضمن النسب المحددة.

واعتمدت الوزارة آلية تنفيذ مرنة تراعي الواقع الاقتصادي للمؤسسات بمختلف أحجامها وتباين قدراتها واختلاف أنشطتها، حيث تلتزم المنشآت التي أكملت عامًا دون توظيف عُماني بتقديم خطة تشغيل خلال شهر من تاريخ الإشعار، على أن تنفذ المؤسسات التي تضم 10 عمال فأكثر التعيين خلال 3 أشهر، أما المؤسسات التي تضم أقل من 10 عمال فتحصل على مهلة 6 أشهر، كما قررت الوزارة إمهال المتفرّغ لإدارة مشروعه التجاري مدة سنة من تاريخه.

وحرصًا على ضمان عدالة التطبيق ومراعاة خصوصية بعض الأنشطة، قررت الوزارة تشكيل لجنة تُعنى بالنظر في التظلمات ودراسة الحالات الاستثنائية التي قد تتأثر بطبيعة القرار، وتتابع آثار تطبيقه ورفع الملحوظات والتوصيات التي ترصدها من خلال الواقع العملي.

رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات في تطبيق القرار، خاصة في المهن الفنية .

أبدى رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار وعدد من رؤساء اللجان بالغرفة عن دعمهم المبدئي لقرار تعمين الوظائف، وناشدوا في الوقت ذاته الجهات المختصة بمراجعة آلية تطبيق القرار بعناية وتدرج، بما يراعي الواقع الاقتصادي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وعبّر عدد من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن استيائهم من الآلية المفاجئة لتطبيق قرار إلزامهم بتوظيف عمانيين، واعتبروا أن القرار، رغم أهميته ، جاء بعيدًا عن واقع السوق وإمكانيات الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وقالوا لـ " عمان " أن القرار، بصيغته الحالية، يمثل عبئًا إضافيًا يهدد استمرارية مشاريعهم ويعيق نموها، مشيرين إلى أن تجاهل مشورتهم قبل إصدار القرار يُعد خطأ جسيمًا في عصر يفترض أنه يستند إلى المشاركة الرقمية والشفافية.

أكد نايف بن حامد فاضل، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار، على دعمه الكامل لقرار توطين وتعمين الوظائف في مختلف القطاعات، معتبرًا إياه خطوة ضرورية تسهم في خفض نسبة الباحثين عن عمل.

وأشار رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات في تطبيق هذا القرار، خاصة في المهن الفنية التي تتطلب خبرات ومهارات متخصصة، لا تتوفر حاليًا لدى نسبة كبيرة من الشباب العماني، وتعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة ذات التكلفة الأقل والمهارات الأعلى في بعض التخصصات.

وأوضح أن تحقيق أهداف التعمين لا يكون بقرارات آنية، بل يحتاج إلى تخطيط مرحلي ومدروس، مطالبًا ببدء التطبيق في الشركات الكبيرة التي تملك القدرة على استيعاب الأعداد الأكبر من الباحثين عن عمل، و مراعاة الإمكانات المحدودة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ناشد رئيس غرفة ظفار الجهات المعنية بأن تكون أولوية التوظيف الوطني مرتبطة بقدرة كل فئة من فئات السوق، مع التفرقة بين الشركات الكبيرة والصغيرة، لضمان تطبيق عادل وفعّال للقرار يضمن تحقيق الأهداف دون الإضرار بالمؤسسات الناشئة أو الصغيرة.

قال سعيد حسن تبوك، رئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة ظفار، إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تُعد من أبرز الفئات التي تحتاج إلى دعم ومساندة خلال مراحلها الأولى، مشيرًا إلى أن هذه المؤسسات يقف خلفها شباب عماني طموح، اختار أن يخلق فرص عمل لنفسه بدلًا من انتظار التوظيف، مما يجعل دعمهم واجبًا وطنيًا لا خيارًا.

