يلزمه صدقة وليس الفدية.. المفتي يوضح حكم من أُجبر على ارتداء قبعة مظلة شمسية وهو محرم
تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT
تلقى الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، سؤالًا من أحد المواطنين، مفاده: ما حكم ارتداء قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس للمحرم؟ وجاء في السؤال أن رجلًا ذهب لأداء فريضة الحج، واشتدت عليه حرارة الشمس، ولم يجد ما يحتمي به إلا قبعة مظلة شمسية قابلة للطي، قدمها له صديقه، وتُثبت هذه القبعة على الرأس بشريط مطاطي، لكنها تظل مرتفعة عن الرأس دون أن تلامسه، وقد استخدمها أثناء أدائه للمناسك، فهل يترتب على هذا الفعل فدية؟
وفي فتوى حديثة نُشرت عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء، أوضح مفتي الجمهورية أن استخدام قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس بشريط مطاطي جائز شرعًا للمُحرِم إذا لم تتوفر وسيلة أخرى لتجنّب حرارة الشمس، وبيَّن أن الشريط المثبِّت لا يغطي من الرأس إلا جزءًا يسيرًا لا يبلغ ربع الرأس.
وأضاف فضيلته أن من استخدم هذه القبعة ليوم كامل، فإن عليه إخراج صدقة فقط، ولا تلزمه الفدية، وتُقدر هذه الصدقة بكيلو جرام واحد و625 جرامًا من القمح، أو ما يعادلها من القيمة المالية.
وأشار إلى أن الأفضل للمُحرِم أن يستخدم الشمسية اليدوية بدلًا من المثبتة على الرأس، خروجًا من خلاف الفقهاء، وهو أمر مستحب.
هل يجوز الذهاب للحج يوم عرفة مباشرة
أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن يوم 8 من ذي الحجة المعروف بـ"يوم التروية" له مكانة خاصة في مناسك الحج، وسُمي بذلك لأن الحجاج كانوا يروون دوابهم بالماء ويستعدون للوقوف بعرفة، كما كانوا يستريحون في "منى" قبل التوجه إلى المشعر الأعظم.
وأوضح أن التوجه إلى "منى" في يوم التروية من السنن المؤكدة، وليس من الفرائض، حيث يُستحب أن يذهب الحاج في وقت الضحى إلى منى، ويصلي فيها الصلوات الخمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، على أن تُقصر الصلاة الرباعية دون جمع، ويبيت الحاج هناك حتى فجر يوم عرفة، ثم يتوجه إلى عرفة بعد صلاة الفجر.
وأشار إلى أنه في حال قرر الحاج التوجه مباشرة إلى عرفة في اليوم الثامن تفاديًا للزحام أو لأي عذر آخر، فلا حرج عليه في ذلك، وحجه يظل صحيحًا، لأنه قد ترك سنة وليس واجبًا، بل وله أجر النية إذا كان العذر هو ما منعه من أداء السنة.
وأضاف أن في يوم التروية يُحرم المتمتع بالحج، بينما يظل القارن والمفرد على إحرامهما منذ العمرة أو البداية، ويتبع الجميع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في التوجه إلى منى والصلاة بها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مظلة شمسية مفتي الجمهورية الحج يوم عرفة مفتی الجمهوریة على الرأس
إقرأ أيضاً:
الهروب إلى الأمام
خالد بن حمد الرواحي
في بعض الملفات الحكومية، لا تكمن الإشكالية في غموض القضية أو تعقيدها؛ بل في طريقة التعامل معها. فهي ملفات تمس حياة الناس اليومية، واستقرارهم الوظيفي، ومعيشتهم، وأمنهم الاجتماعي، وتقع بطبيعتها في صميم اختصاص الجهات المعنية. ومع ذلك، يُفاجأ المواطن أحيانًا بأن ما يُقدَّم له ليس حلًا حقيقيًا؛ بل إجراءً مؤقتًا، أو معالجةً ترقيعية، أو قرارًا لا يبدو منسجمًا مع منطق المشكلة ولا مع حجم أثرها الإنساني.
