ضيوف الرحمن يتوافدون إلى المسجد الحرام لأداء «طواف القدوم»
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
أحمد شعبان (مكة المكرمة)
يواصل حجاج بيت الله الحرام من مختلف أنحاء العالم التوافد إلى السعودية لأداء مناسك الحج هذا العام، وسط أجواء روحانية وإيمانية، فيما كشف مدير الأمن العام، رئيس اللجنة الأمنية في الحج، الفريق محمد البسامي، أن فرق الأمن العام أخرجت أكثر من 205 آلاف شخص من مكة لمحاولتهم الحج بلا تصريح.
وخلال أداء «طواف القدوم» لدى وصولهم إلى مكة المكرمة، عبّر بعض الحجيج عن سعادتهم الغامرة لأنهم سيؤدون أخيراً هذه الفريضة لأول مرة.
وحشدت السلطات هذا العام أكثر من 40 جهة حكومية و250 ألف موظف، ورفعت مستوى استعدادها لمواجهة مخاطر الحرارة الشديدة.
وسجلت الإحصائية الصحية السعودية تجاوز إجمالي الخدمات الصحية المقدمة لحجاج بيت الله الحرام حتى أمس، 91 ألف خدمة، وذلك ضمن الجهود المشتركة بين مختلف مكونات المنظومة لتقديم رعاية صحية رفيعة الجودة والكفاءة لتمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم بيسر وأمان.
وشدد علماء من الأزهر على أهمية الضوابط والشروط والإجراءات التي وضعتها السعودية لموسم الحج، بهدف مواجهة ظاهرة الحجاج غير النظاميين، ومنع دخول المخالفين، مؤكدين أنها تحافظ على أمن وسلامة الحجاج، وتمكنهم من أداء المناسك بسهولة ويسر.
وأوضح هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن قرارات المملكة تأتي ضمن إطار السياسة الشرعية التي تراعي المصلحة العامة، خاصة أن الأماكن المقدسة في مكة والمدينة لها قدرة استيعابية معينة، مؤكدين أن التنظيم واجب ديني ووطني، داعين الحجاج إلى الالتزام التام بالإجراءات المعلنة، لأن الهدف الأساسي منها هو تمكين الناس من أداء عباداتهم في أمن وسلام وتنظيم، بعيداً عن الفوضى والتكدس.
وثمَّن عميد كلية القرآن الكريم السابق في جامعة الأزهر، الدكتور عبدالفتاح خضر، الجهود التي تبذلها السعودية للحفاظ على الأمن والنظام في الحرمين الشريفين، وتنظيم دخول الحجيج إلى الأراضي المقدسة، وتيسير حركتهم داخل المشاعر، مثل عرفات ومزدلفة ومنى، وكذلك المسجد النبوي في المدينة المنورة، مشيداً بالإجراءات التنظيمية التي أعلنت عنها المملكة لتنظيم موسم الحج لهذا العام.
ودعا خضر، في تصريح لـ«الاتحاد»، الحجاج إلى الالتزام الكامل بتعليمات المملكة وقوانينها، احتراماً لقدسية المكان، وحرصاً على إنجاح موسم الحج، موضحاً أن أداء فريضة الحج يتطلب الاستطاعة.
وأكد أن من يحاول المراوغة أو التحايل أو دخول الأراضي السعودية خلسة، فإنه يفتقد لشروط القبول، لأن الحج أصبح يُؤدى الآن من قبل ملايين المسلمين، والتنظيم ضروري لتفادي الفوضى.
بدوره، اعتبر المتحدث باسم جامعة الأزهر، الدكتور أحمد زارع، أن الضوابط التي وضعتها المملكة لموسم الحج تُعد خطوة مهمة لتنظيم أداء المناسك ومنع الفوضى، محذراً من عدم التزام بعض الحجاج، وعدم الحصول على التصاريح القانونية المطلوبة، يؤدي إلى تكدس في المشاعر، وزيادة الضغط على الخدمات، وعرقلة سير المناسك.
وأوضح زارع، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن انتظام الحج وسهولة أدائه يتطلبان فرض الإجراءات والغرامات المناسبة، لمنع كل من يحاول أداء الشعيرة من دون أوراق وتصاريح رسمية، حيث إن هذه المخالفات تؤثر سلباً على عمل الجهات المعنية، وتُخرج الأمور عن السيطرة، مما يؤدي إلى إيذاء ضيوف الرحمن.
