حين تُسفك دماء غزة بصمت العالم
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
أحمد بن محمد العامري
ahmedalameri@live.com
في عالمٍ يُشهر شعارات العدالة وحقوق الإنسان، تُزهق أرواح الأبرياء في غزة وكأنها بلا وزن ولا صوت. تُباد عائلات كاملة، تُقصف المدارس والمستشفيات، وتُهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها، ثم يُقابل ذلك بصمت دولي أو بتبرير فج. وفي الوقت ذاته، يكفي انتقاد سياسات كيان استيطاني لتُرفع التهمة الجاهزة: "معاداة السامية".
هذه ليست ازدواجية معايير فحسب؛ بل انهيار أخلاقي تام. مفاهيم إنسانية أصيلة كـ"العدالة" و"السامية" تم تجريدها من معناها الحقيقي، وأُعيد تدويرها لخدمة مشاريع سياسية، فصارت تُستخدم كدروع تبرر العنف وتحجب الرؤية عن الحقيقة.
فإذا كان مقتل موظفين في سفارة الكيان الصهيوني بواشنطن يُوصَف بأنه "معاداة للسامية" – كما قال الرئيس دونالد ترامب – فبأي توصيف نصف مقتل آلاف الأطفال في غزة؟ بأي لافتة نُعلّق على دمار الأحياء بأكملها، على النساء الحوامل تحت الأنقاض، وعلى الأجساد المتناثرة في الأزقة؟
ما الاسم القانوني والإنساني لهذه الإبادة؟ أين الضمير العالمي حين يصبح القاتل حليفًا؟ وأين القوانين حين يُختزل الحق في يد من يملك السلاح لا من يملك القضية؟
لعل السؤال الأعمق هنا: من هم "الساميون" فعلًا؟
من منظور تاريخي ولغوي، السامية مفهوم يشمل العرب والعبرانيين على السواء، بانحدارهم من نسل سام بن نوح. لم يكن حكرًا على ديانة أو قومية بعينها. لكن في الرواية السياسية المعاصرة، تحوّلت "السامية" إلى امتياز حصري، لا يُمنح إلا لمن يخدم سردية معينة. وبهذا الفهم المشوَّه، لا يُعدّ الفلسطيني ساميًا، ولا تُعدّ الإبادة التي يتعرض لها معاداة للسامية، بل "دفاعًا عن النفس".
في عالمٍ يُروّج للديمقراطية بينما يغض الطرف عن الحصار والتجويع والتشريد، تبدو الكلمات عاجزة، ولكنها تظل سلاحًا في وجه التزييف. فحين تُختزل السامية إلى أداة سياسية تُرفع فقط حين يكون الضحية "المناسب"، فإننا لا نعيش فقط انهيارًا أخلاقيًا، بل نواجه مصادرة للمعنى، ومحوًا متعمدًا لتاريخ كامل.
ومع كل غارة على غزة، لا تُقصف البيوت وحدها، بل يُقصف الصوت، ويُجهز على الحق في سرد الحقيقة. وما يحدث ليس مجرد صراع على الأرض، بل صراع على من يُسمح له بأن يكون إنسانًا، ومن يُجرد من إنسانيته.
العدالة لا تعرف جنسية، والضمير لا يحتاج إلى تأشيرة عبور. من لا يرى في طفلٍ تحت الأنقاض إنسانًا، خسر إنسانيته قبل أن يخسر منطقه. الوقوف في وجه الجريمة لا يتطلب موقفًا سياسيًا، بل قلبًا ينبض.
فإذا كانت "معاداة السامية" تُفهم اليوم على أنها انتقاد لممارسات كيان استيطاني، فليُكتب للتاريخ: نحن ضد معاداة الإنسان، ضد معاداة الحياة، ضد معاداة الكرامة.
وغزة، في هذا السياق، ليست مجرد جرح مفتوح، بل مرآة تعكس ملامح العالم كما هي، بلا أقنعة.
مرآة تكشف ما إذا بقي في هذا الكوكب شيء من إنصاف، أو بقية من ضمير.
إن كانت "السامية" قد اختُزلت إلى أداة تُوظف لتبرير الإبادة، فإننا بحاجة إلى استعادة معناها الأصيل: أن تكون ساميًا، يعني أن تكون إنسانًا.
وغزة، اليوم، ليست فقط اختبارًا لمصداقية العالم؛ بل اختبارًا لإنسانيتنا جميعًا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مسؤول ايراني : التخصيب، هو ثمرة دماء الشهداء النوويين وسيستمر
الثورة نت/
اكد رئيس اللجنة النووية الفرعية التابعة للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي الإيراني حسن قشقاوي اليوم الخميس ان تخصيب اليورانيوم هو ثمرة دماء الشهداء النوويين ولن نتخلى عنه بل سيستمر .
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية “ارنا” عن قشقاوي قوله :” ان الجانب الامريكي يقول ان هدفه هو ألا تحصل ايران على السلاح النووي، مؤكدا اننا ووفقا لفتوى قائد الثورة، لم ولن نكون بصدد اقتناء السلاح النووي ابدا .
واضاف ان هدف الجمهورية الاسلامية الايرانية هو الرفع الكامل والشامل للعقوبات وقد طرحت ذلك دائما في المفاوضات .
وقال إن ما يطالب به الطرف الاخر بتوصيل نسبة التخصيب الى الصفر يجب القول ان التخصيب هو حق ايران وهو في الحقيقة ثمرة دماء الشهداء النوويين وهو الشيء الذي لن نتخلى عنه وسيستمر .