صحيفة الاتحاد:
2025-10-16@08:22:06 GMT

تهاني العيد.. بين الأصالة والحداثة

تاريخ النشر: 8th, June 2025 GMT

خولة علي (أبوظبي)

تشهد الساعات الأولى من صباح عيد الأضحى المبارك تدفقاً كثيفاً لرسائل التهاني والمباركات عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، في مشهد يعكس التحول الرقمي الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من طقوس العيد. وبين مقاطع الفيديو المصورة، والبطاقات المصممة رقمياً، والمكالمات المرئية التي تعبر القارات، تبدو التكنولوجيا اليوم حاضرة بقوة في تفاصيل العلاقات العائلية، لاسيما بين مَن فرّقتهم المسافات وجمعتهم الروابط.

وفي ظل هذه التغيرات المتسارعة، تبرز الحاجة إلى فهم أعمق لدور هذه الوسائل الحديثة في الحفاظ على روح العيد ومكانته الاجتماعية والوجدانية، المتمثلة في الزيارات ودفء اللقاء. 

أخبار ذات صلة «أفلام العيد».. أكشن وكوميديا محمد بن راشد يستقبل المهنئين بعيد الأضحى المبارك


فضاءات
ولم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد أدوات ترفيهية، بل تحولت إلى فضاءات حيوية تعيد تشكيل علاقاتنا الإنسانية، وعلى رأسها الروابط العائلية، لاسيما في المناسبات ذات الطابع الوجداني كالأعياد. وترى الخبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني خلود الحبسي أن التكنولوجيا الرقمية أتاحت للأسرة العربية سبلاً جديدة للتواصل، لاسيما بين الأقارب الذين فرقتهم الجغرافيا أو ظروف العمل والغربة. إذ أصبح بإمكانهم، عبر تطبيقات مثل «واتساب» و«سناب شات» و«إنستجرام»، مشاركة لحظات العيد بالصوت والصورة، وإرسال التهاني والبطاقات المصممة شخصياً، في لحظات تلامس الوجدان وتبعث في النفس شعوراً بالانتماء والاحتواء.
وتشير الحبسي إلى أن هذه المنصات الرقمية، وإن كانت قد فتحت نوافذ جديدة للتواصل، فهي لا تغني بالكامل عن اللقاء الواقعي الذي يحمل في تفاصيله دفء المصافحة، وحرارة اللقاء، وبهجة الضيافة، ما لا يمكن تقليده عبر شاشة. وبالرغم من ذلك، فإن القيمة الرمزية للتواصل الرقمي تظل بالغة، لاسيما حين يصبح الخيار الوحيد الممكن، كما هو الحال لدى المغتربين أو كبار السن الذين لا يستطيعون التنقل.
وتتحدث الحبسي كذلك عن الآثار المتباينة للتكنولوجيا على العادات الاجتماعية، حيث أسهمت في نشر روح العيد وتوسيع دائرة المشاركة، لكنها في المقابل أدت إلى تراجع بعض الطقوس التقليدية، مثل الزيارات العائلية وتبادل المجالس. فالمعايدة باتت أحياناً مجرد رسالة موحدة ترسل جماعياً، تفقد شيئاً من الروح الشخصية والعاطفية.
وتؤكد الحبسي أن الحل لا يكمن في الانفصال عن التكنولوجيا، بل في تبني وعي اجتماعي يجعل منها أداة داعمة للروابط الإنسانية، لا بديل عنها. فالعيد في جوهره، ليس لحظة رقمية، بل مناسبة إنسانية تستحق أن تعاش بكل تفاصيلها الحية. ولعل التحدي الأبرز في هذا العصر هو الحفاظ على حرارة العلاقات في زمنٍ يبرد فيه الوجدان أمام شاشات مضيئة.

بالصوت والصورة
يرى المتخصص الاجتماعي خالد الكعبي أن التواصل الرقمي، بالرغم ما يوفره من حلول مؤقتة، لا يمكن أن يعوض اللقاءات الشخصية والوجدانية التي تميز العيد، لاسيما أن طقوس العيد مليئة بالتفاصيل الحسية التي لا يمكن للشاشات أن تنقلها، كالعناق وتبادل العيديات والجلوس الجماعي حول السفرة. ويشير الكعبي إلى أن بعض فئات المجتمع، ما زالوا يجدون فرحة العيد الحقيقية في اللقاء الواقعي وليس في تهنئة مكتوبة أو مكالمة عابرة.
أما فيما يخص أثر التكنولوجيا على العادات والتقاليد الاجتماعية المرتبطة بالأعياد، يقول الكعبي: الصورة تحمل جوانب إيجابية وأخرى سلبية. فمن جهة، ساعدت التكنولوجيا في تعزيز التواصل مع الأقارب البعيدين، وتوثيق لحظات العيد بالصوت والصورة، ونشر التقاليد وتعزيز الهوية الثقافية، بل وساهمت أيضاً في نشر المحتوى الديني والتوعوي الذي يضفي على العيد بعداً روحياً. ومن جهة أخرى، فإن الإفراط في استخدام الوسائل الرقمية قد أدى إلى ضعف صلة الرحم، وسطحية المشاعر، والانشغال بالتصوير على حساب التفاعل الحقيقي، فضلاً عن فقدان الخصوصية والتأثير السلبي للشاشات على الأطفال، الذين قد ينشغلون بالألعاب الرقمية بدلاً من مشاركة الأقارب فرحة العيد.
وفي خضم هذه التحولات، يبقى التوازن هو الحل الأمثل، كما يؤكد المتخصص خالد الكعبي، حيث يفترض أن تكون التكنولوجيا وسيلة داعمة ومساندة، وألا تكون بديلاً عن اللقاءات الإنسانية الحقيقية التي تبني الذاكرة العاطفية وترسخ القيم الاجتماعية الأصيلة.