وأبدى سعيد تبوك تأييده لمبدأ التعمين وتوظيف العمانيين في القطاع الخاص، لكنه أشار إلى أن القرار يجب أن يكون مقرونًا بتوضيح موقف المؤسسات الصغيرة واحتياجاتها، حتى لا تتحول القرارات – مهما كانت نواياها طيبة – إلى عقبات قد تُربك السوق أو تُضعف نمو هذه المشاريع الناشئة.

وأوضح أن القرار يجب أن يُطبق بشكل متدرج ، بمعنى أن تبدأ المسؤولية من الشركات الكبرى القادرة ماليًا على التوظيف، ثم تأتي لاحقًا المؤسسات الصغيرة بعد أن تصبح قادرة على استيعاب الكفاءات العمانية ، ومشيرا إلى أن قرارات التوظيف يجب أن تكون مقرونة بدراسة الواقع الاقتصادي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، والتخفيف عنها من حيث القيود والاشتراطات.

حذر عبدالله أحمد الشيخ، رئيس لجنة التجارة بغرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة ظفار، من أن تطبيق قرار التعمين على جميع المؤسسات دون مراعاة لاختلاف قدراتها المالية ، قد يُشكل إرباكًا خطيرًا للسوق ويقود إلى نتائج عكسية، أبرزها إغلاق عدد كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.

أكد عبدالله الشيخ أن الجميع يتفق على أهمية التعمين، وأنه مطلب وطني يتماشى مع رؤية عمان 2040، لكن شدد على ضرورة عدم التسرع في التطبيق، لأن ذلك قد يولّد ردة فعل سلبية داخل السوق، خصوصًا في قطاع يعتمد على هامش ربحي محدود ولا يتحمل التكاليف التشغيلية المرتفعة.

واختتم عبدالله الشيخ حديثه بالتأكيد على أهمية اتباع منهجية استراتيجية في تطبيق القرار، تراعي الواقع الاقتصادي للمؤسسات وتقلل الأضرار وتزيد الفوائد، بما يضمن تحقيق الهدف النهائي المتمثل في سوق عمل وطني مشبع بالكفاءات العمانية في مختلف مفاصله.

وفي ساق متصل حذّر سعيد سالم قطن، رئيس لجنة الصناعة بغرفة تجارة وصناعة عمان، من أن تطبيق قرار التعمين بشكل شامل دون تمييز بين قدرات المؤسسات قد يُفضي إلى نتائج سلبية، أبرزها إغلاق العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تكافح من أجل البقاء والاستمرارية في السوق..

دعا قطن إلى عقد جلسات حوار موسعة تضم الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، وغرفة تجارة وصناعة عمان، باعتبارها الحاضن الرئيسي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، للوصول إلى حلول متوازنة تضمن تحقيق أهداف التعمين.

الشركات الكبرى أولى بالبداية

واقترح قطن أن يكون التطبيق الأولي للقرار محصورًا في الشركات الكبرى مثل البنوك، وشركات التأمين، والمؤسسات الاستثمارية المستقرة ماليًا، والتي ما زالت تعتمد على نسب مرتفعة من العمالة الوافدة، ويمكن إحلالها تدريجيًا بكوادر عمانية مؤهلة دون التأثير على توازن السوق.

واختتم قطن حديثه بالتأكيد على أن السوق العماني لا يحتمل قرارات ارتجالية، مشيرًا إلى أن أزمة كبيرة قد تلوح في الأفق إذا لم تتم دراسة القرار من جميع الزوايا، قائلًا: " نحن لا نعارض التعمين، بل ندعمه، ولكن نطالب فقط بأن يكون التطبيق واقعيًا ومنطقيًاحتى لا نخسر ما بنته المؤسسات الصغيرة بجهد سنوات"

من ناحيته قال علي محاد هبيس رئيس لجنة سوق العمل بغرفة ظفار أن آلية تطبيق القرار تفتقر إلى التدرج والمرونة . وأكد أن السوق ما زال يتعافى من أزمات سابقة مثل جائحة كرونا ، ولا يحتمل ضغوطًا إضافية قد تدفع بعض أصحاب المؤسسات الصغيرة إلى الإغلاق أو الانسحاب من السوق، مما يحولهم من عناصر فاعلة إلى باحثين عن عمل من جديد.

