تهاني العيد.. بين الأصالة والحداثة
تاريخ النشر: 8th, June 2025 GMT
خولة علي (أبوظبي)
تشهد الساعات الأولى من صباح عيد الأضحى المبارك تدفقاً كثيفاً لرسائل التهاني والمباركات عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، في مشهد يعكس التحول الرقمي الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من طقوس العيد. وبين مقاطع الفيديو المصورة، والبطاقات المصممة رقمياً، والمكالمات المرئية التي تعبر القارات، تبدو التكنولوجيا اليوم حاضرة بقوة في تفاصيل العلاقات العائلية، لاسيما بين مَن فرّقتهم المسافات وجمعتهم الروابط.
فضاءات
ولم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد أدوات ترفيهية، بل تحولت إلى فضاءات حيوية تعيد تشكيل علاقاتنا الإنسانية، وعلى رأسها الروابط العائلية، لاسيما في المناسبات ذات الطابع الوجداني كالأعياد. وترى الخبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني خلود الحبسي أن التكنولوجيا الرقمية أتاحت للأسرة العربية سبلاً جديدة للتواصل، لاسيما بين الأقارب الذين فرقتهم الجغرافيا أو ظروف العمل والغربة. إذ أصبح بإمكانهم، عبر تطبيقات مثل «واتساب» و«سناب شات» و«إنستجرام»، مشاركة لحظات العيد بالصوت والصورة، وإرسال التهاني والبطاقات المصممة شخصياً، في لحظات تلامس الوجدان وتبعث في النفس شعوراً بالانتماء والاحتواء.
وتشير الحبسي إلى أن هذه المنصات الرقمية، وإن كانت قد فتحت نوافذ جديدة للتواصل، فهي لا تغني بالكامل عن اللقاء الواقعي الذي يحمل في تفاصيله دفء المصافحة، وحرارة اللقاء، وبهجة الضيافة، ما لا يمكن تقليده عبر شاشة. وبالرغم من ذلك، فإن القيمة الرمزية للتواصل الرقمي تظل بالغة، لاسيما حين يصبح الخيار الوحيد الممكن، كما هو الحال لدى المغتربين أو كبار السن الذين لا يستطيعون التنقل.
وتتحدث الحبسي كذلك عن الآثار المتباينة للتكنولوجيا على العادات الاجتماعية، حيث أسهمت في نشر روح العيد وتوسيع دائرة المشاركة، لكنها في المقابل أدت إلى تراجع بعض الطقوس التقليدية، مثل الزيارات العائلية وتبادل المجالس. فالمعايدة باتت أحياناً مجرد رسالة موحدة ترسل جماعياً، تفقد شيئاً من الروح الشخصية والعاطفية.
وتؤكد الحبسي أن الحل لا يكمن في الانفصال عن التكنولوجيا، بل في تبني وعي اجتماعي يجعل منها أداة داعمة للروابط الإنسانية، لا بديل عنها. فالعيد في جوهره، ليس لحظة رقمية، بل مناسبة إنسانية تستحق أن تعاش بكل تفاصيلها الحية. ولعل التحدي الأبرز في هذا العصر هو الحفاظ على حرارة العلاقات في زمنٍ يبرد فيه الوجدان أمام شاشات مضيئة.
بالصوت والصورة
يرى المتخصص الاجتماعي خالد الكعبي أن التواصل الرقمي، بالرغم ما يوفره من حلول مؤقتة، لا يمكن أن يعوض اللقاءات الشخصية والوجدانية التي تميز العيد، لاسيما أن طقوس العيد مليئة بالتفاصيل الحسية التي لا يمكن للشاشات أن تنقلها، كالعناق وتبادل العيديات والجلوس الجماعي حول السفرة. ويشير الكعبي إلى أن بعض فئات المجتمع، ما زالوا يجدون فرحة العيد الحقيقية في اللقاء الواقعي وليس في تهنئة مكتوبة أو مكالمة عابرة.