توثيق اللحظات
وتشير شيخة النقبي (ولية أمر) بأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دوراً محورياً في حياتنا اليومية، حيث سهلت العديد من جوانب الحياة، لاسيما في المناسبات الاجتماعية المهمة كالأعياد. وتقول: أصبحت هذه الوسائل جسراً يصل بيني وبين أحبتي، لاسيما أولئك الذين يعيشون خارج الدولة للعلاج أو الدراسة. وبات بإمكاننا أن نرى وجوههم، ونسمع أصواتهم، ونتبادل التهاني عبر مكالمات الفيديو، فنشعر بأن المسافات قد تقلصت، وأن العيد يجمعنا على الرغم من بعد المسافات. وتوضح أن هذه الوسائل، على الرغم من فوائدها العديدة، لا يمكنها أبداً أن تعوض اللقاءات الشخصية، فهناك فرق شاسع بين السلام عبر الشاشة والسلام باليد، بين أن تسمع صوتاً وبين أن تحضن شخصاً عزيزاً عليك. والتكنولوجيا تخفف من مشاعر الغربة، لكنها لا تنقل دفء اللقاء الحقيقي، ولا تضاهي جمعة العائلة حول مائدة واحدة، ومشاعر الفرح التي تتسلل إلى القلوب في لحظات اللقاء الواقعي. وتقول: التكنولوجيا يسّرت نشر الأخبار السعيدة داخل العائلة، وساعدت في توثيق أجمل اللحظات، بل وحتى في تعريف المجتمعات الأخرى بعاداتنا وتقاليدنا. ولكن للأسف، لوحظ أن البعض بات يكتفي برسالة أو مكالمة قصيرة بدلاً من الزيارة. 
وتشير بدرية عبدالله ولية أمر لا يمكن أن أعّبر عن مدى فرحتي عندما تصلني رسالة تهنئة بالعيد على هاتفي عابرة الحدود والمسافات من شخص تربطني به ذكريات الطفولة، وبالرغم من انقطاع التواصل بيننا لسنوات طويلة، فقد أنعشت هذه الرسالة علاقتنا من جديد.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: العيد عيد الأضحى الإمارات العيدية الذكاء الاصطناعي لا یمکن

إقرأ أيضاً:

3 فائزين بنوبل الاقتصاد عن أبحاثهم حول تأثير التكنولوجيا على النمو

13 أكتوبر، 2025

بغداد/المسلة: مُنِحت جائزة نوبل الاقتصاد الاثنين للاميركي-الإسرائيلي جويل موكير والفرنسي فيليب أغيون والكندي بيتر هويت عن دراساتهم المتعلقة بتأثير التكنولوجيا على النمو الاقتصادي.

وحصل موكير (79 عاما) على نصف الجائزة “لتحديده المتطلبات الأساسية للنمو المستدام من خلال التقدم التكنولوجي”، على ما أوضحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم.

وعللت منحَ النصف الآخر لأغيون (69 عاما) وهويت (79 عاما) بالتساوي بـ”نظريتهما المتعلقة بالنمو المستدام من خلال الهدم الخلاق”.

على مدى القرنين الأخيرين، شهد العالم للمرة الأولى في تاريخه، نموا اقتصاديا منتظما، وأوضح الفائزون هذا العام كيف حفز الابتكار النمو ووفّر الزخم لاستمراره، على ما أوضح رئيس لجنة جائزة العلوم الاقتصادية جون هاسلر.

وشرحت لجنة التحكيم في بيانها أن جويل موكير، وهو أستاذ في جامعة نورث وسترن الأميركية، “استخدم مصادر تاريخية لاكتشاف أسباب النمو المنتظم الذي أصبح الوضع الطبيعي الجديد”.

وأشارت إلى أن فيليب أغيون وبيتر هاويت درسا مفهوم “التدمير الخلاق”، ومفادُه أن “طرحَ منتَج جديد وأفضل في السوق يؤدي إلى خسارة للشركات التي تبيع المنتجات القديمة”.

ووصفت هذه العملية بأنها “خلاّقة لأنها تقوم على الابتكار، ولكنها مدمرة أيضا لأن المنتجات القديمة يتجاوزها الزمن وتفقد قيمتها التجارية”.

