صدى البلد:
2025-05-29@23:36:19 GMT

باتريك وايت..لماذا رفض النجومية والشهرة؟

تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT

في عالم الأدب، كثير من الكتاب يسعون للشهرة، للكاميرات، للتكريمات، وحتى لحفلات الجوائز.

 لكن باتريك وايت، الكاتب الأسترالي الوحيد الحائز على جائزة نوبل في الأدب، سار في الاتجاه المعاكس تمامًا. 

رفض الأضواء، قاطع الإعلام، وامتنع عن حضور حفل نوبل نفسه. 

رفض الحضور إلى حفل نوبل

في عام 1973، أعلنت الأكاديمية السويدية عن فوز باتريك وايت بجائزة نوبل في الأدب، تكريمًا لـ”سردياته الملحمية والمعقدة التي كشفت عمق النفس البشرية”.

 

لكن بدلاً من السفر إلى ستوكهولم لتسلم الجائزة كما يفعل الجميع، أرسل وايت صديقه ومترجمه Barry Humphries نيابة عنه. بالنسبة له، الجائزة كانت شرفًا للأدب، لا مناسبة للعرض أو التصفيق.

قال لاحقًا في حوار نادر:

“الجوائز تُمنَح غالبًا لمن لا يحتاجونها، وأنا لا أحتاج إلى تصفيق المجتمع الثقافي.”

شخصية معقدة… وصراع داخلي دائم

كان وايت معروفًا بعزلته القاسية عن الحياة الثقافية والاجتماعية في سيدني، رغم شهرته الواسعة. 

لم يكن يحب الأحاديث الصغيرة أو الأضواء، واعتبر أن الكاتب كلما اقترب من الحياة العامة، فقد شيئًا من صدقه الفني. تلك العزلة لم تكن مجرد خيار اجتماعي، بل انعكاس لحساسية داخلية عالية، ومعاناة من شعور دائم بالاغتراب كونه كاتبًا مثليًا في مجتمع محافظ، وروائيًا ينتمي لبلد لم يكن الأدب جزءًا من هويته الثقافية الأساسية.

الإبداع في الصمت: “الكلمات تتحدث بدلًا عني”

في مقابلة قصيرة، قال وايت:

“الناس يسألونني: لماذا لا تخرج للناس؟ والجواب بسيط: لقد قلت كل ما أريد في كتبي.”

أعماله، مثل The Tree of Man وVoss، تحمل عمقًا نفسيًا وفلسفيًا كبيرًا، وتغوص في أسئلة الهوية، والروح، والموت، والعزلة تمامًا كما عاشها هو، فليست العزلة هنا هروبًا، بل كانت شرطًا للإبداع.

موقفه من الإعلام..قطيعة كاملة

لم يكن باتريك وايت يحب الإعلام ولا يرى فيه وسيلة مفيدة. بل اعتبر أن الصحافة أفسدت العلاقة بين الكاتب والقارئ، وأن الشهرة المبالغ فيها تُفقد الكاتب سلطته الأدبية.

 ولهذا لم يظهر على التلفاز إلا نادرًا، ولم يجر مقابلات إلا حين شعر أن الأدب أو المبدأ يتطلبان ذلك.


 

طباعة شارك الأدب باتريك وايت جائزة نوبل الإعلام النفس البشرية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأدب جائزة نوبل الإعلام النفس البشرية

إقرأ أيضاً:

اعتدال ميزان الأدب

عكفتُ منذ مدّة على إعادة النظر فـي القصّة القصيرة، وكتبتُ فـيها فـي هذا الركن، وفـي غيره عددًا من المقالات، وعلَّة عودتي إلى القصّة القصيرة، أنّ وجْهًا من السرد مكينًا بصدد التهجين، ولا معنى لهذا التهجين والنّاسُ يميلون بحكم وقْع حياتهم إلى وجيز المقروء ومختصره، ولكن يبدو أنّ قرّاء السرد يميلون بطبعهم إلى وفرة الحكايات وإلى الوقوف على تفاصيلها، وإلى إطالة الحكاية دون إملال.

