الإمارات وإسبانيا تتفقان على تنمية شراكتهما الاقتصادية
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
ترأس معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، ومعالي كارلوس كويربو، وزير الاقتصاد والتجارة والأعمال الإسباني، اجتماعات الدورة الخامسة للجنة الاقتصادية المشتركة بين دولة الإمارات ومملكة إسبانيا، التي انعقدت في العاصمة مدريد خلال يومي 2 و3 يونيو 2025، وذلك بحضور كبار المسؤولين من الجهات الحكومية من البلدين.
واتفقت حكومتا البلدين خلال الاجتماع على خطة عمل تتضمن برنامج تعاون اقتصادي مشترك في عدد من القطاعات ذات الأولوية، والعمل على تحقيق مستويات أعلى من الشراكة والتنسيق في المرحلة المقبلة على الصعيدين الحكومي والخاص في مجالات الاقتصاد الجديد، والسياحة، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية، وريادة الأعمال، وذلك بهدف تعزيز التنسيق المؤسسي، وتحفيز الاستثمارات المتبادلة، وتوسيع نطاق الشراكات في الأسواق الإقليمية والدولية، بما يدعم مستهدفات النمو المستدام في البلدين الصديقين.
أخبار ذات صلة
وأكد معالي عبدالله بن طوق المري أن دولة الإمارات ومملكة إسبانيا تجمعهما علاقات اقتصادية قوية واستراتيجية، وذلك في ظل الرؤى المشتركة للبلدين الصديقين لتطوير أوجه التعاون بصورة شاملة، إذ تمثل الدورة الحالية من اللجنة محطة مهمة وجديدة في مسيرة الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وتسهم في وضع خطط عمل واضحة لتعزيز التعاون الاقتصادي، بما يسهم في دفع العلاقات الاقتصادية إلى مستويات أكثر تقدماً وازدهاراً، خاصة في القطاعات المستقبلية المرتبطة بالاقتصاد الجديد، مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة واللوجستيات والصناعة، مشيراً إلى أن هذه الجهود تأتي في إطار التوجهات الاستراتيجية للدولة ومستهدفات رؤية «نحن الإمارات 2031» لتعزيز مكانتها كمركز اقتصادي عالمي جاذب ومؤثر.
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين نمواً متسارعاً، حيث سجلت التجارة غير النفطية بين الإمارات وإسبانيا رقماً قياسياً بلغ 3.3 مليارات دولار في عام 2024، بنمو 17% عن العام السابق، ما يعكس ديناميكية التبادل التجاري والتكامل في سلاسل القيمة. كما أن الإمارات تُعد أكبر مستثمر عربي في إسبانيا بأكثر من 7 مليارات دولار، في حين تواصل الاستثمارات الإسبانية في الدولة نموها لتبلغ أكثر من 408 ملايين دولار، مما يعزز المكانة المتبادلة بين البلدين كشركاء استراتيجيين.
وقال معالي ابن طوق: نتطلع من خلال هذه اللجنة إلى ترجمة هذه المؤشرات إلى مبادرات تنفيذية ملموسة في قطاعات رئيسية مثل الطاقة المتجددة، واللوجستيات، والصناعة، والتحول الرقمي، إلى جانب دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بما يدعم التوسع في أسواق خارجية.
وأضاف معالي ابن طوق: اتفقنا خلال اجتماع اللجنة المشتركة على برنامج تعاون اقتصادي متكامل للمرحلة المقبلة تشارك فيه جهات حكومية وخاصة في الإمارات وإسبانيا، يركز على القطاعات الاقتصادية المستقبلية، بما يحفز الاستثمارات النوعية، ويعزز قنوات التواصل بين القطاعين الحكومي والخاص، ويدعم خلق فرص تنموية جديدة ويدفع العلاقات الاقتصادية نحو آفاق أكثر تقدماً، ويصب في ترسيخ مكانتهما كقوى اقتصادية في الشرق الأوسط وأوروبا.
