الشارقة - الرؤية
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وللمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تستضيف إمارة الشارقة، من 15 وحتى 17 سبتمبر المقبل، النسخة الـ 18 من "الكونغرس العالمي للاحتواء الشامل" تحت شعار "نحن الاحتواء"، والذي يُعد أحد أبرز التجمعات العالمية المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية وأسرهم.

 

وتُنظم مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية المؤتمر في مركز إكسبو الشارقة، بشراكة استراتيجية مع منظمة الاحتواء الشامل الدولية وشراكة إعلامية ولوجستية مع المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وبدعمٍ من شركاء المدينة الاستراتيجيين المحليين. وتتيح المدينة فرص التسجيل المبكر برسوم مخفضة إلى 16 يونيو الجاري عبر الموقع الإلكتروني، https://inclusion-international.org/.

ومن المقرر أن يستقطب الكونغرس نحو 850 مشاركاً من المناصرين الذاتيين وأسرهم، إلى جانب مختصين ومنظمات محلية وإقليمية وعالمية، يمثلون أكثر من 115 دولة من مختلف القارات، وعبر خمس مناطق تشمل الشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا والأمريكيتين وآسيا والمحيط الهادئ، ما يجسد مكانة المؤتمر كحدث عالمي لتبادل الخبرات والمعارف في مجال الاحتواء الشامل.

 

بيئة داعمة ومستدامة

وتُعد الإعاقة الذهنية إحدى أكثر أنواع الإعاقات تعقيداً من حيث التحديات المرتبطة بالتعلم، والتواصل، والاستقلالية ويهدف الكونغرس منذ انطلاقه عام 1963 إلى ضمان سماع صوت الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية وإشراكهم في صنع القرار، من خلال تمكينهم ومناصرتهم ذاتياً، وتعزيز فهم المجتمع والمؤسسات لاحتياجاتهم وحقوقهم، كما يسعى المؤتمر إلى تحفيز الحكومات والمؤسسات على تطوير سياسات شاملة تؤسس لبيئات داعمة ومستدامة لهؤلاء الأفراد في مختلف مجالات الحياة.

 

وجاء اختيار الشارقة لاستضافة الكونغرس بفضل البيئة الداعمة لمختلف فئات المجتمع، وموقعها الجغرافي المتميز، وتوفر البنية التحتية الشاملة والمهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى عضوية مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في منظمة الاحتواء الشامل الدولية، ودورها الريادي في مناصرة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية منذ عقود.

وقالت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، رئيس مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية: "فخورون باستضافة الشارقة هذا الحدث العالمي للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، انطلاقاً من التزامها الراسخ بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية وأسرهم".

وأشارت إلى أن تنظيم "الكونغرس العالمي للاحتواء الشامل" يُجسد رؤية إمارة الشارقة نحو مجتمعات دامجة، يكون فيها صوت الأشخاص ذوي الإعاقة حاضراً وفاعلاً في صنع السياسات واتخاذ القرارات، مؤكدة حرص الإمارة منذ وقت مبكر على أن يأخذ الاحتواء خطوات نوعية في الممارسة والمسؤولية الجماعية.

 

صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة

ولفتت رئيس مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، إلى أن إمارة الشارقة صاحبة لقب "مدينة صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة"، تُعرف بكونها مركزاً ثقافياً عالمياً، وتتمتع ببنية تحتية متطورة وخبرة في استضافة الفعاليات الدولية، مما يجعلها موقعاً مثالياً لهذا الحدث العالمي.

وأضافت أن الشارقة لديها رؤية حقوقية راسخة لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من التعليم والعمل والرعاية واتخاذ القرار، بالإضافة إلى البنية التحتية الشاملة التي تراعي معايير الدمج الأكثر فاعلية لهذه الفئة المجتمعية في المرافق العامة مشيرة إلى أن الكونغرس يعكس التقدم الذي أحرزته الإمارة في هذا المجال، ليكون منصة عالمية لتبادل الخبرات، وعرض التجارب الرائدة، وتوحيد الجهود نحو مستقبل أكثر شمولاً وعدلاً".

 

مواضيع حيوية

ويتناول المؤتمر مجموعة من المواضيع الحيوية، من أبرزها: التعليم الدامج، ودعم الأسر، والتوظيف، والأعمال الإنسانية، والصحة، وإغلاق المؤسسات الإيوائية، واتخاذ القرار والمشاركة القانونية، والحماية الاجتماعية، ودعم المناصرة الذاتية، وبناء قدرات المنظمات. كما يشهد المؤتمر مشاركة نخبة من المفكرين وممثلي الحكومات وخبراء السياسات، مما يعزز من فرص التأثير وصياغة توصيات عملية قابلة للتنفيذ.

