جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-27@17:45:38 GMT

عندما نتعامل بأخلاقنا

تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT

عندما نتعامل بأخلاقنا

 

 

سعيد بن حميد الهطالي

[email protected]

 

في زحمة الحياة اليومية نصادف مواقف تبدو مُستفزة بلا إنذار: سائق يتجاوزك بوقاحة، شخص يحرجك بتفاهة..، أو غريب يطلق تعليقًا جارحًا دون سبب، هذه اللحظات تشبه اختبارًا مفاجئًا لما تحمله نفوسنا من قيم، السؤال هنا: هل نسمح لهذه الظروف أن تُخرج أسوأ ما فينا، أم نصنع خيارًا واعيًا بأن نثبت على أخلاقنا، حتى عندما لا يستحق الآخرون ذلك؟

في عالمٍ يكافئ أحيانًا الصراخ أكثر من الحكمة، والانتقام أكثر من التسامح، تظل الأخلاق اختيارًا شجاعًا، فكل موقفٍ مستفز هو فرصة لكي تثبت على مبادئك كشجرة تكافح أن تثبت جذورها أمام العاصفة، ربما لن يغير هذا من الآخرين، لكنه حتمًا سيغيرك: يعزز ثقتك بنفسك، ويصنع منك إنسانًا لا تحدده الظروف، بل تُحدده قراراته.

لماذا نتمسك بالأخلاق حين يستفزنا الآخرون؟

الأخلاق ليست رد فعل ظرفي، بل هي هوية نحملها في أعماقنا حين نختار الرد بلطف وأدب على إساءة، أو نصمت أمام استفزاز، لا نفعل ذلك لأننا ضعفاء؛ بل لأننا ندرك أن التحكم في ردود الأفعال هو أعلى مراتب القوة، فالأخلاق درع نحمي به ذواتنا أولًا، قبل أن تكون هدية نقدمها للآخرين.

 عندما تتعامل بأخلاقك في موقف مشحون فأنت لا تغير مسار اللحظة فحسب؛ بل ترسل رسالة غير مباشرة: "لن أسمح لسلوكك أن يحدد سلوكي"، هذا الاختيار قد يحمي ردود فعل الطرف الآخر، أو على الأقل يقلل من تصعيد التوتر، نتذكر قصة الرجل الذي أصر على دفع دين جاره المسيء إليه أمام القاضي، قائلًا: "أريد أن أتعلم العفو حين أستطيع العقاب"، مثل هذه المواقف تذكرنا بأن الخلق الحسن عدوى إيجابية حتى في البيئات السامة.

إن التحلي بالأخلاق تحت الضغط يحتاج إلى تدريب يومي يشبه بتمرين العضلات. ابدأ- مثلًا-بهذه الخطوات:

•        التنفس قبل الرد: أعطِ نفسك ثوانٍ لتهدئة اندفاع المشاعر.

•        التعاطف: اسأل نفسك، ما الذي قد يمر به هذا الشخص حتى يتصرف هكذا؟

•        إعادة الصياغة: حوّل الاستفزاز إلى فرصةٍ لاختبار نضجك، وقواك النفسية.

كما أن تكرار عبارات مثل: "هذا الموقف لا يستحق أن أفقد سلامي الداخلي تجاهه" يُعيد برمجة ردود أفعالك، مع الأخذ في الاعتبار أن الالتزام بالأخلاق لا يعني تنازلك عن حقوقك، أو قبول الإهانة؛ فالفارق جوهري بين أن تكون طيبًا، وبين أن تكون سلبيًا، يمكنك أن تعبّر عن غضبك بطريقة محترمة وأن تدافع عن نفسك بحزمٍ دون انتقاص من كرامة الطرف الآخر، المهم ألا تتحول المعركة إلى ذريعةٍ لتبرير الفوضى في داخلك.

