دمشق تعود إلى الواجهة.. تحركات بريطانية واستئناف الطيران وتوافق سوري أردني على أمن الحدود
تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT
كشفت مصادر مطلعة لـ”إندبندنت عربية” أن المنظمة البريطانية غير الحكومية “إنتر ميديت” ومقرها لندن، كانت وراء تقديم الدعم والتأهيل السياسي للرئيس السوري أحمد الشرع، قبل نحو عامين من سقوط نظام بشار الأسد.
وتأسست “إنتر ميديت” عام 2011 على يد جوناثان باول، كبير موظفي رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي غادرها في ديسمبر 2024 لتولي منصب مستشار الأمن القومي البريطاني لدى رئيس الوزراء كير ستارمر.
تركز “إنتر ميديت” على الوساطة وحل النزاعات المعقدة، وتُعرف بتنظيمها حوارات سرية بين أطراف الصراعات التي تفتقر لقنوات تواصل فعالة، ما يفسر غموض دورها في الملف السوري.
وفي ديسمبر 2024، تم تعيين كلير حجاج، من أصول فلسطينية ويهودية، مديرة تنفيذية جديدة للمنظمة، وهي ذات خبرة واسعة في مفاوضات السلام وحل النزاعات على المستوى الدولي.
من جانبه، كشف السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد، خلال جلسة لمجلس العلاقات الدولية، أن منظمة بريطانية لم يسمِّها كانت تقود مبادرة لدمج أحمد الشرع في الحياة السياسية، مؤكداً أنه تعاون مع هذه المنظمة لتقديم المشورة للرئيس السوري السابق قبل سقوط النظام.
ورغم تأكيدات فورد، وصفت الرئاسة السورية هذه التصريحات بأنها “غير صحيحة”، مشيرة إلى أن اللقاءات كانت ضمن وفود أجنبية زائرة لتجربة إدلب.
ويشير خبراء مثل الباحث في الشأن السوري تشارلز ليستر إلى أن منظمات غير حكومية عدة تلعب دوراً مهماً في تنظيم حوارات مع أطراف النزاع السوري كافة، بهدف تمهيد الطريق لتفاهمات سياسية ودبلوماسية مستقبلية.
الملك عبد الله الثاني والرئيس السوري يبحثان تعزيز التعاون وأمن الحدود المشتركة
بحث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس السوري أحمد الشرع، خلال اتصال هاتفي اليوم الخميس، العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات الإقليمية، مؤكدين أهمية تكثيف التنسيق لضمان أمن الحدود المشتركة وتثبيت الاستقرار في الجنوب السوري.
وأفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله شدد على ضرورة توسيع آفاق التعاون بين عمّان ودمشق، والاستفادة من الفرص المتاحة في مجالات حيوية مثل المياه، والطاقة، والتجارة، من خلال مجلس التنسيق الأعلى بين البلدين، بما يسهم في مأسسة العلاقات وتعزيز المصالح المشتركة.
كما أكد العاهل الأردني دعم المملكة الكامل لأمن سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها، مشيرًا إلى وقوف الأردن إلى جانب الشعب السوري في جهود إعادة الإعمار وبناء مستقبل آمن.
من جهته، أعرب الرئيس السوري أحمد الشرع عن تقديره لمواقف الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني، مثمنًا دور المملكة في دعم سوريا على الساحة الدولية، ومؤكدًا حرص دمشق على تطوير علاقاتها مع عمّان بما يخدم أمن واستقرار المنطقة.
ويأتي هذا الاتصال في سياق تحركات إقليمية متسارعة نحو تطبيع العلاقات بين الدول العربية وسوريا، بعد أكثر من عقد على الأزمة التي شهدتها البلاد، فيما تستمر مؤشرات التقارب في مجالات متعددة، من بينها استئناف الرحلات الجوية واللقاءات السياسية رفيعة المستوى.
شركة “فلاي دبي” تستأنف رحلاتها اليومية المباشرة إلى دمشق
أعلنت شركة “فلاي دبي” عن استئناف رحلاتها اليومية المباشرة إلى دمشق اعتبارًا من الأول من يونيو 2025، لتعيد ربط العاصمة السورية بمطار دبي الدولي من جديد.