من جهته، شدد أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، الدكتور مصطفى عرجاوي، على أن المملكة تتحمل مسؤولية عظيمة في تنظيم موسم الحج، وتعمل على توفير بيئة آمنة وصحية تُمكن الحجاج من أداء مناسكهم بعيداً عن المخاطر، مؤكداً أن التعليمات والضوابط التي وُضعت ليست فقط ضرورية بل مشروعة من الناحية الشرعية، لأنها تهدف إلى حفظ النفس البشرية، وهو من المقاصد الكبرى في الشريعة الإسلامية.
تنظيم الدخول
وقال عرجاوي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن أعداد المسلمين في العالم تجاوزت المليار ونصف المليار، ومن يستطيع الحج منهم بالملايين، بينما لا تستوعب المشاعر المقدسة أكثر من مليوني حاج، فيجب وضع نظام صارم لضبط العدد وتنظيم الدخول.
وأضاف أن من يأتي إلى الأراضي المقدسة من دون تصريح يُعرض نفسه والآخرين للخطر، ومن يُمنع من أداء المناسك بسبب هذه الأنظمة فله عذره من الناحية الشرعية، لأن الاستطاعة لا تقتصر على القدرة المادية أو الجسدية، بل تشمل أيضاً الالتزام بالشروط النظامية، والتي تُعد جزءاً من فقه الواقع ومصلحة الجماعة. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الحج الحجاج مكة المكرمة السعودية ضيوف الرحمن الكعبة المشرفة لـ الاتحاد فی تصریح من أداء
إقرأ أيضاً:
ضيوف الرحمن يتوافدون على “مشعر منى” للبدء في أداء مناسكهم وقضاء “يوم التروية”
توافد حجاج بيت الله الحرام صباح اليوم الأربعاء الثامن من شهر ذي الحجة 1446 هـ إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية تقربًا لله تعالى، راجين منه القبول والمغفرة، متّبعين ومقتدين بسنة نبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير في صورة روحانية وإيمانية.
وبيّنت الشريعة السمحة أن قدوم الحجاج بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيها بطريقهم للوقوف بمشعر عرفة سُنّة مؤكدة، ويُحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواءً داخل مكة أو خارجها.
ويبقى الحجاج بمشعر منى إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة، ويتوجهون بعدها للوقوف بعرفة، ثم يعودون إليها بعد “النفرة” من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام “10 – 11 – 12 – 13″، ورمي الجمرات الثلاث (جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى) إلا من تعجّل، وذلك لقوله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى}.
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم، تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي “محسر”.
ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، فبه رمى نبي الله إبراهيم -عليه السلام- الجمار، وذبح فدي إسماعيل -عليه السلام-، ثم أكد نبي الهدى -صلى الله عليه وسلم- هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، واستنّ المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية، منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد “الخيف”، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريبًا من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء من قبله، فعن يزيد بن الأسود قال: “شهدت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف”، وما زال قائمًا حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.
اقرأ أيضاًالمملكةوزير الخارجية يتلقى اتصالاً هاتفيًا من نظيره الأمريكي
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية، فكانت الأولى بمبايعة 12 رجلًا من الأوس والخزرج لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تلتها الثانية وبايعه فيها -عليه السلام- 73 رجلًا وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة، حيث بنى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل “ثبير” قريبًا من شعب بيعة العقبة، إحياءً لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمؤازرته ونصرته.
كما نزلت بها سورة “المرسلات”، لما رواه البخاري عن عبد الله -رضي الله عنه- قال: بينما نحن مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غار “بمنى” إذ نزل عليه “والمرسلات” وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها.
وجاء اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بمشعر منى استشعارًا منها للفترة الزمنية التي يقضيها الحجاج في منى، وإيمانًا من القيادة الرشيدة -أيدها الله- بحجم المتطلبات التي تضمن راحة ضيوف الرحمن خلال فترة أداء مناسكهم.
ووفّرت القيادة الرشيدة -رعاها الله- الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل؛ للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم، وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة، مؤكدةً الجهات الحكومية والخدمية أهمية السعي على تنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامها في موسم الحج.