وقالت أستاذة التاريخ الاقتصادي عضو لجنة نوبل كيرستين إنفلو لدى إعلانها عن أسماء الفائزين إن دراساتهم “تُذكّر بأن التقدم يجب ألاّ يُعَدَّ أمرا مُسلَّما به، بل على العكس، ينبغي أن يظل المجتمع منتبها للعوامل التي تُولِّد النموّ الاقتصادي وتُحافظ عليه. وهذه العوامل هي الابتكار العلمي، والتدمير الخلاق، ومجتمع مُنفتح على التغيير”.

واعتبر أحد الفائزين الثلاثة فيليب أغيون لدى إعلان منحه الجائزة أن “الانفتاح محرك للنمو، وأي شيء يعيقه يُعدّ عقبة أمام النمو”، في وقت عمدت الولايات المتحدة إلى رفع تعريفاتها الجمركية.

ونبّه أوروباإلى أنها يجب ألا تسمح للولايات المتحدة والصين “بأن تصبحا رائدتين في مجال التكنولوجيا”.

ويتلقى الفائزون شيكا بقيمة 11 مليون كرونة (1,16 مليون دولار) يُقسّم في ما بينهم.

– جائزة أنشئت عام 1969 –

ويخلف الفائزون بالجائزة هذه السنة ثلاثيا آخر نالها العام الفائت، يتألف من الأميركي التركي دارون عجم أوغلو والأميركيين البريطانيين سايمون جونسون وجيمس روبنسون، لأبحاثهم بشأن انعدام المساواة في توزع الثروات بين الدول.

وتُعَدُّ فئة الاقتصاد جائزة نوبل الوحيدة التي لم تكن من بين المكافآت الخمس الأصلية التي أُنشئت بموجب وصية العالم السويدي ألفريد نوبل الذي توفي عام 1896.

وقد أُطلقت هذه الجائزة من خلال تبرع قدّمه البنك المركزي السويدي في عام 1968، ما دفع المنتقدين إلى وصفها بأنها “جائزة نوبل مزيفة”، وبها يُختَـَم عادة موسم هذه الجوائز.

ومُنِحَت جائزة نوبل للسلام الجمعة لزعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، “المحرِرة” المرغمة على العيش في الخفاء في بلد تحول “دولة قاسية واستبدادية”، بحسب لجنة نوبل النروجية.

وقبلها، نال جائزة نوبل للآداب الكاتب المجري لازلو كراسناهوركاي الذي يخوض في أعماله في الواقع المرير والشجن. واختارت اللجنة مكافأة كراسناهوركاي البالغ 71 عاما “لنتاجه المذهل والرؤيوي الذي يعيد التأكيد على قوة الفن في وسط رعب أقرب إلى نهاية العالم”.

وفاز ثلاثي أيضا يضم الأردني الأميركي عمر ياغي والياباني سوسومو كيتاغاوا والبريطاني المولد ريتشارد روبسون بجائزة نوبل في الكيمياء لتطويرهم هياكل جزيئية هي الهياكل الفلزية العضوية، يمكنها “احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزين الغازات السامة أو تحفيز التفاعلات الكيميائية”.

أما نوبل الفيزياء فكانت كذلك من نصيب ثلاثة باحثين هم البريطاني جون كلارك والفرنسي ميشال ديفوريه والأميركي جون مارتينيس لاكتشافهم “النفق الكمومي” في ميكانيكا الكم، وهو علم معقد يصف العالم على نطاق متناه في الصغر.

وأُعطيَت جائزة نوبل في الطب لثلاثة أيضا هم الباحثان الأميركيان ماري إي. برونكو وفريد رامسديل، والعالم الياباني شيمون ساكاغوتشي، تقديرا لأبحاثهم حول كيفية تحكم الجسم في الجهاز المناعي.

وتتألف جائزة نوبل من شهادة وميدالية ذهبية وشيك بقيمة 11 مليون كرونة سويدية (ما يقارب 1,16 مليون دولار). ويحصل جويل موكير على نصف المبلغ، فيما يتقاسم فيليب أغيون وبيتر هويت النصف الآخر. وتُسلَّم الجائزة في العاشر من كانون الأول/ديسمبر.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • نصائح لديكور مستوحى من التراث العماني يدمج الأصالة مع العصرية
  • الرئيس السيسي يهنئ غينيا الإستوائية بمناسبة ذكرى العيد القومي
  • الحوكمة والرقمنة وتحقق العدالة الاجتماعية
  • صنعاء تُحيي العيد الـ 62 لثورة 14 اكتوبر وتطلق مبادرة
  • الوكيل: التوازن بين الخبرة والحداثة أساس نجاح الشركات ونمو الاقتصاد الوطني
  • حكومة التغيير والبناء تنظم فعالية خطابية بمناسبة العيد الـ 62 لثورة 14 أكتوبر
  • استقرار الأسهم الأوروبية بدعم التكنولوجيا والتعدين
  • 3 فائزين بنوبل الاقتصاد عن أبحاثهم حول تأثير التكنولوجيا على النمو
  • لأبحاثهم في التكنولوجيا والنمو المستدام.. 3 علماء يحصدون جائزة نوبل للاقتصاد
  • منتدى التواصل الحكومي يستضيف مدير “التدريب المهني”