وقالت الشركة إن الرحلات ستنطلق من المبنى رقم 2 في مطار دبي الدولي إلى مطار دمشق الدولي (DAM)، مؤكدة بذلك عودة خدماتها إلى وجهة كانت من أولى محطاتها منذ انطلاق عملياتها في يونيو 2009.
وفي تعليق له على استئناف الرحلات، قال غيث الغيث، الرئيس التنفيذي لشركة “فلاي دبي”: “يسعدنا أن نكون أول شركة طيران إماراتية تعيد فتح خط مباشر إلى سوريا بعد توقف دام 12 عاماً”، وأضاف: “دمشق تحمل أهمية ثقافية وتاريخية كبيرة في المنطقة، ونفتخر بخدمة هذه المدينة من خلال رحلة يومية مباشرة، وذلك انطلاقًا من التزامنا بدعم جهود دولة الإمارات في تعزيز التواصل والربط الإقليمي”.
يأتي هذا الإعلان بعد قرار الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتية في أبريل الماضي بالسماح باستئناف الرحلات الجوية بين الإمارات وسوريا، في خطوة تعكس تحسن العلاقات والتطورات الأخيرة في المنطقة.
هذا ويذكر أن الخطوط الجوية السورية قد أعلنت أيضاً عن عودة رحلاتها إلى الإمارات، في إطار تعزيز التعاون الجوي بين البلدين.
اعتداء مسلح على مبنى محافظة السويداء ومحافظ المحافظة يؤكد تمسك الدولة بفرض القانون
تعرض مبنى محافظة السويداء لاعتداء من قبل مجموعة مسلحة خارجة عن القانون، الأربعاء، استهدفت إطلاق سراح أحد المدانين بقضايا سرقة سيارات محتجز في دمشق، ما أثار توترًا أمنيًا في المحافظة.
وفي تصريح لقناة “الإخبارية” السورية، أكد محافظ السويداء مصطفى البكور أن فصائل السويداء الوطنية، وعلى رأسها “لواء الجبل”، تمكنت من طرد المجموعة المسلحة، فيما قامت حركة “رجال الكرامة” بتأمين خروجهم من المكان بسلام بعد اشتداد الموقف.
وشدد البكور على أن فرض القانون وحماية الأمن في السويداء هو “خيار لا رجعة عنه”، مؤكداً أن الدولة ستتعاون مع كافة الوطنيين الغيورين لضمان الاستقرار ولن تتهاون في مواجهة أي محاولة لزعزعة الأمن أو المساس بمؤسسات الدولة. وأضاف أن الدولة “لن تسمح لأي جهة بتبرير الفوضى تحت أي ذريعة”.
وبعد الحادث، قام وفد من الأهالي والمجتمع المحلي ومشايخ العقل بزيارة مقر المحافظة لتقديم اعتذار رسمي للمحافظ، معربين عن دعمهم الكامل له.
رداً على الاعتداء، أصدر فصيلا “رجال الكرامة” و”لواء الجبل” بياناً أوضحا فيه أنه بناءً على اتفاق مع مرجعيات ومشايخ ووجهاء المحافظة، تم تفويض الفصائل المحلية والأهلية لدعم مهام الضابطة العدلية والمؤسسات الشرطية والقضائية، وذلك لتعزيز هيبة القانون وردع التجاوزات التي حدثت مؤخراً.
وشدد البيان على ضرورة تعاون جميع الفصائل والمجموعات الأهلية مع الضابطة العدلية والأجهزة الشرطية، محذراً من أي اعتداء على هذه المؤسسات أو على الأفراد المكلفين بمهامهم القانونية، معتبراً أن تحقيق الأمن والاستقرار في السويداء أصبح أولوية قصوى تتطلب تضافر جميع الجهود والفعاليات المجتمعية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الإمارات الإمارات وسوريا سوريا حرة سوريا والإمارات فلاي دبي مطار دمشق الدولي الملک عبد الله أحمد الشرع
إقرأ أيضاً:
في التطبيع السوري ـ الإسرائيلي
بعيد سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1990 وحرب الخليج الثانية عام 1991، وافقت سورية على الانخراط في مسار سلام مع إسرائيل، وكان مؤتمر مدريد للسلام في العام ذاته العنوان الأول لهذا المسار، الذي لم يدم سوى عقد واحد فقط.