وأضاف:

"الضغط على المؤسسات الصغيرة دون مراعاة قدرتها المالية قد يؤدي إلى يضاعف أزمة الباحثين عن عمل ، حيث تُجبر الشركات على توظيف أشخاص دون دور فعلي، أو اللجوء للتحايل لتجاوز القانون، وهو سيناريو خطير يجب تفاديه."

من جانبه، قال ياسر علي المرهون إن السوق يعاني منذ بدء الحديث عن قرار التعمين من حالة ارتباك واضحة، خاصة لدى أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يعانون أصلًا من تحديات تنافسية كبيرة أمام العمالة الوافدة

وأضاف : هل تم النظر في تقديم حوافز مالية أو إعفاءات ضريبية للمؤسسات التي توظف عمانيين؟ أم أن الأمر مجرد قرار رقمي دون أدوات دعم واقعية؟"

ودعا إلى تطبيق نسب التعمين بشكل تدريجي ومراعاة طبيعة السوق، مع توفير برامج تدريبية تتماشى مع احتياجاته الفعلية، لتجنب تكرار سيناريوهات سلبية قد تقود إلى تفكك هذا القطاع الحيوي.

قال رائد الأعمال عبدالرحمن الشماخي أن القرار يُعد عقبة لا داعمة في طريق أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، معتبرًا أن تجاهل آراء رواد الأعمال قبل اتخاذ قرار بهذا الحجم، كان سهوًا كبيرًا لا يليق بعام 2025 ولا بعصر التقنية والاتصال واستطرد بقوله :"ان من السهل جدًا قبل إصدار مثل هذا القرار، إرسال استبيان لأخذ رأي رواد الأعمال في السوق، لكن للأسف لم يُؤخذ برأينا، وكأننا لسنا جزءًا من هذه المنظومة"

وأضاف أن القرار لا يخدم رواد الأعمال، بل يُخرجهم تدريجيًا من السوق، لأنهم ببساطة لا يملكون القدرة على تحمّل التكاليف الإضافية المرتبطة بتوظيف العمالة الوطنية في ظل أعمال محدودة الحجم والدخل.

وأكد أنه تلقى إشعارًا رسميًا يُلزمه بتعيين عماني خلال شهر واحد فقط، معلقًا على ذلك بالقول : "بدل أن أتحمل هذا العبء، سأغلق المنشأة، وأقلص مشاريعي، وأكتفي بفرع واحد فقط... ليس لأنني لا أؤمن بالتعمين، بل لأن القرار لا يتناسب مع حجم عملي، وهو إجحاف بحقنا" ."

أنهى الشماخي حديثه بدعوة لإعادة النظر في القرار قبل أن يؤدي إلى موجة انسحابات جماعية من السوق، ويحبط آلاف الشباب الذين بدأوا مشاريعهم بشغف، لكنهم وجدوا أنفسهم فجأة أمام قرارات أكبر من طاقتهم.

في تقييم صريح ومباشر، عبّر رائد الأعمال محمد سعيد الغيثي عن رفضه للآلية التي جاء بها قرار إلزام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتوظيف عمانيين، مشيرًا إلى أن القرار لا يتناسب إطلاقًا مع طبيعة هذه الفئة من الشركات التي لا تزال في مرحلة التأسيس والبناء.

قال الغيثي: "من المسمى نعرف التحدي... شركات صغيرة ومتوسطة، أي أنها ما زالت لم تتجاوز مرحلة النشوء. قرار مثل هذا يشكل عبئًا كبيرًا عليها، لأن أرباحها محدودة، ومجالاتها ضيقة، وأعمالها متذبذبة بطبيعتها."