أما فيما يخص أثر التكنولوجيا على العادات والتقاليد الاجتماعية المرتبطة بالأعياد، يقول الكعبي: الصورة تحمل جوانب إيجابية وأخرى سلبية. فمن جهة، ساعدت التكنولوجيا في تعزيز التواصل مع الأقارب البعيدين، وتوثيق لحظات العيد بالصوت والصورة، ونشر التقاليد وتعزيز الهوية الثقافية، بل وساهمت أيضاً في نشر المحتوى الديني والتوعوي الذي يضفي على العيد بعداً روحياً. ومن جهة أخرى، فإن الإفراط في استخدام الوسائل الرقمية قد أدى إلى ضعف صلة الرحم، وسطحية المشاعر، والانشغال بالتصوير على حساب التفاعل الحقيقي، فضلاً عن فقدان الخصوصية والتأثير السلبي للشاشات على الأطفال، الذين قد ينشغلون بالألعاب الرقمية بدلاً من مشاركة الأقارب فرحة العيد.
وفي خضم هذه التحولات، يبقى التوازن هو الحل الأمثل، كما يؤكد المتخصص خالد الكعبي، حيث يفترض أن تكون التكنولوجيا وسيلة داعمة ومساندة، وألا تكون بديلاً عن اللقاءات الإنسانية الحقيقية التي تبني الذاكرة العاطفية وترسخ القيم الاجتماعية الأصيلة.
توثيق اللحظات
وتشير شيخة النقبي (ولية أمر) بأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دوراً محورياً في حياتنا اليومية، حيث سهلت العديد من جوانب الحياة، لاسيما في المناسبات الاجتماعية المهمة كالأعياد. وتقول: أصبحت هذه الوسائل جسراً يصل بيني وبين أحبتي، لاسيما أولئك الذين يعيشون خارج الدولة للعلاج أو الدراسة. وبات بإمكاننا أن نرى وجوههم، ونسمع أصواتهم، ونتبادل التهاني عبر مكالمات الفيديو، فنشعر بأن المسافات قد تقلصت، وأن العيد يجمعنا على الرغم من بعد المسافات. وتوضح أن هذه الوسائل، على الرغم من فوائدها العديدة، لا يمكنها أبداً أن تعوض اللقاءات الشخصية، فهناك فرق شاسع بين السلام عبر الشاشة والسلام باليد، بين أن تسمع صوتاً وبين أن تحضن شخصاً عزيزاً عليك. والتكنولوجيا تخفف من مشاعر الغربة، لكنها لا تنقل دفء اللقاء الحقيقي، ولا تضاهي جمعة العائلة حول مائدة واحدة، ومشاعر الفرح التي تتسلل إلى القلوب في لحظات اللقاء الواقعي. وتقول: التكنولوجيا يسّرت نشر الأخبار السعيدة داخل العائلة، وساعدت في توثيق أجمل اللحظات، بل وحتى في تعريف المجتمعات الأخرى بعاداتنا وتقاليدنا. ولكن للأسف، لوحظ أن البعض بات يكتفي برسالة أو مكالمة قصيرة بدلاً من الزيارة.
وتشير بدرية عبدالله ولية أمر لا يمكن أن أعّبر عن مدى فرحتي عندما تصلني رسالة تهنئة بالعيد على هاتفي عابرة الحدود والمسافات من شخص تربطني به ذكريات الطفولة، وبالرغم من انقطاع التواصل بيننا لسنوات طويلة، فقد أنعشت هذه الرسالة علاقتنا من جديد.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: العيد عيد الأضحى الإمارات العيدية الذكاء الاصطناعي لا یمکن
إقرأ أيضاً:
Nvidia تجمع بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية في سباق التكنولوجيا الكبرى
في الوقت الذي غيّر فيه إيرل ساندويتش طريقة تناول الطعام بدمجه الخبز مع اللحم، تسعى شركات التكنولوجيا الكبرى حاليًا إلى دمج اثنين من أقوى التقنيات الحديثة: الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، في سباق محموم لإعادة تعريف قدرات الحوسبة العالمية.
ورغم شهرة شركة Nvidia (رمزها في ناسداك: NVDA) بكونها لاعبًا محوريًا في مجال الذكاء الاصطناعي، فإنها تعمل كذلك على دفع عجلة الابتكار في مجال الحوسبة الكمومية، مما يجعلها خيارًا ذكيًا للمستثمرين الذين يسعون للحصول على تعرض مزدوج لهذين المجالين الصاعدين.