فيجب حتى في جانب تربية الأبناء أن يربوا على هذه القيم، فإننا نغرس فيهم قوة من نوع مختلف، قوة لا تقاس بالصوت المرتفع أو بالرد الحاد أو اللاذع، بل بالقدرة على تجاوز الأذى دون فقدان الكرامة، أو فقد الغير لاحترامه، فالتعامل بالأخلاق ليس خنوعًا؛ بل رفعة، وليس ضعفًا؛ بل اتزانًا. والأخلاق ليس ترفًا في التعامل؛ بل مرآة تعكس وعي الإنسان بذاته وقيمه، فاختر أن تكون مرآتك صافية، ولا تنظر لحظة استحقاق لتظهر أخلاقك؛ بل كن أنت دائمًا سببًا في جعل العالم من حولك أفضل، ولو بموقف نبيل بسيط منك، فحين نختار الأخلاق في تعاملنا نحن لا نجامل الواقع؛ بل نمتثل لنهج ديننا الإسلامي، ولهدي نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام الذي قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عاجل. الكلمات لن تكون كافية... باراك ينبه لبنان وحزب الله من استمرار الجمود في ملف السلاح

نبه المبعوث الأميركي توماس باراك إلى أن استمرار حزب الله في الاحتفاظ بالسلاح يجعل الكلمات غير كافية. دعا الحكومة اللبنانية والحزب إلى الالتزام الكامل والتحرك الفوري لتجنب استمرار حالة الجمود التي تعيق تقدم البلاد. اعلان

أكد سفير الولايات المتحدة لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا ولبنان توماس باراك أن مصداقية الحكومة اللبنانية تعتمد على قدرتها على التوفيق بين المبادئ والتطبيق. وأوضح أن قادة لبنان كرروا مرارًا ضرورة أن تمتلك الدولة احتكار السلاح وحدها.

وأشار باراك، في منشور له عبر منصة "إكس"، إلى أنه طالما احتفظ حزب الله بالسلاح، فإن الكلمات لن تكون كافية، داعيًا الحكومة وحزب الله إلى الالتزام الكامل والتحرك الفوري لتجنب استمرار حالة الجمود التي تحكم وضع الشعب اللبناني.

الرئيس اللبناني يؤكد تواصله مع حزب الله لحل مسألة السلاح

أشار الرئيس اللبناني جوزاف عون، خلال استقباله في قصر بعبدا وفدًا من "نادي الصحافة" يوم الجمعة 25 تموز/يوليو، إلى أنه يتفهّم شعور الناس وتوقهم إلى الوصول إلى لبنان الذي يحلم به الجميع، لكن المسألة تتطلّب وقتًا، ولا توجد "عصا سحرية" لتحقيق ذلك. وأكد على ضرورة النظر إلى الإيجابيات لتعزيز الأمل، مشيرًا إلى أن الدول الشقيقة والصديقة بدأت تلمس التغييرات الإيجابية التي حصلت، وهذا ما يجب البناء عليه.

وفيما يخص خطر عودة التكفيريين والمنظمات الإرهابية إلى لبنان في ظل ما يحدث في المنطقة والدول المجاورة ومنها سوريا، ركّز على أن "حماية لبنان تقوم على وحدته الداخلية"، مجددًا الإشادة بالمواقف الصادرة من المسؤولين السياسيين والروحيين إزاء ما شهدته السويداء مؤخرًا.

Related الأمين العام لحزب الله يُحذّر من "ثلاثة مخاطر" ويؤكد: جاهزون للمواجهةلبنان يردّ على المقترح الأميركي.. وبرّاك: مصير سلاح حزب الله مسألة "داخلية" مبعوث أميركا يصل بيروت "بشكل مفاجئ" لتسلّم الردّ اللبناني بشأن سلاح حزب الله

أما عن سلاح حزب الله والدعوات إلى إلغاء اللجنة الأمنية بين الجيش والحزب، أعرب الرئيس عون عن استغرابه من الحديث عن وجود مثل هذه اللجنة الأمنية، وكشف عن قيامه شخصيًا باتصالات مع حزب الله لحل مسألة السلاح، موضحًا أن المفاوضات تتقدم ولو ببطء، وأن هناك تجاوبًا حول الأفكار المطروحة في هذا المجال. وشدد على أن أحدًا لا يرغب في الحرب، ولا أحد يملك القدرة على تحمل نتائجها وتداعياتها، ويجب التعامل بموضوعية وروية مع هذا الملف.