مرحلة الأسد الأب
قامت مقاربة الأسد الأب منذ عام 1991 (مؤتمر مدريد للسلام) على معادلة استراتيجية ثابتة: الأرض مقابل السلام، والأرض هنا تعني الأرض كاملة، والسلام هنا يعني سلام مثل أي سلام مع أي دولة أخرى، كالتشيلي مثلا، وهي البلد التي ذكرها حافظ الأسد بالاسم، أي أن السلام من وجهة نظر دمشق سيكون باهتا.
أصر الأسد على تطبيق القرارين الدوليين 242، 338 في أي سلام مع إسرائيل، وهو ما اعتبر من المحرمات السياسية في إسرائيل المستعدة لتطبيق وتحقيق السلام لكن خارج الشرعة الدولية.
قامت مقاربة الأسد الأب منذ عام 1991 (مؤتمر مدريد للسلام) على معادلة استراتيجية ثابتة: الأرض مقابل السلام، والأرض هنا تعني الأرض كاملة، والسلام هنا يعني سلام مثل أي سلام مع أي دولة أخرى، كالتشيلي مثلا، وهي البلد التي ذكرها حافظ الأسد بالاسم، أي أن السلام من وجهة نظر دمشق سيكون باهتا.السبب في ذلك هو أن تطبيق هذين القرارين مع أي جهة عربية مهما كانت، سيشكل سابقة وقاعدة للبناء عليها قانونيا من أجل تنفيذ هذين القرارين في الضفة الغربية: ما تسمى اليهودا والسامرة بالنسبة للإسرائيليين.
ولذلك، شاركت إسرائيل في ثلاث عمليات سلام خارج الشرعة الدولية (242، 338): كامب ديفيد عام 1978، أوسلو مع السلطة الفلسطينية عام 1993، وادي عربة مع الأردن عام 1994، وحتى الانسحاب من جنوب لبنان جاء خارج القرار الدولي 425 لعام 1978.
شهد عام 2000 آخر مفاوضات سلام جرت بين سورية وإسرائيل في شيبرزتاون الأمريكية، وجاءت بالفشل كسابقاتها بسبب رفض سورية (حافظ الأسد) احتفاظ إسرائيل بالضفة الشرقية لهضبة الجولان.
الأسد الابن
بعد أحداث سبتمبر الأمريكية عام 2001، وصعود المحافظون الجدد، وتعاطفهم الديني ـ السياسي مع إسرائيل، وجدت الأخيرة الفرصة مواتية للهروب من استحقاق السلام مع سورية، خصوصا وديعة رابين.
في عام 2003، وتحت ضغط سقوط العراق عسكريا، أعلنت دمشق نيتها استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل، وهي خطوة فُسرت إسرائيليا وأميركيا بأنها تعبير عن حالة ضعف تعتري النظام السوري، أو محاولة للهروب من عنق الزجاجة بفعل الضغوط الأميركية الكبيرة على دمشق من أجل تغيير سياستها الإقليمية.
وكانت الجديد الذي طرحته سورية مع الأسد الابن آنذاك، القبول باستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، وكان يعني هذا أن دمشق مستعدة للمفاوضات من نقطة الصفر.
وبعد ثلاث سنوات من تجاهل الرسائل السورية، اندلعت حرب تموز عام 2006 بين إسرائيل و"حزب الله"، وهي حرب وجدت فيها دمشق انتصارا لما يسمى محور والمقاومة، فعاود الأسد الابن سيرة والده في التشدد السياسي مع إسرائيل.
ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وتحول البلاد إلى ساحة للقتال منذ نهاية عام 2012، أغلق ملف المفاوضات نهائيا حتى سقوط نظام الأسد نهاية عام 2024.