يستوي ميزان الأدب هذه الأيّام وتُمنح جائزة البوكر العالمية فـي الرواية إلى القصّة القصيرة، إلى شخصيَّة كاتبة تأتي من الهامش المهمَّش، وتستمدّ قوّتها من رصيد تراكميّ فـي الدِّفاع عن حقِّ الإنسان فـي الوجود، فلستُ من أنصار التنظير لقضايا المرأة، والدفاع عن حقوق النسويّة، رغم إيماني بالقهر الذي تتعرَّض له المرأة فـي عوالم متخلّفة ومتطوّرة، ولكنّي أقف نصيرًا لهذه القضايا ضمن إطارٍ أشمل وأعمّ وهو قضايا الإنسان وحقّه فـي الوجود وفـي التعبير وفـي الكون.

لا يكتسب العمل قيمته من دخوله فـي قضايا النسويَّة، وإنّما نعود دوْمًا إلى الأصل فـي الأشياء، إلى الحكاية القصيرة كيف ينبغي أن تكون لتلامس نفس القارئ وتستحوذ عليه. العودة إلى القصَّة القصيرة بالنسبة إليّ عودة إلى أصْلٍ من أُصول القصص يدخل ضمن إطار القصص الوجيز، أو القصص المختَصَر الذي له أدواته المحقِّقة له، من تكثيف وتركيز وتوحيد التبئير، ووحدة الحدث وعدم تنجيم الشخصيّات، وله من التفاصيل باعٌ وذراعٌ، غير أنّ قُدرته ماثلة فـي التكثيف.

عودتي إلى القصص القصير كانت منذ سنة، اهتمامًا وكتابة ونقدًا، رغم أنّي لم أنفصل عن قراءة القصّة القصيرة، وتمتّنت هذه الأيّام باطّلاعي على مجموعتين قصصيتين لا أصفهما سلبا ولا إيجابًا، ولكن أقول أنَّهما فارقتان وحاملتان لتجربتين هامّتين فـي السّرد العربيّ، وهما مجموعة هدى حمد «سأقتل كلّ عصافـيري»، ومجموعة جوخة الحارثي «ليل ينسى ودائعه»، وعلى ما سأقوله لاحقًا فـي هاتين المجموعتين وفـي العودة القويّة إلى القصّة القصيرة، هنالك استعادة لجنس من السّرد له آثارٌ باقية، وله تراكم جميلٌ، وله أيضًا خصوصيّة قد توافق الرغبة فـي الإيجاز وقد لا تتوافق مع ذائقة القارئ النمّام الذي يصيخ السمع لوقْع الحكايات، ويريد منها استطالة واستفاضة.

فـي هذه الأثناء أيضًا -كما سلف أن ذكرتُ- تلتفت جائزة البوكر العالميّة إلى جزئيّات وعوالم من السَّرد أتمنّى من الجوائز العربيّة أن ترتقي إلى تهذيب ذائقتها وتشذيبها، لتبلغ هذا الوعي، هذه الجزئيّات لا تصنع كاتبًا قصصيًّا كبيرًا، ولكن تلفت الانتباه إليه، وتُسلّط الضوء على أعماله ليراه قصير النظر وطويله.

ذلك أنّ فوز الهنديّة بانو مشتاق بجائزة البوكر الدوليّة عن مجموعتها القصصيّة «مصباح القلب» التي ترجمتها الهنديّة ديبا بهاستي، يرجع إلى عوامل عديدة، وليس إلى عامل واحد، كما هو الأمر فـي أغلب الجوائز العربيّة، عاملٌ رئيس وأساسٌ أنّها تكتب قصَّة متحقِّقة، رائجة، وأنّ مجموعتها القصصيّة التي تُرجمت إلى اللغة الإنجليزية هي حصيلة أعمالٍ امتدّت إلى أكثر من 3 عقود، وعاملٌ ثان أنّها ناشطة حقوقيّة ومدافعة عن حقوق المرأة فـي خصوصيَّتها المحليّة، ولم تُفارق أصْلها فـي العمل على النهوض بوضع المرأة التي تعيش منعًا وقهرًا وتسلُّطًا (وهذا موضوعٌ قابل للنقاش)، العامل الثالث، أنّ ثراءً أدبيّا فـي شبه القارّة الهنديّة يُعرض عنه العالم الذي طالما تركّز منظوره على المركز وأشباهه ونظائره، بدأ يخرج إلى العلن، وبدأت المركزيّة الأدبيّة تلتفت إلى الأقاليم النائية التي تحمل عوالم متعددة، وتعرض سرودًا مبينة عن عمق حقٍّ للإنسان.