قد تبدو هذه الحلول في ظاهرها مخرجًا سريعًا يخفف الضغط الآني، لكنها في جوهرها لا تُنهي الأزمة؛ بل تُرحّلها. وكأننا أمام سياسة غير معلنة يمكن وصفها بـ«الهروب إلى الأمام»، حيث تُؤجَّل المواجهة بدل تفكيك جذور المشكلة، ويُؤجَّل الحل بدل بنائه على أسس واضحة. غير أن المشكلة المؤجَّلة لا تختفي؛ بل تعود لاحقًا بصورة أكثر تعقيدًا، وبكلفة أعلى على المواطن والمؤسسة معًا.
ومع مرور الوقت، تبدأ آثار هذه القرارات في الظهور على أرض الواقع. هنا لا يتأخر الناس في التعبير عن قلقهم وتساؤلاتهم، فتتحول منصات التواصل الاجتماعي إلى مساحة مفتوحة للنقاش والشكوى وطلب الفهم. وهذا التفاعل لا يعكس نزعةً للصدام بقدر ما يعكس حاجةً طبيعيةً للإجابة: لماذا اتُّخذ هذا القرار؟ ما أبعاده؟ وما مصير المتأثرين به؟
وعند هذه النقطة تحديدًا، ومع تصاعد الأسئلة واتساع دائرة القلق، يصبح غياب التفاعل الرسمي مشكلةً بحد ذاته. فالصمت الطويل لا يهدئ القلق؛ بل يوسّعه، ويترك المجال للاجتهادات والتأويلات، وربما لتآكل الثقة. وحين يأتي الرد أخيرًا، غالبًا ما يظهر في شكل بيانٍ مقتضب، يعالج جانبًا واحدًا من القضية، ويتجاهل جوانب أخرى لا تقل أهمية. وهكذا يجد المواطن نفسه أمام بيانٍ يحتاج إلى بيان، وتوضيحٍ يحتاج إلى توضيح.
ومن الإنصاف الإشارة هنا إلى التوجه الحكومي الواضح بضرورة أن يكون لدى كل جهة حكومية متحدثٌ رسمي يتولى توضيح مواقفها حيال القضايا التي تشغل الرأي العام. فهذا التوجه لا يأتي من فراغ؛ بل يهدف إلى ضبط مسار المعلومة، ومنع انتشار الأخبار غير الدقيقة أو الشائعات، وضمان أن يستقي المواطن معلوماته من مصدرها الرسمي المختص، لا من اجتهادات أو مصادر غير رسمية قد تملك صورةً ناقصة أو فهمًا غير مكتمل للموضوع. فالمتحدث الرسمي ليس واجهةً إعلامية فحسب؛ بل حلقة وصلٍ أساسية بين المؤسسة والمجتمع، ويزداد دوره أهميةً كلما كانت القضية أكثر حساسيةً وتأثيرًا على حياة الناس.
الإشكال إذن لا يتعلق بوجود هذا التوجه من عدمه؛ بل بتفعيله على أرض الواقع، وبسرعة الاستجابة، وشمولية التوضيح؛ فالتواصل المتأخر لا يُرمم الفجوة؛ بل يعمّقها، والتوضيح الجزئي لا يُقنع؛ بل يثير مزيدًا من الأسئلة. ومع تكرار هذا النمط، تتشكل فجوةٌ صامتة بين الجهة المعنية والمجتمع؛ فجوة لا تصنعها القرارات وحدها؛ بل طريقة شرحها، وتوقيتها، ونبرة التعامل معها.
إن إدارة الملفات الحساسة لا تقتصر على اللوائح والأنظمة؛ بل تتطلب شجاعةً مؤسسية في الاعتراف بأن الحلول المؤقتة لا تصنع استقرارًا، وأن القضايا الجوهرية لا تُدار بمنطق ردّ الفعل. الحل الجذري قد يكون أصعب وأطول زمنًا، لكنه أقل كلفة على المدى البعيد، وأكثر احترامًا لعقل المواطن وثقته.
خلاصة القول.. لا تُقاس المؤسسات بقدرتها على تجاوز العاصفة مؤقتًا؛ بل بقدرتها على معالجة أسبابها من الجذور. فالهروب إلى الأمام قد يؤجل المشكلة، لكنه لا يلغيها. أما المواجهة الواعية، القائمة على حلولٍ منطقية وتواصلٍ صادق وفي الوقت المناسب، فهي وحدها التي تصنع استقرارًا حقيقيًا… لا بيانًا يحتاج إلى بيان.
رابط مختصر