وبالنسبة إلى الوضع في الجنوب وانتشار الجيش، أكد أن "الجيش بات منتشرًا في كل المناطق اللبنانية، ما عدا الأماكن التي لا تزال إسرائيل تحتلها في الجنوب، والتي تعيق استكمال هذا الانتشار". واعتبر الأخبار التي تتحدث عن الخوف والقلق من عودة الحرب "أخبارًا مضللة هدفها ضرب العهد لكسب بعض النقاط السياسية فقط".

حزب الله يحذر من الضغوط الأميركية

في 19 تموز/يوليو الماضي، حذر الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، من ثلاث مخاطر يراها تهدد لبنان: أولها "الخطر الإسرائيلي من الجنوب"، وثانيها "تهديد الجماعات المسلحة من الشرق"، وثالثها "الضغوط السياسية والاقتصادية الأميركية الهادفة إلى فرض وصاية"، حسب قوله.

وأضاف أن ما يجري في غزة وسوريا يجب أن يكون "عبرة للبنانيين"، مستشهدًا بتصريح سابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مشروع يُسمّى "ريفييرا"، يهدف إلى إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة، حسب تعبيره.

وأكد قاسم أن "حزب الله لن يتخلى عن عناصر القوة التي يمتلكها"، معلنًا استعداد الحزب لـ"خوض المواجهة إذا فُرضت"، ومشدداً في الوقت نفسه على أن "الاستسلام ليس خيارًا". ولفت إلى "تماسك البيئة المؤيدة للمقاومة"، واستمرار التنسيق مع حركة أمل، بالإضافة إلى "التفاهم مع الرئاسات اللبنانية الثلاث". وأضاف: "طالما نحن على قيد الحياة، فإن إسرائيل لن تحقق أهدافها في لبنان".

وتطرّق قاسم إلى اتفاق وقف إطلاق النار جنوب نهر الليطاني، مؤكدًا أن حزب الله التزم بتطبيقه، وأن الدولة اللبنانية "نشرت الجيش حيث تسنّى لها ذلك"، مقابل ما وصفه بـ"عدم التزام إسرائيلي مستمر"، مشيرًا إلى أكثر من 3800 خرق منذ اندلاع المواجهات الأخيرة قبل ثمانية أشهر.

ورأى أن إسرائيل، بعد إدراكها أن الاتفاق يصب في مصلحة لبنان، "حاولت فرض تعديلات ميدانية"، متهماً واشنطن بطرح صيغة جديدة "تتجاهل الخروقات الماضية وتبرئ إسرائيل من مسؤولية التصعيد"، على حد وصفه.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • انقسام بالمنصات الأردنية حول عبلي.. حرية تعبير أم تهديد للأمن؟
  • التنين ليس عدونا !
  • “الخارجية الفلسطينية” تُدين ردود الفعل الإسرائيلية تجاه الاعتراف بدولة فلسطين
  • الخارجية الفلسطينية تُدين ردود الفعل الإسرائيلية تجاه الاعتراف بدولة فلسطين
  • عاجل. الكلمات لن تكون كافية... باراك ينبه لبنان وحزب الله من استمرار الجمود في ملف السلاح
  • الخارجية: ردود الفعل الإسرائيلية تجاه الاعتراف بدولة فلسطين معادية للسلام
  • عباس إبراهيم: زياد ما عاد محلك هون قررت أن تكون أنت وترحل
  • النيجيرية شيماماندا أديتشي.. معنى أن تكون صاحب بشرة ملوّنة
  • برج الدلو حظك اليوم السبت 26 يوليو 2025.. أفكارك رائعة لكن حاول أن تكون عمليًا أكثر
  • ضحية الأخلاق.. لحظة نقل طالب طب الأسنان للمستشفى| صور