هذا الاختيار من أعضاء لجنة التحكيم يروقني لأسبابٍ، السبب الأوّل والأساس هو تأكيد الخروج من براثن المركزيّة، ولا أقصد هنا المركزيّة مكانًا بل عقلا وفكرًا، ففـي الهند وفـي غيرها من مناطق العالم أدبٌ جمٌّ وعوالم من الخيال يحتاج القارئ الكونيّ اليوم أن يراها وأن يتعقّلها وأن يبصر أبعادها، السبب الثاني وهو مركز نقاش وجدل، هو الوعي الحقوقيّ للكاتبة، وهذا الوعي الحقوقيّ يشفّ عن تفاعل الذات الكاتبة مع عالمها الصغير، ويشفّ أيضًا عن خصوصيّة ومحليّة هي علَّة الكونيّة، كما كنت أقول دومًا، فلا يُمكن أن نقف على مبادئ كونيّة تُذيب المحليّة المميّزة للذوات والشعوب، لابد من الانغماس فـي المحليّة والإيمان بقضاياها، ومنها يكون الانطلاق إلى قضايا الكون، وهو السبيل الذي لم يؤمن به كاتب عربيّ مهمّ فـي أدائه الشعريّ، تعثَّر فـي التحقّق الكونيّ بسبب لهثه الدائم خلف تحقيق الكونيّة فـي صيغتها الاستعمارية الفجّة، هو أدونيس الذي أعرض عن محليّته وآمن بكونيّة عامّة عائمة، تتشكّل عبر هويّة إنسانيّة يتماثل فـيها البشر، فهل بشر فلسطين اليوم يشبهون بشر أوكرانيا فـي وقْع الإنسانيّة الكونيّة؟ بانو مشتاق منغمسة فـي محليّتها، تكتب بلغة جدّ محليّة هي اللّغة الكاناديّة الضاربة جذورها فـي أعماق الذاتيّة الهنديّة، التي تجري على ألسنة عدد محدود من الهنود (ما يقارب 50 مليونًا)، وتعبّر عن قضايا المرأة المسلمة فـي منطقتها تحديدًا، وتحكي حكايات تُظْهِر انصرافها إلى المقاومة لا إلى شكوى الحال وتسعى إلى البحث عن استرجاع الذات، وهنا مكمن الجدل، فأنا لا أراها ضمن النسويّات الغربيّات، ولا ضمن الأدب النسويّ، ولا أراها أيضا ذائدة عن قضايا المرأة تحمل همّها فـي الحقّ والباطل، وإنّما هي كاتبة واعية بحالِ الإنسان، ومنه حال المرأة، فلمَ لم ينتبه عددٌ ممَّن حملوا الجائزة إلى القضايا النسويّة إلى التعبير عن عبوديّة الرجل للعمل، وعن عدم توفّر وقت له ليمتّع نفسه، فقد عبّرت الكاتبة بشكل واضح فـي عدد ممّا توفّر لي من قصصها عن وقوع العامل الهندي تحت أسْر العمل حتّى يتمكّن من سدّ حاجيّاته الماديّة.

الكاتب إنسان، وهو الأوعى بقضايا الإنسان، بعيدًا عن شعاراتٍ صرْت أمقتها، وهي شعارات النسويّة والأقلّيّات التي تذيب القضيّة الكبرى التي نعيشها اليوم، وهي قضيّة الإنسانيّة. استواء ميزان الأدب فـي أيدي لجان التحكيم مهمّ جدّا لبعثِ أملٍ فـي كونٍ لم ينصفه السّاسة ورجال الأعمال، فلعلّ الأدب أن يُنصفه.

مقالات مشابهة

  • وفاة الكاتب الكيني المشهور نغوغي وا تيونغو عن 87 عاما
  • الجارديان: وفاة الكاتب الكيني نجوجي واثيونجو عن 87 عامًا
  • الكاتب الإنسان.. ما سر التعاطف الواسع مع صنع الله إبراهيم في مرضه؟
  • القصة القصيرة جدًا: إشكالية المفهوم والخصائص
  • فندق حياة ريجنسي أوريكس الدوحة يرحب بتعيين المدير العام الجديد باتريك سيريل بابتيست
  • لماذا اختفى فيديو دفع زوجة ماكرون له من تغطيات وسائل الإعلام الفرنسية؟
  • اعتدال ميزان الأدب
  • عرض فيلم سنو وايت بدار الاوبرا غدًا
  • عرض خاص للفيلم الروائي "سنو وايت" على مسرح الأوبرا الصغير ومناقشة مفتوحة مع صناعه