ويُعد الكونغرس العالمي أهم حدث تنظمه منظمة الاحتواء الشامل الدولية، ويجمع قادة الفكر والمناصرين في مكان واحد كل 4 سنوات، لتبادل الأفكار وقصص النجاح والتحديات، وتعزيز الهوية العالمية لحركة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية.

ويمثل فرصة محورية لتبادل التجارب وتوحيد الرؤى الدولية الداعمة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية. كما يُجسد المؤتمر دعوة مفتوحة للاعتراف بهم كشركاء فاعلين في التنمية وصناعة القرار. وفي هذا الإطار، تدعو مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية الحكومات والمؤسسات والجهات المعنية وممثلي المؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية، للمشاركة الفاعلة في هذا الحدث المميز، والمساهمة في بناء بيئات داعمة تقوم على الإنصاف وحقوق الإنسان.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: مدینة الشارقة للخدمات الإنسانیة الأشخاص ذوی الإعاقة الذهنیة الکونغرس العالمی الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط بين مشاريع التفكيك وإعادة التموضع

25 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: ناجي الغزي

يمر الشرق الأوسط اليوم بمرحلة إعادة تشكيل عميقة لا تُشبه أي مرحلة سابقة في تاريخه الحديث. نحن لا نشهد مجرد تنافس نفوذ بين قوى تقليدية وإقليمية، بل عملية إعادة هندسة شاملة للخرائط الجيوسياسية والبنى العسكرية والاصطفافات الاستراتيجية، تقودها الولايات المتحدة بغطاء خليجي وأدوات متعددة الوظائف، وعلى حساب مفاهيم السيادة والدولة الوطنية التي كانت تشكل ركائز النظام العربي لعقود.

أولاً: اختلال التحالفات الكلاسيكية

المؤشر الأبرز في المشهد الإقليمي اليوم يتمثل في اهتزاز التوازن التقليدي الذي حكم العلاقة بين مصر والسعودية لعقود. الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني إلى القاهرة، والتي وُوجهت باستياء خليجي مبطّن، كشفت عن مفارقة استراتيجية: بينما تحتج الرياض على أي تقارب مصري إيراني، فإنها – في الوقت ذاته – تقود طفرة في العلاقات التجارية والدبلوماسية مع طهران، في مسار تصالحي تتداخل فيه حسابات النفط والأمن والتهدئة اليمنية.
إن ما يبدو من تباعد مصري-خليجي ليس مجرد تباين في التكتيك، بل يعكس تصدعاً في الرؤية الاستراتيجية للمنطقة. القاهرة، التي طالما لعبت دوراً مركزياً في القضايا السورية والليبية والسودانية، تجد نفسها اليوم مُستبعدة من ملفات جوهرية، في الوقت الذي تتقاسم فيه الرياض وأبو ظبي و الدوحة وواشنطن وأنقرة النفوذ الميداني والسياسي في هذه الساحات.

ثانياً: سوريا كنموذج للتفكيك العسكري الممنهج

أخطر ما يُعاد إنتاجه اليوم هو المشروع الأميركي الناشئ في سوريا، والذي يقوده دونالد ترامب من موقعه في الولاية الثانية عبر أدوات جديدة، يتصدرها “الجيش السوري الجديد” بقيادة أحمد الشرع. هذا التكوين العسكري ليس فقط وليد التحالف مع المعارضة المسلحة أو الفصائل المحلية، بل يقوم على دمج مقاتلين أجانب من الشيشان والتركستان والروس والإيغور ضمن هيكل وظيفي عسكري عابر للهوية الوطنية.
إن هذا التحول يشير إلى انتقال المشروع الأميركي في سوريا من منطق “تغيير النظام” إلى “إعادة تشكيل الدولة”، ليس عبر المفاوضات أو إعادة الإعمار، بل من خلال خلق بديل عسكري – مرتزق، يقف على النقيض من الجيش السوري النظامي، ويملك ولاءه لمعادلات الخارج لا الداخل.
ما يثير القلق في هذا النموذج هو التشابه مع تجربة تأسيس إسرائيل وجيشها: الذي أعتمد على تجميع عناصر مهاجرة ومقاتلين متعددي الجنسيات في جيش عقائدي يخدم مشروعاً جيوسياسياً وظيفياً، يُعيد رسم الحدود ويقلب توازنات الردع الإقليمي. وهو ما قد يُمهّد لتعميم النموذج في ساحات هشّة مثل ليبيا أو السودان، حيث تسعى واشنطن وحلفاؤها إلى بناء قوى أمنية موازية للجيوش الرسمية.