قوة Nvidia في الذكاء الاصطناعيتحتل Nvidia مكانة ريادية يصعب تجاوزها في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي، إذ تقدم مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات في هذا المجال، منها:
Nvidia AI Foundry: منصة متكاملة لبناء نماذج ذكاء اصطناعي مخصصة، تشمل النماذج اللغوية الكبيرة والمساعدات الذكية.
Nvidia AI Enterprise: حزمة أدوات برمجية سحابية تشمل مكتبات وأُطر عمل لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
أما على مستوى العتاد، فإن معمارية Blackwell الجديدة لمعالجات الرسوميات (GPU) تمثل قلب القوة الحاسوبية لـ Nvidia في الذكاء الاصطناعي، وتحظى بطلب هائل من مراكز البيانات العملاقة.
وفي يوليو الماضي، أعلنت شركة CoreWeave أنها أصبحت أول مزود سحابي يقدّم هذه المعمارية الثورية، متيحة إياها لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والرسوميات، والحوسبة فائقة الأداء. وسارت على خطاها شركة Nebius، التي بدأت بتوفير بنية Blackwell في أوروبا، وتعمل حاليًا على إنشاء مركز بيانات مخصص لها في ولاية نيوجيرسي الأمريكية.
بعكس شركات مثل IonQ وRigetti التي تبني حواسيب كمومية فعلية، تتبنى Nvidia نهجًا مختلفًا لكنه ضروري: الدمج بين الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي.
وقد كشفت الشركة عن خطط لإنشاء مركز بحثي جديد في بوسطن، يدمج شريحة Nvidia GB200 Grace Blackwell فائقة القدرة مع العتاد الكمومي، بهدف تسريع ما يعرف بالحوسبة الكمومية المتقدمة.
وتقول Nvidia إن هذه المبادرة ستساهم في مواجهة أبرز التحديات في هذا المجال، مثل تقليل التشويش في وحدات "الكيوبت" – الوحدة الأساسية في الحوسبة الكمومية – وتحويل المعالجات الكمومية التجريبية إلى أجهزة عملية قابلة للاستخدام.
كما قدمت Nvidia 2,020 وحدة GPU من طراز H100 مرتبطة بمنصة الاتصال Quantum-2 InfiniBand إلى المعهد الوطني الياباني للعلوم الصناعية المتقدمة (AIST)، وذلك لدعم مشروع ABC1-Q، الذي يعد أكبر حاسوب فائق بحثي في العالم مخصص للحوسبة الكمومية.
وقد تم دمج هذا النظام مع منصة CUDA-Q مفتوحة المصدر، وهي منصة هجينة تساعد في تشغيل تطبيقات الحوسبة الكمومية الضخمة.
وفي تعليق له على هذا التعاون، قال تيم كوستا، مدير الهندسة المساعدة في Nvidia:"الدمج السلس بين العتاد الكمومي والذكاء الاصطناعي سيعجل بتحقيق وعد الحوسبة الكمومية.
تعاوننا مع AIST سيحفز التقدم في مجالات مثل تصحيح أخطاء الكم وتطوير التطبيقات – وهي ضرورية لبناء حواسيب كمومية فائقة عملية."
هل Nvidia خيار استثماري مثالي للذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية؟رغم وجود عدد كبير من الشركات في مجالي الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، فإن Nvidia تبرز كواحدة من القلائل التي تعمل بنشاط في كلا المجالين، مما يجعلها خيارًا منطقيًا للمستثمرين الذين يسعون لتجميع استثماراتهم في شركة واحدة ذات تعرض مزدوج.
وعلى صعيد التقييمات، يتم تداول سهم Nvidia عند مضاعف ربحية يبلغ 56 مرة للأرباح الماضية، وهو ما قد يبدو مرتفعًا للوهلة الأولى، لكنه أقل من متوسطها التاريخي البالغ 70 ضعفًا خلال السنوات الخمس الماضية، ما يعكس استعداد المستثمرين لدفع علاوة نظير ريادتها في السوق.
بينما يشهد كل من الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية نموًا متسارعًا، فإن Nvidia تقف في نقطة التقاطع بين المجالين، مما يمنحها موقعًا فريدًا في خارطة الابتكار العالمي.
رغم بعض التقلبات المتوقعة خلال نضوج هذه القطاعات، فإن Nvidia تظل مرشحة بقوة لتحقيق مكاسب طويلة الأجل للمستثمرين الباحثين عن الريادة التكنولوجية.