وفي هذه المرحلة حاول الأسد إرسال رسائل لإسرائيل عبر الإمارات لاستئناف المفاوضات، لكن إسرائيل لم تكن في وارد فعل ذلك، إلا إذا تنازل عن الجولان، وهي خطوة لا يستطيع النظام فعلها، لأنها تقضي نهائيا على سرديته القومية البالغة من العمر أكثر من خمسين عاما.
سورية الجديدة وإسرائيل
ما أن سقط النظام السوري حتى بدأت إسرائيل بشن هجمات عنيفة جدا، دمرت خلالها الترسانة العسكرية السورية بشكل شبه كامل، وأعقبت ذلك بتوغل في الأراضي السورية، بلغت ذروتها في السيطرة العسكرية على قمة جبل الشيخ الاستراتيجية.
لم تقابل هذه عمليات الإسرائيلية بالصمت السوري الرسمي فحسب، بل أعلن الرئيس الشرع أكثر من مرة أن سورية لن تكون جغرافية لتهديد الدول الإقليمية، بما فيها إسرائيل.
لا تملك سورية ما تقدمه لإسرائيل سوى الإعلان عن تنازلها عن الجولان، وهذا انتحار سياسي وتاريخي، لا يقدر الشرع عليه، في وقت ليس في جعبة إسرائيل ما تقدمه لسورية بعد إعلانها ضم الجولان، وبالتالي انتهاء معادلة الأرض مقابل السلام.ومع الضغط الأوروبي والعربي على الولايات المتحدة لرفع العقوبات الاقتصادية عن سورية، نشأ رأي أمريكي أن الوقت قد حان لضم سورية إلى الخارطة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة تحت العباءة الخليجية، وبذلك أقدم ترمب على رفع العقوبات بعيد لقائه الشرع في الرياض، وهو لقاء جرى فيه تأكيد سورية وموافقتها على إقامة سلام دائم مع إسرائيل.
منذ أسابيع قليلة، انطلقت تصريحات أمريكية عن اقتراب الإعلان عن توسيع الاتفاقات الإبراهيمية لتشمل دول جديدة، وقد توجهت جميع الأنظار إلى سورية.
وإذ يبدو الأمر مسلما به بأن التطبيع السوري ـ الإسرائيلي قادم، فإن السؤال الذي لا إجابة عنه، تحت أي سقف سياسي ستجري المفاوضات أو الاتفاق؟ ولماذا تقبل إسرائيل بتقديم تنازلات لدولة لم تعد تملك أي تهديد أو خطر بعدما تغير وجه المنطقة الاستراتيجي؟
لا تملك سورية ما تقدمه لإسرائيل سوى الإعلان عن تنازلها عن الجولان، وهذا انتحار سياسي وتاريخي، لا يقدر الشرع عليه، في وقت ليس في جعبة إسرائيل ما تقدمه لسورية بعد إعلانها ضم الجولان، وبالتالي انتهاء معادلة الأرض مقابل السلام.
التفاصيل المنتشرة في وسائل الإعلام كثيرة، وتتراوح بين التنازل السوري عن الجولان، إلى جعل الجولان منطقة محايدة، على ما في هذا التعبير من غموض، إلى إجراء اتفاق أمني في المرحلة الأولى، تعقبه مفاوضات مطولة حول مصير الجولان، وطبيعة السلام الذي تريده إسرائيل من سورية.
لا يمتلك صاحب هذه السطور إجابة عن طبيعة السيناريوهات المحتملة، لكن وفق المعطيات القائمة على الأرض: رئيس سوري لا يمتلك أي مقومات القوة، وطرف آخر يمتلك كل مقوماتها، وسط ضعف عربي ملموس، سيكون أي اتفاق مقبل في مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى.
وعلى الرغم من اختلال موازين القوى بين الجانبين، فإن أية محاولة سورية للتفريط بالجولان أو جزء منه، ستعني استسلاما سورياً، وتخليا عن القضية الفلسطينية.