ثالثاً: مصر خارج معادلة إنتاج القرار الإقليمي

الرفض المصري المتكرر لمقابلة الرئيس الأميركي، والتصريحات المصرية غير المسبوقة بحق المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، لا يمكن قراءتها إلا في إطار إدراك القاهرة المتزايد بأنها أصبحت خارج معادلة “إنتاج القرار” الإقليمي. فواشنطن تُدير هندسة المنطقة اليوم دون المرور عبر القاهرة، وتُعيد تأهيل معارضة سورية بديلة، وتدعم بنيات عسكرية موازية في دول الطوق، بينما تُفرغ الأمن الإقليمي من مضمونه العربي لصالح تحالفات “متعددة الجنسيات”.
في المقابل، يبدو أن مصر تحاول الآن انتهاج سياسة “التموضع المتقاطع”، عبر فتح خطوط مع طهران وموسكو، ليس بهدف خلق محور بديل، بل لمراكمة أوراق ضغط تسمح لها باستعادة بعض الوزن الاستراتيجي في ملفات كانت تقليدياً من اختصاصها.

رابعاً: الطاقة كسلاح سياسي

في موازاة ذلك، يبدو أن الخليج يتجه نحو عسكرة السوق النفطية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، من خلال تصعيد إنتاجي يستهدف تقويض قدرة روسيا على تمويل حربها في أوكرانيا. السعودية التي لطالما دعمت توازن أسعار النفط، بدأت تنخرط في لعبة كسر العظم مع موسكو، مستغلة فائضها المالي والسياسي، في إطار صراع موازٍ للصراع العسكري في أوروبا.
هذا التكتيك ليس منعزلاً عن التحركات الأميركية في سوريا، حيث تسعى واشنطن أيضاً لتجفيف منابع النفط التي تموّل المحور الروسي-الإيراني، سواء في الحسكة أو دير الزور. وبينما تحاول موسكو التمسك بموقعها في المعادلة السورية، تدفعها واشنطن نحو إعادة تموضع قسري عبر الخنق الاقتصادي، والتطويق السياسي من الداخل السوري.

خامساً: المآلات الاستراتيجية وخيارات الردع والاحتواء

تُواجه القاهرة اليوم تحدياً وجودياً يتجاوز مسألة التهميش الدبلوماسي، إلى خطر التحول من “فاعل مؤسس” إلى “مراقب قلق”. فكلما توسعت المشاريع العسكرية البديلة – المدعومة من قطر وتركيا وأميركا – تقلّصت المساحة أمام الجيش المصري كمرجعية عربية للأمن. وكلما تطورت ديناميات “البديل الأمني الوظيفي” في سوريا وليبيا، ازدادت احتمالات توسيعه ليطال مناطق جوار مصر، خصوصاً السودان.
في هذا الإطار، يبقى الرد الاستراتيجي المصري مرهوناً بقدرتها على صياغة سياسة خارجية هجومية، لا دفاعية، قادرة على:
1. خلق تحالفات مرنة مع قوى دولية (مثل الصين والهند ) دون الانزلاق إلى محور مضاد.
2. إعادة تفعيل الدور المصري في المسارات السورية والسودانية عبر مبادرات مدنية ومخابراتية تتجاوز البعد التقليدي.
3. تعزيز القوة الناعمة والدبلوماسية الاقتصادية المصرية كمداخل لاستعادة التأثير في المشهد الإقليمي.
4. بناء سردية جديدة للأمن العربي ترتكز على الدولة الوطنية لا التكوينات الميليشياوية العابرة.
ومن الملاحظ أن الشرق الأوسط يُدار اليوم من خارج الخرائط الرسمية، ومن داخل غرف عمليات استراتيجية عابرة للحدود. وتبدو كل دولة في المنطقة أمام اختبار وجودي: إما أن تعيد تموضعها على أسس جديدة تحفظ سيادتها وعمقها الأمني، أو تذوب تدريجياً في لعبة المحاور، كمجرد ورقة في يد الكبار. في هذا السياق، لم يعد التهديد هو الحرب الشاملة، بل التفكيك البطيء الذي يبدأ من الجيش وينتهي بالدولة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • بلغة الإشارة.. ندوة توعوية لتعزيز المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة في بني سويف
  • فيصل بن فرحان: مؤتمر "تنفيذ حل الدولتين" يهدف لإرساء السلام
  • ملتقى جسور يبرز المبادرات الريادية لذوي الإعاقة في صلالة
  • محافظ بني سويف يشهد ندوة توعوية لتعزيز المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة
  • متحدث «ذوي الإعاقة»: مبادرة «السبت البنفسجي» تسهم في إشراكهم بالمجتمع ومعرفة احتياجاتهم ومتطلباتهم
  • تدشين مبادرة “السبت البنفسجي” لذوي الإعاقة
  • تحذير: الطاعون في منطقتنا
  • ببجي موبايل تطلق أول إعلان تفاعلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بطولة مصطفى غريب
  • التعليم الشامل في سلطنة عُمان.. دعم مستدام وتمكين لذوي الإعاقة والموهوبين
  • الشرق الأوسط بين مشاريع التفكيك وإعادة التموضع