وتضمن جدول أعمال اللجنة مناقشات موسعة بين ممثلي الجهات الحكومية ومجتمعي الأعمال في البلدين، تناولت آليات تنويع التبادل التجاري، وتعزيز بيئة الاستثمار في قطاعات ذات اهتمام مشترك، إلى جانب تنظيم فعاليات اقتصادية مصاحبة لتسليط الضوء على الفرص التجارية والاستثمارية الواعدة في أسواق البلدين.
كما بحث الجانبان الإماراتي والإسباني فرص التعاون في عدد من المجالات الاقتصادية ذات الاهتمام المشترك لكليهما، من أبرزها قطاعات الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري، والتقنيات الزراعية، والأمن الغذائي، إلى جانب أهمية تعزيز الشراكة وتوسيع مسارات التنمية المتبادلة.
وخلال الاجتماع، استعرض الجانبان الرؤى المشتركة لتعزيز التعاون بين دولة الإمارات وأوروبا، والعمل على تعزيز انسيابية التجارة وتطوير الشراكات المستقبلية بين دولة الإمارات ودول منطقة اليورو، مؤكدين أهمية الحفاظ على التنسيق المستمر بما يصب في نمو واستدامة اقتصاديهما.
ورحب الجانبان بمذكرة التفاهم الموقعة مؤخراً بين اتحاد غرف التجارة والصناعة الإماراتية وغرفة التجارة الإسبانية، والتي تهدف إلى تأسيس مجلس أعمال مشترك يعمل على تحفيز التواصل بين القطاع الخاص في البلدين، ودعم المبادرات الثنائية في ميادين التجارة والاستثمار.
واتفق الطرفان خلال الاجتماع على ضرورة البدء في توسيع تعاونهما في أسواق خارجية، خصوصاً في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، عبر برامج استثمارية مشتركة تستهدف مشاريع نوعية في البنية التحتية والطاقة والتحول الرقمي والخدمات اللوجستية، إذ تُعد دولة الإمارات اليوم من أبرز مراكز الربط التجاري واللوجستي على مستوى العالم، بفضل ما توفره من بنية تحتية وتقنية مرنة لوسائل النقل البحري والجوي والبري، تتميز بأعلى مستويات الجاهزية والكفاءة والأمان في توزيع السلع والبضائع. حيث رسخت الدولة مكانتها في منظومة التجارة العالمية، مدعومة بريادتها في تطوير ممرات تنموية متقدمة وفق أعلى المعايير العالمية.
وتطرق الجانبان خلال الاجتماع إلى الآليات اللازمة لتسهيل تدفقات الاستثمار، مع التركيز على قطاعات الصحة، والطاقة المتجددة، والطاقة النووية، والتكنولوجيا المتقدمة، والابتكار الصناعي، مؤكدين أهمية تيسير عمل المستثمرين لدخول أسواق البلدين وتعزيز الثقة المتبادلة بما يصب في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الإمارات وإسبانيا، خاصة أن دولة الإمارات تعد ثالث أكبر شريك تجاري عربي لإسبانيا، فيما تحتل إسبانيا المرتبة السادسة بين أكبر الشركاء التجاريين في الاتحاد الأوروبي لدولة الإمارات.
وشهد الاجتماع أيضاً مناقشة سبل تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والروبوتات، والمواد المتقدمة، والرعاية الصحية، مع التركيز على تطوير الأبحاث المشتركة وربطها بالتطبيقات الصناعية، باعتبارها أساساً لتطوير برنامج ابتكار مشترك بين الجانبين.
كما أكد الجانبان أهمية تطوير مبادرات نوعية مشتركة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ودعم توسعها وانتقالها بين أسواق البلدين، وتوفير برامج تمويل ملائمة لتسريع نموها، والعمل على تشجيع مزيد من الشراكات بين القطاع الخاص في البلدين.
واستعرض الجانبان مؤشرات النمو في قطاع السياحة بين البلدين للعام 2024، حيث بلغ عدد نزلاء المنشآت الفندقية القادمين من إسبانيا في دولة الإمارات نحو 150,231 نزيلاً، مقارنة بـ 131,673 نزيلاً في 2023، كما توجد 192 رحلة طيران شهرياً للناقلات الوطنية الإماراتية إلى مختلف المدن الإسبانية.
