العدائية الإسرائيلية في غزة والدور اليمني في الحد من اندفاعها
تاريخ النشر: 25th, May 2025 GMT
يمانيون / تحليل
في خضم تصاعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ومع استمرار العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية الحيوية، دخل المشهد الإقليمي مرحلة جديدة من التفاعل والتأثير. فبينما كان العدو الصهيوني يمضي في حملته التصعيدية ضد القطاع، جاء التدخل اليمني كمفاجأة استراتيجية أربكت حساباته .
هذه التطورات لم تكن مجرد استعراض لقوة الردع الإقليمي، بل شكلت عامل ضغط حقيقي ساهم في تعديل مسار الأحداث وأجبر العدو على إعادة النظر في نطاق تصعيده. في هذا التحليل، نستعرض أبعاد العدائية الصهيونية في غزة، والدور اليمني في الحد من اندفاعها، وانعكاسات ذلك على موازين القوى في المنطقة.
اليمن لم يكن مجرد صوت سياسي داعم فقط، بل بات لاعبًا فاعلًا عبر تحالفاته الاستراتيجية وتطوير قدراته العسكرية. في ظل الحرب اليمنية المستمرة، أثبتت القوات المسلحة اليمنية قدرتها على توجيه ضربات دقيقة للأهداف الصهيونية أو المرتبطة بها في البحر الأحمر وجنوب السعودية، ما يعكس امتلاكها أدوات ضغط حقيقية على العدو الصهيوني وحلفائه.
في سياق تحولات المشهد الإقليمي، لعبت اتفاقية وقف إطلاق النار بين اليمن والولايات المتحدة التي تم التوصل إليها دورًا بارزًا في إعادة رسم ملامح التوازنات في المنطقة، وخصوصًا تأثيرها على العدو الصهيوني.
الولايات المتحدة، التي لطالما كانت داعمًا رئيسيًا للعدو الصهيوني ، وهو ما ساهم في تهدئة بعض جبهات النزاع، لكنه في الوقت ذاته أعاد فرض قواعد جديدة للعبة الإقليمية. بات اليمن قادرًا على استثمار اتفاق وقف إطلاق النار في تعزيز موقعه الإقليمي، والتركيز على دعم المقاومة الفلسطينية في غزة دون الحاجة إلى الدخول في مواجهات مفتوحة مع التحالف الدولي. بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي ، يعني ذلك وجود طرف يمني أكثر تماسكًا وقادرًا على المناورة السياسية والعسكرية، مع تقليل فرص المواجهات المباشرة مع التحالف المدعوم أمريكيًا، ما عزز قدرة اليمن على ممارسة ضغط استراتيجي عبر دعم المقاومة الفلسطينية، مما أجبر إسرائيل على توخي الحذر والتراجع الجزئي في حملتها العدائية بغزة.
العدو الصهيوني الذي يخوض مواجهة على جبهة غزة مع مقاومتها الباسلة ، يواجه في الوقت ذاته احتمالية تصعيد أوسع يشمل جبهات أخرى، خصوصًا في الجنوب والبحر الأحمر. هذه التهديدات متعددة الجبهات تزيد من عبء المواجهة، وتحد من حرية الحركة العسكرية للعدو، وتجعله أكثر ترددًا في التصعيد. اليمن من خلال التهديدات العملية واللوجستية، استطاعت أن تفرض توازن ردع لم يكن متوقعًا. وهذا أدى إلى تراجع العدو عن بعض أهدافه العسكرية، أو تأجيل عمليات كانت مبرمجة، خوفًا من انزلاق الصراع إلى مناطق أخرى قد تُثقل كاهل جيشه .
إلى جانب التهديد العسكري، كان الموقف الإعلامي والسياسي اليمني واضحًا في دعم المقاومة، ما ساهم في تعزيز الروح المعنوية للمقاومة الفلسطينية ، مؤكداً أن القضية الفلسطينية تحظى بدعم شعبي ورسمي واسع. هذا الدعم الإعلامي لعب دورًا في خلق ضغط دولي على العدو، ودفع بعض الأطراف الإقليمية والدولية لإعادة تقييم مواقفها من التصعيد، وهو ما انعكس في دعوات لوقف إطلاق النار ومفاوضات تهدئة.
استمرار اليمن في إسناد ودعم المقاومة الفلسطينية على الأرض وفي البحر، يفرض تحديات جديدة على العدو الصهيوني . قد يدفع ذلك إلى إعادة النظر في الاستراتيجية الصهيونية تجاه غزة، وربما تبني سياسة أكثر مرونة أو البحث عن تسويات مؤقتة لتجنب المواجهات المفتوحة على جبهات متعددة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: العدو الصهیونی على العدو
إقرأ أيضاً:
حصار اليمن ينهك الاقتصاد الصهيوني.. خبراء: العمليات العسكرية تُفكك منظومة كيان العدو من الداخل
يمانيون../
في ظل تصاعد العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية، تتكشف آثار استراتيجية واسعة النطاق على كيان العدو الصهيوني، خاصة في بنيته الاقتصادية والأمنية، التي باتت تتعرض لضربات مزدوجة: من الجو والبحر، ومن الداخل والخارج.