وأكد أن تطبيق القرار بهذه الصورة قد يؤدي لإغلاق عدد كبير من هذه المؤسسات، التي لن تستطيع تحمّل الزيادة في التكاليف التشغيلية الناتجة عن تعيين موظفين جدد بأجور أعلى.

وأضاف: "هذا القرار لا يدعم رواد الأعمال، بل قد يعيدهم إلى نقطة الصفر. بدل أن يكونوا من يقدمون فرص العمل، قد نجدهم يعودون باحثين عن وظيفة بسبب إغلاق أعمالهم."

ولفت إلى أن التطبيق القسري للقرار قد يؤدي لاحقًا إلى ارتفاع في أعداد الموظفين المسرحين، لأن المؤسسات ستقوم بتوظيف عمانيين مضطرة، ثم تبدأ بتقليصهم لاحقًا عند أول هزة في السوق.

من جهتها قالت خديجة العويسية أن قرار إلزامية توظيف مواطن عماني يشكل عبئا اضافيا إلى مصاريف وتكاليف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذات رؤس الاموال البسيطة ، وقد لا تمر فترة بسيطه الا وتتكبد هذه الشركات ضربات موجعه من قرارات حكوميه لا تاخذ بالحسبان امكانيات هذه الشركات ومنها رفع الدعم عن الكهرباء والمياة ، وفرض رسوم صندوق الحمايه وغيرها من القرارات مما يهدد تتطور ونمو هذه الشركات

وتضيف العويسية أن بعض المهن في المؤسسات الصغيرة تحتاج إلى مهارات معينة لا تتوفر في العمانيين ، أضافة إلى أن القرار لم يراعي الوضع الاجتماعي للمواطنيين حيث أن بعض المهن تطلب تقليص الإجازات ليوم واحد والعمل بعدد ساعات طويلة .

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المؤسسات الصغیرة والمتوسطة للمؤسسات الصغیرة والمتوسطة تطبیق القرار رواد الأعمال تطبیق قرار أن القرار القرار لا القرار ی ا إلى أن توظیف ع أن یکون ع مانی عن عمل

إقرأ أيضاً:

منع استيراد السيارات المستعملة في سوريا.. ضغوط اقتصادية أم خطوات تنظيمية؟

في خطوة أثارت جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية والشعبية، أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة السورية قرارا يقضي بإيقاف استيراد السيارات المستعملة اعتبارا من تاريخ صدوره، مع استثناءات محدودة تشمل رؤوس القاطرة، والشاحنات، وآليات الأشغال العامة، والجرارات الزراعية، بشرط ألا يتجاوز عمرها 10 سنوات عدا سنة الصنع، بالإضافة إلى حافلات نقل الركاب التي تحتوي على 32 مقعدا فما فوق، بشرط ألا يتجاوز عمرها 4 سنوات عدا سنة الصنع. كما شمل القرار منع استيراد السيارات الجديدة التي يتجاوز عمرها سنتين، باستثناء سنة الصنع.

ويبدو أن التوجه الحكومي يهدف إلى تقليص فاتورة الاستيراد والحد من استنزاف القطع الأجنبي، في محاولة للسيطرة على العجز التجاري وتوجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية.

لكن القرار يطرح تساؤلات واسعة حول انعكاساته الفعلية على الشارع السوري، في ظل غياب بدائل محلية حقيقية لصناعة السيارات يمكن أن تسد الفجوة الناتجة عن توقف الاستيراد.

ارتفاع الأسعار وزيادة الأعباء

أدى القرار مباشرة إلى ارتفاع أسعار السيارات المستعملة في السوق المحلية نتيجة انخفاض المعروض، مما شكّل عبئا إضافيا على المواطنين، خصوصا من ذوي الدخل المحدود الذين كانوا يعتمدون على السيارات المستعملة كخيار أقل كلفة.