واتفق الجانبان على تسريع التنسيق بين الجهات المعنية في البلدين بهدف تعزيز التدفقات السياحية، وتنظيم فعاليات ترويجية مشتركة تُسلّط الضوء على المعالم الثقافية والسياحية المتميزة في الإمارات وإسبانيا، لا سيّما أن البلدين يُعدّان من أبرز الوجهات السياحية عالمياً بما يمتلكانه من مقومات سياحية جاذبة وتنافسية.
وعلى هامش الاجتماع، انعقد منتدى الأعمال الإماراتي الإسباني، بحضور ومشاركة عدد من الهيئات الممثلة عن القطاعين الحكومي والخاص في البلدين، حيث استعرض الحضور التطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وإسبانيا، ودورها في دفع التعاون إلى مراحل متطورة من التنسيق والتفاهم، خاصة في المجالات الاستثمارية ذات الأهمية، وتطوير آليات جديدة لتعزيز التواصل المباشر بين مجتمعي الأعمال، ورفع مستوى التعاون بين الشركات في البلدين.
وسلّط المنتدى الضوء على مؤشرات التبادل التجاري والاستثماري المتنامي بين الجانبين، إلى جانب استعراض البيئة الاستثمارية المرنة والمحفزة التي توفرها دولة الإمارات، ومن ضمنها السماح بالتملك الأجنبي للشركات بنسبة 100%، وسهولة تأسيس الشركات والأنشطة الاقتصادية المتنوعة بشكل رقمي في أكثر من 2000 نشاط اقتصادي، وإتاحة أكثر من 40 منطقة حرة في الدولة تقدم حوافز استثنائية، بالإضافة إلى أنظمة تنافسية للإقامة طويلة الأمد لمدد تتراوح بين خمس أو عشر سنوات، للمستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب المواهب.
ودعا معالي عبدالله بن طوق مجتمع الأعمال الإسباني إلى الاستفادة من الممكنات والفرص التي تتيحها بيئة الأعمال في الإمارات، التي تتميز بانفتاحها وتنوعها، وبما توفره من بنية تحتية تقنية وتشريعية مرنة ومحفّزة على النمو والتوسع، خاصة مع وجود أكثر من 3 آلاف رخصة تجارية لشركات مملوكة بالكامل أو جزئياً لمستثمرين من الجنسية الإسبانية، مما يعكس متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والثقة المتبادلة في مناخ الأعمال والاستثمار في الدولة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: عبدالله بن طوق
إقرأ أيضاً:
الإمارات تواصل استجابتها الإنسانية تجاه الأشقاء في غزة
خالد عبدالرحمن، عبد الله أبو ضيف، أحمد عاطف (أبوظبي، القاهرة)
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة الاستجابة الإنسانية تجاه الأشقاء في غزة، سعياً لتخفيف وطأة الأوضاع الكارثية هناك.
وضمن هذه الرسالة الإنسانية الراسخة، أرسلت دولة الإمارات أكثر من 78122 طناً من الإمدادات الإغاثية العاجلة، تم إيصالها عبر مختلف الوسائل الجوية والبرية والبحرية لضمان وصول الدعم للمحتاجين بأسرع وقت.
كما قدمت دعماً إغاثياً بقيمة تجاوزت 1.5 مليار دولار أميركي، حيث تصدرت دولة الإمارات قائمة الدول الأكثر دعماً لغزة، وفقاً لخدمة التتبع المالي التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا».
كما استقبلت 2630 مريضاً ومصاباً مع مرافقيهم، بينهم مرضى سرطان، تم إجلاؤهم إلى الإمارات عبر 25 رحلة جوية لتلقي الرعاية العلاجية في مستشفياتها.
وقدم المستشفى الميداني الإماراتي في مدينة رفح والمستشفى العائم في مدينة العريش المصرية، أكثر من 72 ألف خدمة طبية لأهالي القطاع.
حملة تطعيم
نفذت دولة الإمارات حملة تطعيم شاملة ضد شلل الأطفال لأكثر من 640 ألف طفل، ضمن جهود وقائية لحماية الأجيال القادمة من الأمراض المعدية.