مطار اللد المحتل – المعروف صهيونيًا باسم “بن غوريون” – يشهد حالة شلل شبه تامة نتيجة إحجام شركات الطيران العالمية عن تسيير رحلات إليه، بفعل الحظر الجوي الذي فرضته صنعاء، والذي امتد في الأيام الأخيرة ليطال ميناء حيفا، أحد أبرز المنافذ البحرية للكيان، ما فاقم الأزمة الخانقة التي تعصف بالاقتصاد الصهيوني.
هزة في العمق الاستراتيجي للعدو
يؤكد العميد عابد الثور، الخبير العسكري اليمني، أن التكنولوجيا العسكرية التي طورتها القوات اليمنية تمثل تحديًا مباشرًا للتقنيات الأمريكية والصهيونية، مشيرًا إلى أن “التصعيد العسكري اليمني أربك منظومة العدو الصهيوني، ونسف مخططاته الهادفة لتصفية المقاومة في غزة”. ويضيف أن “العمليات اليمنية لا تؤدي فقط إلى خسائر مادية مباشرة، بل تعزز من الموقف العسكري والتفاوضي للمقاومة الفلسطينية”.
ويعتبر الثور أن التحام العمليات العسكرية اليمنية بالمظاهرات الجماهيرية الأسبوعية في مختلف المدن اليمنية، يمثل عاملًا حاسمًا في صد المخططات التهجيرية الأمريكية والصهيونية بحق سكان غزة، مؤكدًا أن “صمود أهل القطاع مرتبط وجدانًا وشعبيًا بالموقف اليمني الثابت”.
فجوة في الردع.. وانهيار الهيبة الأمريكية
ويشير الخبير العسكري إلى أن القوات المسلحة اليمنية، بأسلحتها المطورة محليًا، “أحدثت فجوة حقيقية في منظومة الردع الأمريكي والإسرائيلي”، موضحًا أن الرهان الصهيوني على تدخل واشنطن لردع صنعاء كان وهمًا، خصوصًا بعد الانكشاف الميداني الكامل في معركتَي البحر الأحمر. ولفت إلى أن عمليات “الفتح الموعود” و”الجهاد المقدس” اليمنية غيرت المعادلة الإقليمية، ورسخت اليمن كلاعب لا يمكن تجاوزه في الصراع.
ولم تفلح محاولات العدو وأدواته في التقليل من القدرات اليمنية عبر اتهام طهران بتزويد صنعاء بالسلاح، خاصة بعد إقرار ترامب ذاته بأن اليمنيين يصنّعون أسلحتهم داخل البلاد، وهو ما أسقط الخطاب التضليلي الذي طالما استخدم لتشويه المقاومة اليمنية.
إرادة يمنية تصنع فارقًا
من جهته، يرى العميد علي أبو رعد، أن الإرادة السياسية والشعبية اليمنية “أعادت رسم مشهد النضال الفلسطيني على أسس جديدة”، مضيفًا أن ما ينقص الأنظمة العربية هو هذه الإرادة، التي وصفها بأنها أقوى من أي ترسانة عسكرية. وأضاف: “اليمن قدمت نموذجًا يؤكد أن بإمكان الشعوب كسر الحصار والهيمنة، والتأثير على معادلات الاحتلال، حتى تحت ضغط العدوان والحصار”.
ويشير أبو رعد إلى أن القوات اليمنية لم تُربك العدو الإسرائيلي وحده، بل وجهت صدمة استراتيجية لواشنطن نفسها، بعد إسقاط طائرات MQ9، وضرب حاملات طائرات أمريكية، في عمليات استثنائية لم يشهد العالم لها مثيل منذ عقود.
اقتصاد العدو ينهار تحت ضربات اليمن
ويؤكد أبو رعد في حديثه لـ”المسيرة” أن العمليات اليمنية، خصوصًا في جزئها البحري، “مزّقت المنظومة الاقتصادية الصهيونية، وفرضت واقعًا جديدًا في الموانئ والمطارات والمجال الجوي المحتل، حيث لم تعد أي بقعة آمنة من ضربات صنعاء”.
ويختم قائلاً: “ما نشهده ليس فقط تصعيدًا عسكريًا، بل انهيارًا تدريجيًا في البنية العميقة للكيان الصهيوني، من اقتصاد مهتز إلى مجتمع مذعور إلى حلفاء عاجزين”، مشيرًا إلى أن الأراضي المحتلة باتت مكشوفة كليًا أمام الصواريخ والطائرات اليمنية، في معادلة ردع لم تكن في الحسبان.
محمد حتروش – المسيرة