التجار الذين استوردوا قبل القرار سيكونون أكبر المستفيدين منه (الجزيرة)

وتزايدت المخاوف من أن يسهم القرار في تنشيط عمليات التهريب أو زيادة الاعتماد على السوق السوداء، ما قد يقود إلى نتائج عكسية على المستويين الاقتصادي والرقابي.

وجهة نظر حكومية

في حديثه للجزيرة نت، صرّح قاسم كامل، مدير الاتصال الحكومي في وزارة الاقتصاد السورية، أن القرار جاء نتيجة اختلال واضح في توازن السوق، بعد دخول كميات كبيرة من السيارات المستعملة من مناطق شمال سوريا، التي لم تكن تخضع للرسوم الجمركية والضريبية السابقة، ما تسبب في ضغط على البنية التحتية وطرح مركبات غير مستوفية لمعايير السلامة.

إعلان

وأشار كامل إلى أن القرار يأتي ضمن رؤية اقتصادية شاملة تهدف إلى ترشيد الاستيراد وتوجيه القطع الأجنبي نحو أولويات إنتاجية، إلى جانب الحد من إدخال مركبات متدنية المواصفات دون رقابة فنية، وتقليل الهدر في الموارد.

وأكد أن القرار لا يشمل السيارات المسجلة مسبقا، ولا يمنع عمليات البيع أو الشراء أو التسجيل النظامي، مشيرا إلى أن شحنات تم التعاقد عليها قبل صدور القرار ستدخل قريبا، مع ضمان حقوق من أبرموا عقود شراء شرط تسجيلها في المنافذ الجمركية الرسمية.

وأضاف أن الفئات محدودة الدخل غالبا ما تتعرض لشراء سيارات منخفضة الجودة تتسبب لاحقا بأعباء صيانة باهظة، في ظل غياب ضمان فني أو إشراف تقني كافٍ. وقال إن آليات الرقابة الحالية غير كافية لضمان السلامة، ما دفع الوزارة إلى اعتماد الإيقاف كخطوة فورية إلى حين تطوير أدوات رقابية أكثر فاعلية.

وختم كامل تصريحه بالتأكيد على أن الوزارة تتابع انعكاسات القرار عن كثب، وهي منفتحة على مراجعة السياسات ضمن إطار حماية الاقتصاد الوطني والمستهلك على حد سواء.

قرار ضروري.. لكن!

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي فراس شعبو أن القرار من حيث المبدأ يحمل منطقا اقتصاديا سليما، خصوصا إذا ما نظرنا إلى استنزاف قطاع السيارات لما يقارب ملياري دولار خلال 6 أشهر فقط، وهو رقم يقارب ثلثي ميزانية الدولة لعام 2023 البالغة 3.5 مليارات دولار.

الحكومة تقول إن الهدف من القرار هو تقليل استنزاف القطع الأجنبي (الجزيرة)

لكنه في الوقت نفسه ينتقد آلية التطبيق، إذ أدى تقليص فترة السماح إلى استيراد السيارات الحديثة فقط إلى رفع الأسعار بشكل كبير، ما أخرج فئات واسعة من السوق، خاصة من ذوي الدخول المحدودة. وأضاف أن السيارات الحديثة المطابقة للشروط الجديدة أسعارها تتراوح بين 20 و25 ألف دولار، وهي تكلفة غير متاحة لمعظم السوريين.

ويشير شعبو إلى أن المشكلة ليست في الاستيراد فقط، بل في غياب معايير واضحة لفحص السيارات المستوردة. ودعا إلى تشكيل لجنة متخصصة تضبط الجودة، وتقترح آليات بديلة مثل السماح بموديلات 2016 وما فوق، بشرط المواصفات، بدلا من المنع الكامل.