وفي إطار الجهود لتأمين الاحتياجات الأساسية، تم إنشاء 6 محطات تحلية تنتج مليوني جالون مياه يومياً، يجري ضخها إلى قطاع غزة، لتوفير مياه الشرب النقية للمتضررين.
كما تم تشغيل 30 مخبزاً آلياً ويدوياً لإنتاج الخبز يومياً، إضافة إلى 30 مخبزاً مجتمعياً وتكية خيرية تعمل على تقديم الوجبات الساخنة يومياً لنحو 100 ألف شخص.
وتُبرز هذه الجهود التزام الدولة بدعم الشعب الفلسطيني الشقيق في أوقات الحاجة، وستواصل تقديم هذا الدعم لمن هم في أمسّ الحاجة إليه.
خبراء لـ«الاتحاد»: الإمارات لا تدخر جهداً لإيصال المساعدات إلى القطاع
أوضح أحمد حسني، المتحدث باسم حركة «فتح» في قطاع غزة، أن دولة الإمارات لا تدخر جهداً في البحث عن حلول لإيصال المساعدات إلى أهالي غزة رغم الحصار الشديد المفروض على القطاع، مشيداً بدورها المحوري في الحد من الأزمة الإنسانية بشتى الوسائل.
وذكر حسني، في تصريح خاص لـ«الاتحاد»، أن الإمارات اعتمدت، عبر مبادرات مثل «الفارس الشهم» و«طيور الخير»، على الإسقاط الجوي، بالإضافة إلى استخدام المعابر البرية، وقد تبعتها في ذلك مصر والأردن ودول أخرى، مشيراً إلى استمرارية عمليات الإمداد منذ نوفمبر 2023، عبر مئات القوافل والطائرات والسفن، مما يمثل شريان حياة لمئات الآلاف من الأسر الفلسطينية، في ظل الحصار غير المسبوق، وعمليات التجويع الممنهجة.
وأشار إلى أن الجهود الإماراتية لاقت ترحيباً واسعاً من أهالي غزة الذين وجدوا في الإمارات سنداً عربياً حقيقياً، موضحاً أن الشهادات التي نقلها سكان القطاع تؤكد حجم الدور الإماراتي في سد الفجوة الإنسانية، خاصة مع تعطل أو تأخر المساعدات من جهات أخرى.
ونوه حسني بأن الإمارات قدمت مثالاً فريداً للإغاثة الفعالة، حيث شكلت مساعداتها ما يقارب نصف حجم المساعدات الدولية الموجهة إلى غزة، بفضل حراك دبلوماسي فاعل قادته مع جهات دولية، مما أسهم في تجاوز العوائق الأمنية والسياسية.
نموذج بارز
أكد حابس الشروف، مدير مركز أبحاث الأمن القومي الفلسطيني، أن الشعب الفلسطيني يثمن عالياً كل جهد عربي أو إسلامي في تقديم العون، سواء قبل أو بعد السابع من أكتوبر 2023.
وبيّن الشروف، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن المساعدات الإماراتية مثلت نموذجاً بارزاً للدعم المستمر، من خلال مبادرة «الفارس الشهم 3» التي أسست مستشفيات ميدانية، وقدمت الرعاية الصحية داخل غزة وفي الإمارات، حيث لا يزال عدد من الجرحى يتلقون العلاج في مستشفيات الدولة.
وأشار إلى أن عمليات الإسقاط الجوي التي نفذتها الإمارات أسهمت بشكل كبير في التخفيف من آثار الأزمة الإنسانية، عبر إسقاط آلاف الأطنان من المواد الغذائية والطبية، مؤكداً أن المساعدات الجوية عززت الاستجابة الإنسانية، خاصة بالتنسيق مع دول أخرى، مثل الأردن، مما وسع نطاق التأثير الإنساني، وكرس أهمية التعاون الدولي.
وشدد الشروف على ضرورة تطوير آلية تنفيذ عمليات الإسقاط الجوي، نظراً للتحديات اللوجستية التي تواجهها، مثل سقوط الشحنات في مناطق القتال أو في البحر، وصعوبة وصول السكان إليها.