كما انتقد تذبذب السياسات الحكومية وتبدّلها المفاجئ دون خطة تدريجية، مشددا على ضرورة وجود نهج وسطي ينظّم السوق دون أن يضر بالقدرة الشرائية للمواطنين.

بين مصالح التجار واحتياجات المواطن

بدوره، يرى عبد الملك الأخرس، وهو تاجر سيارات يستورد مركبات من أفريقيا وأوروبا، أن القرار سيضاعف أرباح التجار الذين استوردوا كميات قبل صدوره، موضحا أن الطلب سيرتفع بشكل كبير قبل دخول القرار حيّز التطبيق الكامل، ما يمنحهم هامشا واسعا من الربح.

لكنه يعترف أن القرار مجحف للفقراء والطبقة المتوسطة، قائلا إن السيارات الحديثة بأسعار تفوق 25 ألف دولار باتت بعيدة عن متناول معظم المواطنين، في حين أن السيارات المستعملة ذات الجودة الجيدة كانت تباع بـ3 آلاف إلى 5 آلاف دولار وتشكل بديلا مناسبا.

وفي سوق مدينة سرمدا شمال سوريا، يعبر مصطفى عزام عن غضبه بعد عجزه عن شراء سيارة، إذ ارتفعت الأسعار بنحو 4 آلاف دولار خلال يومين فقط، وامتنع كثير من التجار عن البيع في ظل الغموض بشأن السوق.

البنية التحتية في المدن السورية لا تحتمل زيادة السيارات العشوائية (الجزيرة)

ويشير عزام إلى أن القرار من الناحية التنظيمية قد يكون مبررا إذا ما نُفذ بشكل تدريجي، لكنه يضر بشرائح واسعة لا تزال تعتمد على حلول فردية للتنقل، في ظل غياب منظومة نقل عام فعالة.

إعلان مستقبل القرار ومخاوف المواطنين

يرى مراقبون أن فعالية القرار مرتبطة بمدى قدرة الحكومة على تنفيذ بدائل موازية، سواء عبر تحسين البنية التحتية للنقل أو توفير قروض مخفضة لشراء سيارات مناسبة. وفي ظل غياب هذه الخيارات، تظل تداعيات القرار مرشحة للاتساع، اقتصاديا واجتماعيا.

ويبقى السؤال الأهم: هل تنجح الحكومة في تحقيق توازن دقيق بين متطلبات الاقتصاد الكلي والواقع المعيشي اليومي؟ وهل ثمة نية حقيقية لمراجعة القرار أو تعديله وفقا للنتائج التي سيُحدثها على أرض الواقع؟

مقالات مشابهة

  • «الاتحادية للضرائب» تنظم لقاء عمل حول ضريبة الشركات بـ«المؤسسات العائلية»
  • الشارع الرقمي بسوريا.. سلطة رقابية جديدة تعيد تشكيل القرار
  • ريادة تنفذ معسكرًا لريادة الأعمال لطلبة مدارس مسندم تعزيزا للابتكار
  • الحكومة تتراجع عن انتخاب ممثلي الناشرين في مجلس الصحافة وتعتمد إلزامية التصويت للصحافيين
  • 650 صفقة بـ 672 مليون درهم عبر «أبطال أبوظبي للمشاريع الصغيرة» من «صندوق خليفة»
  • بالاسماء.. إعلانات توظيف ومقابلات شخصية في عدد من المؤسسات اليوم
  • منع استيراد السيارات المستعملة في سوريا.. ضغوط اقتصادية أم خطوات تنظيمية؟
  • البورصة المصرية تعقد لقاءً موسعًا مع شركات سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة لبحث التحديات وفرص التطوير
  • جلسة تعريفية في محافظة مسندم حول البرنامج التحفيزي وسوق الشركات الواعدة
  • هل 15 يوليو 2025 عطلة رسمية في تركيا؟ إليك المؤسسات التي ستُغلق أبوابها